كانت مدينة شرم الشيخ المصرية، أمس الاثنين، محط أنظار العالم، إذ اجتمع 28 زعيمًا دوليًا دعمًا وتأييدًا لاتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة، والذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية–قطرية–تركية–أمريكية، لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية التي خلّفت تداعيات خطيرة على الإقليم بأسره.
وأكد سياسيون أن القمة تمثل تتويجًا لجهود مصرية متواصلة استمرت لعامين دون انقطاع، للمطالبة بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، دعمًا للقضية الفلسطينية التي تتحمل مصر أعباءها منذ عقود.
وأشار السياسيون إلى أن مصر نجحت في توظيف الثقل الدولي الذي حظيت به القمة، والمتمثل في حضور قادة ورؤساء دول عربية وإسلامية وغربية، لغلق الباب أمام محاولات إسرائيل استئناف الحرب في القطاع من جديد.
وأضافوا أن القمة تعكس نجاح الدبلوماسية المصرية في إدارة المشهد، وتحويل البوصلة من مسار التهجير القسري للفلسطينيين إلى مسار إعادة الإعمار وبناء السلام.
نقطة تحول تاريخية
وأكد حسن ترك، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، أهمية قمة شرم الشيخ التي عُقدت أمس، مشيرًا إلى أن العالم بأسره كان ينتظر اللحظة التي تمخضت عنها، والمتمثلة في وقف حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة ضد شعب أعزل لا يملك سلاحًا.
وأوضح ترك، في حديثه لـ"دار الهلال"، أن الثقل الدولي الذي حضر القمة، وفي مقدمته الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان كافيًا لوضع حد لهذه الحرب أو لأي هاجس إسرائيلي باستئنافها.
وفي هذا السياق، ثمَّن رئيس الحزب دور الدبلوماسية المصرية، التي عملت ليلًا ونهارًا من أجل إنهاء الحرب، ودعمت خيار "حل الدولتين" باعتباره المخرج الواقعي لهذا الصراع.
وأشار إلى أن مصر نجحت في تغيير موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أقصى اليمين إلى اليسار، فبعد أن كان يتحدث عن تهجير الفلسطينيين و"ريفييرا"، أصبح شريكًا أساسيًا إلى جانب مصر والدول الإقليمية في إنهاء الحرب والمطالبة بوقفها.
واعتبر ترك أن ما جرى في شرم الشيخ يعادل، أو ربما يتجاوز، ما تحقق في قمة "كامب ديفيد" التي أبرمتها مصر مع إسرائيل في القرن الماضي، مؤكدًا أن قمة شرم الشيخ ترسم طريقًا لتسوية أوسع في المنطقة.
ووصف القمة بأنها "ضربة قاسية" لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراء حكومته الذين طالما رفضوا وقف الحرب لمصالحهم السياسية.
وشدد على أن ما تحقق هو ثمرة صمود الشعب الفلسطيني، وجهود الدبلوماسية المصرية التي لم تتوقف على مدار عامين لوقف الإبادة.
واختتم ترك حديثه بالإشارة إلى أن المحطة الأهم في القمة كانت تغير الموقف الأمريكي، ودعم وقف الحرب بإعلان شخصي من الرئيس دونالد ترامب.
توحد رسائل المجتمع الدولي
فيما قال الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة إن قمة شرم الشيخ مثّلت لحظة فارقة لإعادة هندسة الزخم الدولي تجاه وقف الحرب في غزة، موضحًا أن أهم نتائجها تمثّلت في توحيد رسائل المجتمع الدولي حول ضرورة وقف النار، وتوسيع الممرات الإنسانية، والبدء في مسار سياسي جاد يضع الحقوق الفلسطينية في قلب أي تسوية، مع إبراز مسؤولية الأطراف كافة عن حماية المدنيين ومنع توسيع نطاق الصراع.
وأشار عبد العزيز، في حديث لـ"دار الهلال"، إلى أن القمة رسّخت ثلاث معادلات حاكمة: لا تهجير ولا تغيير قسري للواقع الديموغرافي، لا شرعية لفرض الأمر الواقع بالقوة، ولا سلام مستدامًا من دون أفق سياسي يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
واعتبر أن هذا التوافق على المبادئ يمنح المفاوضات اللاحقة إطارًا واضحًا للمحاسبة والتقدم.
وعن الدور المصري خلال القمة، أكد رئيس حزب الإصلاح والنهضة أن مصر أدارت المشهد بميزتي المصداقية والقدرة على التأثير: استضافة ومنصة جامعة، ووساطة عملية تمزج بين القنوات السياسية والأمنية والإنسانية، وتقديم ضمانات تنفيذية لما يُتفق عليه، مع الحفاظ على خطوط مصر الحمراء الرافضة للتهجير القسري والمسّ بالأمن القومي.
واختتم عبد العزيز بأن ما بعد شرم الشيخ يبدأ من البناء على هذا التوافق: تثبيت وقف إطلاق النار، مضاعفة المساعدات، إطلاق مسار إعادة الإعمار، ودفع العملية السياسية بخطوات قابلة للقياس والزمن، مشددًا على أن حزب الإصلاح والنهضة يدعم بالكامل الدور المصري المتقدّم كضامن للسلام العادل وركيزة لاستقرار الإقليم.
تتويج لمعركة دبلوماسية
ومن جانبه، أكد كمال حسنين، رئيس حزب الريادة، أن قمة شرم الشيخ، التي جاءت عقب نجاح جهود الوساطة في مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، تُعد تتويجًا لمعركة دبلوماسية خاضتها الدولة المصرية على مدار عامين من حرب الإبادة، سعيًا لحقن دماء الشعب الفلسطيني.
وقال حسنين، في حديثه لـ"دار الهلال"، إن مصر، بما شهدته القمة من ثقل دبلوماسي تمثل في حضور قادة عرب وإسلاميين وأوروبيين، فضلًا عن مشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أغلقت الباب أمام إسرائيل لمحاولة استئناف الحرب مجددًا، كما حدث في مارس الماضي عندما انتهكت الاتفاق الذي أُبرم في يناير.
وأضاف أن ما جرى يمثل تأكيدًا دوليًا على الالتزام بتنفيذ الاتفاق، إذ أصبح العالم بأسره شاهدًا عليه، وإن كانت إسرائيل، كما هو معروف عنها، ناقضة لأي اتفاق.
وشدد رئيس حزب الريادة على أن المشهد الذي جرى في شرم الشيخ يعكس قوة الدور المصري ومحوريته واحترام العالم له، مشيرًا إلى أن ذلك تجلى في إشادة أكبر رئيس دولة في العالم بالرئيس عبد الفتاح السيسي ودوره في هندسة اتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد حسنين أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعاد لمصر دورها الإقليمي والدولي الرائد، وجاءت قمة شرم الشيخ لتؤكد ذلك من خلال الحضور الدولي الواسع.
ولفت إلى أن مصر غيّرت المعادلة من "التهجير" إلى "البقاء"، مؤكدة على حق الفلسطينيين في أرضهم، مشيرًا إلى أن القاهرة أعلنت منذ اللحظة الأولى أن التهجير خط أحمر.
واختتم رئيس حزب الريادة تصريحه مؤكدًا أن مصر حافظت على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وأثبتت مجددًا أنها صوت العدل والسلام في المنطقة.
تؤكد الدور المصري
بدوره، أكد جمال التهامي، رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة، أهمية قمة شرم الشيخ التي استضافتها مصر، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وشدد التهامي، في حديثه لـ"دار الهلال"، على أن القمة مثلت محورًا هامًا في مسار إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي استمرت لعامين، مشيرًا إلى أنها تصب في الوقت ذاته لصالح القضية الفلسطينية.
وقال التهامي إن القمة أكدت بما لا يدع مجالًا للشك الدور المصري الرائد في المنطقة، موضحًا أن دور القاهرة لم يقتصر على هذا المحفل الدبلوماسي، بل كانت ولا تزال تحمل أعباء القضية الفلسطينية منذ عام 1948.
وأضاف أن مصر، ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة قبل عامين، واصلت جهودها المكثفة لوقف العدوان وإدخال المساعدات الإنسانية للأشقاء الفلسطينيين.
وأكد أن مصر مستمرة في دعم الشعب الفلسطيني حتى قيام دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، مشيرًا إلى أن هذا المسار لا يخدم فقط الشعب الفلسطيني، بل يمثل أيضًا الطريق نحو استقرار المنطقة بأكملها.
ولفت التهامي إلى أن ما شهدته القمة من لقاءات وأحاديث متبادلة بين الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي يعكس عمق العلاقات بين البلدين، رغم ما شهدته الفترة الأخيرة من تباين في وجهات النظر بشأن ملف غزة تحديدًا.
تعيد الأمور إلى نصابها
كذلك، أكد خالد فؤاد، رئيس حزب الشعب الديمقراطي، أن قمة شرم الشيخ أعادت وضع الأمور في نصابها الصحيح، بفضل مصر وقيادتها الحكيمة التي نجحت في استبدال فكرة التدمير بالتعمير والتوطين، والحرب بالسلام، لتفتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة عنوانها الاستقرار والعيش المشترك.
وشدد فؤاد، في حديثه لـ"دار الهلال"، على أن الرؤية المصرية التي قادت القمة امتدت إلى ما هو أبعد من قطاع غزة، إذ لم تقتصر على إنهاء الحرب فحسب، بل ركزت على بناء أسس دائمة للسلام في الشرق الأوسط بأسره، بما يضمن الأمن والتنمية للشعوب، ومع ذلك، ظلت القضية الفلسطينية في مقدمة أولويات القمة، باعتبارها جوهر الصراع ومفتاح الحل.
وأشار إلى أن مصر، عبر هذه القمة، نجحت في إعادة توجيه البوصلة نحو الاستقرار الحقيقي، فصححت المفاهيم المغلوطة، وكشفت زيف الرواية الإسرائيلية، لتؤكد للعالم أن السلام لا يتحقق بالقوة، وإنما بالعدالة واحترام الحقوق.
وأضاف أن ما تحقق في شرم الشيخ يمثل تحولًا تاريخيًا في المسار السياسي الإقليمي، يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون والدبلوماسية.
واعتبر رئيس حزب الشعب الديمقراطي أن القمة جاءت تتويجًا لجهود دبلوماسية مكثفة بذلتها القاهرة على مدار عامين، في سبيل وقف الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
وأوضح أن مشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في القمة، ورئاسته المشتركة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، شكلت حدثًا مهمًا، لما حملته من رسائل دعم للسلام ومساندة للرؤية المصرية.
واختتم فؤاد مؤكدًا أن يوم 13 أكتوبر، الذي شهد هذا الزخم الدبلوماسي الكبير، يجب أن يُعتبر يومًا تاريخيًا وعيدًا للسلام في الشرق الأوسط، لتتذكره الأجيال القادمة كرمز لانتصار الحوار على الحرب، والدبلوماسية على الصراع.
مسار سياسي جديد
بينما أكد الدكتور محمد عبد الحميد الزهار، أمين الأمانة المركزية للعلاقات الخارجية بحزب حماة الوطن، والباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، أن قمة شرم الشيخ للسلام التي استضافتها مصر برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمثل نقطة تحول محورية في مسار الأزمات الإقليمية حيث أعادت مصر إلى موقعها الطبيعي كقوة توازن وركيزة للاستقرار في المنطقة.
وأشار الزهار، في حديث لـ"دار لهلال"، إلى أن القمة نجحت في كبح جماح التصعيد ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة كما وضعت أساسًا واقعيًا لمسار سياسي جديد يقوم على تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية وليس مجرد هدنة مؤقتة.
وأشاد الدكتور الزهار بالدور المصري الفاعل خلال القمة، موضحًا أن القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي أدارت المشهد بحكمة واتزان من خلال مزيج من التحرك الدبلوماسي الهادئ والاتصالات المكثفة مع القوى الدولية والإقليمية مما جعل مصر الضامن الحقيقي لأي تسوية مقبلة.
وأكد أن موقف مصر الثابت من ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هو ما أعاد توجيه البوصلة نحو جوهر الصراع، مشددًا على أن القاهرة أثبتت من جديد أنها صوت العقل وصاحبة المبادرة في إدارة الأزمات الإقليمية، ومؤكدًا أن القمة أعادت الاعتبار للدبلوماسية المصرية كصاحبة الكلمة المسموعة في قضايا الأمن والسلام بالمنطقة.