ماذا عن ذكرياتكم مع شهر رمضان الكريم؟
ذكرياتى فى شهر رمضان كلها ترتبط بهذا الجو الإيمانى الذى نحتاجه وتحتاجه قلوبنا وأرواحنا، فى الصغر كنت أحب أن ألتزم بعادة فانوس رمضان، وفى الصعيد بالأقصر، كنت أعيش مع المدفع الصغير الذى كنا نضرب به بالشكل التقليدى المعروف، هذا كله فى الصغر مع اللعب والسهر، وفى المرحلة الإعدادية بدأنا نفهم صلاة التراويح، وكنت أحب أن أصلى بالناس فى المساجد، وأؤدى بعض الدروس وأزور الأقارب. حتى وصلت لمرحلة الجامعة وأمسكت مسجدا وصليت بالناس وأقمت بسكن خاص به، وأعطيت دروسا كثيرة، وكنت أحب دائما أن ألتزم الندوات المتنوعة فى مساجد متعددة.
وما الأعمال التى تفضل فضيلتكم القيام بها خلال شهر رمضان؟
أنا من عشاق أن أكون سببا فى فتح أبواب الخير للفقراء فى رمضان، من خلال غيرى بالطبع فى الغالب لأننا وسائل ندل على الخير، هذا أحبه جدا خاصة فى شهر رمضان، فى قريتنا فى أسنا التابعة للأقصر، فمن الجمال أن نعاين أحوال الناس وأن ندور على بيوتهم وندخل السعادة عليهم. وأحب أيضا أن ألتقى الأصدقاء بالليل فى جلسات خاصة نتناقش فى أمور الدين، وبعض الأمور العلمية.
يوم لا تنساه ذاكرتك خاص بحدث مهم فى رمضان؟
هو هذا اليوم الذى أكرمنى الله تعالى فيه بختم القرآن الكريم، وأننى حفظت القرآن فى الصغر وختمته على شيخى الشيخ جمعة فى قرية إسنا التابعة لمحافظة الأقصر ويوم آخر فى أول عمرة لي، سافرت وأنا فى المرحلة الجامعية وكانت مع صحبة من المحبين فى رمضان.
مجمع البحوث يقوم بالعديد من الفعاليات خلال شهر رمضان.. ما الرسالة التى تريدون إيصالها للناس؟
المجمع يقوم بفاعليات كثيرة فى رمضان، من خلال منصات إلكترونية والقوافل الدعوية والوعظية التى تجوب الأراضى والقرى والمحافظات الحدودية وغيرها، والمدن الجامعية ومدينة البعوث الإسلامية، وكذلك يوجد تعاون مع وزارة الشباب والرياضة. والرسالة التى نهدف إيصالها هى أن تستغل شهر رمضان بأن يكون لدى المسلم فرصة لتطهير النفس والبعد عن اللفظ البذىء الخارج عن الأدب، فرصة لصلة الرحم، فرصة للاستقامة، فرصة لضبط القيم والسلوك، فرصة للشعور بالآخرين.
وكيف لنا أن نخرج من رمضان بأعظم الفوائد؟
مهم جدا أن نكيف قلوبنا على طاعة الله خلال شهر كامل من تدريب أنفسنا على الإنفاق وقيام الليل والصيام والكلام الطيب والفعل الطيب، والرزق الطيب والبعد عن الكلام الخارج، والتناول الطيب، كل هذا يؤدى إلى ثمرة وهى الاستقامة، فمن خلال هذه التركيبة والتشكيلة الأخلاقية التى تضبط كل شيء فينا، القلب ينضبط، والعاطفة والتفكير والجوارح والحواس والسعى تنضبط، أيضا كل هذا يصب فى وعاء «لعلكم تتقون»، هذه الثمرة المرجوة والتى تمثل أعظم فائدة.
وما دور المجمع فى خدمة المجتمع؟
دور المجمع فى خدمة المجتمع يتفرع لعدة فروع، الفرع الاجتماعى وذلك من خلال فض المنازعات ولجان المصالحات، وأما الجانب الفكرى والعلمى من خلال إحياء الهوية الأزهرية من غرس القيم الإسلامية الأصيلة الوسطية المعتدلة عن طريق المقالات ومجلة الأزهر والإصدارات والمطبوعات وإحياء التراث وربط التراث بالواقع، وهناك أيضا الجانب التكوينى والعقدى والتعايشى «الحوارى التسامحى فى المجتمع»، والتوعية الاجتماعية من خلال الحملات على المنصات الإلكترونية واللقاءات المباشرة فى المجالس والمقاهي، فضلا عن قوافل التوعية لكافة المحافظات على مستوى الجمهورية وخاصة الحدودية، حفاظا على سلامة فكرهم من التطرف الفكري. ولا يقتصر دور المجمع على الحدود المصرية إنما يطول كافة أنحاء العالم من خلال البعثات الخارجية ليعالج الفكر هناك من خلال الإشراف الأزهرى. فضلا عن لجان الفتوى المنتشرة فى كافة محافظات الجمهورية لتجيب عن أسئلة وفتاوى الجمهور بأسلوب مبسط ومتخصص.
لماذا تنال المحافظات الحدودية مكانة خاصة لدى المجمع؟
نظرا لموقعها الحساس، لأنها حامية للدولة وإذا كان هناك فراغ ثقافي، قد يستغل لاستقطاب قاطنى المدن الحدودية لتيارات فكرية معادية للدولة، لذلك يجب أن نشارك الدولة فى تشكيل العقل الواعى لديهم من خلال الإثراء المعرفى بمفهوم المواطنة ووعى الأسرة والوعى الاجتماعى والتأكيد على أنهم نسيج من أنسجة الوطن، وخاصة المناطق الشمالية والجنوبية. ونكثف القوافل الدعوية لهذه المناطق، وأيضا المتابعة المستمرة للمعاهد الأزهرية هناك لضمان تكوين وعى الطلاب بشكل سليم.
وكيف يساهم مجمع البحوث فى المحافظة على الهوية؟
من خلال لجنة مراجعة المصحف الشريف ومتابعة طباعة المصحف فى دور الطباعة والنشر والضوابط المرجوة التى تحترم قدسية القرآن الكريم.
وما أهم القضايا التى يضعها المجمع على رأس أولوياته؟
هناك عدد من القضايا التى يحرص المجمع على مناقشتها والتوعية بأخطارها، منها قضية الإلحاد الفكرى الذى يمثل خطرا كبيرا جدا فى محو الهوية، لذلك هناك حملات توعية مجتمعية شاملة بجميع القضايا المهمة التى تمس المجتمع المصرى وتؤثر عليه، وخاصة تلك التى تستهدف الشباب وتشغل حيزًا من تفكيره، وخاصة فى الجامعات والطلاب بالمدارس والمعاهد؛ لتوعيتهم بالتحديات الحالية، وتحصينهم من محاولات العبث بعقولهم من جانب تيارات الانحراف الفكري، سواء فيما يتعلق بقضايا التطرف والغلو أو قضايا الإلحاد والشذوذ، وقضايا التشكيل العقلى بالدينى ونوضح صلة العقل بالدين.
حدثنا عن آليات معالجة هذه القضايا؟
هناك العديد من الآليات بداية من المطبوعات والمنشورات، فضلا عن الطرح التقنى الموجود على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وكذلك الفيديوهات القصيرة التى أصبحت تجذب اهتمام الكثير من الجمهور، وحلقات مصورة تذاع على اليوتيوب، وقريبا سيكون هناك صفحات للمجمع على كافة مواقع التواصل الاجتماعى الأخرى. فضلا عن اللقاءات المباشرة سواء من خلال حملات التوعية فى النوادى والمدارس والجامعات، وأيضا القوافل الدعوية ولجان المصالحات وفض المنازعات التى أصبحت تزور البيوت وتقابل الأسر، فالقوافل الدعوية لا تترك شيئا.
وكيف يساهم المجمع فى بناء الوعى لدى المصريين؟
من خلال الطرح الفكرى المتأصل المدروس، فنحن لدينا نوعان من الوعى أولهما مجهول النسب أى مقطوع المصدر، وهو الموجود على مواقع التواصل الاجتماعى والمنتديات، وهذا يستقبله وعى الشباب بشكل عشوائى ويُكوّن ثقافته منها. والآخر الوعى المتأصل وهو ما نستخدمه فى العلاج من خلال عملية نزع وإحلال أو مزاحمة، بمعنى أن نزاحم الوعى الفكرى الذى ليس له مصدر، بمعلومات معروفة الهوية سواء كان الطرح الأزهرى المدروس الفقهى المتخصص، بحيث نلغى الفتاوى المضللة التى تؤثر على الوعى وتضلله، ونلغى المقالات المشبوهة مجهولة المصدر، بمقالات معروفة المصدر ومقاطع فيديوهات مدروسة ومقاطع فيديو لمحاضرات على صفحات المجمع، وكذلك مقالات فى مجلة الأزهر موثقة ومحققة، فضلا عن مطبوعات موجودة فى منافذ البيع على مستوى الجمهورية، فالمجمع يهتم بنشر كتب تأصيلية لتوثق المعرفة وكتب تصحيحية لتصحح المفاهيم المغلوطة وترد على الشبهات، كل ذلك يساهم فى معالجة الوعى المعرفي. ونحن نسعى لبناء جيل لديه الوعى الكامل بما يواجهه من تحديات ولديه القدرة على التغلب عليها، وهذا يحتاج إلى تعاون مختلف المؤسسات الدينية والعلمية والإدارية فى الدولة، والتواصل الفعال مع جميع فئات وأفراد المجتمع، لمواجهة تلك الأفكار الهدامة بأسلوب عقلى ومنهج علمى.
وهل هناك معايير معينة لاختيار الوعاظ والواعظات؟
يتم اختيارهم بعد اجتيازهم لعدد من الاختبارات والمقابلات الشخصية، فيجب أن يكون مجيدا للثقافة العامة ومجيدا للقرآن الكريم، وتوافر الكفاءة العلمية والمهارات اللازمة لمواجهة التعصب والتأثير فى الناس وفهم الواقع والتلاحم مع الجماهير والإجابة عن تساؤلاتهم بشكل مبسط، وهناك ما يقارب من 2800 واعظ وواعظة على مستوى الجمهورية.
حدثنا إذا عن دور «البحوث الإسلامية» فى عملية ضبط الفتوى؟
نعالج عملية الفتوى بالتواجد على الساحة.. فلدينا لجان الفتوى فى كل قرية ومدينة، هناك ما يزيد عن 30 لجنة رئيسية و70 لجنة فرعية على مستوى الجمهورية، فتواجد الواعظ أو المفتى على الساحة يضمن الحصول على فتوى منضبطة، وهناك إقبال شديد عليها، كما أن المجمع يعلن بشكل مستمر عن أماكن تواجد اللجنة فى كل محافظة وأرقام التواصل مع المفتين والواعظين، لتجنب بُعد المسافة لدى البعض.
ورغم هذا الإقبال إلا أننا ما زلنا نعانى من فوضى الفتاوى؟
فوضى الفتاوى تحتاج لضبط تقني، لأن أغلب الفتاوى المضللة التى قد تؤدى للانتحار والاكتئاب أو التى تنهار من خلالها الأسر، نجدها على مواقع التواصل الاجتماعى بالواقع الافتراضي، ويعتبر الإنترنت العامل الأساسى فى انتشارها وليس الواقع الفعلى؛ لأن الأزهر ودار الإفتاء متحكمان فيه ويقومان بجهود كبيرة لتلبية تساؤلات الجمهور.
وهل هذا يقودنا لضرورة تعجيل إصدار قانون تجريم الفتوى من غير المختصين؟
هناك العديد من المطالبات وخاصة من دار الإفتاء، لأن هناك بعض الفتاوى غير المنضبطة حاليا، والتى قد يمارسها بعض الأسماء المعروفة من أجل إثارة جدل، والمجمع يقوم بدوره بعرض الرأى الصحيح للفتوى على صفحته ليس للرد على أشخاص وإنما لتصحيح المفاهيم.
وكيف تفاعل المجمع مع مبادرة «بداية»؟
نفذنا أكثر من ندوة تناقش أهمية بناء الإنسان وتنميته والعمل على ترسيخ الهوية المصرية، فضلا عن تفاعل مناطق الوعظ على مستوى الجمهورية مع هذه المبادرة، وندوات فى الجامعات.