منذ ما يقرب من عقدين ترشح الأستاذ صلاح منتصر لمنصب النقيب، وكان عموده اليومى بـ«الأهرام» يكتب به كثيرا ملاحظات ضد عمل المرأة وبتنويعات متعددة، ومنها «أطفال المفاتيح» وهو وصف لوضع المفتاح فى سلسلة برقبة الطفل حينما يعود من المدرسة، لأن الأم عاملة فيلتقط المفتاح من رقبته، ويفتح باب الدخول إلى المنزل.
ومن العادات الحميدة لانتخابات منصب النقيب إجراء مراسم لجلسة حوارية معه ومع أغلب الصحفيين بكل مؤسسة يزورها النقباء، وفى تلك الجلسة رفعت يدى وكان أستاذى مكرم زميل صلاح منتصر سابقا بـ«الأهرام»، وكلاهما لم يصرح يوما بأنه مرشح «الأهرام»، أو ينتمى إليها فقط، أو أن «الأهرام» فوق الجميع، رغم المكانة الكبيرة والمحترمة والمستحقة لـ«الأهرام» فى قلوب الجميع. المهم جلس الأستاذان على المنصة بمؤسستنا العريقة دار الهلال فرفعت يدى طلبت الكلمة، وأعطانى الأستاذ مكرم ورئيس التحرير بالمجلة، الكلمة، وسألت المرشح صلاح منتصر: حضرتك تكتب ضد المرأة العاملة، وحوالى 40 فى المائة من القوى العاملة الصحفية سيدات فكيف تبرر لنا ذلك وتطلب أصواتنا، فهل أنت متصور أن تنتخبك المرأة الصحفية؟ فابتسم أستاذى مكرم، وقال «الجون الأول واجلسى خلاص»، وأشهد أن الأستاذ صلاح منتصر لم يتراجع أو يبرر رأيه والذى اعتمد على ما يكتبه بعموده، ولم ينجح وقتها فى الفوز بمنصب النقيب، ولكن سؤالى له كان أيضا من جهة أخرى رغم الخسارة، بداية لعلاقة اهتم فيها بمتابعة كتابة المشاغبات من صنف نون النسوة وأنا منهن، وكثيرا ما أشار إلى عملى بالتعليم بعد ذلك.
بعدها بعشر سنوات تقريبا، وفى أول ظهور للمجالس الإعلامية المستقلة عقب دستور 2014، كتبت مقالا طويلا عريض المنكبين، عنوانه «الصحفيات المصريات ناقصات كفاءة صحافة» بمناسبة عدم ترشيح اسم أى سيدة فى هيئات الصحافة الجديدة، واستشهدت بتاريخ وأسماء لأستاذات كبيرات منهن، وعلى رأسهن أمينة السعيد، وكيلة نقابة الصحفيين، والأولى والأخيرة حتى الآن كرئيسة تحرير لمطبوعة قومية سياسية وليست نسائية، وكذلك أمينة شفيق التى انتخبها الجميع رغم انتمائها لليسار، المفارقة أن الفيسبوك ذكّرنى بالمقال يوم الأحد الماضى بعد إرسال المقال.
المهم بعدها مباشرة وجدت مكالمة من أستاذى مكرم وكان رئيس المجلس الأعلى للإعلام وقتها، وقال لى «جبت جون حلو»، وسيتم ترشيح نساء وليس أنتِ طبعا، وضحكته جلجلت، وأضاف: «وشدى حيلك بقى فى انتخابات النقابة القادمة لحشد الستات تنتخب ستات»، تذكرت هذه المواقف النقابية، وما أكثرها مع أستاذى، فكنت من أوائل الذين طرحوا عليه إنشاء مركز للتدريب الصحفى بالنقابة، وبعدها طلب منى رأيا علميا وأكاديميا حول إنشاء مستشفى للصحفيين، وعملت الواجب طبعا، وأبلغته بنتيجة دراسة الجدوى، وأنه أمر غير مستحب، و«بير ليس له قرار» وسيفشل، واستمع للكلام ولم يطرح فكرة المستشفى مرة أخرى، تذكرت كل مشاغباته بل دفاعه عنا وعنى أمام تعنت وزراء التعليم وكذلك الحوار معه، حينما كان نقيبا، ومنها وصيته لى شدى حيلك فى دعم المرأة، ونحن على أبواب المعركة الانتخابية التى تترشح لها بصعوبة بالغة أكثر من اسم من الزميلات الصحفيات، فهناك نموذج فقط لشكل وآراء مَن تفوز ولا بد تكون بمواصفات رجالى إن أمكن.
لذلك قررت ومن موقعى كمشاركة انتخابية عتيدة لأكثر من ثلاثة عقود أن أطبق نصيحته، وأن أكون إيجابية، وأجمع وأحشد سيدات الصحافة، وهن كثيرات بكمباوند الصحفيين الذى أسكن به.
نعم، مدينة الصحفيين بالتجمع، وهى التى حصل على أرضها أسوة بالأزهر والدبلوماسيين وغيرهم فى التسعينيات الأستاذ إبراهيم نافع، وتمسك بها الأستاذ مكرم محمد أحمد فى معارك طويلة، وتأخر دفع أقساط، وكمل المشوار بجهد لا يمكن إنكاره جلال عارف، ولولا مجهود خارق منهم، وتحديدا من د. طه عبدالعليم الذى توفى مؤخرا، وكذلك المرحوم الزميل ياسر رزق وبمشاركة يحيى قلاش ومحمد بركات فى السعى لعقد اتفاق مع هيئة الأوقاف برئاسة الوزير د. حمدى زقزوق لتمويل البناء وبقرض ميسّر ونسبة من المكان، لما اكتمل هذا المشروع الذى استمر سنوات طويلة، وحتى وقت قريب أيضا حيث يهرب الصحفيون وأقاربهم من اكتمال الحجز به رغم أنه كان مفتوحا للجميع سنوات طويلة، لولا بعض المغامرين -ذوى النظر البعيد كالعادة- فى قرار الانتقال وبدايات السكن بالمجتمعات العمرانية الجديدة، لما اكتمل هذا المشروع، ودفع به الجميع دم قلبه على أقساط طويلة، وبنظرة مستقبلية مقابل تهكم، ورفض البعض ترك مسكنهم القديم، حتى لو كان بمحافظات أخرى.
هذا النجاح والإصرار من ثلاثة نقباء على اختلاف انتماءاتهم للمؤسسات الصحفية على إكمال المشروع وللجميع «صحفيين وأوقاف» وغيرهم الذين صبروا ما كان اكتمل المشروع والمحسود الآن، لذلك من موقعى كنسوية صحفية سوف أقترح تأجير أوتوبيس لنساء الكمباوند لمواجهة ارتفاع أسعار البنزين بشكل يفوق مرتباتنا التى هى تقريبا بالحد الأدنى للأجور وكذلك ومعاشاتنا للذهاب للتصويت يوم الانتخابات، ونرفع شعار «شكرا للنقباء والراحلين».
وفرصة أعمل مخططا لهذا التكتل الانتخابى وأطرح عليهن حلمًا، وأتمنى أن يكون المجلس القادم مناصفة حريمى ورجالى أى فوز 3 سيدات، و3 رجال، وباعتبارنا عزوة حريمى من أرباب الكمبوندات، ونكسر الاحتكارية الذكورية وواحدة فقط تكفى، والتى تستنسخ ولا تطبق إلا فى شئون الزواج والذى منه، وبذلك أكون سمعت كلام أستاذى مكرم فى حشد الصحفيات رغم أننا قلة غير مندسة، والعياذ بالله.
أما بقية أمور الانتخابات من مناصب النقيب وغيره وأغلبها رجالى والحمد لله، فسوف أنتخب نقيبا يقف مع المرأة ويتضامن فى القضايا التى تخصها سواء أمام القضاء أو العضوية، ومَن يتضامن مع حريتهن خاصة فى ملف الحريات، وألا ينتقص منها تحت دعاوى تعديل القانون، فالمناخ غير مناسب مش كده ولا إيه؟، سأنتخب أيضا مَن يهتم بملف الخدمات خاصة بعدما حسم من أيام النقيب ضياء رشوان على ما أتذكر زيادات «بدل المهنة» للجميع من الصحفيين، وأنه ليس مرتبطًا بالانتخابات أو اسم المرشح، وإنما البدل هو للجمعية العمومية للصحفيين وبخطابات رسمية كمان، سوف أنتخب النقيب المتفرغ للنقابة كعمل تطوعى من الصباح للمساء، ويرد على الهاتف والرسائل، والذى يتضامن معنا ويطالب برفع الخصم علينا من البدل رغم وجود فتاوى وقرارات حكومية لمواجهة الهزال فى المرتبات والمعاشات والعقود والتى كلها يخصم منها، والتى أرى أنها تمثل ازدواجية ضريبية للفرد الصحفى الواحد.
وأعتقد أننى بحكم الجيرة بالصحفيين والزمالة والجمعية العمومية أتمنى إقناع السيدات الصحفيات بالتصويت، ولمَن تفرغ لنا يكمل الأمل والمشوار، وساند قضايا الصحفيات والصحفيين ممن لا يحتكرون المناصب. فهلُمَّ بنا معشر الصحفيات، و«يا ريت والنبى الصحفيين أيضا نصوت للصحفيات ونكسر التابو، واحدة تكفى».
اللهم بلغت ونلاقيكن ونلاقيكم على خير فى يوم ولا أروع، وهو انتخابات الصحفيين، وكفاية تكويش والنبى.
