رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

اللواء سمير فرج في قراءة لاتفاق "شرم الشيخ" القاهرة «مركز القرار» بالمنطقة (حوار)


16-10-2025 | 16:01

.

طباعة
حوار : أحمد جمعة

«مصر مركز القرار فى الإقليم».. هكذا وصف اللواء سمير فرج، المفكر العسكرى والخبير الاستراتيجى، المشهد القادم من شرم الشيخ، حيث استضافت مصر قمة السلام التى جمعت قادة وزعماء أكثر من ثلاثين دولة، يتقدمهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى لحظة فارقة من تاريخ الشرق الأوسط، وهى تلك القمة التى حملت بين طياتها دلالات عميقة على مكانة القاهرة الطبيعية كـ «قلب الإقليم»، وصاحبة الدور الأبرز فى صياغة مسارات التهدئة ومبادرات السلام.

اللواء «فرج» أكد فى حوار مع «المصور» أن قمة شرم الشيخ جاءت تتويجًا لمسار سياسى طويل قاده الرئيس عبدالفتاح السيسى بثبات، أعاد لمصر احترامها ومكانتها الدولية، ورسخ قناعات المجتمع الدولى بأنها القوة الحقيقية الضامنة للاستقرار فى المنطقة.

وكشف كواليس الدور المصرى فى المفاوضات، ودلالات اختيار شرم الشيخ لتكون منصة الإعلان عن الاتفاق، ورؤيته لمستقبل غزة فى ظل خطة السلام المقترحة من ترامب.. وإلى نص الحوار:

 

كيف قرأت المشهد بمشاركة زعماء وقادة العالم فى قمة السلام بشرم الشيخ؟

المشهد كان عظيمًا بالنسبة لمصر، وهذا دلالة على أن مصر استعادت مكانتها الطبيعية كأقوى وأهم دولة فى الشرق الأوسط، وهى المحور الذى تدور حوله أحداث المنطقة، بفضل السياسة الخارجية الرصينة التى انتهجها الرئيس السيسى خلال السنوات الماضية، على الرغم أن بعض الأطراف تحاول منافسة مصر أو الاقتراب من هذا الدور، فإن ما أكدته قمة شرم الشيخ هو أن مصر تظل القوة الحقيقية فى الشرق الأوسط، وهى الدولة القادرة على أن تكون الضامن لأى عملية سلام مستقبلًا فى المنطقة.

إلى أى مدى يمكن أن تؤثر قمة شرم الشيخ فى دفع الأطراف، حماس وإسرائيل، للمضى قدمًا فى تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب؟

بطبيعة الحال، الأساس فى هذا الملف هو الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ويجب أن ندرك أن ترامب عندما يقرر أمرًا، تلتزم به إسرائيل، بخلاف مصر التى تتعامل معه بندية واحترام متبادل.. أما بالنسبة لإسرائيل، فإذا قال ترامب لنتنياهو: «توقف» أو «وافق على كذا»، فهو ينفذ فورًا.

لذلك أقول إن مفتاح الضمان الحقيقى فى هذه العملية هو ترامب نفسه، ومن هنا، طالبت حركة حماس والفلسطينيون بضمانة مباشرة من الرئيس الأمريكى بأن إسرائيل لن تُعيد الهجوم بعد تسليم الرهائن، لأن هذه كانت الورقة الأخيرة التى تملكها حماس، فالضمان الحقيقى لعدم عودة القتال، فى النهاية، بيد الرئيس الأمريكى.

كيف تنظر إلى دور المفاوض المصرى فى الوصول إلى اللحظة الحالية بوقف إطلاق النار؟

المفاوض المصرى بذل جهدًا هائلًا على مدار عامين متواصلين، شارك خلالهما فى كل مرحلة من مراحل التفاوض، وقدم أفكارًا ورؤى متعددة، وكان يسعى دائمًا لإقناع حركة حماس بضرورة إبداء قدر من المرونة فى أى قرار يتم اتخاذه.

وأول نجاح واضح تحقق للمفاوض المصرى كان إقناع حماس بعدم المشاركة فى إدارة غزة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، وهو ما عُدّ إنجازًا مهمًا لمصر، ثم تواصلت جهوده وصولًا إلى قمة شرم الشيخ، التى شهدت ذروة العمل الدبلوماسى.

وفى اليومين الأولين من القمة، كان وفد التفاوض المصرى بقيادة اللواء حسن رشاد، رئيس جهاز المخابرات العامة، يعمل على بلورة جميع الحلول والمقترحات قبل وصول المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف وصهر الرئيس ترامب جاريد كوشنر، وعندما وصلا فى اليوم الثالث، لم يستغرق الأمر سوى ساعات لتوقيع التفاهمات النهائية، لأن المفاوض المصرى كان قد أتم كل الترتيبات الأساسية مسبقًا.. لذلك، يمكن القول إن ما تحقق يُعد إنجازًا كبيرًا للدبلوماسية المصرية ولجهود المفاوض المصرى التى حظيت بتقدير واسع من جميع الأطراف.

وما دلالة اختيار شرم الشيخ لاستضافة الاجتماعات الحاسمة الخاصة بالاتفاق؟

خلال الفترة الماضية كان جزءًا من جولات المفاوضات يعقد فى قطر، لكن عندما حان وقت اتخاذ القرار، صدر من مصر، وعندما جاء وقت التوقيع، تم أيضًا فى شرم الشيخ.. هذا لم يكن مصادفة، بل كان قرارًا من الإدارة الأمريكية بكل مؤسساتها؛ وفريق الأمن القومى المحيط بالرئيس الأمريكى، كلهم أجمعوا على أن التوقيع يجب أن يتم فى مصر، لأنها «أم الدنيا»، وأكبر دولة فى المنطقة، وتحظى باحترام وتقدير دولى واسع.

واليوم، نرى ثمرة هذا القرار فى قمة شرم الشيخ التى يحضرها الرئيس ترامب ومعه أكثر من 33 من قادة العالم، بينهم زعماء أوروبا، أى الصفوة السياسية للعالم.

الرئيس السيسى بدوره أضاف بعدًا جديدًا للمشهد، إذ أكد أن الاتفاق لا يجب أن يكون قرارًا أمريكيًا فقط، بل قرار دوليى أيضًا، وتواصل مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لضمان صدور قرارات أممية تُلزم جميع الأطراف بالتنفيذ، وهكذا أصبحت إسرائيل أمام التزام مزدوج: أمام الرئيس الأمريكى وأمام المجتمع الدولى، وهو ما يعكس ذكاءً سياسيًا كبيرًا من الرئيس السيسى.

وكيف نجحت السياسة الخارجية لمصر فى الوصول لهذا المشهد؟

الحقيقة أن كل هذه النجاحات تُحسب للرئيس عبدالفتاح السيسى؛ بعقله وحكمته نجح فى إدارة الملف خلال 24 شهرًا دون أن يُورط مصر فى أى أزمة أو صدام، رغم التعقيدات الكبرى التى كانت كفيلة بإحداث مشكلات هائل، حيث تعامل مع كل المراحل بقدر عالٍ من الحنكة السياسية، حتى كسب احترام الإدارة الأمريكية بعد مواقفه الواضحة فى ثلاث قضايا كبرى: لا للتهجير، لا لإزالة غزة، ولا لعبور السفن الأمريكية قناة السويس دون مقابل لذلك أقول بكل وضوح شكرًا للرئيس السيسى، لأنه أعاد لمصر مكانتها واحترامها، وأصبح العالم كله اليوم فى مصر.

الخطة المقترحة من ترامب تتضمن نزع سلاح حماس.. ما مدى قابلية تحقيق ذلك؟

سنرى ذلك لاحقًا، وهناك فرق بين «نزع السلاح» و«تجميد السلاح»، نزع السلاح يعنى تسليم كل الأسلحة وتسليمها نهائيًا بحيث لا يبقى لهم دور بها، أما «تجميد السلاح» فمعناه وضع السلاح تحت رقابة جهة أخرى -مثلاً دولة عربية- كى نضمن ألا تعاود إسرائيل الهجوم عليهم، هناك آراء متعددة حول هذا الأمر، فسننتظر لنرى على أى أساس ستكون تفاصيل المرحلة الثانية والمراحل اللاحقة من الخطة.

الرئيس السيسى دعا لنشر قوات دولية فى غزة وبدء الإعمار فورًا.. ما أهمية تلك الإجراءات؟

السؤال الأهم هنا من سيتحكم فى غزة؟، حماس كانت تمارس سلطة شاملة، تسيطر على الشرطة والأجهزة الأمنية وكل شيء، وإذا أُبعدت عن السيطرة فلا بد من جهة تحل محلها وتُسيطر فعليًا، لذلك وجود قوات دولية سيمنح إطارًا للسيطرة والأمن، وفائدة أخرى مهمة هى أن إسرائيل ستتجنب توجيه ضربات ضد قوات دولية خوفًا من استهداف جنود دول أخرى وافتعال أزمة دبلوماسية، من هذا المنطلق كان من الحكمة اقتراح قوات دولية لتقليل احتمالات التصعيد وحماية المدنيين وتمهيد بدء عمليات الإعمار.

ما التحديات التى تواجه أى سلطة أو إدارة انتقالية فى مرحلة ما بعد الحرب فى غزة؟

الوضع فى غزة صعب للغاية؛ لا توجد بنية تحتية ولا مبانٍ يمكن الاعتماد عليها، فلا توجد كهرباء، ولا مياه، ولا صرف صحى، ولا مقومات حياة أساسية، هذا هو التحدى الأول.

أما التحدى الثانى فهو غياب الأمن والضمانات، لأن مرحلة ما بعد الحرب تحتاج إلى وقت حتى يتم استقدام القوات الدولية أو تشكيل عناصر فلسطينية قادرة على فرض السيطرة والأمن مثل الشرطة، وبالتالى نحن أمام فترة انتقالية طويلة ومعقدة حتى تستعيد غزة استقرارها.

هل نحن أمام تسوية شاملة، أم مجرد هدنة مؤقتة ستنتهى بجولة قتال جديدة؟

فى تقديرى الشخصى، الأمر كله يتوقف على الرئيس ترامب، إذا قرر أن يجعل هذه آخر الحروب فى الشرق الأوسط، فسيعمل على فرض السلام، لأنه يسعى لأن يسجل فى تاريخه أنه حقق السلام فى المنطقة خلال فترته الثانية.. هو وحده القادر على إلزام الإسرائيليين بعدم العودة للقتال، لذا أرى أن مستقبل التسوية مرتبط مباشرة بقرارات ترامب وموقفه.

ما الشروط أو الضمانات الضرورية لنجاح التسوية؟

الضمان الحقيقى هو الرئيس ترامب.. إذا قال لإسرائيل «لا تُهاجم»، فلن تهاجم، لذلك، فى رأيي، نجاح التسوية مرهون بإصرار ترامب على تحقيق السلام، وقدرته على إلزام إسرائيل بالالتزام به.

كيف يمكن المضى قدمًا فى تنفيذ خطة إعادة إعمار غزة؟

خطة إعادة الإعمار وُضِعت بالفعل بمعرفة الأجهزة المصرية كما قدمت نقابة المهندسين أيضًا خطة متماسكة، وتم تحديد ميزانيات تقديرية لكل مرحلة من مراحل التنفيذ، ومن المقرر أن تبدأ مصر بتنظيم مؤتمر دولى لتجميع التمويل اللازم لهذه العملية، وبمجرد تأمين المبالغ المطلوبة، ستبدأ أعمال إعادة الإعمار على الفور دون تأخير.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة