رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«ملحمة أكتوبر».. صناعة فيلم «النصر الكامل»


3-10-2025 | 16:32

.

طباعة
تحقيق: سما الشافعى

مع اقتراب كل ذكرى لانتصارات السادس من أكتوبر، يتجدد النقاش فى الأوساط الفنية والثقافية حول غياب فيلم سينمائى ملحمى يروى تفاصيل العبور العظيم، ويقدم للأجيال الجديدة صورة واقعية عن بطولات الجيش المصرى فى تلك الملحمة التاريخية؛ ليعود السؤال الذى يشغل الجمهور والنقاد: متى سنشاهد فيلمًا روائيًا ملحميًا يروى تفاصيل العبور العظيم ويخلد بطولات الجنود كما ينبغى؟.. وهذا السؤال لا يعبّر فقط عن الحنين إلى الماضى، بل يعكس رغبة عميقة لدى الجمهور والنقاد والسينمائيين فى عرض تاريخهم من خلال عمل فنى ضخم حديث يليق بملحمة العبور وينافس الأفلام العالمية فى الجودة والإبهار.

 

الفنان أحمد عز، قال أتمنى تقديم عمل عن أكتوبر بحجم الإنتاج العالمي، والجمهور المصرى والعربى مستعد لدعم مثل هذا المشروع، وشخصيًا لن أتردد عن المشاركة فى عمل ملحمى حديث يوثق تفاصيل يوم العبور إذا توفر النص الجيد.

«عز»، أعرب عن تمنيه أن يترك خلفه إرثا سينمائيا ذا قيمة، حيث إيمانه الشديد بضرورة تقديم الفنان لأعمال هادفة ووطنية لأن أحيانا يكون دور الفنان الوطنى مثل دور الجندى الذى يحمل سلاحاً ليحافظ على أرض الوطن.

وأضاف لـ«المصور»: حرب أكتوبر ليست مجرد ذكرى تاريخية، لكنها ملحمة لابد أن يتم توثيقها بفيلم عالمى بحجمها الحقيقي، وتجربة «الممر» علمتنا أن الجمهور كان ولا يزال مُتعطشا لهذه الأعمال، ونجاح الفيلم دليل على أن الجمهور المصرى يريد رؤية قصص هؤلاء الأبطال على الشاشة، وشخصيًا إذا وجدت النص الصحيح والإنتاج الكبير الذى سيجعلنا ننافس أفلام هوليوود سأكون أول المشاركين به، والفيلم لابد أن يُكتب بدقة، وأن يعتمد على شهادات حقيقية من الجنود والقادة؛ لكى يقدم الرسالة المطلوبة للأجيال الجديدة ويعلمهم معنى التضحية والانتماء.

«عز» شدد على أن «العمل عن حرب أكتوبر ليست مسئولية منتج واحد أو شركة خاصة، لكنه مشروع قومى لابد للدولة أن تدعمه، ونحن هنا نتحدث عن شيء يحتاج دبابات وطائرات ومواقع حقيقية على القناة، وهذا لا يحدث إلا بتعاون بين الدولة والقطاع الخاص، والجمهور لن يدخل  الفيلم لأجل التسلية فقط، لكنهم يدخلون الفيلم  لأجل الشعور بالفخر ومعرفة التاريخ».

الفنان أمير كرارة قال إن: حرب أكتوبر هى أعظم معركة فى تاريخنا الحديث، ولا بد أن تروى بطريقة تليق بها على الشاشة الكبيرة، ولا يكفى أن نظل نشاهد الأفلام القديمة أو الوثائقيات، بل أرى أن الجيل الجديد يحتاج أن يرى معركة العبور بواقعية وبأحدث تقنيات التصوير حتى يعيش اللحظة ويتعلم معنى التضحية والانتماء.

وأضاف «كرارة»: تجربة فيلم «الممر» كانت مهمة جدًا، وأثبتت أن الجمهور ما زال مُتعطشا للأعمال الوطنية، لكننا ما زلنا ننتظر العمل الذى يروى تفاصيل العبور نفسه، وإذا توافر السيناريو الجيد والإنتاج القوى فأنا مستعد أن أشارك حتى لو تطلب الأمر تدريبات عسكرية طويلة أو تصويرا فى ظروف صعبة، هذا ليس مجرد فيلم، بل رسالة نتركها للأجيال القادمة.

وأشار إلى وجود محاولات جادة من بعض المنتجين لإطلاق مشروع بهذا الحجم، مضيفًا أن «هذا العمل الملحمى الوطنى الضخم يحتاج دعمًا رسميًا ولوجستيًا، وهذه النوعية من الأفلام تتطلب تمويلًا ضخمًا ومشاركة جهات الدولة لتوفير المعدات العسكرية ومواقع التصوير، لكنى متفائل أننا سنرى قريبًا عملًا يليق بحجم هذا الحدث، ونريد أن يعرف المشاهد كيف كان الجندى البسيط يقاتل من أجل الأرض والعرض، وكيف كان ينتظر رسالة من أهله فى الخندق، وكيف ضحى بحياته من أجل النصر، وكل هذه التفاصيل الإنسانية هى ما سيجعل الفيلم قريبًا من الناس».

فى حين قال المخرج الكبير شريف عرفة أى عمل عن حرب أكتوبر يجب أن يكون مشروعًا وطنيًا متكامل الأركان، ويحتاج إلى دراسة عميقة وتخطيط دقيق قبل أن يرى النور، وفيلم عن حرب أكتوبر لا يمكن أن يكون عملًا عابرًا، بل مشروع دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بل نحن نتحدث عن عمل يحتاج إلى سنوات من التحضير، بداية من كتابة سيناريو دقيق يوازن بين الحقائق التاريخية والدراما الإنسانية، وصولًا إلى التحضيرات اللوجستية وتقنيات التصوير التى تجعل المشاهد يعيش المعركة وكأنه على الجبهة، ومشاهد العبور وحدها تتطلب إعدادًا ضخمًا، مثل المئات من المجاميع، والمعدات العسكرية الحقيقية، فضلا عن مواقع تصوير مطابقة للواقع، ومؤثرات بصرية عالية الجودة، وإذا كنا سنقدّم فيلمًا عن أكتوبر، فيجب أن يكون على مستوى عالمى ينافس الأفلام الحربية التى تنتجها هوليوود، فالمطلوب هنا ليس مجرد إعادة سرد التاريخ، بل تقديم تجربة إنسانية كاملة، فنحن نحتاج إلى أن نروى قصص الجنود البسطاء، الضباط، الممرضات، وحتى العائلات التى كانت تنتظر خبر النصر فى منازلها، هذه التفاصيل الإنسانية هى ما سيجعل الفيلم قريبًا من الجمهور ويؤثر فيهم.

وأكد «عرفة» أن «إنتاج فيلم بهذه الضخامة يتطلب إرادة حقيقية وتعاونًا كبيرًا، ولن ينجح عمل ملحمى عن حرب أكتوبر ويوم العبور، من دون دعم رسمى قوى يوفّر المعدات، ويتيح مواقع التصوير، ويدعم الإنتاج على كل المستويات، بل يجب أن تتوافر ميزانية تسمح باستخدام أحدث تقنيات المؤثرات البصرية والديكورات حتى نضمن عملًا يليق بالحدث التاريخى ويظل علامة فارقة فى تاريخ السينما العربية، وحرب أكتوبر ملحمة يجب أن تُروى للعالم بأسره بالصورة التى تليق بمصر وجيشها، وإذا تكاتفنا كصناع سينما ووجدنا الدعم اللازم، فسوف نصنع فيلمًا سيبقى خالدًا للأجيال القادمة ويضع السينما المصرية فى مكانتها المستحقة عالميًا».

أما الناقد الفنى محمد عبد الرحمن فقال إن: تاريخ السينما المصرية مع حرب أكتوبر حافل بمحاولات جادة مثل فيلم «العمر لحظة»، الذى تناول مأساة الحرب من خلال قصة صحفية على الجبهة، وفيلم «الوفاء العظيم» الذى جمع بين قصص الحب والتضحية فى ظل أجواء القتال، وفيلم «أبناء الصمت» الذى ظل لعقود عديدة أيقونة للأفلام الحربية المصرية، لكن أغلب هذه الأفلام كانت إنتاجًا سريعًا ومحدود الميزانية، ما جعلها تفتقد للمستوى الملحمى الذى ينتظره الجمهور اليوم، حتى جاء فيلم «الممر» ليعيد الأضواء إلى الأفلام الحربية بعد سنوات طويلة، حيث تناول مرحلة حرب الاستنزاف بميزانية كبيرة وإنتاج متقن، واستطاع أن يحشد الجمهور ويعيد الثقة فى قدرة السينما المصرية على تقديم أعمال حربية قوية، لكنه لم يتناول معركة العبور نفسها، وهو ما ترك الباب مفتوحًا أمام المطالبة بعمل أكثر شمولاً.

«عبد الرحمن»، أضاف: أننا بحاجة ماسة إلى فيلم حديث عن يوم العبور للرد على المزاعم التى تحاول إسرائيل الترويج لها فى أفلامها ووثائقياتها، وأضاف أن الشئون المعنوية تمتلك مادة فيلمية وأرشيفية هائلة يمكن أن تشكل أساسًا لعمل عالمى إذا استُثمرت هذا بالشكل الصحيح.

من جانبه، أكد الناقد الفني، طارق الشناوي، أن «مصر تمتلك مخرجين كبارا مثل شريف عرفة ومروان حامد الذين لديهم القدرة على تقديم عمل ملحمى عن يوم العبور بميزانية ضخمة، لكن هذا المشروع يحتاج إلى رؤية إنتاجية وتسويقية عالمية وخطة ترويج مدروسة حتى يصل إلى المهرجانات الدولية ويحقق التأثير المطلوب».

وإلى جانب ما سبق، تابعت «المصور» رأى الجمهور المصرى حول إنتاج فيلم ملحمى عن حرب أكتوبر، ووجدت أنه بدوره يعبر فى كل عام عن رغبته فى رؤية فيلم ملحمى عن أكتوبر، وتتصدر مواقع التواصل الاجتماعى آراء تطالب بإنتاج عمل يليق بتاريخنا، فى استطلاعات رأى عديدة أجرتها بعض الصفحات المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي،  جاءت آراء معظم الجمهور المشاركين فى الاستطلاعات بأنهم على استعداد لحضور فيلم عن أكتوبر فى السينما أكثر من مرة إذا كان بجودة عالية ويقدم صورة واقعية للمعركة، وهذا الحماس الشعبى يمثل ضمانة مبدئية لنجاح الفيلم جماهيريًا. وفى الذكرى الـ 52  لانتصارات حرب أكتوبر رصدت «المصور»، بعض أفلام السينما التى وثقت  بطولات وتضحيات جنودنا البواسل فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة.

«أبناء الصمت» 

عُرض فيلم «أبناء الصمت»، فى الذكرى الأولى لمعركة العبور، وهو يعتبر أول الأفلام المقدمة عن نصر أكتوبر 1973، وكان هدفه تخليد السينما المصرية لانتصارات أكتوبر فى أذهان المصريين، وهو من إخراج المخرج الكبير محمد راضى، وبطولة الفنانين، نور الشريف، مديحة كامل، مرفت أمين، أحمد زكى، محمد صبحى، محمود مرسى،  ومن المعروف أن الكاتب الروائى مجيد طوبيا مؤلف «أبناء الصمت»، حصل على وسام العلوم والفنون عام 1979 وله مجموعة قصصية وروايات وسيناريوهات تشهد على إبداعه الأدبى .

«الرصاصة لا تزال فى جيبى» 

يعتبر فيلم «الرصاصة لا تزال فى جيبي» واحدا من أهم الأعمال الذى يرصد تفاصيل حرب أكتوبر ومعاناة الجندى المصرى خلال هذه الحرب حتى حقق هذا الانتصار، والتى دعمته القوات المسلحة المصرية وساعدت رمسيس نجيب فى هذا العمل، سواء كان بإعطائهم غالبية المشاهد الحقيقية أو منحهم أسلحة ودبابات أو جنودا حقيقيين ممن عبروا القناة بالفعل، فضلا عن وجود ألغام فى الأرض الحقيقية، مما تسبب فى وفاة عاملين بالفيلم  أثناء التصوير بسببها، كما تم إعادة تصوير مشهد العبور والوصول لخط بارليف أكثر من 4 مرات، ليخرج الفيلم إلى النور فى أسرع وقت، حيث استغرق تصوير الفيلم نحو مائتى يوم متواصلة، وذلك كان وفقا لرواية المؤرخ السينمائى محمود شوقي.

«الرصاصة لا تزال فى جيبى» إنتاج رمسيس نجيب عام 1974، ومن بطولة محمود ياسين، سعيد صالح، حسين فهمى، صلاح السعدنى، نجوى إبراهيم ومن تأليف: إحسان عبد القدوس، ومن إخراج حسام الدين مصطفى .

وضمن الأعمال السينمائية الهامة التى ناقشت فترة انتصارات أكتوبر فيلم «حتى آخر العمر»، الذى كتب قصته الكاتب الكبير يوسف السباعي، وقام بإنتاج الفيلم أيضا رمسيس نجيب فى عام 1975 أى بعد الحرب بعامين، الذى كان متحمسا لتوثيق تلك الفترة الهامة من تاريخ مصر،  وبالفعل حقق نجاحا باهرا فى دور العرض السينمائي.

«حتى آخر العمر»، من بطولة محمود عبد العزيز ونجوى إبراهيم وعمر خورشيد وعماد حمدى وسعيد صالح، ومن إنتاج رمسيس نجيب ومن تأليف يوسف السباعى ومن إخراج أشرف فهمى.

وارتبط المشاهد خلال عرض فيلم «العمر لحظة» فى عام 1978 بحرب أكتوبر عاطفيًا وإنسانيًا بشكل كبير، ولأن هذا الفيلم كان يرصد ويؤرخ الجانب الإنسانى للجنود ومصابى الحرب وقت النكسة والانتصار، ليؤكد على المشاهد أن حرب أكتوبر كانت ضرورية لاسترداد كرامة المصريين وتعافيهم مما حدث لهم فى النكسة وحرب الاستنزاف . «العمر لحظة» من بطولة وإنتاج  الفنانة ماجدة، وشاركها البطولة محمد خيرى، أحمد مظهر، ناهد شريف، نبيلة عبيد، أحمد زكى ومن تأليف يوسف السباعى؛ حيث توفى قبل تحويل روايته «العمر لحظة» إلى فيلم من إخراج محمد راضى .

ومن أكثر الأفلام التى ناقشت فترة حرب أكتوبر بتفاصيلها الصغيرة هو فيلم «الصعود إلى الهاوية» والذى تم إنتاجه عام 1978، حيث تدور أحداث الفيلم عن قصة حقيقية فى عالم الجاسوسية لجاسوسة حقيقية فى هذا الوقت، وتعتبر أخطر جاسوسة مصرية خدمت الموساد عام 1973، وكانت تدعى هبة سليم، حيث أوقع بها ضابط المخابرات العامة، رفعت جبريل، ليتم وقوع الحكم عليها بالإعدام شنقا، لتتناول أحداث الفيلم تفاصيل حقيقية حول عالم المخابرات والجاسوسية فى فترة صعبة كانت تمر بها مصر من قبل العدو الإسرائيلى، وجسدت دور الجاسوسة، هبة  سليم الفنانة الراحلة مديحة كامل، ونالت عليه الكثير من الجوائز فى معظم مهرجانات وفعاليات السينما كأحسن ممثلة نجحت نجاحا منقطع النظير.

«الصعود إلى الهاوية» من بطولة مديحة كامل ومحمود ياسين وجميل راتب وقصة وسيناريو وحوار صالح مرسى وماهر عبد الحميد ومن إنتاج آمون للإنتاج السينمائى ومن إخراج كمال الشيخ .

وفى تاريخ السينما الحديث ارتبط المصريون مع ذكرى السادس من أكتوبر وحرب الاستنزاف،  بفيلم «الممر» الذى تم عرضه منذ 5 سنوات وربط بين الجنود الأصليين فى حرب الاستنزاف ومعركة العبور ونجوم الفيلم  ليرتبط الجيل الجديد من الأطفال والشباب مرة أخرى بالأعمال الوطنية ليدركوا قيمة الأرض وانتصارات أكتوبر، ويصبح فيلم الممر من أكثر الأعمال تأثيرا فى وجدان الأطفال والشباب حاليا الذى وثق فترة صعبة فى تاريخ مصر انتهت بالانتصار واسترداد الأرض والكرامة، حيث كان يدور الفيلم حول تفاصيل دقيقة فى حياة أبطال القوات المسلحة وقوات الصاعقة المصرية على الجبهة والمعارك التى خاضوها خلال حرب الاستنزاف التى مهدت لحرب أكتوبر.

 
 
 
 

الاكثر قراءة