افتتاح المتحف المصرى الكبير، كان له انعكاس واضح على أن تكون عبارة «الفندق كومبليت» فى الكريسماس، منطقية وطبيعية لا تُحدث اندهاشا على مسامع منْ يمنّى النفس بغرفة فى أحد الفنادق.
ويحتفل العالم والأوروبيون بالكريسماس عالميًا فى 25 ديسمبر من كل عام، إلا أن احتفالات الكريسماس فى مصر ترتبط بالثقافة المحلية وبالكنيسة المصرية التى تعتمد التقويم الشرقي، ليحل عيد الميلاد المجيد رسميًا فى 7 يناير من كل عام.
وما يؤكد الزحام فى الفنادق وتمكن السائح من الفوز بـ«فرصة» الحصول على غرفة فى فنادق القاهرة، ما كشف عنه، الدكتور حسام هزاع، الخبير السياحي، وعضو اتحاد الغرف السياحية، بتلقى فنادق القاهرة حجوزات من العديد من شركات السياحة لزيارة القاهرة بداية من منتصف ديسمبر الجارى وحتى منتصف يناير 2026، مدفوعة برغبة السياح فى قضاء إجازة الكريسماس فى مصر بصفة عامة والقاهرة بصفة خاصة.
«هزاع»، أوضح أن «الفنادق القريبة من المتحف المصرى الكبير والموجودة على كورنيش النيل ووسط البلد سترفع شعار «كامل العدد» خلال إجازات رأس السنة، وستسجل نسب الإشغال 100 فى المائة»، لافتًا إلى أن كل البرامج السياحية المنظمة بهدف زيارة القاهرة ستتضمن فى المقام الأول زيارة المتحف الكبير، والذى أصبح وجهة رئيسية ضمن برامج الرحلات السياحية إلى مصر.
بالتزامن مع رفع شعار «كامل العدد»، سينعكس قطعًا على زيادة أسعار الغرف الفندقية فى محيط المتحف المصرى الكبير، وهو ما أكده الخبير السياحي، منوهًا بأن أسعار الغرف الفندقية بالقاهرة والجيزة ستشهد ارتفاعا كبيرا خلال احتفالات الكريسماس، ومتوقع زيادة أسعار الغرف الفندقية فى القاهرة والجيزة بنسبة تُقدر بـ 40 فى المائة بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بخلاف أن متوسط إنفاق السياح الوافدين لمصر ارتفع بشكل ملحوظ بعد افتتاح للمتحف المصرى الكبير.
وأفاد «هزاع» بأن فنادق القاهرة والجيزة بمختلف درجاتها بداية من تصنيف نجمة وصولًا حتى تصنيف 5 نجوم ستشهد زيادة فى أسعارها، جراء ارتفاع معدلات الحجوزات.
وطالب الخبير السياحى بالتوسع فى إنشاء الغرف الفندقية فى القاهرة والجيزة، لا سيما المناطق الواقعة جغرافيًا فى محيط المتحف المصرى الكبير والأهرامات، فى ظل محدودية عدد الغرف فى القاهرة الكبرى والتى تقدر أعدادها بقرابة الـ35 ألف غرفة فقط، بهدف استيعاب أعداد السياح المتوقع قدومهم لزيارة المتحف المصرى الكبير، والمتوقع أن أعدادهم لن تقل عن 5 ملايين زائر سنويًا.
وكشف وزير السياحة، شريف فتحي، عن تحقيق زخم كبير فى السياحة الثقافية، حيث وصل عدد محبى هذا النوع من السياحة إلى 3 ملايين زائر حتى سبتمبر الماضي، متوقعًا زيادة كبيرة بعد افتتاح المتحف الكبير ومع اكتمال مشروع القاهرة التاريخية، منوهًا بأن عدد الليالى السياحية حتى نهاية أكتوبر بلغ 161 مليون ليلة، مع تحقيق نمو بنسبة 30 فى المائة فى متوسط الإنفاق السياحي.
وتأكيدًا لتصريح وزير السياحة، أشار الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف، إلى أن «متوسط الدخول اليومى للمتحف منذ افتتاحه فى الأول من نوفمبر الماضي، قُدر بـ 19 ألف زائر يوميًا من الزائرين المصريين والأجانب، ليتخطى حاجز الـ 600 ألف زائر خلال 30 يوما من الافتتاح الرسمى للجمهور».
ووفقًا لتصريحات وزير السياحة، حققت مصر إيرادات سياحية بلغت 9.6 مليار دولار خلال الفترة من يناير حتى نهاية يوليو 2025، بنمو 22 فى المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، مضيفًا أن عدد السياح الوافدين إلى مصر بلغ 10.4 مليون سائح خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025.
كما حققت مصر أرقاما قياسية العام الماضى 2024، سواء فيما يخص أعداد السياح أو فيما يخص الإيرادات المحققة، حيث زار مصر 15.7 مليون سائح، وحققت إيرادات قُدرت بـ15.3 مليار دولار، ومتوقع أن يزور مصر مع نهاية عام 2025 أعداد من السياح تتراوح ما بين 18 إلى 19 مليون سائح.
وبلغت نسبة مساهمة قطاع السياحة فى الناتج المحلى الإجمالى المصرى 3.7 فى المائة خلال عام 2024 - 2025، وهو ما جعل القطاع من أبرز عشرة أنشطة اقتصادية، كما شهدت مساهمة قطاع السياحة فى الناتج المحلى الإجمالى تطورات واضحة خلال الفترة (2014/ 2015 – 2024/ 2025)، حيث ارتفعت من 2.4 فى المائة خلال عام 2021/ 2022 إلى 3.1 فى المائة (2022/ 2023) ثم إلى 3.4 فى المائة (2023/ 2024) ثم إلى 3.7 فى المائة (2024/ 2025)، وهو أعلى مستوى خلال العقد، وعكس هذا النمو المتتالى تعافى القطاع بشكل قوى بفضل استقرار الأوضاع، وعودة حركة السياحة الدولية، ونجاح جهود الدولة فى تحسين البنية التحتية السياحية والترويج الخارجي، ما جعل السياحة أحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي.
وأضاف وزير السياحة، أن هناك انطباعات رائعة عن المتحف المصرى الكبير خلال جولاته الخارجية، حيث أشادت مختلف المحافل الدولية بتنظيم الافتتاح وما عكسه من تتويج لسنوات طويلة من العمل والبناء.
بدوره، قال عمارى عبد العظيم، الخبير السياحى ورئيس شعبة السياحة والطيران بالغرفة التجارية السابق، إن «العديد من شركات السياحة الأجنبية بدأت فى تنظيم برامج سياحية تجمع بين شرم الشيخ والقاهرة أو الغردقة والقاهرة، وذلك بسبب الطلب الكبير من السياح على زيارة المتحف الكبير، ليتضمن برنامج الرحلة السياحة الشاطئية والأثرية فى رحلة واحدة، وتنفيذ مثل البرامج سالفة الذكر، ستنعكس على زيادة أعداد الليالى السياحية التى يقضيها السائح بمصر بنسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30 فى المائة».
وتابع «عبدالعظيم»، أن زيادة الرحلات والبرامج، ستنعكس أيضًا على زيادة الرحلات الجوية الوافدة لمطار سفنكس، خاصة رحلات الطيران المنخفض التكاليف، والتى ستكون السبب الرئيسى فى زيادة نسب إشغال فنادق القاهرة الكبرى، فضلا عن زيادة الإيرادات، لاسيما أن السياح القادمين لزيارة المتاحف والمناطق الأثرية من ذوى الإنفاق المرتفع إذا ما قورن بسائح السياحة الشاطئية، قائلًا إن «متوسط إنفاق السائح القادم إلى القاهرة سيتراوح ما بين 250 إلى 300 دولار فى اليوم الواحد فقط.. فى حين أن نفس المبلغ ممكن يدفعه السائح فى مناطق السياحة الشاطئية فى مصر خلال أسبوع».
وأشار الخبير السياحى إلى أن «أبرز الجنسيات القاصدة لزيارة المتحف المصرى الكبير والسياحة الأثرية إجمالًا فى القاهرة، من كل من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا بالإضافة إلى زيادة أعداد السياح من أمريكا»، منوهًا بأن عدد السائحين الأمريكان ارتفع بنسبة 20 فى المائة خلال العام الجارى ليُحقق ما يقرب من 520 ألف سائح، ومؤكداً أن السوق الأمريكى أصبح من أهم الأسواق الداعمة لنمو قطاع السياحة فى مصر خلال السنوات الأخيرة، بخلاف استمرار وزيادة السياح من آسيا من كل من كوريا واليابان والصين، بالإضافة إلى زيادة فى الأعداد الوافدة من السياحة الهندية.
وأشار «عبدالعظيم» إلى أنه نتيجة النشاط السياحى فى القاهرة والجيزة، على خلفية الزخم وزيادة الأعداد من قبل السياح بأرقام غير متوقعة منذ افتتاح المتحف المصرى الكبير، بات هناك طلب كبير من قبل شركات الاستثمار فى مجال السياحة ورجال الأعمال للاستثمار فى إنشاء الوحدات الفندقية والشقق السياحية لاستيعاب الطلب المتزايد واستيعاب السياحة المتوقعة، بالإضافة إلى التوسع فى الاستثمار فى إنشاء المنشآت الفندقية، والمتمثلة فى الكافيهات والمطاعم، منوهًا بأنه توجد رغبة من قبل سلاسل عالمية فى توسيع مجال عملها ونشاطها فى السوق المصري، أو رغبة من قبل سلاسل عالمية أخرى لبدء نشاطها فى مصر بعدد من المقاصد السياحية، دون الاقتصار على القاهرة والجيزة.
وشدد الخبير السياحى على أن من علامات زيادة الإقبال السياحى على المتحف المصرى الكبير، وانعكاسه على الحركة السياحية فى القاهرة الكبرى، والمتوقع زيادتها يوما تلو الآخر، جودة الحملات الترويجية للمقصد السياحى المصري، بخلاف المشاركة المتميزة والفعالة فى المعارض الدولية، والاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الرقمية والسوشيال ميديا، لجذب السياح من مختلف دول العالم.
كما أشاد «عبدالعظيم»، بدور الدولة فى تعظيم الاستفادة من افتتاح المتحف المصرى الكبير بشكل خاص والسياحة المصرية بشكل عام، وذلك عبر التركيز على تأهيل البنية التحتية وعمليات التطوير المستمرة بالمزارات الأثرية والسياحية، ما عزز من الطلب على قضاء الإجازات والعطلات فى مصر.
وفى السياق ذاته، أكد وليد البطوطي، مستشار وزير السياحة الأسبق، أن الموسم الحالى يشهد إقبالاً سياحياً كبيراً من مختلف دول العالم، وليس فقط من السائح الأوروبى كما كان معتاداً، مضيفًا أن «الدعاية العالمية التى حصلت عليها مصر، منذ مؤتمر السلام فى شرم الشيخ، لعبت دوراً رئيساً فى إعادة توجيه أنظار العالم نحو المنتجعات المصرية سواء على البحر الأحمر أو جنوبه، إضافة إلى منتجعات الساحل الشمالى التى لا تزال جاذبة لبعض الجنسيات رغم برودة الطقس».
وأوضح مستشار وزير السياحة الأسبق، أن «الدولة والقطاع الخاص والفنادق وشركات السياحة أنهت استعداداتها بشكل كامل لاستقبال الزوار»، لافتاً إلى أن وجود المتحف المصرى الكبير أصبح عاملاً حاسماً، إذ بات المرور على القاهرة لزيارته وزيارة الأهرامات جزءاً شبه إلزامى ضمن البرنامج السياحى للزائر، ومتوقعًا أن تحقق فنادق القاهرة والجيزة فى الفترة بداية من 25 ديسمبر – موعد الاحتفال بالكريسماس عالميًا- حتى نهاية يناير، نسب إشغالات تتراوح ما بين 90 إلى 100 فى المائة فى جميع الفنادق، بخلاف تفضيل بعض السياح العرب قضاء إجازة رأس السنة فى مصر وإقبالهم على اختيار الشقق الفندقية من فئة الـ 5 نجوم، لا سيما إن كانت الأسرة كبيرة من حيث الأفراد.
وأكد «البطوطي» أنه «يوجد الملايين من السائحين حول العالم لديهم الرغبة فى زيارة المتحف المصرى الكبير خلال الفترة المقبلة، وذلك بسبب ما يتضمنه من كنوز أثرية فريدة ولا سيما مع وجود المجموعة الأثرية الكاملة للملك توت عنخ آمون»، مشيرًا إلى فوز مصر فى أكتوبر الماضي، كأفضل وجهة تراثية فى فئة الوجهات المتميزة، وذلك خلال الحفل الذى أقيم لتوزيع جوائز السياحة العالمية ضمن فعاليات الاجتماع السنوى لمنتدى السياحة العالمى فى العاصمة البلجيكية بروكسل.
وتابع: تم اختيار مصر لهذه الجائزة نظراً للجهود التى تبذلها فى الحفاظ على إرثها التاريخى والثقافي، وما تقوم به للترويج له ومشاركته مع المسافرين، ويُسلط حفل توزيع الجوائز الضوء على أفضل 100 جهة فاعلة تُشكّل مستقبل السياحة على مستوى العالم.
وكشف مستشار وزير السياحة الأسبق، أن «زيارة السائحين من كل دول العالم لزيارة المتحف المصرى الكبير والأهرامات لن تقتصر على موسم واحد فقط، وتحديدًا موسم الشتاء، ولكن زيارة المتحف المصرى الكبير من قِبل السياح ستكون طول العام»، مرجعًا ذلك إلى أن زيارة المتحف المصرى الكبير باتت على أجندة كل البرامج المنظمة لزيارة أى مكان سياحى فى مصر، سواء فى شرم الشيخ أو الغردقة أو الأقصر وأسوان، وهو ما سينعكس على وجود رواج وزيادة نسب إشغال فنادق القاهرة الكبرى على مدار العام.