فى أجواء تعكس روح إبداع المواطن المصرى الأصيل، انطلقت فعاليات الدورة السابعة من معرض «تراثنا 2025» للحرف اليدوية والتراثية، الذى ينظمه جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وذلك بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس خلال الفترة من 4 إلى 11 أكتوبر الجارى، ويعد المعرض أكبر حدث من نوعه فى مصر والعالم العربي، حيث يجتمع فيه مئات الحرفيين من مختلف المحافظات ليعرضوا كنوز التراث المصرى فى أبهى صورها، من مشغولات يدوية، ومفروشات، وتحف فنية، ومنتجات تجسد حكايات الأجداد وإبداع الحاضر.
باسل رحمى، الرئيس التنفيذى لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، قال إن رعاية الرئيس السيسى للمعرض تعكس اهتمام القيادة السياسية العميق بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، باعتباره أحد المحركات الأساسية للتنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل المستدامة للشباب والفتيات، مضيفًا أن المعرض يشهد هذا العام مشاركة دولية مميزة، بما يعكس مكانة المعرض المتنامية كمنصة إقليمية تجمع المبدعين والحرفيين من مختلف الدول، وتسهم فى تبادل الخبرات وفتح آفاق جديدة للتعاون والتسويق الدولى للمنتجات اليدوية المصرية.
وأضاف يضم المعرض هذا العام أكثر من 1000 عارض يمثلون جميع محافظات الجمهورية، يعملون فى 32 قطاعًا حرفيًا مختلفًا يشمل الصناعات التراثية والمفروشات والفخار والزجاج والنحاس والخوص والمنسوجات وغيرها من الحرف الأصيلة، مشيرًا إلى أن 56 جمعية أهلية من منتجى الحرف اليدوية والتراثية تشارك فى هذه الدورة، بينما تبلغ نسبة العارضين الجدد 34فى المائة من إجمالى المشاركين، مما يعكس إقبالاً متزايدًا على الانضمام للمعرض باعتباره منصة تسويقية كبرى، كما تصل نسبة مشاركة المرأة إلى 62 فى المائة من إجمالى العارضين، إلى جانب مشاركة متميزة من ذوى الهمم، فى إطار دعم الدولة لتمكين جميع الفئات المنتجة.
وفي أحد أجنحة المفروشات المزخرفة بخيوط القطن المصرى، رأينا، أمل الشنوانى، سيدة مصرية فى الثامنة والأربعين من عمرها، من أبناء القاهرة، تجسد قصة نجاح امرأة بدأت من الصفر واستطاعت أن تبنى لنفسها مكانة فى عالم الحرف اليدوية، وتعد واحدة من الوجوه الثابتة فى معرض تراثنا، إذ شاركت فى جميع دوراته منذ انطلاقه، لتصبح من أبرز الحرفيات اللواتى يحافظن على التراث المصرى الأصيل ويقدمنه فى صورة عصرية تناسب الأذواق الحديثة.
وأكدت «الشنوانى» إن مشاركتها فى «تراثنا» تمثل لها نقطة انطلاق حقيقية، إذ يتيح لها المعرض تسويق منتجاتها والتواصل مع جمهور واسع من عشاق الحرف التقليدية، إلى جانب فتح فرص جديدة للبيع داخل مصر وخارجها، حيث ترى أن هذا المعرض لا يوفر فقط نافذة للتسويق، بل يمثل أيضًا مظلة دعم اجتماعى واقتصادى للنساء العاملات.
وعلى مقربة من جناح المفروشات، يقف الشاب عبدالرحمن فهمى بين مجموعته من الحقائب اليدوية، شاب يبلغ من العمر 28 عامًا، يعد واحدًا من الوجوه الشابة الواعدة فى مجال الحرف اليدوية، حيث يخوض تجربته الأولى فى معرض «تراثنا 2025» ويعمل «فهمى» فى صناعة الحقائب والفوط اليدوية «الهاند ميد»، حيث يجمع فى تصميماته بين الذوق العصرى واللمسة التراثية المصرية الأصيلة، وينفذ جميع منتجاته بخامات عالية الجودة وتطريزات مميزة تنفذ يدويًا وفق طلب كل عميل، سواء للاستخدام الشخصى أو كمستلزمات للشركات والفنادق.
وبخطوات هادئة وثقة واضحة، تستقبلنا وفاءالشيمى، وسط معروضاتها من المشغولات اليدوية التى تحمل روح البيت المصرى الأصيل، تتحدث عن رحلتها مع الإبرة والخيط وكيف تحولت موهبتها إلى مصدر رزق وشغف لا ينتهى.
وفى منتصف المعرض، حيث تتلألأ التحف الزجاجية تحت الأضواء، يقف كمال هدهد، منهمكًا فى عرض قطع فنية صنعتها النار والهواء بيديه، يجسد بفنه دقة الحرفة المصرية القديمة وروح التجديد المعاصرة، «هدهد» يبلغ من العمر 43 عامًا ومن سكان منطقة الهرم، يعد من الحرفيين المهرة فى صناعة التحف الزجاجية بالنفخ اليدوى، وهى من أدق وأجمل الحرف التراثية التى ما زالت تحتفظ بسحرها الخاص رغم تطور الآلات الحديثة.
وعلى الجانب الآخر من القاعة، تلفت الأنظار مارينا اليوغسلافية، التى اتخذت من مصر وطنًا ثانيًا، وهى تستعرض قطعًا فنية مطرزة بعناية تجمع بين الطابع المصرى واللمسة الأوروبية الراقية.
«مارينا» قالت إن المعرض يمثل لها بوابة مهمة لعرض إبداعاتها أمام جمهور يقدر العمل اليدوى حق التقدير، مشيدة بدور القائمين على تنظيم المعرض وجهودهم فى دعم الحرفيين وتشجيع الصناعات اليدوية المصرية.
وبين الزوار، تتوقف مهاالملاح، أمام الأجنحة بانبهار واضح، تلتقط الصور وتعبر عن إعجابها بما تراه من منتجات يدوية تنافس مثيلاتها فى أكبر معارض العالم، وقد عبرت عن انبهارها الشديد بما شاهدته من منتجات مصرية الصنع، قائلة إنها رأت فى المعرض «حاجات ترفع الرأس»، وكلها تحمل لمسة فنية راقية تعكس إبداع الحرفيين المصريين.