يعتمد هذا الإنجاز على دمج نظريات رياضية متقدمة، من بينها نظرية الأشكال والمتسلسلات الزمنية والتحويلات المتقطعة، مع تقنيات الشبكات العصبية الاصطناعية، بما يتيح للحاسوب تحليل وفهم الإشارات العصبية الصادرة من الدماغ وتحويلها إلى إشارات تحكم دقيقة يمكن توظيفها فى التحكم بالأجهزة المختلفة عن بُعد.
وقال الدكتور محمد سامى عبدالصادق، رئيس جامعة القاهرة، إن هذا الإنجاز البحثى يعكس المكانة العلمية المتميزة التى تحظى بها الجامعة، ويؤكد قدرتها على المنافسة فى مجالات البحث العلمى المتقدم، لافتًا إلى الحرص على تشجيع الباحثين على توظيف أدوات الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا الحديثة فى خدمة القضايا الطبية والإنسانية، وبما يعزز أثر البحث العلمى ويسهم فى خدمة المجتمع.
أكدت الدكتورة سهير رمضان فهمى، عميد كلية العلوم بجامعة القاهرة، أن هذا الإنجاز يمثل مصدر فخر للجامعة وللبحث العلمى فى مصر، ويجسد إيمان الكلية بأهمية التكامل بين التخصصات العلمية، مشيرة إلى أن التعاون المثمر مع كلية الهندسة يعكس رؤية الجامعة فى دعم الابتكار، وتوفير بيئة بحثية محفزة تُمكّن الباحثين من النشر فى أرقى المجلات العلمية العالمية.
وقد نُشرت نتائج هذه الأبحاث فى عدد من الدوريات العلمية الدولية المرموقة المصنفة، من بينها مجلة Computers in Biology and Medicine الصادرة عن دار نشر السيفير، وذلك استكمالاً لسلسلة من الأبحاث السابقة للفريق نفسه فى مجلة Biomedical Signal Processing and Control حيث تم تقديم نماذج رياضية متقدمة لتصنيف إشارات تخطيط المخ باستخدام بيانات حقيقية موثوقة ومعترف بها دوليًا.
وتُعد إشارات المخ الكهربية من الأدوات الأساسية فى تشخيص العديد من الاضطرابات العصبية مثل الصرع واضطرابات النوم والتوحد وأورام الدماغ، ويُسهم هذا التقدم البحثى فى تطوير نظم حاسوبية دقيقة لدعم التشخيص والتنبؤ ومتابعة الحالات المرضية تحت إشراف الأطباء المختصين.
كما أسفر هذا التعاون البحثى عن إنتاج دراسات أخرى فى مجالات متعددة، من بينها تصنيف الأمراض الجلدية باستخدام الصور الطبية، وتشفير الصور والمجسمات ثلاثية الأبعاد، واكتشاف عيوب الصناعة باستخدام النظم الذكية، فضلًا عن تخريج عدد من الباحثين المصريين والعرب والأفارقة، مع التطلع إلى توسيع الفريق البحثى بانضمام أعضاء من كلية الطب لتعظيم الاستفادة التطبيقية لهذه الأبحاث.
«جامعة القاهرة» منصة للتفاعل الأكاديمى والطلابى
بعد توقف امتد لثمانى سنوات، تستضيف جامعة القاهرة خلال شهر فبراير المقبل حدثًا قارياً مميزًا على مستوى الأنشطة الطلابية المتخصصة، حيث تنظم كلية الزراعة بالجامعة الدورة الزراعية الأربعين مصريًا، والأولى أفرو-عربيًا، وذلك تحت رعاية الدكتور محمد أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى، والدكتور محمد سامى عبدالصادق رئيس جامعة القاهرة، وبمشاركة ورعاية عدد من كبرى شركات القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية.
وتشهد الدورة مشاركة أكثر من 2500 طالب وطالبة من كليات الزراعة بالجامعات المصرية والعربية والإفريقية، يتنافسون فى مجموعة متنوعة من الأنشطة والمسابقات الرياضية، والثقافية، والفنية، والعلمية، والاجتماعية، وأنشطة الجوالة، بما يعكس مكانة جامعة القاهرة وكلية الزراعة بها كمنصة فاعلة للتفاعل الأكاديمى والطلابى.
وأكد الدكتور «عبدالصادق» اعتزاز الجامعة باستضافة هذا الحدث القارى المهم، مشيرًا إلى أن عودة الدورة الزراعية بعد توقف دام ثمانى سنوات تعكس إيمان الجامعة بدور الشباب فى تطوير القطاع الزراعى، وتمكينهم من تبادل الخبرات وصقل المهارات، بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية فى دعم التعليم العالى والبحث العلمى وتحقيق التنمية المستدامة.
وقال الدكتور أيمن يحيى، عميد كلية الزراعة بجامعة القاهرة، إن الكلية تواصل العمل على استكمال كافة الاستعدادات اللوجستية والتنظيمية للدورة، بما يضمن تنظيمها بصورة تليق بتاريخ الجامعة والكلية، موضحًا أن الدورة تجمع طلابًا من عشرات الجامعات التى تمثل العمق المصرى والعربى والإفريقى.
من ناحية أخرى نظمت كلية الزراعة ندوة عن ملامح الزراعة المصرية القديمة وبناء حضارة المصريين من ضفاف النيل، تحدث فيها الدكتور مصطفى الشريف الأستاذ المتفرغ بالكلية عن أهم ملامح الزراعة المصرية القديمة وكيف كانت أساس بناء حضارة بدأت على ضفاف النيل، وشرح كيف أدرك المصرى القديم أهمية النيل وتعامل مع فيضانه بحكمة جمعت بين التنظيم وتطوير المعرفة، وانتقل من خلالها من حياة الرعى والصيد إلى حياة الزراعة، فأسس القرى وخلق مجتمعًا مستقرًا ومنظمًا، وقسم السنة إلى ثلاثة مواسم زراعية مرتبطة بالنيل: الفيضان – الزراعة – الحصاد.
وعرض «الشريف» أيضًا كيف كانت العلاقة وثيقة بين الزراعة لدى المصرى القديم ومعتقداته الدينية، وكيف ربط بين الآلهة – كما اعتقد – وبين الحياة الزراعية، مثل إله الخصب والفيضان حابى، كما ربط نمو بعض المحاصيل بأسطورة إيزيس وأوزوريس. وتناول دور الملكة حتشبسوت التى كانت سببًا فى جلب تقاوى بعض المحاصيل المهمة من بلاد بونت وإدخالها إلى الزراعة المصرية، وغيرها من القصص التى تربط بين ممارسات الزراعة والمعتقدات الدينية والعادات الاجتماعية التى توارثتها الأجيال، وهو ما تؤكده المعلومات التى رصدها العلماء مما كُتب على جداريات المعابد.