رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

إسرائيليون وإخوان.. أبناء حسن البنا فى تل أبيب.. حملوا الجنسية وجُندوا فى جيش الدفاع الإسرائيلى


7-8-2025 | 19:49

.

طباعة
بقلـم: حلمى النمنم

جماعة حسن البنا تتواجد، كما يشيع قادتها، فى سبعين دولة، أحيانا يرفعون الرقم إلى تسعين دولة، والملاحظ أن أى بلد تواجد فيه أعضاء الجماعة، لم يسلم من محاولات الأذى التى يقومون بها، لدينا فرنسا نموذجا، حتى بريطانيا قاموا بعملية هناك فى التسعينيات مما استدعى أن تحكم المخابرات البريطانية قبضتها عليهم، وتقوم بتحريكهم حيث تريد.. أما ما قاموا به فى الدول العربية فنحن نراه عيانا بيانا، وقد كانوا يبررون شرورهم وتآمرهم على كل دولة بأنهم تعرضوا للاضطهاد وللظلم فى مصر أيام الرئيس عبدالناصر، وهذا ليس صحيحا، كان عبدالناصر يدللهم، ثم فوجئ بمحاولة الاغتيال التى قاموا بها فى أكتوبر سنة 1954، وكان يقف خلفها مباشرة عبد القادر عودة الرجل الثانى فى الجماعة.. ومع ذلك، إذا افترضنا أنهم اضطُهدوا زمن الرئيس عبدالناصر فى مصر، فإن المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات لم تضطهدهم، بل كانت هذه الدول حضنا دافئا لهم، جمعوا الأموال من هناك وحققوا تواجدا اجتماعيا، لكن يوم 12 أغسطس سنة 1990 قام صدام حسين باحتلال الكويت، يومها نظمت الجماعة مظاهرات تهتف لصدام وتساند الاحتلال: كان شعار المظاهرات: «أقدم أقدم يا صدام من صنعاء للدمام»، أى أنهم طالبوا صدام حسين البعثى باجتياح منطقة الخليج والجزيرة العربية بالكامل.

تنفرد جماعة الإخوان داخل إسرائيل بأنها لم تقُم ولم تحاول القيام بأى فعل ضد الحكومة ولا ضد دولة إسرائيل.. بل كانت دوما سندا للحكومات الإسرائيلية، بما فيها حكومة نتنياهو الحالية، هذه الحكومة قدمت قبل السابع من أكتوبر تشريعات للكنيست يقضى بابتعاد اللغة العربية عن المدارس الإسرائيلية، بلغة ثانية بعد العبرية، وكانت المفاجأة أن أعضاء الكنيست من الحركة الإسلامية ساندوا هذا التشريع بقوة، وخرج زعيمها الصيدلى عباس منصور ليقول ويرد على منتقديه من العرب الإسرائيليين «إسرائيل ولدت يهودية، عبرية وستبقى كذلك».

الرأى العام فى مصر والعالم العربى لم يكن يتابع تلك التفاصيل ولا سيرة تلك الجماعة داخل إسرائيل، مثلا سنة 2012/2013 حاولت الجماعة إرسال أعضاء منها عبر المناطيد إلى سوريا لمساندة الثورة السورية ضد بشار الأسد.. بينما كانت هناك وقتها عمليات للجيش الإسرائيلى فى غزة، على النحو المعروف.. وفى سنة 2013 نظموا مظاهرات داخل إسرائيل ضد ثورة 30 يونيو وقرارات 3 يوليو 2013.

ومن ثم، فإن المظاهرة التى قاموا بها الأسبوع الماضى فى تل أبيب لا يجب أن تفاجئنا كثيرا، المظاهرات كشفت الحقيقة، أمام الرأى العام العربى والمصرى، بل أمام العالم كله.

كل الذين شاركوا فى المظاهرة، من الإسلاميين والإسلاميات، يحملون الجنسية الإسرائيلية، وقد يكون بينهم مَن خدم فى جيش الدفاع الإسرائيلى.

مَن تابع اللافتات التى حملها المتظاهرات والمتظاهرون، سوف يجد أنها لم تذكر بالمرة أى عبارة عن احتلال غزة ولا عن إقامة دولة فلسطينية، فقط الغذاء.. باختصار لا كلمة يمكن أن تخدش أمن الحكومة الإسرائيلية ولا سمعة دولة إسرائيل.. لماذا؟

لأنهم مواطنون إسرائيليون يهمهم الحفاظ على دولتهم وحكومتهم وعلى مشاريعها، بما فيها مشاريع الاستيطان.

المظاهرة أُقيمت، وليس فى نية القائمين بها أن تسبب أى إزعاج ولو بسيطا معنويا لحكومة بنيامين نتنياهو.. وهنا يصبح السؤال: لماذا هذه المظاهرة الآن؟ ولماذا قررت الجماعة فى إسرائيل أن تشارك فيها بنفسها، ولا تكتفى بالأتباع من سيدات ارتدين العباءات وغطاء الرأس وشباب سبقتهم لحاهم وجلابيبهم أو بنطلوناتهم القصيرة..؟ ولماذا توارى اليهود الذين شاركوا فى الصفوف الخلفية وتجنبوا الظهور فى المشهد؟ ولماذا حرصت الأخوات بعد المظاهرة على التقاط الصور مع مجندات جيش الدفاع، ضاحكات سعيدات؟! إذا كنّ بالفعل حزنيات على أهل غزة، فما بال تلك الضحكات والسعادة التى ملأت وجوههن مع المجندات؟

بعد أحداث السابع من أكتوبر ورد إسرائيل العنيف على ما قامت به حماس، ظهر الصيدلى عباس منصور، أحد زعماء الحركة فى إسرائيل، على شاشة «B.B.C»، وعبّر عن تخوفه أن تتجه الحكومة الإسرائيلية إلى طردهم، إلى المناطق الفلسطينية وتأخذهم بجريرة ما قامت به حماس، وراح يعبر عن أمنياته أن لا تفعل حكومة نتنياهو ذلك، وأكد كثيرا على إخلاصهم للدولة (الإسرائيلية).

سوف نلاحظ كذلك أن عددًا من الإسرائيليين العرب، مَن يطلق عليهم فى الأدبيات «عرب 48» كانوا الأكثر ظهورًا فى الفضائيات العربية دفاعا عن حكومة نتنياهو، وما تقوم به بصورة لم يفعلها الإسرائيلى الخالص.. أحد هذه اللقاءات كانت مواجهة بين أحد أعضاء السلطة الوطنية الفلسطينية ومواطن إسرائيلى - فلسطيني.

المظاهرة التى أُقيمت حول السفارة المصرية، لا تستهدف مصر والمصريين فى المقام الأول، لكنها رسالة من الحركة الإسلامية فى إسرائيل، إلى الدولة العبرية، أنهم مواطنوها، وأن إسرائيل دولتهم وأنهم أشد إسرائيلية من أى يهودى وأكثر صهيونية من غلاة المشروع الصهيونى نفسه، هم أصحاب مقولة «إسرائيل وُلدت يهودية عبرية، وستبقى كذلك».

ودليل إسرائيليتهم أنهم قرروا الوقوف ضد مصر، تحديدا، لأنهم يعرفون أن الدولة التى يمكن أن تهدد إسرائيل وتثير مخاوف الإسرائيليين، باختصار يدركون أن بنادقهم يمكن أن تتوجه نحو مصر، إذا اقتضت مصلحة إسرائيل ذلك.. هناك فى إسرائيل سفارات أخرى لدول عربية، لكنها لا تعنيهم، يعنيهم أن يعلنوا لإسرائيل أنهم ضد مصر.

والحقيقة أن بعضا من الإسرائيليين العرب أو «عرب 48» كانوا دائما الأشد عداء لمصر والمصريين، نعرف جميعا أن إسرائيل كانت تضع الجنود الإسرائيليين - العرب فى المواقع المتقدمة بخط بارليف أثناء حرب أكتوبر 1973، وكثير منهم نال أوسمة من إسرائيل على شجاعتهم فى قتال المصريين، وهم اليوم يقولون لإسرائيل «فوهة بندقيتنا نحو مصر».

وإذا أضفنا إلى كل هذا الدوافع الأيديولوجية لدى أبناء حسن البنا فى إسرائيل، لكراهية مصر والمصريين تحديدا، بات الأمر مفهوما وواضحا لنا.

الدوافع الأيديولوجية لدى جماعة حسن البنا لا تبتعد كثيرا عن الدوافع الأيديولوجية فى دولة إسرائيل منذ تأسيسها، بل هما -كما قلنا سابقا- وجهان لعملة واحدة، وكم تعاونوا معا من قبل، وفى ذلك يطول الحديث بالوقائع.

حسن البنا وكل أتباعه قاموا لهدم الدولة الوطنية والقومية فى مصر ومن ثم فى أى دولة عربية، ليقيموا مشروع الخلافة، الذى لا يعترف بالجغرافية ولا بالحدود الوطنية، ولا الدولة القومية.

نفس الأمر يوجد لدى إسرائيل منذ أن تأسست على يد بن جوريون 1948، إسرائيل دولة بلا حدود نهائية إلى اليوم، ولا يريدون رسم حدود لها، بل هى دولة تتسع لكل يهودى، وإلى حيث يمكنها التمدد والسيطرة فى كل ناحية، سوريا، لبنان.. الأردن وهكذا.

وهى دولة تعكس الانتماء للدين، وتجعل ذلك هو الجنسية، صارت اليهودية لديهم جنسية وليست دينا واختيارا عقائديا، وهكذا جماعة حسن البنا، لذا لم تجد هذه الجماعة مشكلة فى وجود إسرائيل وسارعت فى بناء شعبة لها داخلها منذ سنة 1948، واعترفت الشعبة بالدولة العبرية وحملت جنسيتها وتحدثوا بالعبرية.

اللقاء بين الإخوانى الإسرائيلي، وحكومة نتنياهو، ليس فقط فى الجوانب الأيديولوجية، لكن تجمعهم الرغبة فى الانتقام من مصر، شعبا ودولة ورئيسا.

الدولة المصرية نجحت فى إجهاض المشروع الإسرائيلى بتهجير سكان غزة إلى سيناء وداخل مصر، نجحت الجهود المصرية فى إجهاض تلك الفكرة، لدى إسرائيل أولا، ثم لدى الرئيس ترامب فى تحويل غزة إلى ريفيرا الشرق الأوسط.. جهد جبار قامت به مصر، وكلل بالنجاح، ولم يكن ممكنا للحكومة الإسرائيلية أن تبتلع ذلك، فكان لابد من الرد والعقاب بتحريك أدواتهم من جماعة حسن البنا فى إسرائيل وفى خارجها.

الجماعة كذلك أُجهضت كل مشاريعها فى مصر وفى خارجها، بسبب ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو وقرارات خارطة الطريق، ونعرف أن كل الطرق أمامها سُدت، فلم يعد لديها سوى الانتقام والثأر، وهكذا التقى الشبيهان معا، مرة أخرى تؤكد الجماعة أنها الوجه الآخر للمشروع الصهيوني.. هم إسرائيليون، وإن أطلقوا لحاهم، وارتدوا بناطيل أو جلابيب قصيرة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة