في ظل التوترات المتصاعدة التي يشهدها الشرق الأوسط، وتنامي المخاوف الدولية من اندلاع سباق تسلح نووي يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، قادت مصر تحركات دبلوماسية نشطة داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أثمرت عن اعتماد قرار يقضي بإخضاع جميع المنشآت النووية في المنطقة لرقابة وضمانات الوكالة، بما يسهم في إنهاء ازدواجية المعايير ويدعم الجهود الرامية إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.
المنشآت النووية تحت ضمانات وكالة "الطاقة الذرية"
واعتمدت الدورة الـ٦٩ للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية القرار المصري الخاص بتطبيق ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الشرق الأوسط، وذلك بأغلبية ساحقة حيث أيدت ١٢٠ دولة القرار المصري في انعكاس للدعم الدولي الواسع للقرار وأهدافه، حسب ما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية.
وطالبت مصر في القرار بإخضاع جميع المنشآت النووية في الشرق الأوسط لنظام الضمانات للوكالة الدولية للطاقة الذرية دون استثناء، وانضمام جميع دول المنطقة إلى معاهدة منع الانتشار النووي، وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية بالشرق الأوسط.
وتستهدف مصر من وراء ذلك تحقيق نزع السلاح ومنع الانتشار النووي، خاصةً في منطقة الشرق الأوسط، والدفع نحو تحقيق عالمية معاهدة منع الانتشار النووي، وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل بالشرق الأوسط، فضلًا عن وفاء المجتمع الدولي بمسؤولياته في تنفيذ جميع الالتزامات القانونية بالمعاهدة.
جهد دبلوماسي مصري
واستبقت مصر المؤتمر الذي يعقد في الفترة ما بين ١٥ - ۱۹ سبتمبر ۲۰۲٥ في العاصمة النمساوية فيينا، بالدعوة إلى تحقيق عالمية معاهدة منع الانتشار النووي، وخاصة في الشرق الأوسط، وصولًا إلى انضمام دول المنطقة كافة دون استثناء إلى المعاهدة وإخضاع جميع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال اتفاقات الضمانات الشاملة، وبما يضمن الشفافية وعدم تبني معايير مزدوجة في التعامل مع البرامج النووية في منطقة الشرق الأوسط، ويحول دون تزايد التوتر الإقليمي.
وأكدت مصر على الأهمية البالغة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية ومواصلة جهودها نحو تحقيق هذا الهدف الذي يمثل خطوة جوهرية لضمان الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، ويسهم في وقف سباق تسلح يهدد السلم والأمن الدوليين والتوصل إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية.
وشددت على أنها كانت دائمًا في طليعة الدول الداعمة لهذه الجهود منذ إطلاق مبادرة إقامة المنطقة الخالية من السلاح النووي عام ۱۹۷٤ في إطار الأمم المتحدة، وهو ما يعكس التزامًا ثابتًا ورؤية استراتيجية لحماية شعوب المنطقة من مخاطر انتشار السلاح النووي.
وأعربت مصر عن قلقها إزاء التهديد الخطير الذي تواجهه البشرية جراء استمرار وجود الأسلحة النووية، ودعت المجتمع الدولي إلى التعامل مع هذا الخطر بكل جدية، والوفاء بمسؤولياته في ضمان التنفيذ الكامل لالتزامات معاهدة عدم الانتشار النووي بشأن نزع السلاح النووي كأحد أركانها الأساسية.
وأكدت أن القرار الصادر عن مؤتمر مراجعة وتمديد معاهدة منع الانتشار النووي عام ۱۹۹٥ بشأن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط يمثل التزامًا دوليًا واضحًا، وأن تنفيذه يشكل جزءًا لا يتجزأ من صفقة المد اللانهائي للمعاهدة والحفاظ على مصداقية نظام منع الانتشار النووي برمته.
إسرائيل المارقة
تُعد إسرائيل الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك أسلحة نووية، كما أنها الدولة الوحيدة غير الموقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، الأمر الذي يجعلها تعارض الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، وفقًا لمبادرة حظر الانتشار النووي.
ورغم ذلك، ترفض تل أبيب امتلاك أي قوة إقليمية أخرى للسلاح النووي، وتتحرك علنًا في هذا الاتجاه، حيث شنت غارات جوية استهدفت منشآت نووية في كل من العراق وسوريا وإيران.