نحتفل اليوم بذكرى عيد بورسعيد القومي، ذكرى مدينة صنعت من الصمود أسطورة، ومن الدم الطاهر راية نصر، مدينة وقفت في مواجهة العدوان الغاشم بقلب لا يعرف الخوف وإرادة لا تنكسر.
بورسعيد، تلك المدينة الباسلة ذات الأرض العطرة التي ارتوت بدماء شهدائها وأبطالها، جسّدت معنى الوطنية الحقة حين تصدى أبناؤها بكل قوة وبسالة للعدوان الثلاثي الغاشم، رافعين رؤوسهم شامخة، ومتسلحين بإيمان لا يلين بأن الوطن لا يُمس ولا يُدنس. ولم تكن بورسعيد مجرد مدينة مقاومة، بل كانت وما زالت مدينة بحرية وتجارية ذات مكانة استراتيجية، تضم معالم خالدة مثل ميناء بورسعيد، ومبنى هيئة قناة السويس، والفنار القديم، ما جعلها مطمعًا لأطماع الأعداء.
بعد تولي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حكم مصر، بدأت الدولة تخطو بثبات نحو الاستقلال الحقيقي، رافضة أي تدخل أجنبي في شؤونها. وجاءت اتفاقية الجلاء عام 1954 لتضع حدًا للوجود البريطاني، ثم قرار تأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956 ليكون الشرارة التي فجّرت غضب قوى الاستعمار، ويكشف عن مخطط عدواني شاركت فيه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل للنيل من مصر وكسر إرادتها.
في 5 نوفمبر 1956، بدأت قوات الاحتلال غزو بورسعيد بعد قصف عنيف وتمهيد جوي وبحري، ظنًا منهم أن المدينة ستسقط سريعًا، لكنهم فوجئوا بمقاومة شعبية جسورة، خاض فيها أبناء بورسعيد معارك بطولية، وضربوا أروع الأمثلة في الفداء والتضحية، لتتحول المدينة إلى رمز عالمي للصمود.
وتحت ضغط المقاومة الشعبية والمواقف العربية والدولية، اضطرت قوات العدوان إلى الانسحاب، حتى رحل آخر جندي محتل عن أرض بورسعيد في 23 ديسمبر 1956، ليبقى هذا اليوم عيدًا قوميًا خالدًا، نحتفل به اليوم بكل فخر، ونستعيد فيه ملحمة مدينة لم تنكسر، وشعب علّم العالم معنى النصر والكرامة.