رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

السد الإثيوبى.. و«دبلوماسية الحزم» المصرية


15-10-2025 | 17:49

الرئيس عبد الفتاح السيسي

طباعة

«أمر واقع».. كثيرون حاولوا الترويج للسد الإثيوبي من هذا المنطلق، وأن أديس أبابا نجحت في فرض كلمتها على القاهرة والخرطوم، لا سيما أنها أعلنت تشغيل السد مؤخرًا، بل هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك، بالتلميح إلى أن «الصمت» هو السيناريو الوحيد الذي ستلتزم به مصر، غير أن القراءة المتأنية للمشهد كاملًا تكشف أبعادًا آخرى وتفاصيل دقيقة، فـ «القاهرة» لم تكن صامتة على ما يحدث في «حوض النيل»، ولم تشغلها مسؤولياتها التاريخية في المنطقة عن متابعة «الملف الأخطر»، بل على العكس تمامًا كانت تتابعه لحظة بلحظة، ولكن بـ «عقلية الهدوء»، ولم تنزلق يومًا إلى منحدر «التصريحات العنترية» غير المحسوبة.

طوال السنوات الماضية، أدارت القاهرة ملف «السد الإثيوبى» بـ«دبلوماسية الحزم»، وضعت الحقائق جميعها على طاولة المجتمع الدولي، أكدت أنها لا ترفض التنمية، بل على العكس تمامًا تدعمها، لكنها في الوقت ذاته لن تقف صامتة أمام أي تهديد لـ «الأمن المائي المصري»، وإن كان هناك من حاول الصيد في الماء العكر، والإشارة إلى أن هذه التصريحات «قلة حيلة»، غير أن الأيام القليلة الماضية، كشفت «بعد نظر» القيادة السياسية المصرية، والتزامها الكامل بـ «الخطوات التصعيدية» فيما يتعلق بإدارة الملف.

البداية.. كانت من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي خرج في كلمة له مؤخرا ليعيد طرح الأمر، حيث أكد أن «مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول الذي تتبعه إثيوبيا، وأن القاهرة ستتخذ كل التدابير لحماية مصالحها وأمنها المائي».

تصريحات الرئيس السيسى التي جاءت ضمن كلمته المسجلة خلال الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة الثامن للمياه، جاءت كاشفة لـ«الموقف المصري»، حيث أوضح خلالها أن «مصر التي اختارت طريق الدبلوماسية، ولجأت إلى المؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة .. فإنها تؤكد أن هذا الخيار، لم يكن يوما ضعفا أو تراجعا؛ بل تعبير عن قوة الموقف، ونضج الرؤية، وإيمان عميق بأن الحوار هو السبيل الأمثل، والتعاون هو الطريق الأجدى، لتحقيق مصالح جميع دول حوض النيل، دون تعريض أي منها للخطر».

ولم يقف حديث الرئيس عند هذا الحد، بل شدد على «أن مصر تعلن، بكل وضوح وحزم، رفضها القاطع لأي إجراءات أحادية الجانب تتخذ على نهر النيل، تتجاهل الأعراف والاتفاقات الدولية، وتهدد مصالح شعوب الحوض، وتقوض أسس العدالة والاستقرار»، داعيًا المجتمع الدولي، والقارة الإفريقية على وجه الخصوص، إلى «مواجهة مثل هذه التصرفات المتهورة من الإدارة الإثيوبية، وضمان تنظيم تصريف المياه من السد، فى حالتي الجفاف والفيضان، في إطار الاتفاق الذي تنشده دولتا المصب .. وهو السبيل الوحيد لتحقيق التوازن، بين التنمية الحقيقية لدول المنبع، وعدم الإضرار بدولتى المصب».

«التفاوض المضني»، مصطلح حملته كلمة الرئيس السيسى، والذي يكشف حالة «ضبط النفس» التي التزمت بها مصر طوال الـ14 عامًا الماضية، منتهجة مسارًا دبلوماسيا نزيها، اتسم بالحكمة والرصانة، وسعت فيه بكل جدية، إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، يراعى مصالح الجميع، ويحقق التوازن بين الحقوق والواجبات.

ومجددًا، عاد الرئيس السيسى، ليؤكد أن «مصر قدمت خلال هذه السنوات، العديد من البدائل الفنية الرصينة، التى تلبى الأهداف المعلنة لإثيوبيا، كما تحفظ مصالح دولتى المصب.. إلا أن هذه الجهود، قوبلت بتعنت لا يفسر، إلا بغياب الإرادة السياسية، وسعى لفرض الأمر الواقع، مدفوعة باعتبارات سياسية ضيقة، بعيدة عن احتياجات التنمية الفعلية.. فضلا عن مزاعم باطلة، بالسيادة المنفردة على نهر النيل، بينما الحقيقة الثابتة، أن النيل ملكية مشتركة لكل دوله المتشاطئة، ومورد جماعى لا يحتكر».

وتأكيداً لأسلوب إدارة القيادة السياسية لملفاتها، فإن الأحداث التي تلت كلمته الكاشفة حول «السد الإثيوبى»، كشفت أن الرئيس السيسى يتقن جيدًا اختيار اللحظة المناسبة لـ «الحديث»، فما هى إلا ساعات قليلة، وخرجت الحكومة الإثيوبية، وفى بيان رسمى، لتؤكد استعدادها للانخراط فى «مفاوضات جادة ومسؤولة« لتعزيز التعاون وبناء الثقة بين مصر والسودان وإثيوبيا، «دون فرض شروط مسبقة».

«الوساطة الأمريكية»، سيناريو آخر جرى طرحه مؤخراً، وتحديداً بعد زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الأخيرة لمصر، حيث خرج مستشاره لشئون إفريقيا، مسعد بولس، ليكشف _ فى تصريحات إعلامية_ أن «ترامب قد يجمع بين الرئيس السيسى ورئيس وزراء إثيوبيا آبى أحمد لحل أزمة سد النهضة، والخلاف حول السد تقنى وليس سياسياً ونعمل على حله».

أخبار الساعة

الاكثر قراءة