رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

إذا قالت مصر فاسمعوها


25-9-2025 | 17:02

.

طباعة
بقلـم: محمد الشافعى

يشدو المطرب العربى الكبير وديع الصافى.. بقصيدة جميلة من ألحانه وتأليف الشاعر شكرى نصر الله.. يقول مطلعها:

إذا مصر قالت نعم أيّدوها

وإن أعلنت لاءها فاسمعوها

فمصر منزّهة فى الأرب

ومصر العلا وضمير العرب

 

وعندما نتحدث عن قيادة مصر لأمتها العربية.. فنحن لا ننطلق من شيفونية ضيقة.. أو استعلاء بغيض.. ولكننا ننطلق من المسئولية والالتزام والتضحيات.. التى تفرضها تلك القيادة.. وقد أثبتت مصر طوال تاريخها العربى.. أنها الكبيرة بعطائها.. والقائدة بحكمتها.. والرائدة بتضحياتها.. ورغم محاولات بعض الدول العربية (الصغيرة والكبيرة).. أن تتبوأ مكان الصدارة بديلًا عن مصر.. أو حتى إلى جوارها.. ولكن تلك المحاولات لم ولن يُكتب لها النجاح.. وذلك لأن القيادة مسئولية.. وليست مجرد (وجاهة)..

وانطلاقًا من هذا، جاء الموقف المصرى خلال القمة العربية الإسلامية.. التى عُقدت فى العاصمة القطرية الدوحة.. منذ عدة أيام ردًا على العدوان الصهيونى على قطر.. حيث أشار الموقف المصرى إلى حتمية وحدة العرب.. تلك الوحدة التى تعمل على حماية وصيانة الأمن القومى العربى.. ضد كل محاولات الاعتداء والانتقاص من المقدرات والأقدار العربية.. ويأتى هذا الموقف المصرى ليبنى على كثير من المواقف المصرية السابقة.. والتى تدفع فى ذات الاتجاه.. ومن هذه المواقف دور مصر فى إبرام اتفاقية الدفاع العربى المشترك فى أبريل 1950.. ومن هذه المواقف دور مصر فى إنشاء القيادة العربية المشتركة.. وذلك خلال القمة العربية التى عُقدت فى مصر عام 1964.. ردًا على قيام الكيان الصهيونى بتحويل نهر الأردن.. وقد تولى هذه القيادة من مصر اللواء على على عامر.. ومعه اللواء عبدالمنعم رياض رئيسًا للأركان.. ومن هذه المواقف أيضًا.. الدعوة التى أطلقها الرئيس السيسى فى القمة العربية التى عُقدت فى شرم الشيخ عام 2015 بضرورة قيام القوات العربية المشتركة.. ورغم حماس غالبية الدول العربية لتشكيل تلك القوات.. إلا أن بعض الدول عملت فى السر وفى العلن.. على عدم خروج تلك الفكرة المهمة إلى حيز التنفيذ.. وتؤكد أحداث التاريخ أن الوحدة العربية التى تقوم على وحدة المصالح والأهداف تعمل على إزالة الكثير من المخاطر والعقبات.. كما تعمل على تحقيق الأهداف المهمة.. التى تسعى إلى زيادة قوة الأمة.. والأهم أنها تجعل أعداءنا يفكرون ألف مرة قبل أن يقدموا على أى عدوان.. ولعلنا نتذكر معًا أن مصر استطاعت تكوين قوات عربية مشتركة لحماية استقلال الكويت.. وذلك فى عام 1961.. عندما حاول حاكم العراق فى ذلك الوقت عبدالكريم قاسم أن يضم الكويت إلى العراق.. وقد نجحت مصر فى ذلك ومنعت هذه الخطوة المتهورة.. وللأسف حدث ذلك على يد صدام حسين.. مما أدى إلى الاجتياح الأمريكى للعراق فى عام 2003.. ومنذ ذلك التاريخ لم يعد العراق إلى ما كان عليه من تماسك وقوة ووحدة شعبه وأراضيه..

كما كان للوحدة العربية دور كبير فى انتصار أكتوبر العظيم.. حيث شاركت قوات رمزية من ثمانى دول عربية.. مع الجيش المصرى لتحقيق النصر على العدو الصهيونى.. وجاءت هذه القوات من السودان وليبيا والمغرب والجزائر وتونس والكويت وفلسطين. وفى المقابل، لم تشارك القوات العربية المشتركة فى بعض المواقف التى كان لزامًا عليها أن تشارك فيها.. فمثلًا عندما حدث العدوان الثلاثى على مصر عام 1956.. لم تشارك الجيوش العربية فى مواجهة هذا العدوان.. ولكن العمال العرب بادروا إلى غلق أنابيب البترول.. التى تذهب بهذا البترول إلى أوروبا.. كما امتنع العمال العرب عن تفريغ وشحن مراكب إنجلترا وفرنسا.. وأيضًا عندما حدث الاجتياح الصهيونى لبيروت عام 1982 لم تبادر الجيوش العربية إلى نجدة عاصمة عربية تعرضت للعدوان والاجتياح.. وبالطبع فإن العدوان الصهيونى على قطاع غزة.. والمستمر منذ عامين كاملين.. كان يستدعى وجود وحدة عربية شاملة.. تعمل على ردع ذلك العدوان.

وإذا كانت الدول العربية مجتمعة.. تأتى على قمة الاستهداف الصهيوأمريكى.. وإذا كان قادة الكيان المحتل لا يخفون أطماعهم ولا نواياهم عن مزاعم دولتهم الكبرى.. التى ستتمدد على حساب أراضى مصر وسوريا والأردن والعراق وفلسطين.. وإذا كانت الآلة العسكرية لهذا الكيان مدعومة بالقدرات الأمريكية بشكل خاص.. والقدرات الغربية بشكل عام.. تواصل ضرباتها ضد المدنيين العزل فى فلسطين.. وضد الأهداف الاستراتيجية فى سوريا واليمن.

وإذا كانت الأخبار قد بدأت تتسرب عن اجتماع تم فى لندن.. بين السوريين ومندوبى الكيان المحتل.. للاتفاق على التنازل عن الجولان.. ليس فقط ولكن لعمل منطقة حظر جوى داخل سوريا على الطيران السورى.. والأهم توفير ممر جوى آمن لطيران الكيان المحتل.. يمكن استخدامه إذا تم العدوان على إيران مرة أخرى.

فإذا كان كل هذا وغيره الكثير.. يتم تحت سمع وبصر كل العرب.. فماذا ينتظر العرب شعوبًا وقادة.. حتى يستجيبوا للأفكار المصرية.. بحتمية وجود قوات عربية مشتركة.. وضرورة وجود قيادة عربية مشتركة.. على أن تمتلك هذه الكيانات القدرة على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب.. فأى اعتداء على أى جزء من الوطن العربى هو اعتداء على كل الخريطة العربية من المحيط إلى الخليج.. ومثل هذه الكيانات لا يمكن أن تنجح إلا إذا كان ولاء العرب للعرب.. واستقواء العرب بالعرب.. ولعلنا نتذكر المليارات الكثيرة.. التى أخذها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من العرب.. فى ولايته السابقة وولايته الحالية.. ولم تستطِع تلك المليارات أن تمنع العدوان على دولة قطر.. أحد أهم حلفاء الأمريكان فى المنطقة.. ومن هذا المنطلق يبرز سؤال مهم وخطير.. وهو: كيف سيكون حال العرب لو تم صرف تلك المليارات على مشروعات التنمية العربية.. وعلى تقوية الجيوش العربية.. وعلى حماية الأمن القومى العربي؟.. هل لو تم ذلك ستكون أى دولة عربية فى حاجة إلى مَن يحميها.. أو مَن يوهمها بأنه يحميها.. وكل ما يفعله هو العمل على زيادة الإحن والمشاكل إما داخل مكونات الدولة الواحدة.. وإما بين هذه الدولة وغيرها من الدول العربية.. وبالطبع فإن هذا الوضع البائس يعمل على ازدياد ارتماء مثل هذه الدول فى أحضان مَن يتلاعب بهم.. ومَن ينهب ثرواتهم.. ومَن يعمل طوال الوقت على معاملتهم من منطلق (التابع).. وليس الند.

والغريب أن العرب يمتلكون كل أسباب القوة.. طاقة بشرية عملاقة.. خامات طبيعية لا تنفد.. ثروات لا حدود لها.. عقولا علمية جبارة.. جيوشا تنتظر فقط فرصة مواجهة الأعداء.. إلخ... ورغم كل هذا نجد أن هذا الكيان المحتل.. والذى تم غرسه مثل الخنجر المسموم فى خاصرة الوطن العربى.. يصول ويجول ويواصل العدوان والاعتداءات.. مستندًا إلى الحماية الأمريكية.. والأهم أنه يستند إلى غياب الإرادة العربية التى تسعى إلى تنفيذ الأفكار المصرية.. تلك الأفكار التى تدعم العرب جميعًا.. وتجعلهم مرهوبى الجانب.. وتمنع هذا التغول الصهيوأمريكى على حقوقهم وعلى أراضيهم.. ولا نملك فى النهاية إلا أن نردد مع وديع الصافى:

إذا مصر قالت نعم أيّدوها

وإن أعلنت لاءها فاسمعوها

الاكثر قراءة