تحل اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاد المطربة التونسية الراحلة ذكرى محمد الدالي، الصوت الاستثنائي الذي ظل حاضرًا رغم مرور السنوات، تاركة خلفها مسيرة فنية غنية وأحداثًا مثيرة للجدل انتهت بمأساة ما زالت محفورة في ذاكرة جمهورها ومحبيها في العالم العربي.
ولدت ذكرى في منطقة وادي الليل بتونس، وكانت الأصغر بين أشقائها السبعة، وبدأ شغفها بالغناء منذ طفولتها حين وقفت على خشبة المسرح لأول مرة في برنامج المسابقات "بين المعاهد" بأغنية "اسأل عليا" لليلى مراد، وهي الأغنية نفسها التي شاركت بها في برنامج "فن ومواهب"، لتفوز باللقب عام 1983 بعدما بهر الحكام صوتها القوي وموهبتها الفطرية
منذ تلك اللحظة، انطلقت ذكرى بسرعة نحو النجومية، فقدمت أغنيتها الأولى "يا هوايا" من ألحان عز الدين العياشي، ثم شاركت في أول حفلة لها بمهرجان قرطاج في نفس العام.
ومع مرور السنوات، سجلت نحو ثلاثين أغنية في تونس قبل أن تتخذ قرار السفر إلى القاهرة، حيث بدأت مرحلة جديدة من مسيرتها الفنية بلقاء الموسيقار هاني مهنا، الذي أنتج لها أول ألبوم في مصر بعنوان "وحياتي عندك" عام 1995، ثم تبعه "اسهر مع سيرتك" عام 1996، لتثبت مكانتها كأحد أهم الأصوات العربية. وفي عام 1997، طرحت ألبوم "الأسامي"، ثم واصلت نجاحاتها حتى أصدرت "يانا" عام 2000، قبل أن تطلق ألبومها الأخير "يوم ليك ويوم عليك" عام 2003، الذي صدر قبل رحيلها بثلاثة أيام فقط.
قدمت ذكرى خلال مسيرتها عشرات الأغنيات التي لا يزال جمهورها يرددها حتى اليوم، خاصة باللهجة المصرية مثل "وحياتي عندك" و"مش كل حب" و"الله غالب" و"تبعد عني" و"فرصة أخيرة"، إلى جانب دويتوهات ناجحة أبرزها "نحلم إيه" مع أنغام و"ولا عارف" مع إيهاب توفيق.
كما تألقت في الغناء الخليجي من خلال أعمال راسخة مثل "ما فيني شيء" و"هذا أنا" و"أجيلك شوق" و"وينك أنت"، فضلاً عن تعاونها مع أبو بكر سالم في "يا مشغل التفكير". ولم يكن حضورها الفني مقتصرًا على الأغاني الفردية، بل شاركت أيضًا في أوبريت "الحلم العربي" عام 1998 نصرة للقضية الفلسطينية.
وعلى الصعيد الشخصي، تزوجت ذكرى من رجل الأعمال المصري أيمن السويدي، وعاشا فترة من حياتهما في الزمالك بالقاهرة، لكن زواجهما انتهى بمأساة هزت الوسط الفني والعربي بأكمله.
ففي 28 نوفمبر 2003، قُتلت ذكرى على يد زوجها في حادث مأساوي صادم، حيث أطلق النار عليها وعلى مدير أعماله ثم انتحر تحت تأثير الخمر، وتحولت جنازتها في تونس إلى مشهد مهيب حضره الآلاف، وسط حالة من الحزن والذهول.
وكانت الفنانة كوثر رمزي الشاهدة الوحيدة على لحظات ذكرى الأخيرة، حيث روت في لقاء مع الإعلامية هالة سرحان تفاصيل تلك الليلة قائلة إن أيمن السويدي كان في حالة غير طبيعية، وإنه كان شكاكًا وطلب من ذكرى أكثر من مرة أن تعتزل الغناء وتبتعد عن الأضواء، لكنها رفضت لأنها أدركت أن طلبه نابع من الغيرة والشك لا من الحب.
وأضافت كوثر أن أيمن اعتاد حمل سلاح رشاش داخل المنزل، ولم يخطر ببالها أن يستخدمه ضد زوجته، مؤكدة أن نجاتها من الحادث كانت بمثابة معجزة إلهية.