رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مصر الشقيقة الكبرى وأصوات الدهماء " استغاثة غزة بين الوهم والحقيقه"


19-4-2025 | 18:51

.

طباعة
بقلم : طارق أبو السعد

بات من المؤكد أن الأحداث فى المنطقة العربية تصنع وتحاك لإسقاط مصر، فمن لم ير خيوط المؤامرة حتى الآن فليذهب لطبيب العيون، ومن لم يسمع أصوات النباح على مصر فليراجع طبيب الأُذن، ومن ينكر الإثنين فليراجع طبيبه النفسى.

 

قبل أى حديث عن مؤامرة استهداف مصر، من المهم أن نؤكد على التالى: حماية أهالى غزة هو الهدف النبيل ولكنهم يجعلونها بمثابة الطعم الذى يستدرجون به مصر، لأن القضية الفلسطينية قضية محورية ورئيسية للدولة المصرية وتحمل بعدًا من أبعاد الأمن القومى المصري، ومصر الدولة الوحيدة التى تقف بصلابة ضد التهجير وتصفية القضية وتدفع ثمنًا باهظًا عن قناعة وتحملًا للمسؤولية،

فمصر بأحوالها الاقتصادية الصعبة؛ أدخلت مساعدات للأشقاء فى غزة ضعف ما قدمه العالم أجمع، لإيمانها بعدالة القضية الفلسطينية، وأن الفلسطينيين لا يجب أن يدفعوا ثمن المقامرة والمغامرة التى صنعها قادة «حماس»، ولا أن يكونوا ضحايا للتوسع الإسرائيلى المتوحش، ومصر هى الوسيط القوى والمنحاز طوال الوقت لصالح الفلسطينيين، وترفض بشدة خطط إسرائيل بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو إلى أى مكان آخر، سواء قسرًا أو طوعًا، معتبرة ذلك تصفية للقضية الفلسطينية، ومع كل العقبات والحرب الإعلامية ضدها، تصر مصر على التعامل بشرف نادر فى الحياة السياسية الشرق أوسطية.

 

لماذا هذه المقدمة الطويلة، لأنه وببساطة، تعالت فى الآونة الأخيرة أصوات بالخارج والداخل تطالب مصر بالتدخل العسكرى فى غزة تحت مزاعم حماية أهالينا هناك، وأن هذا واجب عليها، وكأن مصر لم تتحمل فوق طاقتها أعباء الحروب ضد إسرائيل ومساندة المقاومة، قد يقول قائل لماذا نتكبد عناء الرد على تلك الأصوات الشاذة دعها تموت فى مهدها، ولا تلتفت لها فتحييها وتعطيها فوق قدرها، الحقيقة أخشى أننا لو أهملنا الرد على تلك الأصوات قد يتأثر بها بعض الشباب فيصدق الأكاذيب والشائعات التى تطلق ضد مصر، لهذا قررت الرد على تلك الأصوات بالمنطق، وبالحماسة وبالسياسة حماية للجبهة الداخلية.

هم يريدونها معركة عسكرية: يتركز الخطاب المعادى لمصر بمطالبتها بالتدخل لوقف الحرب، والتدخل المقصود هنا معركة عسكرية وليست معركة دبلوماسية أو سياسية، يعنى ببساطة أن يعلن الرئيس «عبد الفتاح السيسي» فى بيان للشعب أنه أمر القوات المسلحة المصرية باقتحام الحدود مع دولة الاحتلال «إسرائيل» وإطلاق صواريخ وراجمات صواريخ، وتبدأ الطائرات الحربية فى طلعاتها على أهداف إسرائيلية فى الأطراف وفى العمق، وأن يتحرك الأسطول المصرى تجاه السواحل الفلسطينية المحتلة، والبدء فى معركة بحرية وجوية وأرضية، يسقط فيها مئات الألوف من المصريين واشتعال الموقف كل هذا فقط للتخفيف عن الفلسطينيين فى غزة.

 

دعونا نمد الخط على استقامته، لدعوات التى تطالب مصر بالتدخل العسكرى لم تحدد المطلوب من التدخل العسكرى هل هى عملية محدودة لضم غزة إلى أم لإعادة حماس وقيادتها إلى غزة، أم هى عملية شاملة للدخول إلى تل أبيب وتحرير القدس ووضع نتنياهو فى قفص الأسرى.

 

هذا الغموض يكشف أن الغرض ليس تدخلًا عسكريًا بقدر ما هو الزج بمصر فى معركة متهورة، تنكسر فيها إرادة الشعب والجيش وتنهار العملة حتى نقبل بالمخطط الإسرائيلي.

ثم دعونا نسأل ما مصير القضية الفلسطينية بعد أن تحارب مصر؟ وتنتصر وبعد وسقوط شهداء، سيكون أمام الدولة المصرية ثلاثة سيناريوهات:

أولا: تسليم القطاع لحماس؟ ما الفائدة إذن فالقطاع كان تحت سلطتها المطلقة من 2007، فماذا صنعت به حولته لكومة تراب، وقادة حماس هم المسؤولون عن الوضع المأساوى هناك، لا أبرئ دولة الاحتلال من جرائمها ولكن على حماس تحمل نتائج قراراتها.

الثانى: يتم تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية؟ أيضًا ما الفائدة، فقد كانت السلطة تحكم القطاع والضفة وتخلت عن غزة فى ظروف لم يحن الوقت الكشف عنها.

الثالث: ضم القطاع لمصر كما حدث عام 1948، وهل بهذا أحيينا القضية الفلسطينية أم أننا صفينها وأنهيناها من الوجود، هل أزعجنا إسرائيل أم أرحناها من مسؤوليتها تجاه القطاع، ثم أليس هذا هو الوجه المقابل للتهجير؟ ألم تكن خطتهم الأولى نقل الفلسطينيين لسيناء، فلما فشلوا فى تنفيذها، انتقلوا للخطة (ب) وهى دفع مصر دفعًا للحرب وضم القطاع إليها.

الفوضى مرة أخرى: هجمة أخرى تشنها جماعة الإخوان الإرهابية عبر أحد أذرعها وهو «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، والذى أصدر فتوى بالجهاد المسلح وبما يملكه المسلم (أى مسلم فى أى مكان) من أدوات، لكنهم لم يستهدفوا الكيان الصهيونى مباشرةً، بل قالوها بوضوح الجهاد ضد سفارات إسرائيل فى العالم، أى أنهم يريدون أن تشتعل العواصم العربية التى بها سفارات إسرائيلية، أى إعادة الفوضى بالداخل العربى تحت مزاعم الجهاد.

هذا المنطق المعوج غير مدرك لطبيعة المعركة وطبيعة استهداف مصر، فهم يطالبون أن يموت المصريون دفاعًا عن غزة، وأن يدمر الاقتصاد المصرى دفاعًا عن غزة، وأن تتفكك اللحمة الداخلية المصرية دفاعا عن غزة، كل هذا ليهرب قادة حماس عن المساءلة الإنسانية والتاريخية عن عملية 7 أكتوبر ومآلاتها، أى منطق وأى عقل يقول إن يقوم جيش وطنى بالحرب نيابة عن شعب آخر؟

 

لماذ تحمل «حماس» وأبواقها الإخوانية الدولة المصرية عبء المواجهة، رغم أنّ حركات التحرير الوطنية في كل دول العالم تمت بقرار داخلي وعلى سواعد أبنائها.

 

لن أكرر مقولات تقليدية فى هذا الملف مثل أن مصر خاضت معارك كثيرة ودفعت أثمانا باهظة من دماء أبنائها ومن اقتصادها لصالح القضية الفلسطينية، رغم أنها حقيقة ساطعة كالشمس، لكن أحب أن أوضح أن الذين ينادون بالجهاد وبالتدخل العسكرى هم أنفسهم ولا أحد غيرهم سيهاجمون مصر على اتخاذها تلك الخطوة، هم أنفسهم الذين سيتخلون عن مصر وسوف يتركونها وشعبها يدفعون وحدهم الثمن باهظا مرة بعد مرة، ولن يعدموا مبررًا يعكرون به الرأى العام المصرى، وهم أنفسهم الذين انطلقت ألسنتهم باتهام مصر بحصار الفلسطينيين وهى التى تستقبل الأسلحة لإسرائيل فلماذا إذا كانت مصر كما يزعمون كذبا متواطئة ضد الفلسطينيين تريدون منها أن تكون هى المحرر لهم من الاحتلال.

 

دعونا نتحدث بصدق عن حقيقة تلك الدعوات ومصدرها أولا المصدر المتكرر والداعى للتدخل العسكرى لم يكن أبدا من داخل مؤسسات الدولة المصرية ولا من داخل المنظومة الإدارية المصرية ولا حتى من البرلمان المصرى ولا حتى من المعارضة الوطنية المصرية، إنما هى الأصوات الإخوان الإرهابيين والطابور الخامس، وهم جماعة لا يمكن اعتبارهم من المعارضة بأى حال من الأحوال، بل هم العدو فاحذروهم.

 

الهدف مصر وليس إنقاذ غزة، الهدف مصر وليس تحرير فلسطين والقدس، الهدف مصر لأنها آخر قلاع الوطنية فى المنطقة، أما تحرير القدس واستعادة فلسطين فتلك معركة فلن تتم وبيننا تنظيمات إرهابية يعملون بالوكالة عن مخابرات دول أجنبية.

الاكثر قراءة