تأتي القمة المصرية الأوروبية اليوم في بروكسل، لتحمل أهمية خاصة لتعزيز العلاقات والتعاون في ظل الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، بعد الاتفاق الموقف في مارس 2024، حيث أكد خبراء علاقات دولية أن القمة تعبير عن المكانة التي باتت مصر وقيادتها السياسية تحظى بها على الصعيد الأوروبي والدولي كشريك يعتد به، موضحين أنها تعزز مجالات التعاون والشراكة بين مصر والقارة العجوز.
وتستضيف العاصمة البلجيكية بروكسل، اليوم الأربعاء، القمة المصرية الأوروبية الأولى من نوعها، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبحضور رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين مصر والاتحاد الأوروبي العام الماضي.
وستُركّز القمة على العلاقات الثنائية وتعميق الشراكة السياسية والاقتصادية، على النحو المنصوص عليه في الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي، بهدف تعزيز الاستقرار والسلام والازدهار المشترك، كما ستبحث التحديات العالمية الراهنة، بما في ذلك الوضع في الشرق الأوسط وأوكرانيا والتعددية والتجارة والهجرة والأمن.
اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة
قال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن انعقاد القمة المصرية الأوروبية الأولى، اليوم في بروكسل، يأتي في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين وعدد كبير من مسؤولي الاتحاد الأوروبي ومؤسساته وعدد من القادة الأوروبيين للتأكيد على أهمية القمة.
وأكد حجازي، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، إن القمة تعقد في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة وتنفيذاً لبنودها التي تم توقيعها في مارس 2024 بين الرئيس السيسي وأرسولا فون دير لاين، وتجمع رؤساء الاتحاد الأوروبي ومصر والمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي بعد الاتفاق على انعقادها بشكل دوري كل عامين، وتتضمن السعي لتنفيذ مختلف بنود اتفاقية الشراكة الاستراتيجية وهي في حد ذاتها تعبير عن المكانة التي باتت مصر وقيادتها السياسية تحظى بها على الصعيد الأوروبي والدولي كشريك يعتد به.
وأشار إلى أن القمة فرصة هامة لتعزيز نطاق العلاقات الاستراتيجية بين أوروبا وجنوب المتوسط مع شريك يحظى بالمصداقية والمكانة ويعتد بدوره في مجالات التنمية الاقتصادية والتجارة وفي مجال حفظ السلم والأمن في محيط أوروبا الجنوبي وفي المنطقة العربية والشرق الأوسط وإفريقيا، مؤكدا أنه من هنا يأتي هذا التأكيد من الاتحاد الأوروبي على تنفيذ بنود اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الموقعة عام 2024، وعقد قمة كل عامين بشكل دوري بين القاهرة وبروكسيل عاصمة الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن القمة يتم فيها بحث كيفية تنفيذ بنود الشراكة الشاملة المتضمنة ستة جوانب أساسية من علاقات سياسية وتنمية الاستقرار الاقتصادي الكلي ودعم التجارة والاستثمار والتعاون في مجالات الطاقة والمياه وتغير المناخ والهجرة والأمن وتنمية رأس المال البشري بالإضافة للتعاون في واحد من أهم المجالات التي يهتم بها الاتحاد الأوروبي وهو مجال الهجرة غير الشرعية والذي تمثل مصر ركناً أساسياً في مواجهتها من خلال منظور يتخطى البعد الأمني، ببعد يراعي تنمية رأس المال البشري والدفع باستثمارات أوروبية سواء في مصر أو في البلدان الإفريقية والبلدان الدافعة بالهجرة حتى يتسنى توطين أبناء الشعب في بلادهم وضمان الاستقرار الاقتصادي ودعم الاستثمار هذا التعاون سيكون سببًا في الحد من الهجرة غير المشروعة.
وشدد على أن التعاون يشمل الاستثمار المشترك ودعم الاقتصاد والطاقة المتجددة خاصة الهيدروجين الأخضر والتصنيع المتقدم والزراعة والأمن الغذائي المستند إلى التكنولوجيا ودعم مجالات الرقمنة والاتصال وتكنولوجيا المعلومات وتحقيق الأمن الغذائي والأمن المائي وإدارة المياه.
ولفت إلى أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي تضمنت إعداد حزمة تمويلية بقيمة 7.4 مليار يورو، خلال الفترة من 2024-2027، علاوة على 5 مليار يورو كمساعدة كلية في شكل قروض ميسرة يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى مصر، و1.8 مليار يورو استثمارات إضافية ضمن خطة الاستثمار والتجارة والاقتصاد للجوار الجنوبي وهي أدوات تمويلية مختلطة وتقديم ضمنات، و600 مليون يورو منح صناعية و200 مليون يورو تخصص لملف الهجرة.
وأشار إلى أهمية ما تم الاتفاق عليه مع الاتحاد الأوروبي في إعلان مشترك صدر في قمة المناخ في دبي في قمة المناخ 28، في دبي، حيث عبر الإعلان المشترك عن إدراك الاتحاد الأوروبي لأهمية نهر نيل بالنسبة لمصر وحاجة مصر في ظل ندرة المياه لإدارة رشيدة للنهر وعدم الإدرار كمبدأ أساسي من مبادئ الاتحاد الأوروبي، موضحا أن أوروبا ستعمل بكل تأكيد خلال المرحلة القادمة على تأكيد الدور المصري في تسوية النزاعات في المنطقة خاصة بعدما أثبتته مصر مراراً من أنها عامل الاستقرار في الشرق الأوسط ونقطة الارتكاز لكل جهود الوساطة.
وأضاف أن قمة شرم الشيخ للسلام، التي عقدت الأسبوع الماضي، عكست المكانة الدولية التي تحظى بها مصر وعلاقاتها الاستراتيجية بمختلف الأطراف كالولايات المتحدة، حيث أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمة شرم الشيخ أهمية مصر ومكانتها ودورها الفاعل والمؤثر في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مشددا على أن إدراك أوروبا لأهمية التعاون مع دول جنوب المتوسط باتت سياسة أوروبية مستقرة وهي تعمل من خلال التعاون مع مصر على تنفيذ ليس فقط البنود الستة للعلاقات مع مصر.
وتابع: "أوروبا تدرك مكانة مصر وأهمية دورها في محطها الإقليمي وتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية إدراكاً لما حققه الاقتصاد المصري من نجاحات وعوامل استقرار في الاقتصاد الكلي ومؤشرات جيدة توحي بأن مصر باتت فرصة استثمارية واعدة".
ولفت إلى أن القمة ستشهد لقاءات على مستوى مجتمع الأعمال من الجانبين في ظل الفرص الاستثمارية الواعدة التي توجد في مصر، كواحة الاستقرار وسند لسياسات أوروبا في جنوب المتوسط وعامل دعم واستقرار للأمن والتعاون الإقليمي وصاحبة الرؤية والجهد والوعي الاستراتيجي الذي قاد المنطقة لمشهد يمكن من خلاله تحقيق الأمن والاستقرار والسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط".
تعزيز التعاون
وقال الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، إن القمة المصرية الأوروبية ذات أهمية خاصة، لأنها تعكس وتدعم الدور الفاعل الذي تلعبه مصر في المنطقة، موضحا أن مصر تُعد ضابط الإيقاع في محيطها، وتؤدي أدوارًا حاسمة وفعّالة في ملفات متعددة، من أبرزها مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتعزيز مكانتها كمركز لوجستي إقليمي للطاقة الجديدة والمتجددة، وخاصة الهيدروجين والغاز، فيما يُعرف بالطاقة الخضراء.
وأضاف في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه تبرز أهمية القمة أيضًا في دعم جهود مصر في التعامل مع الأزمات الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لاسيما ما يتعلق بتطورات الأوضاع في غزة، موضحا أنه فعندما يكون هناك تنسيق وتعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي من خلال هذه القمة، فإن ذلك يُشكل دعمًا إضافيًا للموقف المصري، ويُعزز من فاعلية دورها السياسي والإنساني في المنطقة.
وأشار إلى أنه لا يمكن إغفال الزخم الذي يرافق هذه القمة، في ظل الأدوار المتعددة التي تضطلع بها مصر، سواء في مجال الطاقة، أو في التصدي لملف الهجرة غير المشروعة القادمة من دول مثل ليبيا ودول الساحل الإفريقي، مما يجعل للقمة المصرية الأوروبية أهمية خاصة وخصوصية واضحة في هذا التوقيت الإقليمي والدولي الحرج.