أنا وأنت وهو وهى قصة ليست لشخص بعينه، إنما هى مأساة الحظ العثر الذى ينال كل منها بعضا يسيرا وعظيما!.. ولا يعلم أحدٌ المتربص به إلا بعد أن يعرقله ويدفعه للسقوط ليمر فوقه أو يُعجزه!.. ولم يعد أمام الضحية سوى الموت أو الهروب لمجهول وراء حدود لا تُرى.. يُفرض عليها السقوط وترفض الحياد!.. محاولا النجاة بأى دفع خارح المنظومة القاتلة التى أُحكمت بمخطط خبيث.. قد تكون المجبر على السير فى طريق معين دون خيار منك.. وقد تستسلم لأسباب تتعلق بالكسل أو الخوف من المغامرة أو الفقد أو إعادة التجربة.. أو بيقين غير صائب أنك تستطيع الإصلاح والعلاج!.. ورغم بذل مجهود مضنٍ تفشل وتدفع بك المقادير لمنعطفات جديدة قد تكون الأفضل لك!.
وكلما مر العمر وأوشك على النهاية تتكرر المواقف والحوادث، إلا أنك ترفض أية مغامرة تكبدك الثمن نظرا لما أصابك من وهن وضعف.. وتحرص كل الحرص على التأهب للنهاية والخروج بأفضل النتائج.. راحة من بعد تعب وتخبط.. دون جلد ذاتك فيكيفها ما أصابها!.. ومعها تحلم بانسجام جديد أو معجزة مؤجلة.. حان وقتها لتفتح طريق الحيلة مهما كان ومهما تبقى من عمرك من أيام يسيرة.. بلسان حال حان الوقت لأنال ما أريد.
ولا تعجب من حالك فأنت حالة ممثلة لواقع لكلٍّ يتساقط قطعة قطعة!.. وآخرون على وشك السقوط وغيرهم ينتظر السقوط!.. حتى منْ أصابه السقوط قد يُعاوده!.. فيمتلئ الكون بالساقطين من قطع آدمية لآكلى لحوم البشر!.. وكأنها دورة الحياة أن نقتات على بعضنا البعض!.. مدفوعين بإرادة البقاء فى تنافر واعوجاح منذ قابيل وهابيل.. رغم صيحات العجب بلسان حال كيف لهذه الحياة أن تدوم؟!.
فى غير اتجاه يُرضينا تدفعنا سطوة الأيام منحا ومنعا ورضا تضِنّ علينا به!.. نجوب كل الطرق ونطرح كل الأسئلة وما عاد فى الحكاية الكثير!.. جاوزنا الحد وأطاح بنا اليقين ليقين بأننا ما عدنا على الجهد والترويض قادرين!
استسلمنا لمنْ ظنناه اللذة.. فى فخ أرواح ترسل وتلتقى وتتقن الفراق دون أن تدرى كيف ومتى تعود؟!.. حيارى بين غفلة وواقع مريب!.. ظننا فى أنفسنا نجابة فكان الوهم فى البحث عن أسباب ظننا أنها تليق بنا؟!.. فصرنا المسروقين الفارين من سلب يطادرنا!.. شيطان رجيم نتعوذ منه يعمد هدم القدرة فينا!.
شعور واحتياج ورغبات صادمة تهز الأركان تُناظرنا عامدة هزيمتنا!.. مجبرين على السير فى الحياة دون فهم عميق لحقائق الأشياء.. فقد يدفع بنا التفكير والفهم للألم والهلاك فى بعض الأحيان!.. مطالبين بالسمع والطاعة وكثير من الحيلة والخبث!.. حياة فى متناقضات وعلينا أن نتغابى لنمر!.. وألا نأخذ الكثير من أمرها بجدية لنتجاوز تلاعب الأشخاص والمواقف.. وكأن الفهم غير مطلوب دائما!.. بل حمل أدوات الخداع والتملق والزيف هى الأفضل لتجاوز مساوئ البشر وظلمهم .
والغريب أننا منْ نصنع أعداءنا المقربين دون حذر وبحسن نية، بل قد نضفى عليهم هالة لا يستحقونها!.. فيقذف الرعب فى نفوسنا.. فالمشكلة تبدأ عندنا وتنتهى عندنا!.. من أجلنا وبسببنا وعلينا وحدنا التحمل.. ونحن من الغباء منْ نبحث عمن ينقذنا من بين غير الموجودات.. وننسى ألا أحد ينقذنا سوى أنفسنا حتى من أنفسنا؟!.. كلٌّ يعبث بالآخر بين استسلام وتحدٍ.. وشيئا فشيئا ننسى أنفسنا وحياتنا وأحلامنا ولا يتبقى لنا سوى الندم هو ما يستعصى على النسيان!.
نصنع بيوتا للعنكبوت.. وتصير الأمور فى انطلاق وتعاجز.. ينطلق رغم بطئه بظننا الخائب أنه الحرير الملفوف!.. نتغاضى عن قتامته ونردد أنه حبل النجاة ما يوصلنا لشاطئ الأمان!.. نسيج وجميل!.. كيف؟!.. نزحف ونغرق وما زلنا فى قيد العنكبوت!.. لا نشغل بالا ولا نعرى اهتماما!.. غارقين حتى ولو كان عنكبوتا!.. نردد ألا من مارد يمزق شبكة العنكبوت؟!.. مهلك القرى والنفوس؟!.. على أى هيئة يكون؟!.. ورغم ذلك لا نكف عن السؤال عن العنكبوت!.. أين صار؟!. أين ذهب؟!.. أكان خطأنا؟!.. نسينا ضعف العنكبوت وتركناه يخقننا بنسيج الضعف بجرثومة الحشرة المقززة.. وتمتلكنا أوهام النجاة بتمزيق شبكة العنكبوت!
كل منا فى حياته وحش فى حقيقته عنكبوت!. عاجز برداء الصمت بألوان لا تكذب.. ويدفعنا طول الالتصاق لطلب الاستغاثة رغم الشكوك فى الاستجابة!.. وقد لا تعرف حيلة لكن يكفيك أنك ترغب فى الخلاص.. أسيرٌ أنهكك التغابى والنكوص داخل شبكة لم تعرف الحب أبدا!.. وتتساءل أى إغراء كان وراء قربك منه.. خداع؟!.. غشاوة؟!.. كيف لحشرة صغيرة مثله أن تمسك بيدك وتبدد وجودك؟!. لا ضير فالتحرر والصعود لأعلى قد يهيئ حياة جديدة رغم كل تعمد لتدمير كيانك.. وتفطن أن الوقت لم يعد مهما.. فقد مر عليك كل ما لم يكن يتوقعه بشر!.. صرت الأقوى والأكثر استعدادا للرحيل.. وصارت مخاوفك ألا يكون الرحيل ممكنا.. والآن استعد.. اركض.. اعرف طريق الهروب.. انتظر لافتة تصحبك السلامة.
ولماذا الحديث عن العنكبوت؟!.. رمزية لطفيلية أحد طرفى العلاقة رغم وهنه.. إلا أنه رفيق قهر وقسر فى صراع يصر معه على فرضية التفوق التى لا تكون فى مجرد حشرة!.. رغم ما يسببه من آلام بتوطن الالتصاق بالطرف الآخر.. شبكة تنزع السعادة من الطرف الآخر ورغم هشاشته ساكنه يعانى فى محاولات طرده والتخلص منه!.. وتبدو محاولات تجاوز أذاه صعوبة بسبب طول فترة بقائه.. محاولا إيجاد أبدية لحياة أعلنت النهاية وطلبت الرحيل.. خيط منحته أكثر من حقه، وسمحت له بالزحف ليسكن جسدك.. فصرت العالق.. تراوغ وتراوغ فتمنحه تفوقا كاذبا حتى صرت المحاصر دون الشعور بالحصار.. ربما لاستهانتك بصفعه تجاوزت التدقيق والتمحيص فصرت تجهل عالمك؟!.
بل منْ فرضت على نفسك عالما لا يليق حتى ولو كان أجمل من واقعك المرير!.. فأنكرت على نفسك حقها فى حياة تليق بقدرك وتألقك ورضيت بإذلالها.. وقد تخلق فيك القسوة قوة ومقدرة تحسم الخوف وترمم الارتجاف، وتقطع الطريق على كل هاوية تدفع بالسقوط.. ولو حتى ترنح يبغى المرور من فرط مطاردة الخصم.. فالخصم دائما رغم نيله من غريمه بالخبث والحيلة يظل يطارده لمنح نفسه نشوة انتصار لا تليق إلا بالسفاحين الذين يرتون من دماء ضحاياهم!.
وتتساءل لماذا لم تأتِ النهاية رغم إدراك الحقيقة كاملة وصراخها فى وجوهنا بكلمة ارحل؟!.. لماذا وقد استقبلنا عاصفة الألم؟!.. لماذا لم يسمح بالخروج ؟!.. لماذا يحمل المشنقة رغم إحكام المصيدة؟!.. لماذا أغلقت النوافذ والأبواب وأحكمت المزلايق؟!.. لماذا والموت والفقد فاحت رائحته وأزكمت الأنوف؟!.. لماذا وكل شىء عرف آخر الطريق وطلب الخروج؟!.. لماذا وكل شىء صار أصغر منا؟!.. أما زلنا نخاف ونخاف؟!.. أم حكمة القيد الخوف دون سلام؟!.. لماذا نخاف وغيرنا لا يخاف رغم الجرم الذى يتساقط من يديه وعينيه اللتين أعمتهما الكراهية؟!.. لماذا ينام رغم يقظة الآلام؟!.
يبدو أننا قيد لحظة قدرية يمنحنا الله إياها بفجأة صادمة تحطم الجدار.. فلم يعد هناك أى مخفى أو مجهول.. كل شىء بشع خرج رغم عشوائية الخروح وفداحة المشهد، وعجزنا عن اللملمة أو السيطرة على ما خرج من نفايات وتسربها حتى أغرق المكان!.. لكن بعد برهة وفوات قسوة الفجأة والدهشة تجد أن ما خرج كان موجودا بالفعل.. وهو ما كبت فى مدارات الصمت.. ولم يعد سوى بحاجة لزلة معها تتدفق كل الأضغان.
وبات على الجميع أن يرحل تاركا أقبح الأماكن!.. ليستقر ويتطهر من كل مرض.. طالما حملت النفس الكثير والكثير وظلمت بحجج أصابت الجسد بوهن!.. تجاوز وتجاوز حتى فقد الأمان وعجز الدواء!.. وحجب كل جميل.. وتأهب الجميع للانفجار مهما حاولوا التجميل أو التأجيل!.. ومع كل عملية يحاول فيها استمرار الحياة يفقد معها جزءا من ذاته حتى يفقد الحياة نفسها.. صار ميتا حيا فى محاولات على حافتها.. يلتمس بعض ما يحييه.. يواصل حياته.. يغض الطرف عن أشياء وأشياء حتى يفقد الرؤية.. ولا يبقى أمامه سوى متشابهات دون تمييز.. فى انفصال عن المتعة والتحكم فى مقاليد الأمور.. يفقد قواه ووعيه ويردد لا خيار لى!.. يدفع نفسه لإنجاح هزيمته وتفكيك ذاته.. بل يقدم هزيمته لعدوه متناسيا أنه مجرد عنكبوت!.
يقاوم ويكرر على نفسه ها أنا ذلك الموجود بين الموجودات!.. أتجاهل طلقاتك وأشيح بوجهى فى كبرياء وعناد.. ساعيا لانعتاق من جبروت الواقع وقبضة الظلم.. لواحة من الأزاهير.. أصول وأجول وأرتقى لأقاصى طموح أو حتى لشاهد على انتقام وثأر ممن خيبوا آمالى.. نحو أفق استعذب.. أصرخ وأصمت.. أتقلب وأتأرجح وسط ضجيج وأقطع وأقتطع ما تنازلت عنه قهرا.. شىء وأشياء فى تحديات الحياة.. مقاومات معها أسير قدما بظل أنفاس تحيى الوجدان بإرادة.. بتفاصيل تنتظر الخاتمة.. وقت وجهد وفن وحياة.. إلى كل اتجاه يرضينى إلى حين أردد أنا منْ قتلت العنكبوت!