رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أين البرامج التنفيذية لنشر الطاقة الشمسية؟ آن الأوان لتحرير سوق الطاقة


4-7-2025 | 17:31

.

طباعة
بقلـم: غالى محمد

لا خلاف على أن الرئيس عبدالفتاح السيسى نجح بقوة فى تحقيق الأمن القوى للطاقة منذ أن تولى الحكم فى عام 2014.

ولا خلاف على أن هذا من إحدى ثمار 3 يوليو 2013، والذى نجح الشعب المصرى بقيادة الرئيس السيسى فيه، بإزاحة حكم الإخوان الذى كان يهدد كل مصر المحروسة، وأدخل مصر فى دوامة أزمات الطاقة.

 
 
 

نعم، تحقق الأمن القومى للطاقة كإحدى ثمار 3 يوليو، وعقيدة الرئيس السيسى بأنه لا تنمية دون تحقيق الأمن القومى للطاقة.

 

وقد تحقق الأمن القومى للطاقة من خلال عدة مسارات، يأتى فى مقدمتها، تحقيق اكتشافات غازية كبيرة مثل حقل ظهر بشكل أساسى، الأمر الذى أدى إلى زيادة إنتاج مصر من الغاز الطبيعى، وبشكل ساعد على إنشاء أكبر محطات توليد الكهرباء، وهى محطات كهرباء «سيمنز» الثلاث العملاقة.

ولم يقف تحقيق الأمن القومى للطاقة عند زيادة الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعي، بل والتركيز على إنتاج الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة.

ولأن الهدف الأكبر هو الحفاظ على استمرار تحقيق الأمن القومى للطاقة، فكان الاتجاه -مثلما تفعل الدول الصناعية الكبرى- إلى استيراد الغاز الطبيعى المسال، حتى لا يتأثر إنتاج الكهرباء بالسلب، وتوفير الغاز الطبيعى للمصانع مع الانخفاض المؤقت فى الإنتاج المحلى من الغاز الطبيعي.

وبالفعل فقد أصبح لدى مصر ثلاثة من مراكب التغييز بميناء العين السخنة، لضخّ نحو 2.3 مليار قدم مكعب فى اليوم من الغاز الطبيعى المسال، حتى تتم المحافظة على معدلات إنتاج الكهرباء دون الحاجة إلى تخفيف أحمال الكهرباء.

وفى جميع الأحوال، فإن التحديات فى السنوات القادمة تحتم الاستمرار بقوة فى الحفاظ على الأمن القومى للطاقة، وتحقيق أمن الطاقة لكل المصريين، ولتحقيق أهداف خطط التنمية، ويساعد على ذلك أن مصر لديها بنية أساسية قوية فى مختلف مجالات الطاقة.

ومن ثم، فقد آن الأوان لتصور جديد لمكونات سلة الطاقة، خلال السنوات القادمة، وذلك للاستمرار فى الحفاظ على الأمن القومى للطاقة، وتحقيق أمن الطاقة.

وعندما نتحدث عن تصور جديد لمكونات سلة الطاقة، فلا أقصد أن يكون ذلك من خلال أُطر نظرية كخطط ورقية، ولكن آن الأوان لترجمته فى برامج عملية وتنفيذية على أرض الواقع.

وهذا هو محور هذا المقال، بأننا نحتاج من الآن إلى خارطة طريق للطاقة فى المرحلة القادمة، ولا سيما أن خطط التنمية والمشروعات وجذب الاستثمارات تتطلب المزيد من توفير الطاقة، حتى لا يتكرر ما حدث فى الأيام الماضية، وتضطر الحكومة إلى وقف ضخ الغاز الطبيعى إلى بعض المصانع.

نكرر، أننا فى حاجة عاجلة إلى إعادة النظر فى مكونات سلة الطاقة ووضع خارطة طريق جديدة وعاجلة لتوفير المزيد من الطاقة، وإلا تعثرت بعض خطط التنمية، وتعثرت طموحات جذب الاستثمارات المحلية والعالمية.

وإذا كانت الحكومة قد استطاعت تخطى عنق الزجاجة فى توفير الوقود البترولى لمحطات الكهرباء هذا الصيف من خلال زيادة وارادت الغاز الطبيعى المسال، فإن الأمر يتطلب ما هو أكثر من ذلك لتوفير الطاقة خلال السنوات القادمة، وبما يلبى طموحات الدولة لزيادة الاستثمارات المحلية والعالمية فى الصناعة والزراعة، وتوفير الطاقة للتوسع العمرانى والعقارى الذى زاد عن معدله فى السنوات الأخيرة.

وإذا لم يحدث هذا، فسوف يكون الاستثمار مهددا.

وإذا كنا نتكلم عن خارطة طريق جديدة للطاقة، فإننا نتحدث عن خارطة طريق للطاقة فى أرض الواقع.

وأول ذلك، أنه قد آن الأوان للبدء فى تحرير سوق الطاقة، ولا سيما أن الدعم قد أوشك على الانتهاء فى المنتجات البترولية والغاز الطبيعى والكهرباء.

وعندما نقول تحرير سوق الطاقة، فهذا لنفتح أمام القطاع الخاص المشاركة والمساهمة فى استيراد الغاز الطبيعى على سبيل المثال لتلبية احتياجات الصناعات القائمة والمشروعات الجديدة التى يتم جذبها كاستثمارات محلية وعالمية.

وهنا نقول إنه قد آن الأوان لمراجعة أسعار الغاز الطبيعى التى تذهب للمصانع، وليكن معلومًا لمن سيأتى للاستثمار فى مصر، أسعار الطاقة لتكون مثلها فى ذلك مثل الأسعار التى تحصل عليها هذه الاستثمارات فى الأسواق العالمية.

وفى هذا الشأن، لا يُعقل أن تعمل الحكومة على إلغاء الدعم فى أسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعى والكهرباء، ولا تزال المصانع تحصل على الغاز الطبيعى بسعر 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، فى حين تستورد الحكومة الغاز المسال بسعر شاملا تكلفة التغييز والنقل نحو17 دولارا للمليون وحدة حرارية.

وإذا كنا نطالب الحكومة بتحرير أسعار الطاقة، وفى مقدمتها أسعار الغاز الطبيعي، والسماح للقطاع الخاص والمستثمرين الجدد باستيراده، فإننا نطالب وزارة البترول بمراجعة طريقة حساب الغاز الطبيعى، وفقا لمعادلة سعرية يتفق عليها الخبراء مع الحكومة.

أدعو لتحرير أسعار الطاقة، وفى مقدمتها أسعار الغاز الطبيعي، لتوفير المزيد من الطاقة لخطط التنمية والاستثمارات الجديدة، لأنه لن يكون بمقدور الحكومة ممثلة فى قطاع البترول استيراد كل الاحتياجات من الغاز الطبيعى والمنتجات البترولية لتلبية احتياجات وطموحات خطط جذب الاستثمارات فى الصناعة والزراعة والتنمية العمرانية فى كافة أنحاء مصر المحروسة.

وعندما أقول تحرير الطاقة، وفى مقدمتها تحرير أسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعي، حتى تكون هناك حرية فى الاستيراد، بعيدًا عن استمرار احتكارات الهيئة العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية فى عملية استيراد المنتجات البترولية والغاز الطبيعي.

وليس سرًا، أن موارد قطاع البترول، المدعومة بموارد دولارية من جهات الدولة، خاصة وزارة البترول غير قادرة على الوفاء باستيراد الاحتياجات المتزايدة من الغاز الطبيعى المسال والمازوت، وأصبح يتم الاستيراد بآجال طويلة وقروض نظير دفع فوائد.

لذا، لا بديل عن فتح الباب للقطاع الخاص لاستيراد المنتجات البترولية والغاز الطبيعى المسال عبر وكلاء القطاع الخاص الذين تتعدد أسماؤهم فى الكواليس والخفاء هم بوابة استيراد المنتجات البترولية، والغاز الطبيعى المسال تحديدًا لقطاع البترول.

لذا إذا كنا نتكلم عن خارطة طريق جديدة للطاقة فى السنوات القادمة، فلا بد أن يكون تحرير سوق الطاقة أحد المكونات الأساسية لها.

وهنا لا نتجاهل إعادة الاعتبار للإنتاج المحلى من الزيت الخام والغاز الطبيعي، ولكن هذا يحتاج إلى خمس سنوات على الأقل ليعود الإنتاج إلى معدله الطبيعى وفقًا لتصريحات كل من الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، والمهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية.

لكن بعد هذه الفترة، فليس المطلوب عودة الإنتاج المحلى من الزيت الخام والغاز الطبيعى إلى معدلاته الطبيعية، لأن هذه المعدلات لا يمكن أن تلبى الاحتياجات المتزايدة من الطاقة لطموحات خطط التنمية والاستثمارات الجديدة خلال السنوات القادمة.

وحتى لو زاد الإنتاج المحلى من الزيت الخام والغاز الطبيعي، فإنه لا يكفى وحده لتلبية طموحات الدولة من الطاقة لمشروعات التنمية والاستثمارات الجديدة، وعلى هذا فقد آن الأوان لتحرير سوق الطاقة ليكون القطاع الخاص فى طليعته.

أما المحور الثانى فى خارطة الطريق الجديدة للطاقة، فلا بد من رؤى تنفيذية جديدة لنشر مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.

لا خلاف على أن الحكومة قد تحركت بقوة فى الفترة الأخيرة لجذب الاستثمارات فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، ولكن التحديات التى تواجهها مصر فى سوق الطاقة خلال الفترة الأخيرة، ارتباطًا بالأزمات والأحداث العالمية، تحتم ضرورة نشر الطاقة الشمسية تحديدًا بمعدلات أكبر من ذلك بكثير.

وعندما أقول ذلك، فهذا يأتى مصاحبًا لبداية توطين صناعة مكونات الطاقة الشمسية فى مصر، وبداية قيام شركة جديدة بتأسيس مشروع ضخم لمكونات الطاقة الشمسية، فى المنطقة الاقتصادية بالسويس.

وبعيدًا عن تلك المشروعات التى بدأت باستثمارات عالمية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فقد آن الأوان أن تكون هناك عدة برامج حكومية لنشر الطاقة الشمسية فى الواقع وبشكل مباشر مع الجهات المستفيدة، لكى نحد من استهلاك الكهرباء التى تعتمد على الوقود البترولي.

فماذا يمنع أن يتم إلزام كافة القرى السياحية فى الساحل الشمالى والعين السخنة وغيرهما، الاتجاه إلى مشروعات الطاقة الشمسية، لكى تعتمد عليها فى الإنارة بدلًا من استهلاك الكهرباء التى تعتمد على الوقود البترولى؟

وهذه القرى، تقع بالكامل فى مناطق سطوع شمسى، تتيح الاعتماد على الطاقة الشمسية فى إنارة هذه القرى، مع قيام الحكومة بتقديم الحوافز لهذه القرى لكى تتجه إلى الطاقة الشمسية.

وأيضًا ماذا يمنع الحكومة أن تلزم كافة المنتجعات السكنية فى المدن الجديدة، مثل القاهرة الجديدة والشيخ زايد والعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، سواء القائمة أو الجديدة، الاتجاه إلى الطاقة الشمسية، حتى لو فى الإنارات الخارجية فى البداية؟

وهنا ننبه أن مصر تشهد الآن حركة كبيرة من مشروعات التنمية العمرانية والعقارية، بخلاف المدن الجديدة، تحتاج إلى استهلاكات كبيرة من الكهرباء، فضلًا عن الحاجة لتوصيل الغاز الطبيعى لمساكنها.

وتشير كل المعلومات، إلى أنه سوف يكون صعبًا توفير كل ما تحتاجه من الكهرباء اعتمادًا على الوقود البترولي، الذى لا يوجد بديل عن استيراده بالأسعار العالمية وباعتمادات ضخمة من العملات الصعبة من الدولة.

وهنا نسأل: ماذا يمنع أن تتجه هذه المنتجعات السكنية إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية جزئيًا حتى لو فى الإضاءات الخارجية من أعمدة كهرباء أو أسوار أو الأبنية الخدمية؟

أيضًا، ماذا يمنع أن تتجه الحكومة إلى تبنى خطط عاجلة لكى يتم تحويل أعمدة الكهرباء على الكثير من الطرق الرئيسية لكى تعمل بالطاقة الشمسية، وكذلك داخل كافة المدن الجديدة، وإضاءة الأسوار الحكومية وأسوار كافة المنشآت والكيانات الحكومية والشركات والجامعات والمستشفيات وغيرها لتعمل بالطاقة الشمسية؟

وماذا يمنع أن تعمل كافة المشروعات الزراعية، سواء التى تتبع الدولة أو القطاع الخاص، لتعمل بالطاقة الشمسية؟

الأمثلة كثيرة، لكى تنتشر بها الطاقة الشمسية، وبما يؤدى إلى خفض استهلاك الكهرباء التى تعتمد على الوقود البترولي، لأنه دون ذلك، سوف يأتى وقت حرج للحاجة إلى المزيد من تدبير مليارات الدولارات لاستيراد الوقود البترولى من منتجات بترولية وغاز طبيعي، بأضعاف المبالغ التى يتم الاستيراد بها الآن.

وبدلا من أن نستورد بنحو مليارى دولار شهريًا غازا طبيعيا مسالا ومن إسرائيل ومنتجات بترولية الآن، فإذا لم نسارع بإحلال ونشر الطاقة الشمسية، فسنحتاج فى الوقت القريب 5 مليارات دولار شهريًا على الأقل لاستيراد المنتجات البترولية لتدبير احتياجات الطاقة خلال السنوات القادمة، فضلًا عن أن الصعوبات التى ستواجه تدبير هذه الاعتمادات سوف تكون بمثابة عوامل سلبية تواجه جذب الاستثمارات وتوفير الطاقة لمشروعات التنمية فى السنوات القادمة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة