حالة عدم اليقين العالمية ومخاطرها الاقتصادية

ولكن فى عالمنا الراهن، حيث تتشابك الأحداث، وتتسارع التغيرات، وتتعارض المصالح، بوتيرة لم يسبق لها مثيل، الأمر الذى مهد لأن يطغى على المشهد العالمي، نوع جديد من المخاطر، فرض نفسه على مصائر العالم، ومواقف المسؤولين وقلصت من قدرتهم على اتخاذ قراراتهم وفقًا للأصول، المتبعة فى ظروف العمل العادية، هذه الحالة المقلقة حملت فى طياتها تحديات جسام، تعصف بالاستقرار الاقتصادى، والمالى، والنقدى، فى جميع أنحاء العالم، ويمكن أن نطلق على تلك الظاهرة مخاطر «عدم اليقين»، وأحدث وأوقع تشبيه لفترة «عدم اليقين» هى تلك الفترة التى تلازمت مع تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وصدور قراراته المتعلقة بالرسوم الجمركية الأمريكية القديمة والمتجددة، وشاهدنا كيف أن إدارة الرئيس لتلك القرارات منذ الإعلان عنها وحتى كتابة تلك السطور، تسببت فى تولد بيئة حاضنة لنموذج واقعى لحالة «عدم اليقين»، حالة يعيش ويتعايش العالم كله معها، منذ ولايته وحتى الآن، يتفاعل مع تطوراتها وتداعياتها وردود أفعالها المتعارضة أحيانًا، وغير المنطقية فى أحيان أخرى، حالة غير مستقرة تتسم بقلق، «وعدم يقين» بشأن التوقعات المستقبلية للأحداث .

عدم اليقين هى حالة تتميز بغياب الثقة أو الوضوح حول المستقبل، حيث يصعب على الأفراد، والشركات، أو الحكومات توقع نتائج الأحداث أو اتخاذ قرارات استثمارية أو اقتصادية بشكل مؤكد.

إن مخاطر حالة عدم اليقين تتركز فى غياب القدرة على التنبؤ بدقة بالنتائج، وزيادة التردد فى اتخاذ القرارات، وارتفاع المخاطر والشكوك، وتتسبب فى إحداث تأثير سلبى على الاستثمار والنمو الاقتصادى وعدم استقرار الأسواق، كما أن زيادة عدم اليقين قد تؤدى إلى تقلبات فى سعر الصرف، وضغوط على السيولة الدولارية، ما ينعكس على السياسات النقدية وأسعار الفائدة، كما أن استمرار حالة عدم اليقين قد يؤخر الاستثمارات الجديدة، ويؤثر سلبًا على سلاسل التوريد، والنمو الاقتصادى بشكل عام، وقد يؤدى أيضًا إلى تراجع فى التدفقات الاستثمارية الأجنبية، خاصة فى الدول التى تعتمد على التجارة والاستثمار الخارجى.

فعلا مخاطر حالة عدم اليقين العالمية تمثل تحديًا كبيرًا، لكن من المهم مراقبة التطورات بشكل مستمر وتحليل تأثيراتها على المديين القصير والمتوسط، خاصة للدول النامية التى تكون أكثر حساسية لهذه التغيرات.