رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مظاهرات حاشدة في باريس بدعوة من النقابات العمالية احتجاجًا على خطة الميزانية التقشفية

18-9-2025 | 16:43

فرنسا

طباعة
دار الهلال

انطلقت أعداد حاشدة من المواطنين في مسيرات في العاصمة الفرنسية باريس، اليوم /الخميس/، وذلك ضمن موجة جديدة من المظاهرات والإضرابات التي تشمل جميع القطاعات الحيوية، من النقل والصحة والتعليم، في إطار حركة احتجاجية دعت إليها النقابات العمالية الرئيسية في البلاد، اعتراضا على خطة ميزانية الدولة التي اقترحها رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو.


واحتشد آلاف من المواطنين، بينهم كبار سن وشباب، في ساحة "باستيل"، للتحرك في مسيرات نحو ساحة "الجمهورية" في قلب باريس، بحضور ممثلي النقابات العمالية المختلفة منها الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل والكونفدرالية العامة للشغل، ونقابات التضامن والمنظمات الشبابية. ومن المتوقع أن يتراوح عدد المشاركين على مدار اليوم بين 50 و100 ألف شخص.


وبالإضافة إلى باريس، تقرر تنظيم نحو 250 مسيرة في جميع المدن الكبرى، من بينها مرسيليا وليون وتولوز ونيس ورين ومونبلييه. وهذه المرة، تتوقع السلطات الفرنسية مشاركة حاشدة بين 600 ألف و900 ألف شخص في جميع أنحاء فرنسا، (أي ما يفوق عدد المتظاهرين خلال حركة "لنُغلق كل شيء" التي جمعت نحو 200 ألف شخص في 10 سبتمبر). 


وفي ظل هذه المشاركة الحاشدة، اعتبرت رئيسة نقابة الكونفدرالية العامة للشغل "سي جي تي" صوفي بينيه، التي تتقدم مسيرة باريس، أن التعبئة لهذه المظاهرات نجحت، قائلة "سجلنا أكثر من 400 ألف شخص في المظاهرات منذ صباح اليوم". 


وتخشى السلطات الفرنسية من انضمام مجموعات عنيفة قد تزيد من التوترات خلال هذه المظاهرات وتقوم بأعمال شغب ولهذا أعلن وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة برونو ريتايو، عن تعزيزات أمنية مكثفة مع نشر 80 ألفا من قوات الشرطة والدرك في فرنسا، وذلك لتأمين المظاهرات الحاشدة التي تشهدها البلاد اليوم.


وقال برونو ريتايو إن 80 ألفا من قوات الشرطة والدرك ينتشرون على مستوى البلاد، بالإضافة إلى 24 مدرعة من طراز "سنتور" تابعة للدرك الوطني، قادرة على التعامل مع أخطر الاضطرابات وأعمال الشغب، إضافة إلى عشر مركبات مزودة بمدافع مياه وطائرات مسيّرة.


وبالفعل، حتى اللحظة، تم توقيف 99 شخصا في جميع أنحاء البلاد، وفقا لأحدث إحصاءات الشرطة، بينهم 15 شخصا في باريس، على خلفية أعمال شغب.


كما أصيب ثلاثة أشخاص في مدينة "ليون" جنوبي فرنسا، في اشتباكات اندلعت على هامش المظاهرات التي شارك فيها نحو 14 ألف شخص وفقا للسلطات الأمنية. كما اندلعت اشتباكات بين عدد من المتظاهرين والشرطة خلال المظاهرات في مدينة "نانت" غرب البلاد.
وفي مرسيليا (جنوب فرنسا) أفادت السلطات الفرنسية بمشاركة 13 ألف شخص في مظاهرات اليوم. 


وتأتي هذه المظاهرات كتصعيد مُنَظم بعد نحو أسبوع من الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في 10 سبتمبر في إطار حركة "لنغلق كل شي"، ضد الإجراءات المالية التي أعلنها بايرو.


وكان رئيس الوزراء السابق قد طرح مقترحات للميزانية الجديدة، تضمنت خفض النفقات العامة بما يصل إلى 43.8 مليار يورو للحد من العجز، منها 5 مليارات يورو من مخصصات الصحة، بالإضافة إلى بند مثير للجدل يتعلق بإلغاء يومي عطلة رسمية. غير أن هذه الإجراءات فجرت موجة غضب واسعة، لم تقتصر على الشارع الفرنسي، بل طالت أيضًا الأوساط السياسية والبرلمانية التي أطاحت بحكومته.


واعتبرت النقابات هذه الإجراءات "قاسية للغاية"، مؤكدة في بيان مشترك صدر أواخر أغسطس أنها تعيد تحميل عبء السياسات الحكومية على العمال والموظفين والمتقاعدين والمرضى.


وبالرغم من سقوط حكومة بايرو (في 8 سبتمبر)، لم يهدأ الشارع الفرنسي، وظلت الدعوة إلى إضراب 18 سبتمبر قائمة، في تعبيرعن رفض شعبي لمشروع ميزانية 2026 الذي تعتبره النقابات محملا بسياسات تقشف، وضغوط إضافية على الخدمات العامة.


وللمرة الأولى منذ موجة الاحتجاجات على قانون إصلاح نظام التقاعد عام 2023، تعود النقابات الفرنسية الرئيسية إلى التعبئة الموحدة، في ظل حكومة جديدة تواجه حالة من عدم الاستقرار السياسي. ووضعت القيادات النقابية خلافاتها جانبا لتأكيد وحدة موقفها، مع التركيز على حماية الوظائف، ورفع الأجور، والحفاظ على الحماية الاجتماعية، والعدالة الضريبية.


وتتضمن المطالب الرئيسة للنقابات رفض إجراءات التقشف بميزانية الدولة لعام 2026، بما في ذلك توفير 43.8 مليار يورو، والحفاظ على أيام العطل الرسمية، واستمرار الإجازات المدفوعة، وعدم تعديل الرسوم الطبية، والحفاظ على الأسبوع الخامس من الإجازات السنوية، وكذلك التراجع عن زيادة سن التقاعد.


كما تأتي مظاهرات اليوم بعد تعيين سيباستيان ليكورنو رئيسا جديدا للحكومة الفرنسية، الذي أعلن خلال تسلمه منصبه رسميا استعداده لإحداث "تغييرات جوهرية" وجاءت أولى قراراته بالتراجع عن إلغاء يومي العطلة الرسمية ـ وهو ما اعتبرته النقابات "انتصارا أوليا"، لكنها ترى أن جوهر الإجراءات (بمشروع الميزانية) لا يزال قائما.

أخبار الساعة