أكد خبراء أردنيون أن قمة الدوحة العربية الإسلامية الطارئة شكلت محطة استثنائية في مسار القمم العربية، سواء من حيث الزخم الدبلوماسي أو حدة الخطاب السياسي تجاه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، مشددين على أن مصر والأردن لعبا دورا محوريا من خلال مواقف السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والتي تلاقت عند الدفاع عن الحقوق الفلسطينية ورفض المخططات الإسرائيلية.
وأوضح الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور نضال أبوزيد- في تصريحات لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، اليوم /الثلاثاء/- أن القمة جاءت مختلفة عن سابقاتها، من حيث قوة البيان الختامي وحدة الخطاب الإعلامي والسياسي تجاه الاحتلال. وأضاف: "انعقاد القمة جاء في لحظة إقليمية حساسة، إذ تسعى إسرائيل– عبر حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف – إلى تكريس مشاريع صهيونية توراتية تحت مظلة ما يسمى مشروع (إسرائيل الكبرى)، وهو ما استدعى وقفة عربية موحدة لتشكيل حائط صد لهذه التوجهات".
واعتبر أبوزيد، أن حضور السيد الرئيس السيسي منح القمة زخما خاصا لما تمثله مصر من ثقل بشري وعسكري، مشيرا إلى أن كلمة الملك عبدالله الثاني ركزت على خطورة التمدد الإسرائيلي وتهديداته للأمن والاستقرار الإقليمي، مع تسمية الأمور بمسمياتها عبر تحميل حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة المسؤولية المباشرة عن التصعيد، لافتا إلى أن مشاركة الرئيس الإيراني شكلت بدورها "عاملا لافتا في تخفيف حدة التوتر العربي–الإيراني".
ولفت إلى أن ارتفاع حدة الخطاب الإعلامي والسياسي للقادة العرب في القمة جاء في إطار ما يمكن تسميته "التخشين الدبلوماسي والإعلامي"، أي استخدام لغة أكثر صرامة تجاه الاحتلال الإسرائيلي بما قد يسهم في كبح جماح اندفاعه العسكري.
وتابع: "إسرائيل وصلت إلى درجة تعرف بالـ (هستيريا العسكرية) التي تصل لها الدول في العرف العسكري عندما تفقد القدرة على إدارة الأهداف، ونتنياهو فقد القدرة على ضبط بوصلة أهدافه في غزة، لم يعد قادرا على الحسم، وهناك انسداد في الأفق العسكري واستعصاء في العمل الدبلوماسي، لذلك استعان بالجانب الأمريكي، حيث زار قطبي السياسة الأمريكية وزير الخارجية روبيو وقائد القيادة الوسطى الأميرال براد كوبر تل أبيب لدعم إسرائيل، وهو ما يظهر محاولة الإدارة الأمريكية خلق موقف مساند في مواجهة الموقف العربي الإسلامي الذي ظهر في القمة العربية".
وأضاف أبوزيد، أن "وجود قطبي العسكرة والسياسة الأمريكية في المنطقة قبل انعقاد القمة كان مؤشرا على أن واشنطن دفعت بثقلها العسكري والسياسي لاحتواء الموقف العربي وضبط بوصلته نحو عدم التصعيد تجاه إسرائيل، والمحافظة على تصعيد منضبط يمكن إعادة الاستثمار به دبلوماسيا في المخطط الأمريكي للمنطقة".
وأكد أن "قطر لن تنسحب من الوساطة، بل ستبقى في مسارها التفاوضي، خصوصا بعد الإشادات الأمريكية مؤخرا بدورها كوسيط فعال"، لافتا إلى أن "ما بعد القمة قد يشهد مرحلة مقايضات سياسية بين الأطراف، في ظل قناعة أمريكية وإسرائيلية بأن الحسم العسكري في غزة بات مستحيلا ومكلفا للغاية".
من جانبه.. رأى الخبير السياسي عمر الرداد، أن الموقفين المصري والأردني تميزا بقدر كبير من الانسجام والتكامل، قائلا "منذ السابع من أكتوبر، حرصت القاهرة وعمان على الدعوة لوقف الحرب في غزة ووضع حد للانتهاكات في الضفة الغربية، والتأكيد على أن الحل العادل يمر فقط عبر دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وقال إن مصر والأردن يشكلان "خط الدفاع الأول" في مواجهة المخططات الإسرائيلية لتهجير سكان الضفة وغزة، وأن خطابي السيد الرئيس السيسي والملك عبدالله عبرا بوضوح عن قناعة مشتركة بعدم وجود شريك إسرائيلي جاد في السلام، في ظل قيادة يمينية متطرفة تستثمر حالة الصمت الدولي.
وأكد الرداد أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التنسيق المصري–الأردني بهدف نقل الموقف العربي الموحد إلى الساحة الدولية، مع الانفتاح على جهود الدول الخليجية بقيادة المملكة العربية السعودية لدعم هذا التوجه.
أما الدكتور خالد الشنيكات رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، فقد شدد على أن البيان الختامي حمل خصوصية تتناسب مع الظرف الاستثنائي الراهن، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطر، حيث حرص الزعماء العرب – وفي مقدمتهم السيد الرئيس السيسي والملك عبدالله – على التعبير عن التضامن مع الدوحة.
وأشار الشنيكات إلى أن البيان تطرق إلى قضايا الأمن العربي المشترك، ورفض العدوان، والتحذير من خطورة جر المنطقة إلى حالة فوضى وعدم استقرار بفعل السياسات الإسرائيلية.
وأكد أن "البيان بحاجة إلى لجان فنية لتنفيذ القرارات، خصوصا ما يتعلق بتفعيل الأمن العربي المشترك سياسيا وعسكريا"، موضحا أن مقترحات مثل "الناتو العربي" ما زالت تحتاج إلى توافقات أوسع.
ولفت إلى أن استمرار تهديدات حكومة اليمين الإسرائيلي يفرض على الدول العربية التحرك بشكل موحد، لأن المواجهة المنفردة – كما هو حال مصر والأردن – تجعلها عرضة لضغوط مباشرة، خصوصا في ما يتعلق بمخططات التهجير.