وقع قادة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU) اتفاقية تجارة حرة مع إندونيسيا، وذلك في ختام قمة نهاية العام التي استضافتها مدينة سان بطرسبرغ الروسية، في خطوة جمعت بين توسيع الشراكات التجارية الخارجية واعتماد خارطة طريق داخلية طويلة الأمد لتعميق التكامل الاقتصادي داخل التكتل حتى عام 2045، وفق ما أعلنته الرئاسة الروسية "الكرملين".
وعكست القمة سعي الاتحاد إلى ترسيخ سوقه الداخلية، مع التوسع الانتقائي خارج حدوده، في ظل مساعي الدول الأعضاء إلى استقرار حركة التجارة والمدفوعات وتدفقات الاستثمار، في وقت تواجه فيه ضغوطًا جيوسياسية مطوّلة وتراجعًا في فرص الوصول إلى الأسواق الغربية.
وجاء الاتفاق مع إندونيسيا ضمن نحو 20 وثيقة أقرّها اجتماع المجلس الاقتصادي الأوراسي الأعلى، بحضور رؤساء روسيا وبيلاروس وكازاخستان وقيرغيزستان، إلى جانب رئيس وزراء أرمينيا، كما شارك وزير التجارة الإندونيسي بودي سانتوسو في المباحثات، فيما حضرت عدة دول بصفة مراقب في الجلسة الموسعة.
ويوسع الاتفاق مع إندونيسيا من الحضور التجاري الخارجي للاتحاد، متجاوزًا نطاق أعضائه الخمسة، في وقت يكثف فيه التكتل جهوده لخفض الرسوم الجمركية، وتحسين الخدمات اللوجستية، وتعزيز الترابط المالي، استجابةً للتحديات الجيوسياسية والقيود المرتبطة بالعقوبات.
ورغم عدم إعلان أرقام أو توقعات تجارية محددة، فقد قدم المسئولون الاتفاق باعتباره خطوة نحو تنويع أسواق التصدير وتعزيز سلاسل الإمداد مع أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا.
وبالتوازي مع ذلك، صادق القادة على خطة عمل تعرف باسم «المسار الاقتصادي الأوراسي»، وهي خارطة استراتيجية لتنفيذ إعلان التنمية الخاص بالاتحاد حتى عام 2030، مع أفق أطول يمتد حتى عام 2045، وغالبًا ما يصفها المسئولون بأنها أجندة «الاتحاد الاقتصادي الأوراسي 2.0»، وتركز على تعميق تكامل أسواق رأس المال، وتطوير ممرات النقل، وتوحيد الأطر التنظيمية.
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الدول الأعضاء إلى الاستفادة بشكل أكبر من شركة إعادة التأمين الأوراسية، وهي مؤسسة مدعومة من الاتحاد تهدف إلى دعم التجارة والاستثمار عبر الحدود، وقال إن طاقتها «يجب أن تُستخدم على نحو أوسع»، في إطار التوجه نحو إنشاء سوق مالية مشتركة تتيح وصولًا أوسع إلى الائتمان والتأمين والأوراق المالية.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية للمدفوعات، أشار بوتين إلى أن الاتحاد بنى نظامًا «مستقرًا ومستقلًا»، لافتًا إلى أن العملات الوطنية باتت تمثل 93% من التسويات المتبادلة بين دوله.
وسلط الرئيس الروسي الضوء على تحسن الأداء الاقتصادي هذا العام، مشيرًا إلى نمو الإنتاج الزراعي بأكثر من 20% على مستوى التكتل، وارتفاع مبيعات التجزئة بنحو 3%، وزيادة نشاط قطاع البناء بنسبة 4.7%، كما أوضح أن صادرات روسيا غير النفطية إلى شركائها في الاتحاد ارتفعت بنحو 20% خلال الأشهر العشرة الأولى من العام لتصل إلى حوالي 32 مليار دولار، من إجمالي تجارة بلغ نحو 73 مليار دولار.
ومن جانبها، استغلت إيران، التي تتمتع بصفة مراقب في الاتحاد، القمة للتأكيد على اهتمامها بالمسار الاقتصادي للتكتل، وفي رسالة قرأها سفيرها لدى روسيا، وصف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان التعاون مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بأنه استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز السيادة الوطنية والمرونة الاقتصادية الإقليمية.
وأشار بزشكيان إلى أن اتفاقية التجارة الحرة بين إيران والاتحاد، التي دخلت حيز التنفيذ في مايو الماضي، تمثل خطوة «مهمة» أسهمت بالفعل في توسيع حجم التبادل التجاري، مع إمكانية تحقيق زيادات أكبر في السنوات المقبلة. وركز على مجالات النقل وأمن الطاقة والبنية التحتية المالية والتكنولوجيا كأولويات رئيسية، دون تقديم أرقام محددة.
كما أكد مسئولون إيرانيون خطط بلادهم لاستضافة اجتماع لوزراء تجارة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، إلى جانب معرض تجاري أوراسي في طهران في فبراير 2026، في إطار مساعٍ لتعزيز دور إيران كحلقة وصل تجارية وعبور إقليمي.
وشملت مخرجات القمة أيضًا الموافقة على إطلاق محادثات مع أوزبكستان بشأن تبادل المعلومات في مجال النقل الدولي، بما يعزز الجهود الرامية إلى تبسيط حركة العبور عبر آسيا الوسطى.
ويذكر أن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تأسس بموجب معاهدة وقعت عام 2014 ودخلت حيز التنفيذ في 2015، ويضم في عضويته أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وروسيا، بينما تتمتع كل من كوبا وإيران ومولدوفا وأوزبكستان بصفة مراقب.