تحل اليوم السابع والعشرين من ديسمبر، ذكرى ميلاد أحد أكثر فناني مصر شمولاً وثقافة، "الضاحك الباكي" ومطرب "السكر نبات"، الفنان الكبير سمير صبري. تمر هذه الذكرى لتذكرنا برجل لم يكن مجرد ممثل، بل كان ظاهرة إعلامية وصناعة فنية متكاملة، استطاع أن يجمع بين خفة ظل "المنولوجيست" ورصانة المحاور التلفزيوني وعمق الممثل الأكاديمي.
ولد سمير صبري في مدينة الإسكندرية عام 1936، ونشأ في بيئة منفتحة ساهمت في تشكيل وجدانه الفني، بدأت رحلته مع الشهرة بمحض الصدفة حين التقى بالعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، والذي قدمه للإعلامية الكبيرة آمال فهمي، لتبدأ من هنا رحلته في البرنامج الشهير "ركن الطفل" باللغة الإنجليزية.
لا يمكن ذكر سمير صبري دون التوقف عند محطته الإعلامية الأبرز. فقد أحدث ثورة في البرامج الحوارية من خلال برنامج "النادي الدولي"، ثم "هذا المساء". تميز صبري بقدرته الفائقة على استنطاق ضيوفه، حيث حاور عمالقة من طراز أم كلثوم، والكاتب توفيق الحكيم، وصولاً إلى نجوم هوليوود، مما جعله "أرشيفاً متحركاً" لتاريخ الفن في مصر.
على الشاشة الكبيرة، قدم سمير صبري أكثر من 200 عمل سينمائي، تنوعت بين الكوميديا، والأكشن، والدراما الاجتماعية. ومن أبرز محطاته:
"البحث عن فضيحة": الذي كشف عن موهبة كوميدية فذة.
"وبالوالدين إحسانا": حيث قدم أدواراً تراجيدية مؤثرة.
"التوت والنبوت": الذي أكد فيه على قدراته التمثيلية المركبة.
ولم يكتفِ بالتمثيل، بل دخل عالم الإنتاج وأنتج أعمالاً هامة منها فيلم "جحيم تحت الماء".
رحل سمير صبري في مايو 2022، تاركاً وراءه إرثاً من الحب والوفاء. فقد عُرف في الوسط الفني بكونه "صاحب صاحبه"، والداعم الأول لزملائه في أزماتهم، وظل حتى آخر أيام حياته يمارس شغفه من خلال برنامجه الإذاعي "ذكرياتي"، مسجلاً شهادات تاريخية لنجوم الزمن الجميل.
في ذكرى ميلاده، يبقى سمير صبري نموذجاً للفنان المثقف الذي احترم جمهوره، فاحتل مكانة لا يملأها غيره في ذاكرة الفن العربي.