«السلم والثعبان2».. خطوة سينمائية كبيرة فى مسيرة النجم عمرو يوسف الفنية، وهى واحدة من أكثر تجاربه الفنية حساسية وجرأة، عبر شخصية مُركّبة تتأرجح بين القوة والانكسار، وتضع صاحبها فى مواجهة مباشرة مع ذاته، لا سيما أن الفيلم تجربة سينمائية تُراهن على العمق الإنسانى وتغوص فى تعقيدات العلاقات البشرية، برؤية معاصرة تُعيد طرح الأسئلة القديمة حول الحب، والاختيار، والخسارة، دون الوقوع فى فخ الاستنساخ أو الاتكاء على نجاح الماضى.
«المصور»، التقت «عمرو» ليتحدث عن كواليس العمل، وصعوبات التصوير، والتحديات الإنتاجية، والضغوط النفسية، وتأثير الفيلم عليه إنسانيًا وشخصيًا، كما يكشف رؤيته للسينما اليوم، وحدود التوازن بين الفن والحياة الخاصة.. وكان الحوار التالى:
ما السبب الذى جعلك تقرر المشاركة فى فيلم «السلم والثعبان 2»، خاصة أنّ العمل الأصلى يُعد من العلامات الفارقة فى السينما المصرية؟
القرار لم يكن سهلًا على الإطلاق، وفيلم «السلم والثعبان» الأصلى محفور فى ذاكرة جيل كامل، وأى اقتراب منه يحمل مخاطرة كبيرة، لكن ما طمأننى أنّ المشروع لا يسعى لإعادة إنتاج التجربة القديمة، بل لتقديم رؤية جديدة تمامًا، تناسب تحوّلات المجتمع والإنسان اليوم، وشعرت أنّنا لا ننافس الماضى، بل نتحاور معه.
هل كان للشخصية التى تجسدها فى الفيلم دور فى حسم قرارك بالمشاركة؟
بالفعل.. أكثر ما جذبنى أنّها شخصية غير مُصنّفة، لا يمكن وصفها بالطيبة المطلقة أو السوء المطلق، بل إنه إنسان يُخطئ ويُصيب، يتردّد، ينهزم، ثم يحاول الوقوف مجددًا، و هذه هى المنطقة الرمادية، الأكثر صدقًا، وهى التى تُشبهنا جميعًا.
كيف كانت استعداداتك لتقديم الشخصية؟
التحضير النفسى كان الأصعب، قضيت وقتًا طويلًا فى بناء تاريخ داخلى للشخصية، وفهم أسباب قراراتها، حتى الخاطئة منها، واستعنت بمدرب تمثيل، وناقشنا كثيرًا فكرة الشعور بالذنب، والخوف من الفقد، وتأثير العلاقات السابقة على الحاضر، و أردت أن أصل إلى اللحظة التى أشعر فيها أنّنى لا أمثّل، بل أعيش.
ما أصعب اللحظات التى واجهتك أثناء التصوير؟
هناك مشاهد عديدة كانت مُرهقة نفسيًا أكثر من كونها جسديًا، وبعض المشاهد احتاجت إلى استدعاء مشاعر مؤلمة واستعنت فيها بطيب نفسى، وهذه المشاهد تم تصويرها أكثر من مرة، وهذا ما جعل الحفاظ على نفس الصدق أمرًا شاقًا، بالإضافة إلى ذلك، و صوّرنا فى أماكن حقيقية مزدحمة، وأحيانًا فى ساعات متأخرة من الليل، وهو ما تطلّب تركيزًا مضاعفًا.
هل أثّر ذلك عليك بعد انتهاء التصوير اليومى؟
نعم، كنت أعود إلى المنزل وأنا مُنهك نفسيًا، وهناك أيام عديدة كنت أحتاج فيها إلى صمت تام، لا سيما أن هذا النوع من الأعمال لا ينتهى بانتهاء التصوير، بل يظل عالقًا داخلك لبعض الوقت.
كيف ترى التحديات التى واجهت العمل خاصة مع ضخامة الإنتاج؟
الفيلم دقيق جدًا من حيث التفاصيل، سواء فى الصورة أو الإيقاع أو الأداء، والحفاظ على هذه الجودة كان تحديًا إنتاجيًا حقيقيًا، خاصة مع ضيق الوقت أحيانًا، لكن المنتج كان داعمًا للرؤية الفنية، ولم نشعر بضغط يُجبرنا على تقديم تنازلات تضر بالعمل.
بصراحة.. هل شعرت بقلق من تأثير هذه التحديات على النتيجة النهائية؟
القلق موجود دائمًا، لكنه كان قلقًا إيجابيًا، بل إننا كنا نراجع كل مشهد بدقة، ونتناقش كثيرًا قبل اعتماده، وهذا الحرص هو ما يمنحنى الثقة فى الفيلم.
بعد انتهاء التصوير وعرض الفيلم.. ماذا ترك الفيلم داخلك؟
ترك أسئلة كثيرة، الفيلم يجعلك تُعيد التفكير فى علاقاتك، وفى اختياراتك، وفى فكرة التمسك أو الرحيل، بل جعلنى أُدرك أنّ بعض الخسارات ضرورية، حتى لو كانت مؤلمة، وأنّ الإنسان أحيانًا يكون مضطرًا لمواجهة نفسه بصدق.
كيف تحافظ على التوازن بين حياتك الفنية والشخصية؟
أحاول دائمًا أن أتذكّر أنّ النجاح الحقيقى لا يقتصر على العمل فقط، فأسرتى تمثّل نقطة الاتزان فى حياتى، بل أحرص على قضاء وقت حقيقى معهم، وبعيدًا عن ضغوط التصوير، وهذا التوازن هو ما يمنحنى القدرة على الاستمرار.
هل تؤثّر الأدوار النفسية الثقيلة على حياتك العائلية؟
فى البداية كانت تؤثّر، لكن مع الخبرة تعلّمت كيف أترك الشخصية خارج المنزل، وليس الأمر سهلًا دائمًا، لكنّه ضرورى للحفاظ على سلامى النفسى.
فى ظل انتشار الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى.. كيف يتعامل عمرو يوسف مع ما يُثار حوله باستمرار؟
الشائعات أصبحت جزءًا من المشهد العام، ليس للفنانين فقط، بل لكل شخصية عامة. فى البداية كانت تُسبّب لى انزعاجًا، لكن مع الوقت أدركت أن الانشغال بالرد عليها يضيع طاقة كبيرة دون جدوى، وتعلّمت أن أُركّز على عملى فقط، لأنّ العمل الجيّد هو الردّ الحقيقى والأبقى.
إلى أى مدى تؤثّر هذه الشائعات على اختياراتك الفنية؟
إطلاقًا، بل اختياراتى نابعة من قناعتى الفنية، وليس من محاولات إرضاء الرأى العام أو الرد على كلام متداول، الفنان إذا سمح للشائعات بأن تقوده، سيفقد بوصلته سريعًا.
كيف ترى تأثير السوشيال ميديا على صورة الفنان اليوم؟
السوشيال ميديا سلاح ذو حدّين، قرّبت الفنان من الجمهور، لكنها فى الوقت نفسه خلقت حالة من الحكم السريع والقاسى، أؤمن أن الفنان يجب أن يكون حاضرًا بوعيه، لا أسيرًا لها.
قدّمت أعمالًا ناجحة فى السينما والدراما.. أيهما أقرب إليك؟
لكلٍ منهما سحره الخاص، بل إن السينما تجربة مكثّفة وعميقة، تعتمد على التفاصيل الصغيرة واللحظات الصامتة، أمّا الدراما فهى رحلة طويلة مع الشخصية، تمنحك وقتًا أكبر للتطوّر والتدرّج. لا أستطيع تفضيل أحدهما على الآخر.
هل ترى اختلافًا فى طبيعة التحديات بين المجالين؟
بالتأكيد، أن السينما لا ترحم أى خطأ، لأنّ كل مشهد محسوب بدقّة، وبينما الدراما تتطلّب نفسًا طويلًا وقدرة على الحفاظ على مستوى الأداء عبر حلقات كثيرة، التحدّى فى كليهما مختلف، لكنه ممتع.
كيف ترى مستقبل السينما فى ظل الانتشار الكبير للدراما والمنصّات الرقمية؟
لا أؤمن بفكرة اختفاء السينما، قد تتغيّر أدواتها، لكن سحر الشاشة الكبيرة سيظل موجودًا، والمهم أن نُقدّم محتوى حقيقيًا يحترم عقل المشاهد، سواء فى السينما أو الدراما.
ماذا عن رؤيتك للسينما المصرية فى الوقت الحالى؟
أراها فى مرحلة بحث حقيقية، فهناك رغبة واضحة فى التجديد، ومحاولات جادة لتقديم محتوى أكثر عمقًا، الجمهور أصبح أكثر وعيًا ولم يعد يقبل السطحية بسهولة، وهذا يضع على عاتقنا مسؤولية أكبر.
بما أن قصة «السلم والثعبان 2» تناقش الحياة الروتينية بعد الزواج.. كنت قد ذكرت فى أكثر من مناسبة أن الزواج كان قرارًا مفصليًا فى حياتك.. كيف انعكس هذا القرار على مسارك الشخصى والمهنى؟
بالفعل، الزواج كان أكثر قرار غيّر مجرى حياتى، ليس فقط على المستوى الشخصى، بل على مستوى رؤيتى للحياة بشكل عام، وحياتى مع كندة علوش لا تقوم على الشكل التقليدى للعلاقة الزوجية، بل هى شراكة حقيقية قائمة على التعاون والتفاهم، ونحن نساند بعضنا البعض فى قراراتنا الشخصية والمهنية، ونتشارك الرؤية نفسها تجاه الأسرة والعمل، وهو ما يمنحنى قدرًا كبيرًا من الاستقرار والدعم.
وما الأسس التى تقوم عليها هذه الشراكة بينك وبين كندة علوش؟
العلاقة بيننا تقوم فى الأساس على الحوار المفتوح والصدق الكامل، نحن نحرص دائمًا على النقاش والتفاهم قبل اتخاذ أى قرار، وهذا ما جعل حياتنا المشتركة قائمة على الثقة والدعم المتبادل، وأؤمن أن أى علاقة ناجحة لا بد أن تكون مبنية على الوضوح والتفاهم الحقيقى.
بعيدًا عن الحياة الزوجية والمشكلات العائلية التى ناقشها الفيلم.. كيف تصف علاقتك بابنتك «حياة»؟
علاقتى بابنتى «حياة» أقرب ما تكون إلى الصداقة أكثر منها علاقة أبوة تقليدية، وهى «حبيبة قلب أبوها» بالفعل، وقريبة منى جدًا، ودائمًا أحرص على أن أشعرها بالأمان والحب، وحياتنا مليئة بالضحك واللحظات البسيطة التى تصنع فارقًا كبيرًا.
هل تتعامل معها بحزم فى التربية.. أم تفضل أسلوبًا مختلفًا؟
لا ألجأ إلى العقاب المباشر أبدًا، وأترك هذا الدور لوالدتها، وأفضّل أن أبقى فى صورة الأب القريب واللطيف، أو كما أقول دائمًا: «الأب اللذيذ مع أولاده»، وابنتى حياة شديدة الغيرة عليّ، وهو أمر لطيف يعكس قوة الصداقة والرابط بيننا، لكن فى النهاية التربية مسئولية مشتركة، وكل منا يعرف دوره جيدًا.
ما رسالتك الأخيرة للجمهور قبل مشاهدة الفيلم؟
أتمنى أن يشاهد الجمهور الفيلم بعين مفتوحة وقلب صادق، دون مقارنات مسبقة بالجزء الأول، خاصة أن «السلم والثعبان 2» الجزء الثانى ليس فيلم إجابات، بل فيلم أسئلة، وإذا خرج المشاهد وهو يفكّر، فهذا أعظم نجاح بالنسبة لى.