رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

بعد تخفيض تمويل المدارس.. ترامب يتخلى عن الطلاب الفقراء


6-9-2025 | 15:35

.

طباعة
تقرير: يمنى الحديدى

قرار صادم جديد من شلالات قرارات ترامب ومقترحاته منذ توليه الرئاسة الحالية، لكن هذه المرة يخص الداخل الأمريكي، بل صميم المجتمع الأمريكي، وهو تخفيض برامج الرعاية بشكل عام، وعلى رأسها تخفيض التمويل الفيدرالي للمدارس الحكومية بأمريكا، مما يضع الطلاب الفقراء فى مهب الريح.

يُعَد التعليم في الولايات المتحدة من الأنظمة المعقدة نسبيًا، حيث يخضع لسلطة مشتركة بين المدينة والولاية والحكومة الفيدرالية. وتساهم الحكومة الفيدرالية بشكل كبير عبر الأموال المخصصة للمدارس في تطوير بنيتها التحتية، ولا سيما خدمات الإنترنت وتغذية الأطفال، بالإضافة إلى برامج دعم الأطفال ذوي الإعاقة. وتختلف هذه المساهمات من منطقة لأخرى بحسب معدلات الفقر، لكنها عمومًا كانت محدودة نسبيًا، ومع ذلك تعتمد عليها المدارس بشكل أو بآخر.

لذلك، فإن قرار قطع هذه الأموال أو حتى تقليلها يمثل ضربة قوية للمدارس، خصوصًا تلك الموجودة في المناطق النائية حيث يوجد عدد قليل من السكان الأثرياء مقابل نحو 70 فى المائة من الطلاب الفقراء. وغالبًا ما تكون هذه المناطق ذات أغلبية جمهورية. وبالنسبة لها، تُعَد الأموال الفيدرالية شريان حياة، إذ تغذي أيضًا برامج ما بعد المدرسة ونوادي الروبوتات، وتساعد طلاب المرحلة الثانوية الذين يأخذون دروسًا للحصول على رصيد جامعي.

وكان البيت الأبيض قد حجب هذا الصيف الأموال الفيدرالية بشكل مؤقت عن المدارس، كما اقترح خفض الإنفاق الفيدرالي على التعليم العام المقبل، مما يضع هذه المدارس تحت ضغط شديد. ورغم أن ترامب لم يقترح حتى الآن خفض أكبر مخصصات التمويل الفيدرالي للمدارس العامة (خاصة الموجهة للطلاب ذوي الدخل المحدود وتعليم الأطفال ذوي الإعاقة)، إلا أن مستقبل التمويل الفيدرالي يظل غامضًا، وهو أمر لم يكن من الممكن تصوره حتى قبل سنوات قليلة.

إضافة إلى ذلك، سرح ترامب أكثر من ألف موظف في قطاع التربية والتعليم، وأمر وزيرة التعليم بإغلاق الوزارة. كما أن الميزانية المقترحة من البيت الأبيض تتضمن خفض الإنفاق على التعليم بنسبة 15 فى المائة العام المقبل، وهي خطوة يراها البعض بداية لمحاولات أوسع لتقليص التمويل.

وتعد هذه التخفيضات تمردًا على ما أُرسِي في ستينيات القرن الماضي، حين زادت استثمارات الحكومة في التعليم خلال حقبة الحقوق المدنية و”الحرب على الفقر”. ورغم أن الأموال الفيدرالية لا تشكل سوى 8 فى المائة فقط من إجمالي إنفاق المدارس العامة، إلا أنها موجهة بالأساس للطلاب من الأسر منخفضة الدخل والفئات المحرومة الأخرى. وكانت هذه الأموال بمثابة اعتراف وطني بأولوية انتشال الطلاب من براثن الفقر.

وتختلف نسبة التمويل الفيدرالي من ولاية لأخرى. فمثلًا، تعتمد ولاية ألاباما على التمويل الفيدرالي بنسبة 12 فى المائة، وتنفق حوالي 13,800 دولار أمريكي لكل طالب على مستوى الولاية والمستوى المحلي، وهو أقل من متوسط الإنفاق في العديد من الولايات الأخرى. بينما تنفق ولاية نيويورك - التي تتصدر الولايات المتحدة في الإنفاق على التعليم - حوالي 29,000 دولار لكل طالب، ولا يشكل التمويل الفيدرالي سوى 7 فى المائة من ميزانيتها التعليمية. وبالتالي فإن التمويل المحلي والفيدرالى هو الذي يسد الفجوات أو يقللها.

ويتضمن مقترح البيت الأبيض للميزانية الجديدة إلغاء 18 برنامجًا فيدراليًا بلغت تكلفتها الإجمالية 6.5 مليار دولار العام الماضي. وتشمل هذه البرامج تمويل تدريب المعلمين، وتعليم الفنون والموسيقى، وبرامج ما بعد المدرسة في المجتمعات منخفضة الدخل. كما سيتم إلغاء برامج أخرى مثل تمويل مساعدة الطلاب على تعلم الإنجليزية كلغة ثانية، وهو ما يخص الطلاب المهاجرين.ويقول المدافعون عن مقترح الميزانية الجديدة إن برامج التمويل الفيدرالي لم تُحقق أهدافها، وإن هذه التغييرات ستسهم في “تبسيط التعليم” ومساعدة المناطق التعليمية على التحرر من الأعباء الورقية الفيدرالية.

لكن مهدي العفيفي، الباحث والمحلل السياسي والاقتصادي، يرى في تصريحاته لـ«المصور»، أن مقترح ترامب لتخفيض الميزانية جاء لخدمة فئة معينة، بل هو في مجمله ضد الدولة. فالمقترح لم يشمل التعليم فقط، بل طال جميع برامج الرعاية الاجتماعية والصحية للأطفال والكبار على حد سواء، مثل برامج التغذية للفقراء. وفي المقابل، أجرى ترامب تخفيضًا ضريبيًا للمليونيرات؛ فإذا كانت الضريبة 40 فى المائة أصبحت مثلًا 25 فى المائة، فضلًا عن إعفاءات ضريبية أخرى. وكل ذلك قُدر بالمليارات التي كانت موجهة لبرامج دعم وتمويل الفقراء.

ويضيف «العفيفى» أن هذا القرار يهدد بشكل مباشر شبكة الحماية الاجتماعية، سواء للفقراء أو طلاب المدارس أو حتى المهاجرين. كما أغلق ترامب تمامًا المعونة الأمريكية للخارج. وبما أن الكونجرس ومجلس الشيوخ يهيمن عليهما الجمهوريون، فإن ذلك يعني غالبًا تمرير الميزانية ودخولها حيز التنفيذ العام المقبل.

وأكد «العفيفى» أن المستفيد الأول من ذلك هم رجال الأعمال الداعمون لترامب، حتى ولو كان على حساب الدولة نفسها. فترامب سيضطر إلى رفع سقف الدين العام مجددًا، بعدما رفعه ست مرات في ولايته السابقة، وينوي رفعه مرة أخرى هذه المرة. وتُعَد هذه مشكلة كبيرة إذ تبلغ نسبة الدين العام حاليًا حوالي 130 فى المائة.

وختم العفيفي بتأكيد أن برامج شبكة الحماية الاجتماعية كان يفترض أن تزداد نظرًا لزيادة عدد السكان والتضخم الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار، مما يعني أن هذه الضربة ستكون قاسية جدًا على المستفيدين من برامج الدعم، وعلى رأسهم الطلبة. ويبقى الرادع الوحيد أمام ترامب هو القضاء، لكن بشرط أن ترفع كل ولاية قضية منفصلة، وهو أمر قد يستغرق وقتًا طويلًا.

الاكثر قراءة