محمد الطويلة، رئيس نادى النجوم، قال: نحن فى مصر بلد الرياضات المتنوعة والتاريخ العريق بدأنا نخطو فى اتجاه الاستثمار الرياضى، لكن الخطوات ما زالت متباعدة، هناك برامج لتعزيز البنية التحتية، تنامى عدد المنشآت الرياضية القادرة على استضافة فعاليات دولية، وتعاون مؤسسى بين وزارات الشباب والسياحة لتعظيم وضع الرياضة كسياحة ثقافية واقتصادية.
وأضاف: لم يعد السؤال المطروح اليوم هو هل نملك فى مصر مقومات الاستثمار الرياضى؟ لأن الإجابة باتت معروفة ومحسومة، فالسؤال الحقيقى الذى يفرض نفسه هو، كيف نحسن إدارة هذه المقومات، وكيف ننتقل من الحديث عن الفرص إلى صناعة نموذج اقتصادى رياضى متكامل، قادر على جذب المستثمر، وخدمة الدولة، لا سيما وأن مصر تمتلك حزمة نادرة من أدوات الاستثمار الرياضى يصعب اجتماعها فى دولة واحدة، فى المقدمة تأتى القاعدة الجماهيرية الضخمة، التى تمثل سوقًا استهلاكية هائلة لكل ما يرتبط بالرياضة، من بث وتسويق ورعاية وإعلانات، يضاف إلى ذلك البنية الأساسية المتنامية من ملاعب واستادات وصالات مغطاة ومدن رياضية حديثة، أصبحت مؤهلة، من حيث الشكل لاستضافة بطولات كبرى، ولكن أدوات الاستثمار الرياضى فى مصر ثروة قائمة تنتظر الإدارة المحترفة.
وأوضح أن «السياحة الرياضية تعد من أهم عوامل جذب المستثمر الى أرض الكنانة، لعددة أسباب أهمها أن مصر لديها ميزة جغرافية لا تقل أهمية عن دول متقدمة فى مجال الاستثمار الرياضى، فموقعها يجعلها قريبة من أوروبا وإفريقيا وهى قلب الشرق الأوسط، وهو ما يمنحها قدرة تنافسية فى جذب البطولات والمعسكرات الدولية، ومع توافر الطقس المعتدل فى معظم شهور العام، تصبح البلاد بيئة مثالية للسياحة الرياضية، إذا ما أحسن استغلالها وتسويقها.
«الطويلة»، قال: الواقع يشير بوضوح إلى أن الدولة المصرية بدأت تدرك أهمية الاستثمار الرياضى، وظهر ذلك فى دعم إنشاء المدن الرياضية، وتطوير البنية التحتية، وفتح الباب أمام القطاع الخاص فى عدد من المشروعات، كما أصبحت مصر وجهة لاستضافة بطولات قارية وعالمية فى أكثر من لعبة، وهو مؤشر إيجابى لا يمكن إنكاره، لكن هذا الاهتمام، رغم أهميته، ما زال بحاجة إلى صياغة استراتيجية وطنية متكاملة، تربط بين وزارات الشباب والرياضة، والسياحة، والاستثمار، والنقل، بحيث تصبح البطولة الرياضية مشروعًا اقتصاديًا متكامل الأركان، لا حدثًا معزولاً عن محيطه.
وأشار إلى أنه «هناك خطوات أولى على الطريق ونماذج مصرية على أرض الواقع، بدأت تظهر نماذج يمكن البناء عليها، مثل المدينة الرياضية الجديدة بالعاصمة الإدارية التى استضافت بطولات عالمية، ونجحت فى تقديم صورة تنظيمية جيدة، كما شهدنا تحركات لبعض الأندية نحو التحول لشركات، والدخول فى شراكات استثمارية، وهو ما يمثل بداية حقيقية لفهم الرياضة كصناعة، هذه النماذج لم تصل بعد إلى مرحلة الاكتمال، لكنها تؤكد أن الطريق ليس مغلقًا، وأن النجاح ممكن حين تتوفر الإدارة المحترفة والرؤية طويلة المدى».
ولفت رئيس نادى النجوم، إلى أنه «عند الحديث عن الاستثمار الرياضى، لا يمكن تجاوز التجربة القطرية، التى تعاملت مع الرياضة باعتبارها مشروع دولة لا مجرد بطولة، قطر بنت ملاعب بمعايير عالمية، لكن الأهم أنها وضعت خطة لما بعد البطولة، صيانة، تشغيل، وتسويق مستمر، و تحولت الاستادات إلى مراكز جذب للبطولات الدولية، ورافعة للسياحة، ومحرك لإشغال الفنادق، التنظيم، والتصوير، والخدمات، وتجربة المشجع، كلها عناصر جعلت من الحدث الرياضى منتجًا متكاملاً يباع للعالم، هنا يكمن الفارق الجوهرى قطر استثمرت فى التجربة لا فى الملعب فقط، كما شهدنا فى كأس العرب وقبله كأس العالم 2022».
مروان مرزوق، مدير تسويق نادى وادى دجلة، أكد أن «الرياضة لم تعد رفاهية، بل صناعة عالمية تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويًا، وتشمل حقوق البث، والرعاية، والتسويق، والسياحة، وإدارة المنشآت، وتشير تقديرات المؤسسات الاقتصادية الدولية إلى أن استضافة بطولة كبرى واحدة كفيلة برفع معدلات الإشغال الفندقى والسياحى بنسب لافتة، فضلاً عن تحريك قطاعات النقل، والخدمات، والتجارة».
وأضاف: فى تجارب قريبة من منطقتنا، تحولت الملاعب إلى محركات اقتصادية حقيقية تعمل على مدار العام، لا خلال البطولة فقط، وهو ما يفسر حرص الدول الكبرى على استضافة الأحداث الرياضية باعتبارها استثمارًا طويل الأجل، لا مغامرة مؤقتة، ولكن فى مصرنا الغالية المشكلة الأساسية فى التعامل مع الاستثمار الرياضى تكمن فى اختزاله داخل حدود الملعب، بينما الحقيقة أن القيمة الحقيقية تكمن فيما يحيط به، لأن الاستثمار الرياضى الناجح يبدأ من الرؤية، لا من البناء، الملعب هو نقطة الانطلاق، لكن العائد الحقيقى يأتى من التسويق.
«مرزوق»، شدد على أن «مصر تمتلك فرصة ذهبية، لكنها تحتاج إلى إدارة اقتصادية محترفة للقطاع الرياضى، توازن بين الدور المجتمعى والعائد الاستثمارى، وأدوات الاستثمار الرياضى لا بد أن تدار لتحويل الرياضة إلى قطاع منتج، ولا بد من تفعيل أدوات الاستثمار بشكل واضح، وفى مقدمتها حقوق البث التلفزيونى والرقمى، التى تمثل العمود الفقرى لصناعة الرياضة عالميًا، الرعاية والإعلان، سواء للبطولات أو الأندية أو المنشآت، وإدارة وتشغيل الملاعب كمراكز متعددة الاستخدامات تستضيف حفلات، مؤتمرات، وفعاليات كبرى، وكذا الاهتمام بالسياحة الرياضية من خلال البطولات، المعسكرات التدريبية، والفعاليات الجماهيرية، لأن التجربة الجماهيرية داخل وخارج الملعب، التى تحول المشجع إلى مستهلك دائم، أثبتت نجاحها، هذه الأدوات، إذا ما أُديرت باحتراف، كفيلة بتحقيق عائد مستدام يتجاوز حدود المباراة،
وأضاف: عندما نتحدث عن الاستثمار الرياضى ليس بـ «الفهلوة» بل كـ«صناعة اقتصادية»، فإن الأرقام العالمية تتحدث بلغة واضحة لا تقبل التأويل، تشير دراسات رسمية وتقارير اقتصادية إلى أن حجم سوق الرياضة عالميًا سيصل إلى نحو 651 مليار دولار بنهاية عام 2028، بزيادة ملحوظة عن تقديرات عام 2023 التى كانت تقارب 485 مليار دولار، هذه الزيادة المتسارعة تعكس تزايد الاعتماد على الرياضة كرافد اقتصادى حقيقى يرتبط بقطاعات متعددة مثل السياحة والرعاية والإعلام وغيرها، كما تظهر التوقعات أنه على المدى الأطول قد تتجاوز قيمة هذا السوق 860 مليار دولار بحلول عام 2033، مما يدل على الزخم الكبير الذى يشهده القطاع عالميًا، ولا يقتصر الأثر الاقتصادى لاستضافة بطولات كبرى على الدخل المباشر من التذاكر فحسب، بل يتضح فى تدفقات السياحة، وحقوق البث، والرعاية التجارية، ففى حالة كأس العالم، يحقق المنظمون والمستضيفون ملايين الدولارات من خلال اتفاقات البث التلفزيونى والرعايات الدولية، إضافة إلى الإنفاق السياحى على الفنادق والمطاعم والنقل، وهو ما يشكل غالبًا الجزء الأكبر من العائد الاقتصادى للبطولة، على سبيل المثال، فى البطولات الكبرى مثل كأس العالم، تعد حقوق البث والرعاية من أكبر مصادر الإيرادات والتى تصل إلى4.1 مليار دولار، تليها سياحة الجماهير القادمة من الخارج مما يعزز نشاط الفنادق والضيافة.
مدير تسويق نادى وادى دجلة، شدد على أن «مصر بحاجة لإدارة احترافية لتحويل الملاعب إلى أصول منتجة وكلها أصول ضخمة تنتظر عقلية استثمارية، وتسويق محترف لتحقيق عائد اقتصادى مستدام، لا سيما وأن كل بطولة ومبنى رياضى يحمل فرصة مالية هائلة، لكن بدون رؤية اقتصادية واضحة، وتبقى الرياضة مجرد نشاط عابر بلا قيمة استثمارية، المؤسسات الرياضية المصرية تمتلك الإمكانات، لكن تحتاج إلى خطة استراتيجية، وتطوير تسويقى يضمن تحويل كل حدث رياضى إلى رافعة اقتصادية حقيقية».