«بيبى نتنياهو تمادى كثيرا، وخسرت إسرائيل كثيرًا من دعم العالم.. الآن سأعيد لها كل هذا الدعم»
تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على منصة «إكسيوس» التى أكد فيها مرارًا وتكرارًا على أن الحرب على غزة أدت إلى عزل إسرائيل دوليًا، وأن من أبرز أهداف خطته الجديدة استعادة إسرائيل مكانتها الدولية، هى شهادة نجاح «لقافلة الصمود» وما تبعها من تحركات ومظاهرات شعبية من نيويورك إلى فرنسا إلى إيطاليا إلى إسبانيا إلى بلجيكا إلى برلين وهولندا وبولندا وكندا والبرازيل وأستراليا وماليزيا تونس والمغرب وموريتانيا، وجنوب إفريقيا وتركيا وبنجلاديش وغيرها.. مظاهرات من كل قارات العالم، ضد منع إسرائيل بالقوة لأسطول الصمود الذى يضم 42 قاربًا عليها حوالى 500 ناشط وطبيب وإعلامى مدنيين سلميين من أكثر من44 دولة من الوصول إلى غزة عبر البحر البيض المتوسط، وكسر الحصار المفروض عليها، من أجل توصيل مساعدات إنسانية تنحسر فى مواد غذائية بسيطة وأدوية من أجل فتح ممر آمن .
حصاد «أسطول الصمود» وما قبله وما بعده من محاولات كسر الحصار الإسرائيلى القاتل على غزة يجب أن يسجله التاريخ، لأنه استطاع أن يستفز إسرائيل وراعيها الأمريكى ،اللذان شعرا أن الأمور بدأت تنفلت من بين أيديهم، وأن التعامل بهذه الوحشية مع أسطول الصمود والنشطاء المدنيين السلميين الذين يحملون دقيقًا ولبنًا للأطفال ، نزع آخر ورقة توت عن إسرائيل ليرى العالم وجهها القبيح الدموى المتوحش اللاإنسانى اللاأخلاقى الإرهابى .
لم يكن أسطول الصمود هو أول من حاول كسر الحصار عن غزة عام 2025، بل سبقته سفينتى مادلين وحنظلة فى شهرى مايو و يوليو الماضيين واللتان تتبعان تحالف أسطول الحرية سفينة مادلين التى سميت باسم الصيادة الفلسطينية مادلين كُلاب تعرضت لهجوم بالمسيرات الإسرائيلية أمام جزيرة مالطة، وتبعتها سفينة حنظلة نسبة لشخصية حنظلة الشخصية الكاريكاتورية للمناضل الرسام الفلسطينى ناجى العلى، وكانتا تضمان حوالى 170 ناشطاً بينهم شخصيات معروفة، مثل السويدية جريتا تونبرج وعضو البرلمان الأوروبى ريما حسن ومخرج سينمائى هولندى والناشط البرازيلى تياجو أفيلا وقد قامت إسرائيل بالتعرض للسفينتين ومنعهما من الوصول لغزة والقبض على النشطاء وترحيلهم .
لكن أسطول الصمود يختلف عنهما من حيث الحجم حيث يضم حوالى 44 قاربًا وما يقارب من 500 راكب يمثلون كل قارات العالم وأكثر من 50 دولة، ويضم الأسطول شخصيات معروفة منهم نشطاء فى مجال حقوق الإنسان مثل السويدية العشرينية جريتا تونبرج ومانديلا حفيد نيلسون مانديلا وسينمائيين مثل الأمريكيين سوزان ساراندون ومارك روفالو و المؤرخ الإيطالى اليساندرو باربيو وعدد من الأطباء والأكاديميين والإعلاميين ،وقد أبحر الأسطول من إسبانيا وتوقف عند ميناء سيدى بوسعيد بتونس وتعرض قاربان لهجوم من مسيرات مما أدى إلى إضرام النار فى أحدهما، وعلى بعد 70 ميلا بحريِا من شاطئ غزة قامت القوات الإسرائيلية بحصار القوارب بسفن عسكرية ثم مهاجمة الأسطول ،وظهرت تسجيلات فيديو لعملية الاقتحام ،بينما رفع النشطاء أيديهم مدللين على سلميتهم وعدم مقاومتهم ،وتم اقتياد القوارب إلى ميناء أشدود وتم تكبيل النشطاء برباطات بلاستيكية وإلقاء القبض عليهم ،وحبس بعضهم فى سجن النقب المشهور بأنه من أسوأ السجون الإسرائيلية ،وتم ترحيل البعض منهم 137 على تركيا معظمهم أتراك ولكن بينهم جنسيات أخرى أمريكية و أوروبية وعربية وإفريقية ، وقدم البعض شهادات عن سوء المعاملة من جانب الجيش الإسرائيلى حيث ظلوا فى الشمس الحارقة لمدة 12 ساعة دون طعام أو شراب وعندما وصلوا لمكان الاحتجاز كانت مياه الشرب غير صالحة وتم صرف أطعمة بسيطة غير كافية ،بخلاف تعرض البعض لإيذاء بدنى ،والعمل على حرمانهم من النوم بعمليات تنقل مستمرة، أحد الصحفيين الاتراك الذى كان ضمن نشطاء أسطول الصمود بعد عودته أدلى بشهادته عما قام به الجنود الإسرائيليون من تعذيب للناشطة السويدية جريتا تونبرج ،حيث سحلوها على الأرض وأجبروها على تقبيل علم إسرائيل ، وحبسوها فى سجن كتسيعوت المليء بالحشرات وحرموها من الأكل والشراب إلا ما يسمح لها بأن تظل على قيد الحياة، جريتا التى تبلغ من العمر 20 عامًا ناشطة فى مجال البيئة والمناخ ولكنها منذ اندلاع الحرب على غزة وهى تدافع عن الفلسطينيين ،وتعرضت للحبس والتعذيب فى إسرائيل مرتين حيث شاركت فى أسطول الحرية فى السفينة مادلين قبل عدة أشهر .
ما حدث فى العديد من دول العالم يؤكد نجاح أسطول الصمود، حيث اندلعت مظاهرات كبيرة فى العديد من البلدان احتجاجًا على منع إسرائيل وصول الأسطول والمساعدات والاعتداء على النشطاء واعتقالهم، بما يخالف القوانين الدولية والإنسانية والمطالبة بوقف حرب الإبادة، فى بروكسل خرج الآلاف منددين بهجوم إسرائيل على أسطول الصمود وقالت وزيرة الخارجية البلجيكية إن ما قامت به إسرائيل مخالف للقوانين الدولية وفى إسبانيا وقف المتظاهرون فى برشلونة عند القنصلية الإسرائيلية مطالبين بالإفراج عن النشطاء المختطفين وصرح رئيس الوزراء ضد ما فعلته إسرائيل وفى لندن برلين نددوا بالهجوم على أسطول الصمود، وفى موريتانيا وقف المتظاهرون أمام السفارة الأمريكية وفى ماليزيا وباكستان وبنجلاديش وتركيا، و نيويورك وغيرها، وفى إيطاليا التى تقف حكومتها مع إسرائيل وتبرر لها ما تفعله من إبادة الشعب الفلسطينى بالقتل بالسلاح وبالتجويع اندلعت فيها مظاهرات ضخمة، ليس فى روما فقط بل فى العديد من مدنها ، تهاجم فيها موقف الحكومة وتطالبها بقطع علاقاتها مع إسرائيل ،وتنادى بوقف الحرب فورا وقيام الدولة الفلسطينية على الأرض ، وأعلنت النقابات الإضراب العام الثانى بسبب اعتراض إسرائيل لأسطول الصمود.
وكانت إسبانيا وإيطاليا قد أرسلتا سفينتين من أجل تقديم المساعدات لأسطول الصمود، خاصة مع تعرض بعض قواربه لهجمات مسيرات تارة عند تونس وتارة أخرى عند مالطا وكريت مما أدى إلى انفجارات فى بعض القوارب.
أسطول الصمود أبرز عزلة إسرائيل دوليا وأفزعها هى وحلفاءها كما قال الرئيس ترامب، ولم ينجح إعلانه عن خطته الجديدة لوقف الحرب وتسليم الأسرى الإسرائيليين فى تفريغ غضب الجماهير، بل أعلنت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة عن تحرك تحالف أسطول الحرية وألف مادلين من جزيرة صقلية فى إيطاليا والذى يضم9 سفن ثم تبعتها سفينتان ليصبحوا 11 سفينة يشارك فيها حوالى 170 ناشطا من مختلف دول العالم فى اتجاه غزة لكسر الحصار مرة أخرى.
وللأسف الدعم الأمريكى اللامحدود لا يسمح بمعاقبة إسرائيل وبالرغم من القرصنة التى ارتكبتها ضد أسطول الصمود فى المياه الدولية، لم تملك الأمم المتحدة سوى الإعراب عن قلقها ودعت للحفاظ على أرواح النشطاء !
بالرغم من ذلك نجح أسطول الصمود فى فضح ممارسات إسرائيل اللاإنسانية بما ارتكبته ضد النشطاء المسالمين، ويكفى فيديو وزير أمنها القومى المتطرف «بن غفير» الذى ذهب لنشطاء الأسطول فى محبسهم وهاجمهم ونعتهم بالإرهابيين.
أسطول الصمود نزع عن إسرائيل ورقة التوت ليكشف عوارها الإنسانى والأخلاقى..
أسطول الصمود لم يفك الحصار عن غزة ،لكنه نجح فى فك الحصار عن عقل وضمير العالم .