رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

سنابل الخير .. «غذاء المصريين.. أمان»


23-5-2025 | 16:15

القمح

طباعة
تحقيق: منار عصام

المشروعات الزراعية العملاقة تُعد نجوما مضيئة فى سماء الجمهورية الجديدة، حيث أولت القيادة السياسية اهتماما كبيرا بملف الأمن الغذائى للمصريين، لتدور عجلة البناء داخل مناطق عديدة ضمن مشروعات جهاز مستقبل مصر لتأمين غذاء المصريين، وننتظر سنويًا مشهد حصاد القمح من المساحات الزراعية المضافة حديثا على الرقعة الزراعية المصرية فى مشهد يصف إرادة وقدرة المصريين، ومن خلال هذا التحقيق نتعرف على جهود جهاز مستقبل مصر فى مشروعاته الزراعية.

الدكتور بهاء الغنام، المدير التنفيذى لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، يؤكد على أن الجهاز ووزارة الزراعة وجهان لعملة واحدة يعملان لصالح الوطن، موجهًا الشكر لوزير الزراعة على تعاونه المثمر مع الجهاز، لافتًا إلى أنه لا أحد ينجح بمفرده، ولكن من خلال منظومة عمل جماعى.

 

وأشار «الغنام» إلى السعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى لرغيف العيش المدعم من القمح المحلى، منوهًا بأن الرغيف المُدعم يحتاج قرابة الـ 8 ملايين طن، والفلاح المصرى ينتج أكثر من هذه الكمية، لذلك يجب تشجعيه على التوريد إلى الدولة، وهنا يأتى دور الجمعيات الزراعية باعتبارها الأقرب إلى المزارعين.

 

وتابع، بأن التحديات التى تواجه الوطن تتطلب من الجميع إعلاء المصلحة العامة على المصالح الشخصية، موضحًا أن النجاح فى جمع القمح من الفلاحين له فوائد كثيرة، منها الحد من استنزاف العملة وتوفير الأموال اللازمة لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

 

وأضاف المدير التنفيذى لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، أن الاقتصاد الزراعى، أحد أهم دعائم الاقتصاد المصرى وأنه مدخلنا الأساسى للتجارة العالمية.

 

وشدد «الغنام» على أهمية دور التعاونيات فى المرحلة القادمة، مؤكدا على تقديم كافة أوجه الدعم لها حتى تقوم بدورها، أملًا فى نجاحها فى جمع القمح من المزارعين وتحقيق المستهدف وتقليل الفجوة الاستيرادية من القمح.

وحول إنشاء البورصة السلعية، أفاد المدير التنفيذى لجهاز مستقبل مصر، بأنه لن يتم تداول أى سلعة تخص المواد الغذائية إلا من خلال البورصة، وأنه يمكن للتعاونيات أن يكون لها دور فى ذلك وسوف تصبح البورصة كيانا قادرا على تداول السلع مباشرة بين البائع والمشترى دون وسطاء، ما يعزز العائد للمزارع والمستثمر الزراعى، وكذلك رفع دخل المواطنين من خلال تداول المنتجات بأسعار عادلة، وتقليص الحلقات الوسيطة، وتحقيق الأمن الغذائى.

 

وفى سياق متصل، أضاف الدكتور نعيم مصيلحى، رئيس مركز بحوث الصحراء السابق ومستشار وزير الزراعة لمشروعات التوسع الأفقى، إن الدولة المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة نفذت عدة مشروعات قومية لاستصلاح الأراضى والتوسع الرأسى والأفقى، لزيادة الرقعة الزراعية فى مصر بهدف مواجهة التحديات التى يفرضها الوضع الجيوسياسى بدول العالم، سواء كان بسبب تغير المناخ أو الصراعات أو الجوائح الطبيعية والتى أثرت بدورها على منظومة الأمن الغذائى وعلى سلاسل الإمداد والتوريد، ما دعا الدولة المصرية لضرورة التحرك لتستبق الأحداث، وذلك عن طريق التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية.

 

وأوضح «مصيلحى» أنه بالرغم من أن مساحة الأراضى الزراعية الخصبة فى الوادى والدلتا أصبحت محدودة، إلا أنه تم التوجه لإقامة مشروعات عملاقة للتوسع الزراعى الأفقى فى المناطق الصحراوية، وذلك اعتمادا على مصادر المياه الجوفية وتدوير مناطق الصرف الزراعى ومعالجتها، لذلك أقامت الدولة المصرية 3 محطات لمعالجة الصرف الزراعى ومعالجة المياه، وتُعد من أكبر المحطات على مستوى العالم، بداية من محطة بحر البقر والتى تخدم مشروعات التوسع الزراعى فى شمال سيناء بطاقة إنتاجية حوالى 5.6 مليون متر مكعب فى اليوم، ومحطة 3 يوليو والتى تخدم مشروع الدلتا الجديدة التابع لجهاز مستقبل مصر بطاقة 7.5 مليون متر مكعب يوميا، بالإضافة إلى محطة المحسمة لخدمة مشروعات التوسع فى منطقة شرق قناة السويس بطاقة 1.2 مليون متر مكعب يوميا.

 

وأشار إلى أن كافة المشروعات العملاقة السابق ذكرها، كلفت الدولة العديد من المليارات، إلا أنه لم يكن أمامنا بديل عن إعادة تدوير مياه الصرف الزراعى وإعادة استخدامها مرة أخرى فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية، وأهمها محصول القمح بالإضافة إلى أن مشروعات جهاز مستقبل مصر فى الدلتا الجديدة ومشروع التوسع الزراعى بشمال ووسط سيناء ومشروع شرق العوينات ومشروع أسوان، بالإضافة إلى بعض الأماكن الأخرى بالوادى الجديد هى مشروعات تعتمد على التوسع فى استخدام التكنولوجيا الحديثة بالزراعة وتساهم فى الإنتاج النظيف من المحاصيل الاستراتيجية، فضلًا عن تعظيم العائد من القيمة المضافة لبعض المحاصيل والفاكهة والخضروات والنباتات الطبية والعطرية، بما يسمح بزيادة الصادرات الزراعية المصرية للخارج وفتح أسواق جديدة وهو ما تسعى له دائما وزارة الزراعة لفتح أسواق جديدة أمام المحاصيل الزراعية المصرية باعتبارها أحد المصادر المهمة لضخ عوائد دولارية للاقتصاد المصرى.

 

وأكد «مصيلحى» على أن المشروعات القومية الزراعية الجديدة تسمح بالتوسع فى زراعة القمح والذرة الخاصة بصناعة الأعلاف من أجل تخفيف الفجوة فى عملية الاستيراد، لاسيما القمح وفول الصويا والذرة الصفراء، مؤكدا على أن الفضل يرجع إلى الرؤية الاستباقية والثاقبة للرئيس السيسى والذى وجه بتوفير كافة متطلبات واحتياجات قطاع الزراعة وجهاز مستقبل مصر بالشراكة مع القطاع الخاص بما يسهم بنمو قطاع الزراعة، خاصة فى أنشطة التصنيع الزراعى وزيادة القيمة المضافة للمنتج الزراعى.

وأشاد بمدى التطور الملحوظ الذى يقدمه رجال مشروعات جهاز مستقبل مصر خاصة أن موسم الحصاد الماضى تمكن الجهاز بزراعة ما يفوق مساحته 200 ألف فدان قمح ومتوقع أن تتخطى المساحة فى موسم الحصاد هذا العام 300 :400 ألف فدان، مضيفا أن الدولة المصرية تستهدف من هذه المشروعات إضافة 4 ملايين فدان، كما تمكنت الدولة بالفعل عبر تلك المشروعات من تحقيق نسبة 50 فى المائة ما يعادل 2.1 مليون فدان حاليا، وهو ما يستدل عليه بزيادة الحاصلات الزراعية المصدرة للخارج من الموالح والثوم والبصل والبطاطس وغيرها من السلع التى حققت وفرا ويتم تصديرها للخارج، منوهًا بأن اهتمام الدولة مؤخرا بزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصدرة عبر تصنيعها بدلا من تصديرها فى صورتها الأولية الخام.

 

وعن الاختلاف بين مشروعات جهاز مستقبل مصر وغيرها من المشروعات الزراعية الأخرى، أوضح «مصيلحى» أن الإرادة القوية والقدرة على التنفيذ والشفافية والتوسع فى التعاون مع القطاع الخاص، تُعد أمورًا ميزت مشروعات جهاز مستقبل مصر بجانب التوسع فى استخدام التكنولوجيا الحديثة فى الحصاد والاعتماد على نظم رى حديثة وغيرها من التقنيات الحديثة فى الزراعة.

 

وأكد على أن اختيار منطقة الضبعة لإقامة إحدى مشروعات الاستصلاح الزراعى، يرجع إلى وجود محور روض الفرج الضبعة المار بمنطقة الدلتا الجديدة باعتباره شريانا حيويا فى هذه المنطقة، حيث يربط القاهرة بمنطقة الضبعة بمحافظة مطروح، ما أتاح الفرصة للتحرك فى منطقة صحراوية وعرة، كما أن المنطقة تضم أراضى تتصف بالجيدة من الدرجة الثانية، وذلك بعد عدد من الدراسات العلمية التى أجريت على المنطقة وبمساحات كبيرة، بالإضافة إلى قرب المنطقة من محافظات مهمة كالقاهرة والجيزة ومطروح وما تضمه من موانئ برية وبحرية، وهو الأمر الذى يساعد فى سهولة تصدير المنتجات والمحاصيل الزراعية وغيرها من العوامل ساعدت على اختيار المنطقة ليُنفذ عليها هذا المشروع الضخم.

 

وكشف «مصيلحى» عن أن كل دولة لها سعة تخزينية معينة لتخزين الحبوب والسلع الاستراتيجية، ومصر كانت لها سعة تخزينية لا تتناسب مع دولة بحجم مصر وشعبها، إلا أن استراتيجية الدولة المصرية اتجهت نحو التوسع فى صوامع الغلال والاعتماد على تكنولوجيا حديثة فى أسلوب وإدارة عملية التخزين، وذلك لتقليل الفاقد قدر الإمكان من أجل الحفاظ على كل كميات الحبوب الاستراتيجية.

 

واختتم بأن حجم إنتاج الدولة المصرية من القمح يتراوح بين 9:10 مليون طن هذا العام، وما يتم توريده لوزارة التموين يعتمد على توريد المزارعين، مضيفا أن وزارة الزراعة تبذل كل الجهود لزيادة إنتاجية وحدتى الأرض والمياه.

 

فى ذات السياق، أشار الدكتور محمد عزت، رئيس قسم الأراضى بمركز بحوث الصحراء والمنسق الفنى للفرق البحثية لدراسات أراضى جنوب محور الضبعة إلى أن مشروع الدلتا الجديدة التابع لجهاز مستقبل مصر يمتد لمساحة 2.2 مليون فدان غرب دلتا النيل، وهى تُعد مساحة جديدة من مساحات الاستصلاح التى ندرجها فى رقعتنا الزراعية والتى نسعى أيضا للتوصل لعدد من المداخل الاستثمارية عبر المحاصيل التصديرية أو البذور أو المحاصيل الاستراتيجية أو محاصيل إنتاج الأعلاف وغيرها من المداخل الاستثمارية المتنوعة، لذلك تسعى الدولة المصرية لاتباع أسلوب مركزى فى تدشين مثل تلك المشروعات عن طريق إنشاء عاصمة للمشروع تحيط به مجموعة من القرى وعدد من مراكز صناعة الألبان وغيرها من الصناعات التكميلية الأخرى التى تسهم فى تعزيز القيمة المضافة للمشروع ككل.

 

وأكد عزت على أن الدولة المصرية تستهدف المحاصيل الاستراتيجية باعتبارها واحدة من أهم المداخل الاستثمارية فى مشروع الدلتا الجديدة، وذلك فى ظل إنتاج مصر ما جملته 50 فى المائة من القمح المخصص لإنتاج رغيف الخبز، لذا تسعى الدولة المصرية للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى، مؤكدا على أن مركز بحوث الصحراء هو الذى تولى إجراء الدراسات الخاصة بصلاحية الأراضى والمياه فى هذا المشروع من خلال مجموعة من الفرق البحثية التى تولت هذه الدراسات ورفعت تقاريرها إلى الرئيس السيسى دراسة تلو الأخرى، والتى أثبتت أن الأراضى على أعلى درجة من الجاهزية ومهيأة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، فضلًا عن أن مصادر المياه المتنوعة فى المنطقة أتاحت الفرصة لتنويع التراكيب المحصولية.

 

ولفت إلى أنه يوجد مصادر سطحية قادمة من محطات المعالجة بمنطقة الحمام بطاقة 7 ملايين متر مكعب يوميًا، بجانب مصادر المياه الجوفية، ومصادر من مياه النيل المخلوطة بمياه الصرف المعالجة، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمشروع.

 

وفى إطار مساعى الدولة لتعزيز الأمن الغذائى، كشف مهندسون وعاملون بجهاز «مستقبل مصر» للتنمية المستدامة عن تفاصيل المشروعات الزراعية العملاقة التى تنفذها الدولة، والتى تعتمد على أحدث التكنولوجيا العالمية فى الزراعة، بدءًا من نظم الرى المبتكرة وصولًا إلى الميكنة الحديثة التى تُقلل الهدر وتُعزز الإنتاجية.

 

وفى هذا الصدد، أكد المهندس أحمد عبدالحكيم، الذى يعمل بالجهاز منذ 6 سنوات، على أن مشروع الدلتا الجديدة يتبنى تقنيات غير مسبوقة فى القطاع الزراعى المصرى، مثل الاعتماد الكامل على الميكنة الزراعية التى تضاعف الإنتاج وتخفض الفاقد بنسب كبيرة، مُشيرًا إلى أن هذه الأدوات تُطبق حاليًا فى الدول المتقدمة فقط.

 

وأضاف أن المشروع يُنتج محاصيل استراتيجية كالقمح والذرة والبنجر بأعلى جودة وأقل تكلفة، ما يُسهم فى خفض فاتورة الاستيراد.

 

من جانبه، أوضح المهندس يوسف سيد، المختص بزراعة محاصيل الفاصوليا والبطاطس، أن تميز المشروع ينبع من تنوع نظم الرى؛ حيث يجمع بين مياه النيل والمياه الجوفية والمياه المعالجة من الصرف الزراعى، وهو ما لا يتوفر فى مشروعات أخرى.

 

وأشاد العاملون بالجهاز ببيئة العمل التى توفر الأمان الوظيفى والروح التعاونية، على عكس القطاع الخاص الذى يُعانى فيه الموظفون من عدم الاستقرار.

 

وقال يوسف سيد: «العاملون هنا يشعرون بأنهم جزء من رؤية وطنية، والجميع ملتزم بضوابط تصب فى مصلحة المشروع».

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة