رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«النازيـــــــــــــــة».. على الطريقة الإسرائيلية

10-7-2025 | 14:54
طباعة

بالأرقام المؤكدة، والوقائع الموثقة، والمشاهد المؤيدة بالصوت والصورة، مقارنة إسرائيل بألمانيا النازية لا تحتاج لضرب العديد من الأمثلة أو عناء البحث عن البراهين، لأن الحقيقة ماثلة أمام الجميع بالتفاصيل الكاملة، بل إن هذا المجرم نتنياهو تفوق فى عنصريته البغيضة على هتلر، فقد تجاوز كل المعايير الأخلاقية، وضرب بجميع القيم الإنسانية عرض الحائط، وتجاوز الخطوط الحمراء كافة فى استباحة دماء المدنيين العزل، من النساء المسنات إلى الأطفال الرضع، ولا يشغله إلا الخلاص من الفلسطينيين بغض النظر عن الطريقة، فالغاية تبرر الوسيلة، ومن لا يموت بالمتفجرات والضربات الجوية، لا محالة من موته بسلاح التجويع، ومنع وصول المساعدات بمختلف الحيل، وعبر جميع الذرائع، وهو ما لم يقدم عليه هتلر النازى، رغم المتاجرة الصهيونية على مدى عدة عقود بحكايات الاضطهاد وروايات التمييز ضدهم، وما أكبرها من كذبة، وما أضخمها من فرية عند الحديث عن جرائم جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين خلال حرب غزة، فهم يدمرون الحجر، ويقتلون البشر، ويقتلعون الشجر. 

ورغم أن مراحل تلك المأساة الإنسانية، وهذه الحرب المأساوية نشاهدها لحظة بلحظة على الهواء فى ظل غياب الضمير العالمى، والعجز الدولى عن إجبار مجرم الحرب نتنياهو على وضع نهاية لهذه المجازر، إلا أن مواصلة التذكير بتوابعها، وتسجيل الخطايا الإسرائيلية ضرورة مهمة من جهة لتوثيق ارتكاب دولة الاحتلال لجرائم الإبادة الجماعية التى يزعمون أنهم كانوا ضحاياها فى ألمانيا النازية، ومن جهة أخرى حتى تعلم الأجيال القادمة أن زعم إسرائيل أنها الدولة الديمقراطية أو القوة الأخلاقية فى الشرق الأوسط مجرد خرافة لا تنطلى على أحد، وبهتان عظيم لا يليق أن يصدقه عاقل، فها هى التقديرات تشير إلى أن عدد شهداء غزة يقترب من 56 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، وقرابة 130 ألف مصاب، فضلا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض بعد أن هدم الاحتلال على رؤوسهم البيوت والمخيمات والمستشفيات والمساجد والكنائس التى لاذوا بها، لدرجة أن كل الأماكن، وجميع المناطق لم تعد آمنة، ويعيش الفلسطينيون أصحاب الأرض، فى دوامة التشريد من الشمال إلى الجنوب ذهابا وإيابا رغم التعهدات والوعود الإسرائيلية الزائفة، وهذا طبعهم، فلا عهد لهم ولا ذمة.

ورغم تدفق آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والإنسانية من مصر وغيرها من الدول شرقا وغربا، إلا أن دولة الاحتلال تقف بالمرصاد للجوعى، فتقطع عنهم الطعام، وتمنع العطشى من الشراب، وتحول دون وصول الدواء للمرضى، وحسب البيانات الرسمية من اليونسيف وغيرها من المنظمات نجد فى ملف الأمن الغذائى أن 91 فىالمائة من السكان، بمعدل أكثر من 1.9 مليون شخص، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائى الحاد المصنفة ضمن المرحلة الثالثة من تصنيف حالة الأمن الغذائى (أزمة) أو أعلى، وبالطبع مصائد الموت للباحثين عن الطعام دليل كافٍ على مؤامرة الإبادة، وفيما يتعلق بالبنية التحتية، تعرضت أكثر من 436 ألف وحدة سكنية للدمار، إلى جانب أن 69 فى المائة من إجمالى المبانى فى القطاع أصابها التخريب، مع تدمير 81 فى المائة من شبكة الطرق المصنفة (الرئيسية والثانوية والفرعية)، بالإضافة إلى أكثر من 68 فى المائة من إجمالى شبكة الطرق، وفى القطاع الصناعى والتجارى تعرضت 88 فى المائة من أصل 49 ألف منشأة للتحطيم حتى فبراير الماضى، ولم تسلم المنشآت التعليمية من مخطط التدمير الإسرائيلى، فقد تم هدم أكثر من 2308 منشآت تعليمية تشمل رياض الأطفال والمدارس والجامعات، من بينها 57 مبنى جامعيا، وبقى أكثر من 625 ألف طفل بدون تعليم رسمى، ومع عدم وجود بنية تحتية أو موظفين أو إمدادات، انهار نظام التعليم فى غزة بشكل كلى، وتكرر نفس السيناريو فى قطاع الزراعة بتدمير معدل يتعدى 68 فى المائة من الأراضى الزراعية، وكل هذه البيانات مرشحة للزيادة مع شراسة العدوان الإسرائيلى، وإصراره على إنهاء كل مظاهر الحياة بقطاع غزة.

وبشهادة المسؤولين الأمميين، وتقارير المنظمات الدولية، حكومة تل أبيب متورطة من «ساسها لرأسها» فى «وحل النازية» على الطريقة الإسرائيلية، وما ترتكبه من جرائم على مدى شهور حرب غزة ضد الفلسطينيين هى طبقالأصل وتزيد عن آثام ألمانيا النازية، من عمليات الاستهداف الجماعى، وقصف المدنيين، وضرب الأماكن المحمية بحق القوانين الدولية، والقواعد القانونية، والضوابط الأممية، ومنها المستشفيات والمدارس وأماكن العبادة، ناهيك عن عمليات التجويع والحصار والحرمان من العلاج بمنع وصول المساعدات المكدسة بكميات ضخمة على المعابر انتظارا للدخول، وعلى نفس المنوال يسير جميع الخبراء والمحللين، بأن جيش نتنياهو فاق جيش هتلر فى التدنىالأخلاقى، فجنوده يستهدفون بعلم القادة كل شيء فى غزة، ويهاجمون النازحين أثناء نزوحهم، ويتعمدون إطلاق النار على مدنيين غير مسلحين فى ظهورهم، إضافة إلى نبش القبور وسرقة أعضاء بشرية من الجرحى وقتلهم، والاستفادة من هذه الأعضاء سواء لعلاج مصابيهم أو الاتجار فى الأعضاء البشرية على مستوى دولى برعاية مؤسساتها الأمنية.

والاختلاف بين ألمانيا وإسرائيل فى النازية هو تطور الأسلحة الفتاكة، فلو صح أن هتلر كان يحرق اليهود فى أفران يتسع الواحد منها لقرابة 2500 شخص فإن نتنياهو استخدم عشرات الأطنان من المتفجرات التى تسببت فى مجازر بشعة راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، والأمر المؤكد أن الرأى العام العالمى وحتى الحكومات أصبحت على بينة من أمرها حول خدعة السردية الإسرائيلية، والتباكى على مدى عقود طويلة بأنها ضحية النازية، فقد سقط القناع الزائف عن جرائمها بالصوت والصورة، وستظل جريمة الإبادة الجماعية تطاردها، فجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم.

والتاريخ لن يرحم كل دولة أغمضت عينيها عن مأساة غزة، وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وأخواتها من الدول الأوروبية، لأنهم شركاء فى جريمة الإبادة، تارة بالصمت وتبرير الهمجية الإسرائيلية منذ أحداث 7 أكتوبر2023، بزعم أن تل أبيب تدافع عن نفسها رغم القوة المفرطة، وتارة بالتورط فى تزويد دولة الاحتلال بالأسلحة من الأنواع كافة، والتأييد الأعمى لها بالوقوف ضد قرار وقف إطلاق النار فى مجلس الأمن، مما أدى إلى ما حذرت منه مصر كثيرا، وهو اتساع دائرة الصراع، ودخول المنطقة فى دوامة من الحروب، وبالفعل استمرار العمليات العسكرية الغاشمة فى القطاع، تطاير شررها إلى عدة عواصم من لبنان إلى سوريا واليمن والعراق وصولا إلى إيران، وكادت تخرج الأمور عن السيطرة، وتؤدى حماقة قادة الدم بحكومة تل أبيب إلى إشعال الشرق الأوسط كله.

لا بد أن يدرك الجميع قبل فوات الأوان، وفى المقدمة الإدارة الأمريكية أن الرؤية المصرية هى الأصوب، والحل الأسلم لأزمات الشرق الأوسط، وهى حل الدولتين، فلا سلام ولا استقرار فى المنطقة بدون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، والرئيس عبدالفتاح السيسى لا يكل ولا يمل من التأكيد على هذا الموقف الثابت كالجبال فىمواجهة ألاعيب نتنياهو وحكومته المتطرفة، ففى قمة القاهرة للسلام بعد أسبوعين فقط من بدء أحداث غزة قال الرئيس بالنص فى كلمته «اليوم تقول لكم مصر بكلمات ناصحة أمينة: إن حل القضية الفلسطينية، ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى؛ بل إن حلها الوحيد، هو العدل، بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة فى تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان، فى دولة مستقلة على أرضهم مثلهم، مثل باقى شعوب الأرض»، ثم تتابعت الرسائل المصرية التى يصعب حصرها حول رفض مخطط التهجير، وأنه لن يتم أبدا على حساب مصر أو غيرها، لأن أرض فلسطين للفلسطينيين.

وفى نفس الوقت، فور الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، لا تراجع من القاهرة والعواصم العربية عن إعادةإعمار قطاع غزة، وبناء ما تهدم، وإصلاح ما تحطم وفقا للخطة المصرية التى اعتمدها القادة العرب كخطة عربية فى القمة الطارئة حول فلسطين بالعاصمة الإدارية، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس المجلس الأوروبى، ورئيس الاتحاد الإفريقى، حتى تعود غزة لسيرتها الأولى خلال ثلاث سنوات بأيد وخبرة مصرية فى مجال المشروعات العملاقة خلال زمن قياسى كما تعودنا منها خلال السنوات العشر الأخيرة.

حمى الله مصر وشعبها وقيادتها 

ومؤسساتها الوطنية من كل سوء

أخبار الساعة

الاكثر قراءة