رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مصر تقود «السلام العادل»

16-10-2025 | 14:27
طباعة

رسالة شرم الشيخ: عبداللطيف حامد

دخلت مدينة شرم الشيخ التاريخ من أوسع أبوابه بعد استضافتها لقمة السلام صاحبة القول الفصل فى إسدال الستار على حرب غزة، التى استمرت أكثر من عامين بأيامها الثقيلة ولياليها الطويلة، من كثرة الجرائم الإسرائيلية ضد أهل غزة من المجازر الجماعية إلى وقائع الإبادة النازية على الطريقة الصهيونية.

ويُحسب للدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى أنها نجحت بالحكمة والاتزان، مع قوة الإرادة فى التغلب على مختلف التحديات، وهزيمة جميع الصعوبات، وتجاوز كل المطبات من أجل الوصول إلى هذه اللحظة المنتظرة، وتلك القمة التاريخية التى شارك فيها قادة وزعماء أكثر من 31 دولة ومنظمة إقليمية ودولية لحقن دماء الفلسطينيين على المستوى القريب، مع التأسيس لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين على المستوى البعيد؛ لتكتب شرم الشيخ تاريخًا جديدًا للشرق الأوسط تقود فيه مصر العالم إلى السلام العادل، بعيدًا عن دوامة الصراعات المُهلكة، ودائرة الحروب المُدمرة.

منذ إعلان الرئيس السيسى عن نجاح مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة برعاية مصرية، خلال تخريج الدفعة الجديدة من أكاديمية الشرطة، ثم دعوته للرئيس الأمريكى دونالد ترامب والشركاء الإقليميين والدوليين لحضور قمة السلام بشرم الشيخ، كل المؤشرات، وجميع التوقعات كانت تقطع بأن القاهرة ستحقق المعجزة بإنهاء الحرب، وبدء مرحلة جديدة فى مسيرة القضية الفلسطينية تُعيد الحقوق لأصحابها، وتُنهى السيطرة الإسرائيلية على مجريات الأمور؛ لأن الوقائع تؤكد أن مبادئ مصر الثابتة هى التى منعت تنفيذ مخطط التهجير، وأفسدت مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية، من خلال نهر المساعدات المصرية لدعم صمود أهل غزة، مع الانخراط التام فى جولات التفاوض والإصرار على وقف إطلاق النار، وعودة الأطراف لمائدة الحوار من أجل الوصول إلى السلام العادل.

ورغم النظرة التشاؤمية من غالبية الشعوب فى وضع نهاية لتلك الحرب الغاشمة، وشبه اليأس من مجاوَزة جيش الاحتلال الظلم للمدى، إلا أن المصريين تفاءلوا بالخير فور عودة المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية ودولة الاحتلال إلى القاهرة وفى حضور الوسطاء من القطريين والأمريكان، ويرجع ذلك إلى الثقة فى القيادة المصرية، والخبرة المتراكمة لدى مؤسساتنا الوطنية فى التعامل مع الطرفين «حماس وإسرائيل»، مع امتلاك القدرة على التحلى بالصبر على المكاره، والاستعداد بسيناريوهات متعددة تُواكب الألاعيب الإسرائيلية، وتناسب التصرفات الحمساوية، وازدادت جرعة التفاؤل مع تتابع الأنباء عن التقدم الملموس فى المناقشات حول بنود خطة ترامب، وإبداء الطرفين المرونة المناسبة لفريق التفاوض المصرى، ويومًا وراء يوم تصاعد الأمل فى النفوس، واطمأنت القلوب إلى الخبرة المصرية فى محاصرة الحيل الإسرائيلية الهادفة للتهرب من الالتزامات المطلوبة، ولم يعد صوت فى التجمعات العامة والعائلية يعلو على صوت معركة التفاوض، ناهيك عن الدعم الكبير عبر صفحات السوشيال ميديا، وفى غضون أيام قليلة طارت الأنباء حاملة بشائر الانتصار للحق.

وقد لمستُ فرحة الناس بنجاح الإدارة المصرية فى مهمة إنقاذ غزة فى كل مكان، وعلى المستويات كافة، ومع توجهى إلى تغطية قمة شرم الشيخ للسلام توالت ردود الفعل الإيجابية من المواطنين، مع شعور بالفخر والاعتزاز أن الحل النهائى جاء من أرض مصر، فعند التحرك من مؤسستنا العريقة «دار الهلال» بصحبة السيد رئيس مجلس الإدارة عمر أحمد سامى تتابعت أدعية الزملاء والزميلات بأن تتم أحداث القمة فى أفضل صورة، وتخرج بالشكل الذى يليق بمكانة مصر شعبًا وقيادة وحكومة، وأيضًا لدورها التاريخى المشرف لصالح القضية الفلسطينية، وتحملها على مدى أكثر من 700 يوم ما تنوء بحمله الجبال فى مساندة الأشقاء المحاصرين بقطاع غزة من خلال معركة دبلوماسية وسياسية، ومتاعب اقتصادية أرهقت الاقتصاد الوطنى، وفى مقدمتها تراجع إيرادات قناة السويس، وما خفِى كان أعظم.

أما فى مطار القاهرة فقد ردد موظف الاستقبال فور معرفة وجهتى فى السفر «رايح قمة شرم الشيخ.. تحيا مصر»، وحتى ركاب الطائرة عندما شاهدوا فى مطار شرم الشيخ طائرات الوفد الأمريكى التى سبقت ترامب فى الوصول تعالت صيحاتهم وهم سعداء بأن دعوة الرئيس السيسى لنظيره الأمريكى تم قبولها، ولا يفصلنا عن وصوله لقمة شرم الشيخ للسلام إلا ساعات معدودة، وأننا على مرمى حجر من وقف الحرب بتوقيع مصر صاحبة المكان والزمان معًا فى هذا الحدث التاريخى، وهو تقدير مستحق على جهودها المضنية والمتواصلة من أجل السلام العادل، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وكالعادة، دائمًا شرم الشيخ جاهزة لاستضافة الفعاليات الهامة، والمحافل الحاشدة، عنوانها الجمال والنظافة، والمساحات الخضراء صفتها المعروفة، والأمن والأمان فى كل مكان ميزة معلومة فيها، ومنذ اللحظة الأولى لدخولها آمنين وجدت أن المدينة وكأنها تستعد بالفعل منذ شهور أو على الأقل منذ عدة أسابيع انتظارا لهذه القمة العالمية التاريخية، وليس مجرد أيام لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، فأعلام الدول المشاركة تُرفرف فى الميادين والشوارع، وصور القادة تزين الطرقات تحت عنوان صُناع السلام، وفى اليوم التالى توجهنا إلى المركز الدولى للمؤتمرات، فتتابعت مشاهد حسن الترتيبات، واحترافية التحضيرات، ودقة التخطيط، فرجال الأمن واقفون كالوحوش فى أماكنهم، كما أن الشرطة النسائية لا تخطئها عين، تشعر بالأمن التام دون أية مضايقات، وصور الترحيب بضيوف مصر فى كل مكان تحت عبارة «مرحبًا فى أرض السلام»، ولافتات تحمل صور رئيسى القمة، السيسى وترامب مع شعار معبر وهو «معًا من أجل السلام»، وفور دخولنا إلى المركز الصحفى لقمة شرم الشيخ للسلام، وجدنا تنظيمًا رائعًا، فالقاعات متعددة، وتجهيزاتها متكاملة، فلا زحام ولا تخبط، ووفود إعلامية من أكثر من 232 وسيلة إعلامية محلية وإقليمية ودولية، مما يؤكد أهمية تلك القمة الفارقة، ويُذكر هنا أنه رغم كل هذا العدد من الإعلاميين لم تحدث شكوى واحدة، وهو ما شهد به العديد من المراسلين الأجانب.

أما على مستوى القادة والزعماء، فحدِّث ولا حرج عن الكفاءة فى الأداء، والانضباط فى التنفيذ، فلا هفوة من المنظمين، ولا عثرة من المنسقين، ولا تقصير من الجهات المعنية كلها، بل إن روح الفريق كانت العنوان الأبرز، فخرجت القمة فى أفضل صورة، وسارت أعمال القمة بنظام محكم برئاسة الرئيس السيسى، والرئيس ترامب ـ بغض النظر عن بعض تعليقات الرئيس الأمريكى للقادة والرؤساء بجواره على منصة القمة؛ لأنها معتادة منه ـ وشارك فيها رؤساء دول وحكومات كل من الأردن، قطر، الكويت، البحرين، تركيا، إندونيسيا، آذربيجان، فرنسا، قبرص، ألمانيا، المملكة المتحدة، إيطاليا، أسبانيا، اليونان، أرمينيا، المجر، باكستان، كندا، النرويج، العراق، الإمارات، سلطنة عمان، السعودية، اليابان، هولندا، وباراجواي، والهند، بالإضافة إلى كل من سكرتير عام الأمم المتحدة، والأمين العام لجامعة الدول العربية، ورئيس المجلس الأوروبي، ورئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم، ورئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق، هذه المشاركة الضخمة أعطت للقمة زخمًا كبيرًا، بما يصب فى مصلحة الهدف الرئيسى وهو الدعم الدولى الواضح لجهود إنهاء الحرب، ومواصلة الحل العادل للقضية الفلسطينية.

وفى هذا الاتجاه يقول د. مايكل مورجان الإعلامى والباحث فى مركز لندن للدراسات السياسية والاستراتيجية، والذى جاء خصيصًا من واشنطن؛ ليشهد كتابة التاريخ فى شرم الشيخ على حد وصفه، إن قمة شرم الشيخ للسلام حدث تاريخى يؤكد قدرة الدولة المصرية على تحقيق الإنجازات من حيث الزمان والمكان معًا، فهى تنعقد فى توقيت فارق من أجل وقف حرب غزة التى أوجعت ضمير العالم، والقيادة المصرية هنا حاولت بذكاء شديد توظيف الزخم حول جرائم حكومة دولة الاحتلال فى غزة لإيجاد حلول إيقاف الحرب، ثم الدفع نحو حل الدولتين كمبدأ مصرى ثابت لا يتغير ولا يتبدل، ومن ناحية المكان فإن شرم الشيخ لها دلالة عالمية كمدينة للسلام منذ سنوات طويلة، نتيجة لموقعها الجغرافى وتاريخها السياسى، حيث إن معظم المؤتمرات التى تستضيفها مصر، وتتطلب حضورًا دوليًا قويا تكون القبلة دائمًا هى شرم الشيخ، فضلًا عن قربها من منطقة الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، والإعلان عن اتفاق لنهاية الحرب بالقرب من هذه المنطقة له قبول كبير عكس لو تم عقد هذه القمة فى مدينة أو قارة أخرى.

ويضيف أن مصر دولة رائدة فى تنظيم المؤتمرات الخاصة بالمعاهدات الدولية، بحكم أن لها ثقلًا سياسيًا وتاريخيًا وقوة التأثير، بالإضافة إلى القدرات المصرية فى الجاهزية التامة لاستقبال محفل دولى ضخم بهذا الحجم والأهمية، فليس من السهل على دولة أخرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية تنظيم هذا المؤتمر الحاشد فى 3 أيام فقط؛ لأن الطبيعى ألا تقل مدة التحضيرات عن 6 أشهر، لتوفير اللوجستيات اللازمة من مقر يسع هذه الأعداد من المشاركين على كافة المستويات من الوفود الدبلوماسية إلى الفرق الإعلامية، ثم توفير سبل الانتقال والغرف الفندقية وتأشيرات الدخول، والتنسيق مع مكاتب الرؤساء والملوك من بلدان شتى، فهو مجهود جبار وطاقات كبيرة أفرزتها مؤتمرات ومنتديات الشباب، وساهمت فى خلق كوادر مدربة وكفاءات مؤهلة للتعامل مع كل التحديات فى وقت قياسى ومكان محدود.

ويؤكد «د. مورجان» أن من أهم رسائل قمة شرم الشيخ للسلام أن مصر بلد الأمن والأمان، مع الجاهزية الكاملة للتعامل مع السيناريوهات كافة، وأن 13 أكتوبر 2025 يوم تاريخى؛ لأن قمة السلام بشرم الشيخ هى بداية حل الدولتين، وعلى الدول العربية استخدام زخم هذه القمة لمواصلة طريق إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، وضرورة المتابعة فى كل المنتديات الدولية من الأمم المتحدة إلى الاتحاد الأوروبى وجامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات الدولية.

وبلغة الأفعال لا الأقوال، أكدت الدولة المصرية فى قمة شرم الشيخ أنها صانعة السلام، والقادرة على توفير الأجواء المواتية له، والقيام بدور الوسيط النزيه الذى يحظى بقبول جميع الأطراف المعنية، مع رصيد قوى إقليميًّا ودوليًّا يجعل كلمة القاهرة مسموعة، ودعوتها مجابة، ونصائحها مقدرة، وكما غنى المطرب الكبير وديع الصافى من كلمات الشاعر شكرى نصر الله منبهًا العواصم والشعوب العربية، «إذا مصر قالت نعم أيدوها.. وإن أعلنت لاءها فاسمعوها.. فمصـر منـزهة فى الأرب.. فمصـر العـلا وضميـر العـرب»، وبالفعل جسدت القمة هذا المعنى بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ، فقد تعددت المبادرات من دول شتى حول العالم لوقف الحرب، وطُرحت أفكار كثيرة لإنهاء أزمة غزة، وعُرضت سيناريوهات مختلفة، لكنها جميعًا لم تُبارح مكانها على مدى عامين كاملين، رغم أنه كل يوم كانت الأمور تسوء أكثر، والابتعاد عن بوصلة السلام يزداد أكثر، بل إن رقعة الصراع تتسع وتكاد تخرج عن السيطرة بسبب الانفلات الإسرائيلى نتيجة رغبة مجرم الحرب نتنياهو فى البقاء بالسلطة، وخوفه من الخضوع للمحاكمة سواء داخليًّا نتيجة فشل السابع من أكتوبر 2023، أو دوليًّا جزاءً وفاقًا لما ارتكبه من جرائم ضد أهل غزة لإجبارهم على التهجير، من استخدام الغذاء والتجويع الممنهج كسلاح وحتى الوقوع عن عمد فى مستنقع الإبادة الجماعية.

«السلام مصرى»، وانطلاقًا من تلك القناعة واصلت الدولة المصرية بكل مؤسساتها التحرك على المستويات كافة لشهور طويلة، مع دعم شعبى جبار، وتأييد جارف لقرارات الرئيس السيسى لضمان حماية الأمن القومى، مع التصدى لمخططات تصفية القضية الفلسطينية، تمسكت القيادة السياسية بمبدأ حل الدولتين بلا تراجع، مع طرح خطة مصرية شاملة لإنهاء الحرب، وفى نفس الوقت إدارة فلسطينية لقطاع غزة، وبدء إعمار ما تهدم، وإصلاح ما دُمر، وبعد سنتين من الصراع، ها هم قادة العالم يعترفون رسميًّا عبر وثيقة قمة شرم الشيخ للسلام أن الحل المصرى هو الأصح، والرؤية المصرية هى الأصلح، ولابد من انتهاز الفرصة السانحة لوقف الحرب، وبداية مسيرة التفاوض نحو حل الدولتين كضمانة رئيسية وأساسية لاستقرار الشرق الأوسط كله.

وخلال كلمته فى قمة شرم الشيخ للسلام حرص الرئيس السيسى على التأصيل لهذا النهج الواضح، وذلك المبدأ الثابت، عندما قال من الجملة الأولى فور الترحيب بالقادة المشاركين: «فى هذه اللحظة التاريخية الفارقة، التى شهدنا فيها معًا، التوصل لاتفاق شرم الشيخ «لإنهاء الحرب فى غزة»، وميلاد بارقة الأمل، فى أن يغلق هذا الاتفاق، صفحة أليمة فى تاريخ البشرية، ويفتح الباب لعهد جديد من السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط، ويمنح شعوب المنطقة، التى أنهكتها الصراعات، غدًا أفضل»، مضيفًا: «أعيد التأكيد على دعمنا وتطلعنا لتنفيذ هذه الخطة، بما يخلق الأفق السياسى اللازم، لتنفيذ حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد، نحو تحقيق الطموح المشروع للشعبين الفلسطينى والإسرائيلى فى طىّ صفحة الصراع والعيش بأمان.. فلتكن حرب غزة آخر الحروب فى الشرق الأوسط».

ولفت الرئيس السيسى أنظار قادة العالم والرأى العام فى كل البلدان إلى أنه إذا كانت شعوب المنطقة، تنعم جميعها بحقها فى دولها الوطنية المستقلة، فإن الشعب الفلسطينى ليس استثناءً، فهو أيضًا له حق فى أن يقرر مصيره، وأن يتطلع إلى مستقبلٍ لا يُخيم عليه شبح الحرب، وحق فى أن ينعم بالحرية والعيش فى دولته المستقلة، دولة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، فى سلام وأمن واعترافٍ متبادل، إن السلام لا تصنعه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب حين تتيقن أن خصوم الأمس يمكن أن يصبحوا شركاء الغد، ثم توجه الرئيس بحديثه الراقى والإنسانى إلى الشعب الإسرائيلى قائلًا: «فلنجعل هذه اللحظة التاريخية بداية جديدة لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمي، دعونا نتطلع معاً لمستقبل أفضل لأبناء بلادنا معاً، مُدوا أيديكم لنتعاون فى تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة».

وكما تعوَّدنا من الرئيس السيسى أن يسبق الجميع بخطوة، فقد انتقل فى كلمته بحنكة وذكاء إلى المرحلة الثانية من خطة السلام، عندما قال للرئيس ترامب: «نُقدر لكم اهتمامكم باستعادة الحياة فى غزة، وستعمل مصر مع الولايات المتحدة وبالتنسيق مع كافة الشركاء، خلال الأيام القادمة على وضع الأسس المشتركة للمُضى قدماً فى إعادة الإعمار للقطاع دون إبطاء، ونعتزم فى هذا السياق استضافة مؤتمر التعافى المبكر وإعادة الإعمار والتنمية، والذى سيُبنى على خطتكم لإنهاء الحرب فى غزة، وذلك فى سبيل توفير سبل الحياة للفلسطينيين على أرضهم ومنحهم الأمل، فالسلام لا يكتمل إلا حين تمتد اليد للبناء بعد الدمار، وأن هذا الاتفاق يمهد الطريق لتنفيذ كافة مراحل السلام، والوصول إلى تنفيذ حل الدولتين على نحو يضمن رؤيتنا المشتركة فى تجسيد التعاون المشترك بين جميع شعوب المنطقة».

كما أن بيان رئاسة الجمهورية حول نتائج قمة شرم الشيخ للسلام أكد على الإرادة المصرية الراسخة لتكريس مسار السلام فى الشرق الأوسط من خلال إنهاء الحرب فى غزة، والتوصل لتسوية سياسية للقضية الفلسطينية بناء على المبادرة المصرية الأمريكية، وتركيز أعمال القمة على التأييد والدعم المطلق لاتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب فى غزة، والذى تم إبرامه 9 أكتوبر ٢٠٢٥، وبوساطة كل من مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا، وقد ثمَّن القادة المشاركون دور مصر، تحت رعاية الرئيس السيسى، فى قيادة وتنسيق جهود العمل الإنسانى منذ بداية الأزمة، وفى الوساطة إلى أن تم التوصل لاتفاق شرم الشيخ، وأشادوا بالجهود المصرية لعقد القمة، مع أهمية التعاون بين أطراف المجتمع الدولى لتوفير كل السبل من أجل متابعة تنفيذ بنود الاتفاق والحفاظ على استمراريته، بما فى ذلك وقف الحرب فى غزة بصورة شاملة، والتشديد على ضرورة البدء فى التشاور حول سُبل وآليات تنفيذ المراحل المقبلة لخطة الرئيس ترامب للتسوية، بدءًا من المسائل المتعلقة بالحوكمة وتوفير الأمن، وإعادة إعمار قطاع غزة، وانتهاء بالمسار السياسى للتسوية.

ولفت البيان إلى أن مصر غرست نبتة السلام فى المنطقة منذ حوالى نصف قرن، وأنها لن تألو جهداً للحفاظ على الأفق الجديد الذى ولد بمدينة السلام فى شرم الشيخ، وستواصل العمل على معالجة جذور عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط، وعلى رأسها غياب التسوية للقضية الفلسطينية، وصولاً لتحقيق السلام الشامل والعادل، وأن الشعب الفلسطينى عانى كما لم يعانِ شعب آخر على مدار التاريخ الحديث، وتمكن هذا الشعب الشقيق من الصمود والثبات رغم التحديات الجسيمة، وستظل مصر سندًا له، وداعمة لهذا الصمود، ولحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف بما فى ذلك حق تقرير المصير، ولحقه فى العيش بأمان وسلام، مثله مثل باقى شعوب العالم، فى دولة مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، وعلى أرضه بغزة والضفة الغربية بما فى ذلك القدس الشرقية، تحت قيادته الشرعية وعلى خطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧، وفقًا للقانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

كما أن مصر تتطلع لتحقيق السلام، وستتعاون مع الجميع، لبناء شرق أوسط خالٍ من النزاعات، شرق أوسط يتم بناؤه على العدالة والمساواة فى الحقوق، وعلى علاقات حُسن الجوار والتعايش السلمى بين جميع شعوبه بلا استثناء.

أجدنى مدفوعًا بقوة لترديد أغنية «عظيمة يا مصر» والعودة للمطرب الكبير وديع الصافى «عظيمة يا مصر.. يا أرض النعم.. يا مهد الحضارة.. يا بحر الكـرم.. نيلك دا سكر.. جوك معطـــر.. بـــدرك منور بين الأمــم»، فلا جدال أن الدولة المصرية حققت العلامة الكاملة فى قمة شرم الشيخ للسلام، بداية من توالى إشادات القادة الحاضرين بدور مصر فى وقف الحرب، وتخفيف معاناة الفلسطينيين على مدى عامين وصولًا إلى توقيع اتفاق السلام، واعترف بهذا الأداء ترامب عدة مرات بالتأكيد على أن مصر لعبت دورًا بالغ الأهمية فى هذا الاتفاق، والإشادة بالرئيس السيسى كزعيم قوى، وأن الولايات المتحدة ستواصل التعاون معه بشكل دائم، مع استمرار الحوار البنَّاء بين القاهرة وواشنطن خلال المرحلة المقبلة، وأنه سعيد بالتواجد فى مصر بلد الحضارة على مدى آلاف السنين، ثم نجاح القمة فى رسم خارطة السلام عبر حل الدولتين، وتعهد ترامب نفسه مرتين بأن الاتفاق سيصمد، وأن المرحلة الثانية منه بدأت فعلًا، مع دعوة الرئيس السيسى للرؤساء وممثلى المنظمات الدولية المشاركة فى مؤتمر التعافى وإعادة إعمار غزة، فضلًا عن الزخم الدولى حول القمة، وتوجه أنظار كل الحكومات والإعلام الدولى إلى شرم الشيخ مدينة السلام فى أفضل دعاية ممكنة للسياحة المصرية فى ظل جمهورية الأمان، بالإضافة إلى نجاح التنظيم، والاحترافية فى الترتيب.

وفى الختام، من الإنصاف رفع القبعة لعبقرية المفاوض المصرى الذى استطاع بجدارة أن يجمع الفرقاء، وتمكن بكفاءة أن يهزم الصعوبات، ونجح بامتياز فى صناعة السلام، فقد نفذ التكليف الرئاسى بفتح الطرق لاتفاق وقف إطلاق النار، واستجاب للإرادة الشعبية بحماية القضية الفلسطينية، فعزم عزمًا أكيدًا على مواصلة مسيرة المفاوضات، وتخطى العقبات، وعدم الالتفات إلى السخافات من الطرفين حتى يحقق المراد للمصريين، ويجلب السلام للفلسطينيين، فالصبر مفتاح الفرج، وحسن الاحتمال من شيم الرجال، وتحمل المشاق طبائع الشجعان، ومنْ لها إلا المفاوض المصرى نسل الأبطال، وخليفة خيرة المفاوضين فى رحلة تحرير تراب الوطن، وآخرها ملحمة طابا العظيمة.

حمى الله مصر وشعبها وقيادتها 

ومؤسساتها الوطنية من كل سوء

    كلمات البحث
  • مصر
  • السلام
  • العالم
  • الشرق
  • الأوسط

أخبار الساعة

الاكثر قراءة