تمردت إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية على مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حركة حماس الشهر الماضي، حيث لم ترد على الوسطاء بشأنه رغم أنها سبق أن وافقت عليه، في مشهد عكس استهزاء بجهود الوسطاء المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وبعد أيام من ترقب الوسطاء الرد الإسرائيلي على مقترح التهدئة، تخللها تصعيد في القطاع، جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليطالب حركة حماس بالقبول بمقترح جديد.
ترامب من جانبه زعم أن إسرائيل قبلت بمقترح التهدئة، وأن على حركة حماس القبول به أيضًا، محذرًا إياها من عواقب الرفض.
ما هو المقترح الأمريكي؟
ويتضمن المقترح الأمريكي الذي يدور الحديث حوله تغيرات جوهرية -بحسب إعلام عبري- حيث إنه في اليوم الأول من سريانه سيتعين على حركة حماس إطلاق سراح جميع المحتجزين والبالغ عددهم 48 بينهم قتلى، مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام الكبيرة وآلاف المعتقلين.
المقترح يشمل كذلك وقف إسرائيل عملية "عربات جدعون 2" لاحتلال مدينة غزة، ويفتح فورًا مسار تفاوضي بإدارة من ترامب شخصيًا لإنهاء الحرب.
وبحسب المصدر ذاته، فإن على حماس أن تعتمد على وعود ترامب بإنهاء الحرب، وعلى الافتراض أنه بعد الإفراج عن الأسرى، فإن إسرائيل ستجد صعوبة في الحصول على شرعية داخلية وخارجية لمواصلة القتال في غزة.
وفي الإطار نفسه، أكد إعلام عبري عن مصادر مطلعة، أنّ "المقترح الأمريكي ينسجم مع مطالب إسرائيل لوقف الحرب".
ومطالب إسرائيل لإنهاء الحرب، هي: نزع سلاح حركة "حماس"، وإعادة جميع الأسرى سواء أكانوا أحياء أو أموات، وجعل القطاع خاليًا من السلاح، والسيطرة الأمنية عليه، وإقامة ما أسماه بـ"إدارة مدنية بديلة" بعيدًا عن "حماس" والسلطة الفلسطينية.
وعلى الصعيد الرسمي، لم يقل ترامب الذي يتبنى الرؤية الإسرائيلية سوى أن المقترح يتضمن إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، أما باقي الأمور، فخرجت من إعلام عبري.
وفي المقابل، أكدت حماس أنها جاهزة فورًا للجلوس إلى طاولة المفاوضات لبحث إطلاق سراح جميع الأسرى في مقابل إعلان واضح بإنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع، وتشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة من المستقلين الفلسطينيين تستلم عملها فورًا، مع ضمانة التزام العدو بشكل معلن وصريح بما سيتم الاتفاق عليه حتى لا تتكرر التجارب السابقة بالوصول إلى اتفاقات يرفضها أو ينقلب عليها.
هل ستقبل حماس بالمقترح الأمريكي؟
وفي هذا الصدد، أكد الدكتور مختار غباشي، الخبير السياسي والاستراتيجي، أن العرض الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحركة حماس، جاء وفق الهوى والرضا الإسرائيلي.
وقال غباشي، في تصريح لـ"دار الهلال"، إن الولايات المتحدة لا تقدم أي عرض لحماس إلا بالتشاور مع الجانب الإسرائيلي، حتى تُبلور فيه مطالب تل أبيب.
وشدد على أن الرئيس الأمريكي ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، كانا سببًا في إفشال كثير من المفاوضات والاتفاقيات السابقة، لصالح ما وصفه بـ"الكيان الإسرائيلي".
وأوضح الخبير السياسي والاستراتيجي أنه من الصعب جدًا أن تقبل المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة حماس، بهذا العرض، لأنه لا يمنح أي ضمانات حقيقية لإنهاء الحرب، فالعرض يتضمن تسليم جميع الأسرى، أحياءً وأمواتًا، في اليوم الأول، على أن يبدأ التفاوض بعد ذلك بشأن إنهاء الحرب بضمانات أمريكية، بينما تظل إسرائيل محتفظة بحق استئناف القتال إذا فشلت المفاوضات.
وأضاف: "المعضلة الأساسية هنا أن الضمانات الأمريكية غير موثوق بها، كما أنه لا ثقة في إسرائيل"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ليست وسيطًا، بل تتبنى الطرح الإسرائيلي وتحاول إقناع الآخرين به.
وتابع: "لولا وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في هذا العدوان، لما تمكنت من الصمود في حربها التي قاربت عامها الثاني".
واستشهد غباشي بعدم رد إسرائيل على مقترح وقف إطلاق النار الذي قبلت به حركة حماس الشهر الماضي، معتبرًا أن واشنطن ومن قبلها تل أبيب لا تقدّران قيمة جهود الوسطاء.
وزاد أن الولايات المتحدة تستهين بمصالحها مع العالمين العربي والإسلامي، وتستخف بكل طرف إقليمي ودولي في سبيل خدمة إسرائيل، في ظل عجز المجتمع الدولي عن القيام بدوره في وقف الإبادة.