رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أيها الإخوان: موتوا بغيظكم مصـر أكبر من مؤامراتكم


16-10-2025 | 16:31

.

طباعة
بقلم:طارق ابو السعد

لم يكد الإعلان عن «اتفاق شرم الشيخ» لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس يظهر للعلن، إلا وحالة من السعار والهذيان تجتاح أفراد وعناصر ومكاتب وأفرع جماعة الإخوان الإرهابية، امتلأت قنواتهم بخطاب غير مهنى وغير واقعى يهاجم القاهرة، ويصف دورها بأنه «مريب»، خطاب أقرب للهذيان منه إلى أى شيء آخر.

 

تجاهلت الجماعة الإرهابية شهادات قادة حماس أنفسهم بدور مصر الكبير فى الوساطة بينهم وبين الجانب الإسرائيلي، هذا السعار والكلمات الطائشة فضحت عمالتهم للجهات التى لم تكن ترغب فى وقف الحرب، وفضحت حجم الأزمة الداخلية التى تعيشها الجماعة فهى غير قادرة على فهم الواقع، ولا فهم قواعد العمل السياسى ولا أتباعها لديهم الرغبة فى التخلى عن المزايدات، تصعيد الجماعة الإعلامى ضد مصر لا يفهم إلا فى ضوء عجزها السياسى أمام جمهورها.

لماذا يغيظهم اتفاق شرم الشيخ؟

اغتاظت الجماعة من اتفاق شرم الشيخ لأنه لم يكن حدثًا سياسيًا عابرًا فى المنطقة؛ هو بكل تأكيد محطة فارقة فى مسار الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى الممتد على أرض غزة منذ أكثر من عامين، وسيذكر التاريخ أنه جاء على يد الرئيس السيسى والدولة المصرية، وأنه كان كاشفًا وفاضحاً لأكاذيب الجماعة الإرهابية.

فالاتفاق يعد انتصارًا جديدًا للدبلوماسية المصرية، حيث نجحت مصر فى التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب بين حماس وإسرائيل، هذا الاتفاق يعكس مكانة مصر كصانعة سلام بالشرق الأوسط وقدرتها على إدارة الأزمات، وهو ما يغيظ الجماعة الإرهابية.

لذا انفجر أعضاء الجماعة غيظاً من الاتفاق؛ لأنه أجبر العدو قبل الصديق على احترام موقف مصر والإشادة برئيسها عبد الفتاح السيسى، فلولا موقفه الصامد ضد التهجير القسرى أو الطوعى وتصفية القضية، ما وصلنا ووصل العالم «لاتفاق السلام»، كما أبطل العديد من مؤامرات الإسرائيليين وأذنابهم من الإخوان، وتحملت أجهزة الدولة المصرية المسئولة عن الملف الفلسطينى عبء الوصول للمشهد النهائى، وأداروا المفاوضات طوال عامين بمهارة فائقة وبشرف، فى وقت عز فيه الشرف، لذا استحقت مصر شعبًا وحكومةً ورئيسًا احترام وتقدير العالم أجمع.

وحدهم الإخوان لا يشاركون الفلسطينيين الفرحة

هذا الحدث العظيم استقبله الفلسطينيون بفرحة غامرة، فها هى آلة القتل الإسرائيلية تتوقف عن حصد أراوح الفلسطينيين فى قطاع عزة منذ عملية 7 أكتوبر 2023، وها هم الغزاويون يحلمون لأول مرة بوطن يجمعهم ويضمهم جميعًا، وبدأت الأفراح، وبدأت غزة تحتفل، وبدأ الفلسطينيون يظهرون سعادتهم الغامرة بالاتفاق التاريخي، وارتفعت أصواتهم بالأغانى وأهازيج التراث الفلسطيني، وشاركهم شعوب العالم الحر الفرحة كما شاركهم بالتضامن من قبل، اتفاق جعل الكل سعداء.

وحدهم جماعة الإخوان الإرهابية بفروعها ومكاتبها وقنواتها لم يشاركوا الفلسطينيين وشعوب العالم الحر فرحتهم، وحدهم وقفوا بعيدًا وقد علا وجوههم السواد والقترة، وامتلأت قلوبهم غيظاً وحقداً وغضبًا، أفقدتهم الصدمة صوابهم، فلم يتوقعوا أن مؤامراتهم التى أنفقوا عليها مليارات الدولارات لتشويه مصر بادعاءات باطلة، تفشل فى لحظة التوقيع، لم يتخيلوا، مجرد تخيل أن جهودهم على مدار الأعوام الماضية وعلى وجه الخصوص العامان الماضيان تضيع هباءً، ولم يكونوا ينتظرون أن تسدل ستارة المشهد الأخير فى «الحرب على غزة» بظهور مصر ورئيسها منتصرين على الجميع، ويحيى زعماء العالم الرئيس المصرى باعتباره بطل القصة، ويستجيبوا لدعوته لحضور الاتفاق التاريخى، وصدق الله العظيم القائل فى كتابه «وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ». سورة فاطر الآية 43.

وحدهم؛ أرادوا ألا تتوقف الحرب على غزة، فالحرب كانت فرصتهم لضخ المزيد من اتهامات باطلة ضد مصر، والمتاجرة بما تخلفه الحرب من دمار وخراب وشهداء، فطبيعة الجماعة الإرهابية أن تقتات بآلام المصابين والحزن على الشهداء، ففى كل مرة يعتدى جيش الاحتلال على الفلسطينيين يأخذونها تكئة لإقامة سوق رائجة للمتاجرة بالقضية الفلسطينية، فجاء اتفاق السلام وأغلق لهم تجارتهم بالقضية.

كما اعتادت الجماعة الإرهابية أن تحصل على التمويل فى ظل الحرب على أى دولة مسلمة لتكون بوقا لمن يدفع، ثم جاء الاتفاق وأصابهم بخيبة أمل، فقد انقطع التمويل السخى الذى تدفق عليهم لإدارة معركة إعلامية ضد مصر.

كما تسبب الاتفاق وعلى وجه الخصوص بسقوط ادعائهم وتقديم الجماعة باعتبارها «المدافع الأول عن المقاومة»، ومع توقف الحرب، فقدت الجماعة هذه الورقة التى استثمرت فيها إعلاميًا عبر منصاتها فى الخارج.

كما أن الاتفاق تم بوساطة دولية وإقليمية، كان لمصر فيها دور رئيسى؛ حيث تمكنت من الجمع بين الأطراف المتنازعة والوصول إلى اتفاق يرضى جميع الأطراف، وهذا الدور يُربك خطاب الإخوان الذى يصر على تصوير القاهرة كطرف متواطئ أو منحاز، كما تراهن الجماعة على طول الخط بعدم الاعتراف الدولى بشرعية النظام الحاكم، فجاء الاتفاق وقبول قادة العالم الدعوة لحضور مراسمه فى شرم الشيخ بمثابة اعتراف بالدولة المصرية وبالرئاسة، بل يكشف مدى تقدير الزعماء لشخص الرئيس المصري، كل هذا النجاح المصرى يفضح كذب السردية الإخوانية التى تروّجها الجماعة منذ سنوات.

كما أن وقف إطلاق النار يفتح الباب أمام إعادة الإعمار، وهى عملية غالبًا ما تتم تحت إشراف دولى وعربي، وفى مقدمتها مصر وقطر والأمم المتحدة. وهذا يعنى تراجع دور الإخوان المباشر، وفقدانهم القدرة على استثمار ملف المساعدات بما يخدم شبكاتهم التنظيمية.

أدلة خيانة الجماعة الإرهابية

كان رفض الاتفاق واستمرار تطاول شراذم الإخوان على مصر شعبا ورئيسا يدل دلالة قاطعة على خيانتهم، فبيانات الجماعة تنضح خيانة وغدرا بالقضية الفلسطينية والدولة المصرية على حدٍ سواء.

فمنذ اللحظة الأولى لوقف النار، وجّهت بيانات الإخوان أصابع الاتهام إلى القاهرة. فبينما أشادت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والأطراف الدولية بدور مصر المحورى فى إنجاز الاتفاق، أصرت الجماعة على تصوير القاهرة كعائق.

ادعاءات باطلة ضد مصر تتهمها بإغلاق معبر رفح، وهو اتهام دحضه الواقع؛ إذ إن مصر أكثر دولة تقدم مساعدات للفلسطينيين وأن إغلاق المعبر تم من الجانب الإسرائيلى، وأظهرت الإحصاءات الرسمية دخول آلاف الشاحنات والمساعدات عبر الحدود خلال فترة الحرب، كما اتهم الإخوان الإرهابيون مصر بـ«التربح من جرحى غزة»، وهو خطاب كاذب يفتقر إلى أى دليل، لكنه رهان على تكرار الاتهام لعل فئة ما تصدقه، ويعكس نزعة التشويه التى تتبناها الجماعة.

الخيانة ظهرت بوضوح، فأول بيان صدر كان من جبهة «محمود حسين» بيان إنشائى صيغ بطريقة عدائية، فقد تعمد تجاهل ذكر مصر بكلمة حتى ولو إشارة إلى أن الاتفاق تم على الأراضى المصرية، وكأن الاتفاق تم فى بلاد الواق واق، وانتقد مصر بشكل غير مباشر، متهمًا الأنظمة العربية بالخذلان، وطبعا على رأسها مصر ومطالبًا الأمة الإسلامية بالتحرك لتعويض غياب “الدعم الرسمي”، وهنا يصر على التحريض على الخروج والفوضى وتحطيم الداخل المصرى والعربى تحت ادعاء نصرة الفلسطينيين.

كما أصدرت جبهة «صلاح عبد الحق» بيانًا مليئا بالمغالطات، ولم تستطع أن تخفى فيه حالة الغيظ التى اعترتها من توقف العدوان، إذ رأت فى وقف النار نوعًا من إجهاض «زخم المقاومة» الذى كان يمثل لها ورقة سياسية وإعلامية كبرى. والأكثر لفتًا للنظر أن الهجوم الإخوانى انصبّ – كعادته – على الدور المصري، فى اتهامات متكررة تتجاهل الحقائق، وتعيد إنتاج خطاب الجماعة التقليدى ضد الدولة المصرية, كما حمّل الدول العربية، وعلى رأسها مصر، مسئولية استمرار الحصار إذا لم تفتح المعابر فورًا وتسمح بمرور المساعدات. وفى بيان آخر دعا إلى “نفير عام” لدعم غزة، مُلمحًا إلى أن وقف إطلاق النار لا يعنى نهاية المواجهة، وأن ما جرى لا يعدو كونه هدنة مؤقتة.

حتى الشراذم من الإخوان من جبهة المكتب العام (الكماليون) أو تيار التغيير وأصحاب مبادرة ميدان، لم يستطيعوا أن يكتموا غيظهم فانفجروا فى مصر سبا وشتما واتهاما بكل نقيصة، ولم يتفوهوا فى حق الجانب الإسرائيلى المحتل بأى كلمة.

لم يقف الحقد والغيظ الإخوانى عند حد البيانات بل امتلأت صفحاتهم بالسباب المباشر لشخص الرئيس المصرى، مما يعف اللسان عن ذكره، منهم «أسامة جاويش» و«محمد ناصر» و«معتز مطر» حتى وجدى العربى الممثل الذى من المفترض أن يكون مرهف الحس نزل إلى الحلبة وخاض فى الوحل بكل جوارحه، ووجه سهام الحقد والكراهية للدولة المصرية ممثلة فى شخص الرئيس غيظًا ومعلنا كراهية واضحة نفثتها الجماعة فى عناصرها ومنهم لدوائرهم، وكأنه صعب عليهم أن يعترفوا أن مصر بالفعل دولة محترمة يحترمها الجميع، وكأن صعب عليهم أن يروا مصر مقدرة أمام العالم فى شخص الرئيس عبد الفتاح السيسى، لا نملك تفسيرا لحالة الجماعة الإرهابية، إلا أنهم بالفعل خونة، فأى وطنى حر شريف يتمنى أن ترفرف راية بلاده عالية خفاقة، وأى وطنى حر شريف مؤيدا كان أم معارضا، لا يحب أن تنهال الاتهامات على وطنه وشعبه، وبالتأكيد لا يطلق السهام على وطنه ولا أن يصطف إلى جوار الأعداء وينحاز لهم، إلا الإخوان؛ لأنهم بالفعل ووفق تحليل أقوالهم وبياناتهم خونة عملاء.

السقوط الإخوانى ليس الأخير

سقوط الإخوان الأخلاقى والسياسى والتنظيمى لم ينجَ منه أحد، فالجماعة بجبهاتها المتصارعة والمخالفون فى كل شيء اتفقوا على أمر واحد هو العداء ثم العداء للدولة المصرية، سقطوا ظنا أنه لا سقوط بعده، وأنهم بلغوا قاطعاً لم يبلغه أحد، ثم يفاجئونا بمزيد من السقوط إلى قاع جديد لم نكن نتخيله.

كما لم يدر بخيالهم المريض أن تكون هذه هى النهاية، وأن ينتصر الخير على الشر، وأن تكون (القافلة) عند مصر ورئيسها، فعلى الأقل كانوا يتخيلون أن المشهد الأخير لصالح لإسرائيل؛ لتظل لديهم الفرصة لضخ خطابهم العدائى ضد مصر، فإن لم يكن لصالح إسرائيل فليكن الختام لصالح أى دولة إلا مصر.

لقد أثبتت الأحداث أن الجماعة لا تزال تقوم بدورها كطابور خامس، يهدم الدولة من الداخل لصالح قوى خارجية، تتستر بالدين وتتحجج بمناصرة الفلسطينيين وتحرير القدس من أجل أن ينضم إليها بعض المغرر بهم.

هذه الهجمات هى ثمرة نهائية للخطاب الإخوانى التقليدى المعادى لمصر؛ فالجماعة ترى فى كل نجاح دبلوماسى أو إنسانى مصرى تهديدًا لروايتها السياسية، وخصما من رصيدها، وبالتالى يصبح الهجوم ضرورة لتشويه الإنجاز، حتى لو كان ذلك على حساب المصابين والشهداء، حتى ولو كان على حساب معاناة الشعب الفلسطينى ذات نفسه.

حصاد الإخوان المر

لم تحصد جماعة الإخوان الإرهابية من كل ممارساتها إلا الغيظ والندم والحسرة، وارتدت الكراهية التى استثمروا فيها، فأصابت صدورهم وعقولهم وقلوبهم، فانقسم التنظيم لجماعات متصارعة، وانصرف الناس عن متابعة قنواتهم اللزجة وخطاباتهم الممجوجة.

أدرك الجميع أن الجماعة ستنتهى أو على الأقل ستنتهى قدراتها، وأن القاهرة ستبقى قوية وهى الطرف الأكثر تأثيرًا فى قضايا المنطقة وليس مسار غزة فقط، دور مصر كقوة إقليمية مؤثرة فى المنطقة؛ حيث أثبتت قدرتها على إدارة الأزمات وتحقيق الاستقرار فى المنطقة وتحسين الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين.

 
 
 
 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة