فى خطوة مفاجئة أثارت جدلاً فى الأسواق الشعبية ومناطق بيع الملابس المستعملة، فرضت الجمارك قيودًا جديدة على «تجارة البالة»، بعد رصد زيادة ملحوظة فى التجارة غير الرسمية وانتشار بضائع مجهولة المصدر، وسط غياب للرقابة الصحية والجمركية على كثير من الشحنات.
أحمد عبدالواحد، رئيس شعبة مستخلصى الجمارك بغرفة القاهرة، أكد أن «القرار جاء نتيجة استغلال بعض تجار البالة كغطاء لتجارة غير مشروعة تشمل تهريب ملابس مقلدة أو غير صالحة للاستخدام، والإضرار بالصناعات المحلية بعد تزايد الاعتماد على الملابس المستعملة المستوردة بأسعار زهيدة، وأيضًا انتشار أمراض جلدية ناتجة عن تداول ملابس غير معقمة أو ذات مصدر غير معلوم».
«عبدالواحد»، أوضح أن «القيود الجديدة تشمل تشديد الرقابة الجمركية على واردات البالة وفحصها داخل الموانئ، ومنع دخول شحنات تحتوى على ملابس داخلية أو بياضات مستعملة حفاظًا على الصحة العامة، وإلزام التجار بالحصول على تراخيص محددة لمزاولة النشاط، وتجديدها سنويًا بشروط صارمة، مع تحديد منافذ بيع معتمدة فقط يُسمح لها بالتعامل فى البالة».
قرار «قيود البالة» حظى بترحيب من شركات الملابس الجاهزة، حيث قال محمد رمضان، المدير التنفيذى لإحدى كبريات شركات الملابس: مصر تمتلك قاعدة صناعية قوية فى مجال الملابس الجاهزة، ولذلك رحب عدد من منتجى الملابس الجاهزة، بقرار مصلحة الجمارك تشديد الإجراءات الجمركية على استيراد الملابس المستعملة، مما قد يشكل خطرًا كبيرًا، خاصة أن استيراد هذه الكميات يضر بتنافسية المنتج المحلى داخليًا، وتشديد الإجراءات الجمركية على استيراد الملابس جاء فى وقت يشهد فيه السوق المصرى ارتفاعًا فى كميات الملابس المستعملة التى تدخل عبر بنود مخصصة للاستخدام الشخصى، ما يؤدى إلى إعادة بيعها داخل الأسواق المحلية بأسعار أقل كثيرًا من نظيراتها المنتجة فى المصانع المصرية، وهو ما ينعكس سلبًا على معدلات مبيعات الشركات.
وأضاف: هناك بعض المستوردين يستغلون الثغرات التنظيمية عبر شحن كميات كبيرة تحت بند الاستخدام الشخصى، رغم أن الكميات الواردة تتجاوز بكثير هذا الغرض وتصب فى الأخير فى قنوات التجزئة، وغالبًا الملابس المستوردة تكون من ماركات تجارية عالمية وبحالة جيدة، ما يزيد صعوبة المنافسة مع المنتج المحلى الذى يواجه تحديات كبيرة فى التسويق الداخلى بسبب الملابس المستوردة.
وأبدى كثير من تجار البالة تخوفهم من التأثير السلبى للقيود، حيث قال «رمضان»، تاجر فى وكالة البلح: القرارات الجديدة ربما تكون مفيدة للحكومة لكنها ليست مفيدة للتجار، «إحنا بنسترزق، والناس مش كلها تقدر تشترى جديد البالة بتخدم أسر كتير، فليه نحاربها».
من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم مصطفى، الخبير الاقتصادى، أن «هذه القيود تهدف لحماية الصناعة الوطنية وتنظيم السوق، لكن يجب تطبيقها بحكمة دون الإضرار بالفئات الشعبية التى تعتمد على البالة كمصدر ملابس أساسى، مؤكدين أن الحل هو التنظيم لا المنع الكامل، والقرار الحكومى يمثل محاولة لضبط سوق عشوائى أصبح يشهد تجاوزات جمركية وصحية واقتصادية، ولكن تبقى المعادلة الصعبة، كيف نوازن بين حماية الاقتصاد والمستهلك، وبين استمرار باب رزق لآلاف البسطاء، فمثلا أصبح هناك قيود على ملابس البالة تتعلق بالجانب الجمركى والتنظيمى، حيث تفرض الحكومات رسومًا عالية (مثل 40 فى المائة جمرك + 14فى المائة قيمة مضافة فى مصر) وتحدد كميات مسموحاً بها للأفراد (مثل 150 كجم سنويًا للقادمين) لمنع تهريبها، وتشدد الرقابة على الاتجار غير المشروع بها لتجنب التهرب الضريبى وضمان سلامة المستهلك، مع توجيه الأفراد للتبرع أو إعادة التدوير بدلاً من التخلص العشوائى.