فى مثل هذه الأيام من كل عام يظهر نشاط حملة إلكترونية ممولة من الجماعة الإرهابية وأتباعها ضد مصر بسبب ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو، وإعادة مصر إلى شعبها مرة أخرى وما ترتب عليه من إجهاض مخطط تقسيم المنطقة، ولكن هذا العام مختلف فنجد أن حملات الهجوم على مصر فى تزايد مستمر بسبب الموقف المصرى للقضية الفلسطينية ككل، وليس أحداث غزة فقط، فالموقف المصرى ثابت تجاه القضية الفلسطينية مهما تغيرت القيادة السياسية، واليوم نجد أن الموقف المصرى يقف أمام تنفيذ مخطط تهجير أهالى غزة، بل ويطرح خطة لإعادة إعمار بدون تهجير،
وهو الأمر الذى يجعل حملات الهجوم على مصر أشرس وأعنف من كل عام على السوشيال ميديا، لا يخفى على أحد أن السوشيال ميديا جرثومة يتم استخدامها لتغييب الشعب، مثلها مثل المخدرات، فمنذ انتصار السادس من أكتوبر انتهت الحرب بالذخيرة، وبدأت الحرب بأساليب مختلفة ومتعددة بداية من الانفتاح وتحويل الشعب إلى النمط الاستهلاكى والغزو الفكرى ونشر المخدرات، مرورا بمرحلة تجار الدين من الداخل، والتى بدأها الإنجليز وتسلمها الأمريكان من بعدهم، وزادت بتقسيم الدين لطوائف بين السنة والشيعة، ومن بعدها الجماعات والإرهاب باسم الدين حتى وصلنا إلى مرحلة الحرب بالسوشيال ميديا، وأصبح التساؤل اليومى للأغلبية (التريند النهاردة إيه؟)
إدمان جديد أخطر من المخدرات لا تستطيع أن تواجهه بسهولة إلا بسلاح الوعى، ورغم تلك الخطورة إلا أننى أراهن دائما على وعى الشعب المصرى الذى يستيقظ فى حالات الخطر الكبرى مثل مشهد 30 يونيو..
وللعلم الشعب المصرى ليس رواد السوشيال ميديا، كما يراهن البعض، ولكن فى مصر يوجد إيجابيات كثيرة فى كل المجالات، تؤكد أن مصر لن تقع وأن هناك أيادى تعمل فى صمت لصالح المصريين، ونموذج لتلك الإيجابيات التى لن تجدها على السوشيال ميديا هو قيام شركة أدوية مصرية (مالتى كير للصناعات الدوائية) بإنتاج دواء مصرى يعالج جرثومة المعدة عقار «ترايجاستكير»، ويعطى نتائج تخطت نسبة 95 فى المائة ..
خبر بسيط قد لا يهتم به أى مواطن إلا إذا كان أصيب أو مصابا بجرثومة المعدة، ويعرف مدى خطورتها، وخاض مرارة الألم والعلاج، ولكن الموضوع أكبر من ذلك..
ففى مصر لا توجد أرقام رسمية بنسب الإصابة بالجرثومة الحلزونية أو ميكروب المعدة الشهير، ولكن طبقا لتقارير معهد تيودور بلهارس للأبحاث وهو أحد المعاهد البحثية العلمية المتميزة والرائدة فى مجال تشخيص وعلاج الأمراض المتوطنة، التى تصيب الجهاز الهضمى والكبد والكلى والجهاز البولى فى مصر أن الجرثومة الحلزونية تصيب على الأقل 50 فى المائة من الأشخاص فى العالم، وتصل نسب العدوى بهذا الميكروب فى مصر إلى 90 فى المائة فى الأعمار السنية فوق الــ40 سنة، هذا رقم خطير جدا وعلى الدولة أن تتوقف عنده كثيرا، خاصة أن الجرثومة الحلزونية تسبب قرحة المعدة والإثنى عشر، وفى بعض الأحيان تسبب أوراما ليمفاوية أولية بالمعدة، وسرطانا بالمعدة، بجانب أنه تم تصنيف الجرثومة الحلزونية من قبل منظمة الصحة العالمية كجرثومة مسببة للسرطان، وقد تسبب الجرثومة الحلزونية نقصا فى الصفائح الدموية أو فقر دم ناتجا عن نقص الحديد وعند علاجها تتحسن نسبة الصفائح الدموية وفقر الدم.
ويتم تشخيص وجود الجرثومة الحلزونية فى براز المريض وهى الطريقة الأسهل أو عن طريق اختبار التنفس، أو عن طريق أخذ عينة من المعدة أثناء المنظار.
الأرقام خطيرة خصوصا عندما نعلم أن عدد السكان فى مصر فوق سن الأربعين يبلغ أكثر من 47 مليون مواطن ومع تزايد نسبة الإصابة بمرض السرطان فى مصر فى الأعوام الماضية، وما تتحمله الدولة من تكاليف علاج باهظة تصل فى بعض الأحيان إلى أكثر من مليون جنيه للحالة الواحدة، ورغم المبادرات الرئاسية للكشف المبكر عن مرض السرطان فإن المرض لايزال ينتشر.
والتساؤل الذى قد يطرحه البعض أن هناك علاجا سابقا موجوداً بالأسواق بالفعل فما هو الجديد ولماذا نهتم بالدواء المصرى الجديد، ولماذا نكتب عنه؟
والإجابة عن هذا التساؤل المشروع له أكثر من جانب، سواء علميا أو ماديا، فمن الناحية الطبية الدواء الموجود بالأسواق عبارة عن أربعة أنواع أدوية يتم تناولها لمدة 14 يوما، ويتكلف مايقارب على الألف جنيه ونسبة نتائجه لم تتخط 80 فى المائة مع إمكانية عودة الجرثومة مرة أخرى لوجود مقاومة من الميكروب لهذا الدواء تصل إلى 60 فى المائة أو أكثر، إضافة إلى أن هناك أبحاثا حديثة فى مصر تؤكد تزايد نسب المقاومة من هذا الميكروب لهذا العلاج تصل إلى 40 فى المائة فى بعض الدراسات، ما يفسر زيادة عدم الاستجابة من المصريين المصابين بالجرثومة الحلزونية فى خط العلاج الأول، ما يجعلنا نعيد العلاج من الأول أو أن نلجأ إلى العلاج المستورد، وهو غير متوفر فى الصيدليات فى مصر، ولكنه يأتى إما عن طريق التهريب أو عن طريق إرساله من الخارج بواسطة الأهل أو الأصدقاء، وهو دواء ممتاز ولكن ثمنه 8 آلاف جنيه، ولا يستطيع الكل تحمل تلك التكلفة أو يكون له معارف فى الخارج لإرساله، وهنا نعود للدواء المصرى الجديد المعتمد من (FDA) إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، فالدواء الجديد ثمنه لا يتخطى 650 جنيها وهو الأول من نوعه كعلاج ثلاثى ونسبة نتائجه تتخطى 95 فى المائة وهى نسبة كبيرة فى الأدوية بجانب أن مدة العلاج عشرة أيام فقط..
كمصرى يجب أن أشعر بالفخر أن العلاج الذى تعتمد عليه كبرى الشركات العالمية متوفر وموجود فى مصر بصناعة شركة مصرية بنفس التركيبة بنفس الفاعلية وتكلفته لا تتخطى 10 % من سعره العالمى، وهنا أقول إنه على الدولة المصرية دور هام لفتح أسواق للشركات المصرية فى دول العالم، وخصوصا فى قارة إفريقيا، فمصر فى عهد الرئيس السيسى استطاعت إعادة العلاقات المصرية مع دول القارة بشكل قوى، وهذا الدواء المصرى الجديد قادر على أن يكون منافسا قويا للأدوية الأخرى فى قارة إفريقيا بسبب الفاعلية والسعر، خصوصا أن الجرثومة الحلزونية
أعلى معدل انتشار لها فى العالم بنسبة (70.1 فى المائة) بدول القارة الإفريقية.