إذا ذُكرت السياحة الشاطئية وروعتها فى العالم، فالحديث عن الغردقة وشرم الشيخ يكون فى حيث محله، كونهما من أجمل -إن لم يكونا أجمل- الأماكن السياحية الشاطئية على مستوى العالم، ويقصدها السائح دائمًا، ويأتى الشتاء ببدايته ليكون شاهدًا على توافد أعداد غير مسبوقة من السياح عامًا تلو الآخر، لا سيما السائح الأوروبى الباحث عن دفء مفقود فى بلدانه فى هذه الآونة، فيقصد شرم والغردقة مع دخول الشتاء، للاستمتاع بالمناخ والدفء والأجواء السياحية المتميزة، وتكون ذروة إقبال السياح على الوجهتين بالتزامن مع احتفالات الكريسماس، وصولًا حتى نهاية موسم الشتاء نهاية أبريل.
«حجوزات ممتلئة ولا توجد غرف متاحة فى الفنادق»، أزمة تواجه حاليًا مَن تأخر من السياح فى حجز مكان إقامة له فى كل من فنادق شرم الشيخ والغردقة، وهو ما أكده سيد الجابرى، رئيس غرفة شركات السياحة بالبحر الأحمر، الذى لفت إلى أن مؤشرات الحجوزات والتعاقدات السياحية تشير إلى أن المدن السياحية المصرية ستشهد انتعاشة قوية خلال احتفالات أعياد الكريسماس ورأس السنة الميلادية، موضحًا أن معدلات إشغالات الفنادق فى معظم المدن السياحية ستتجاوز 90 فى المائة، وستصل فى بعض الفنادق إلى 100 فى المائة بسبب الإقبال الكبير، وحرص العديد من السياح على قضاء هذه الاحتفالات فى المقصد السياحى المصرى.
وأوضح «الجابرى»، أنه يوجد آلاف السياح من مختلف دول العالم يفضّلون قضاء إجازات الكريسماس ورأس السنة بالمدن السياحية المصرية، لا سيما الغردقة وشرم الشيخ والأقصر وأسوان والقاهرة، تبدأ الإجازات بداية من منتصف منذ ديسمبر الجارى وصولًا إلى يوم 10 يناير أو منتصف يناير من كل عام.
كما أكد رئيس غرفة شركات السياحة بالبحر الأحمر، أن الإقبال السياحى الكبير على البحر الأحمر، خلال موسم الكريسماس ورأس السنة، يعكس نجاح استراتيجية التسويق السياحى المصرى وتنوع المنتج السياحى الذى يشمل البحر، الصحراء، الرياضات المائية، الحياة البرية، والفنادق الفاخرة، كما أنه يضع الغردقة ومرسى علم على خريطة الوجهات السياحية العالمية التى يمكن أن تنافس مناطق مثل دبى والبحر الأبيض المتوسط فى جاذبيتها للسياح الأوروبيين والعرب أيضًا.
وتابع: افتتاح المتحف المصرى الكبير أحدث رواجًا كبيرًا عالميًا وصنع دعاية لا تُقدر بثمن للمقصد السياحى المصرى، سواء السياحة الثقافية والأثرية أو السياحة الشاطئية، ما كان له بالغ الأثر الإيجابى فى زيادة الحركة السياحية الوافدة لمصر خلال شهرى نوفمبر وديسمبر 2025، والعديد من السائحين القادمين لزيارة المدن السياحية بالبحر الأحمر حاليًا يخصصون أيامًا من برنامجهم السياحى خلال إجازتهم لزيارة المتحف الكبير والأهرامات، كما أن الرحلات من الغردقة إلى القاهرة ارتفعت بشكل كبير خلال شهر نوفمبر الماضى، ومتوقع أن تستمر خلال ديسمبر ويناير بالتزامن مع احتفالات رأس السنة والكريسماس، وتستمر وصولًا حتى نهاية موسم السياحة الشتوية نهاية أبريل ومطلع مايو من عام 2026.
وأثنى رئيس غرفة شركات السياحة بالبحر الأحمر، على الاستقرار الأمنى والسياسى، الذى لعب دورًا أساسيًا فى تعزيز ثقة الأسواق الخارجية، إلى جانب الطقس المعتدل الذى تتميز به المدن الساحلية المصرية فى وقت تتعرض فيه أوروبا لموجات برد قاسية، وهو ما جعل مصر ملاذًا سياحيًا مفضلًا فى هذا الموسم، فضلًا عن الأسعار التنافسية للإقامة مقارنة بالأسواق المنافسة، مع الزخم الذى صاحب افتتاح المتحف المصرى الكبير.
وفى السياق، قال أمجد حسون، الخبير السياحى، إن «فنادق شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم تلقت حجوزات جيدة من العديد من شركات السياحة الأجنبية لقدوم سائحيها خلال إجازات الكريسماس ورأس السنة، ومن المتوقع أن ترفع الحجوزات من إشغالات معظم الفنادق بالمدن السياحية المختلفة خلال تلك الفترة لتصل إلى أكثر من 90 فى المائة، وستُسجل 100 فى المائة فى فنادق كثيرة».
وأضاف «حسون» أن «الحركة السياحية التى استقبلتها مصر خلال الـ11 شهرًا الأولى من عام 2025 أعلى من نظيرتها خلال العام الماضى بنسبة تتراوح ما بين 20 و25 فى المائة»، مشيرًا إلى أنه من المنتظر أن تصل أعداد السياح الوافدين لمصر بنهاية عام 2025 إلى نحو 18 مليون سائح.
كما أكد الخبير السياحى، أن الموسم السياحى الحالى شهد حضورًا غير مسبوق من مختلف الجنسيات، حيث وصل السياح الأوروبيون من ألمانيا وإنجلترا وروسيا وإيطاليا وبولندا، بالإضافة إلى السائحين الروس وأعداد كبيرة من السياح من الشرق الأوسط وآسيا، وسط موجة اهتمام غير مسبوقة من قِبل الشباب والسياح العائليين على حد سواء، ما جعل الفنادق ترفع أسعار الإقامة بنسبة تتراوح بين 20 و30 فى المائة مقارنة بالمواسم السابقة، وسط طلب متزايد على الباقات السياحية الشاملة والخدمات الفندقية الفاخرة.
وأفاد «حسون» بأن كل المؤشرات والإحصائيات تشير إلى مدينة الغردقة كانت أكثر المدن المصرية استقبالًا للسياح منذ بداية عام 2025 حتى الآن، لافتًا إلى أن القارة الأوروبية كانت أكثر قارات العالم إرسالًا للسياح إلى مصر، وأننا نستهدف السائحين ذوى الإنفاق المرتفع، مشيرًا إلى أن السوق الألمانية تعد أكثر الأسواق السياحية إرسالًا للسياح إلى المقصد السياحى المصرى خلال عام 2025.
كما أوضح الخبير السياحى، وجود زيادة فى أعداد الرحلات البرية بين القاهرة وأسوان خلال الموسم السياحى الشتوى الحالى، موضحًا أن مدة تلك الرحلات تتراوح ما بين 10 إلى 15 يومًا يزور خلالها السائح كل المدن السياحية والأثرية الواقعة ما بين القاهرة وأسوان، ويشمل مسار الرحلة أيضًا الإسكندرية، لافتًا إلى أن تلك الرحلات ترفع من معدلات زيارة المتاحف والمواقع الأثرية، لا سيما الموجودة بمحافظات الصعيد.
وأضاف، أن غالبية السياح الحاجزين لتلك الرحلات هم من عشاق الحضارة المصرية القديمة، والذين يستغلون كل جزء من رحلتهم للاستمتاع بالتاريخ والآثار المصرية، مشيرًا إلى أن تلك الرحلات مهمة جدًا، حيث إن أغلب مرتاديها من ذوى الإنفاق المرتفع، ويستهدفها السياح الأوروبيون، لا سيما القادمين من ألمانيا والنمسا وبريطانيا وفرنسا، كونهم الأكثر إقبالًا على حجز تلك الرحلات.
وواصل «حسون»، أن برنامج الرحلة، يتضمن تقسيم المدة بين المدن التى يزورها السائح، وفقًا لعدد المعالم الأثرية والثقافية الموجودة بكل مدينة، منوهًا بأن الأقصر وأسوان هما أكثر المدن التى يقيم بها السياح خلال الرحلة، ولافتًا إلى أن ما ساعد فى تنظيم هذه الرحلات البرية، هو توفر تجارب سياحية متنوعة بين الشواطئ والرحلات النيلية، والسياحة الثقافية والدينية، والسياحة العائلية والترفيهية، بخلاف النقطة الأهم، وهى تحسين البنية التحتية وشبكات الطرق والمطارات والتى أسهمت بشكل قاطع فى تسهيل حركة تنقل السياح بين المحافظات السياحية فى مصر.