اختتم بقصر ثقافة روض الفرج، مؤتمر "القصة الشاعرة بين النسق القيمي والهوية"، في دورته السادسة عشرة، دورة الشاعر الراحل سعد عبد الرحمن، والذي أقيم على مدار يومين، ضمن فعاليات الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، وتولى رئاسته د. حسين البنهاوي.
شهد اليوم الختامي الشاعر محمد الشحات محمد، منسق المؤتمر، الشاعر والمترجم أحمد السرساوي، ولفيف من القيادات الثقافية والتنفيذية والشعراء والباحثين.
وتضمن اليوم جلسة انتهت بالتوصيات التالية:
توصيات بحثية وأكاديمية: تشجيع الدراسات النقدية المقارنة بين القصة الشاعرة والأجناس الأدبية الأخرى مثل قصيدة النثر، القصة القصيرة جدا، المسرح الشعري لرصد نقاط الالتقاء والاختلاف ودورها في تشكيل هوية أدبية متجددة، توسيع نطاق البحث الأكاديمي حول القصة الشاعرة من خلال رسائل ماجستير ودكتوراه، مع التركيز على النسق القيمي الذي تحمله وكيفية انعكاسه على الهوية الثقافية العربية والإسلامية، إطلاق مشروع أرشفة رقمية للأعمال الإبداعية والنقدية الخاصة بالقصة الشاعرة، بحيث تكون متاحة للباحثين والقراء والدارسين حول العالم، ربط القصة الشاعرة بالدراسات البين-ثقافية، أي دراستها في سياقات غير عربية "ترجمة، مقارنة مع آداب عالمية" لرؤية كيفية حفاظها على الهوية القيمية في فضاء العولمة.
توصيات إبداعية: وتشمل تحفيز المبدعين الشباب على خوض تجربة كتابة القصة الشاعرة، عبر مسابقات أدبية سنوية تحمل موضوعات مرتبطة بالهوية والقيم، إنتاج مختارات أدبية تجمع أبرز النماذج في القصة الشاعرة من مختلف الأقطار العربية لتشكيل صورة بانورامية عن هذا الفن ودوره في الحفاظ على النسق القيمي، تشجيع التجريب الواعي الذي يحافظ على جوهر القصة الشاعرة بحيث لا يكون التجديد على حساب الهوية بل تعبيرا معاصرا عنها.
التوصيات التربوية والتعليمية وتشمل: إدماج القصة الشاعرة في المناهج التعليمية المرحلة الثانوية والجامعية كجزء من تعليم الإبداع الأدبي وربط الطلاب بالنسق القيمي للأدب العربي، تنظيم ورش عمل تدريبية للمعلمين والطلاب حول كيفية قراءة القصة الشاعرة وكتابتها مع إبراز بعدها الهوياتي والثقافي، تسخير القصة الشاعرة في التربية على القيم "العدل، الحرية، الهوية، الانتماء" عبر نصوص أدبية تحمل هذه الرسائل بعمق فني بعيدا عن الوعظ المباشر.
التوصيات الثقافية والإعلامية وتتضمن: توسيع حركة النشر الإعلامي للقصة الشاعرة من خلال المنصات الرقمية والمجلات الثقافية، لتصل إلى أوسع شريحة من القراء الشباب، إنتاج أعمال متعددة الوسائط تجمع بين النص والصورة والموسيقى لتعزيز حضور القصة الشاعرة في الفضاء الرقمي، وأخيرا تنظيم ملتقيات حوارية بين النقاد والمبدعين والقراء لمناقشة دور القصة الشاعرة في تعزيز الهوية الثقافية العربية.
كما قدم المؤتمر عدة مقترحات وهي: إنشاء لجنة دائمة داخل اتحاد كتاب القصة الشاعرة تعنى بمتابعة الإبداع والنقد في هذا الفن وتصدر تقريرا سنويا عن مستجداته، اقتراح محور ثابت في كل مؤتمر حول "القصة الشاعرة والهوية" لقياس مدى تفاعل النصوص مع النسق القيمي من دورة لأخرى، وتوسيع البعد الدولي للمؤتمر عبر دعوة باحثين من خارج الوطن العربي بهدف التعريف بالقصة الشاعرة عالميا وإبراز خصوصيتها القيمية والهوياتية.
وكان المؤتمر قد شهد افتتاح معرض للفنون التشكيلية للفنانة صفية يحيى، وجلستين بحثيتين، بمشاركة لفيف من الباحثين والأدباء، بجانب تكريم مجموعة من رموز الإبداع منهم: الأديب الدكتور السيد رشاد، نائب رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي، الناقد الدكتور مصطفى عمار، مقرر المؤتمر، الدكتورة دينا العشري، رئيس تحرير مجلة الدراسات الإفريقية والعربية، والدكتورة عزة أبو النجا، أستاذ النقد الأدبي الحديث، بكلية البنات، جامعة عين شمس، بالإضافة إلى تكريم اسم الشاعر الراحل سعد عبد الرحمن.
المؤتمر السادس عشر للقصة الشاعرة، أقامته الإدارة المركزية للشئون الثقافية، برئاسة الشاعر د. مسعود شومان والإدارة العامة للجمعيات الثقافية، برئاسة عبير الرشيدي، بالتعاون مع جمعية دار النسر الأدبية، وفرع ثقافة القاهرة، برئاسة د. ابتهال العسلي.
وقد سبق إعلان التوصيات عقد جلسة بحثية أونلاين تحت عنوان "القصة الشاعرة بين النسق القيمي والهوية" أدارها د. مصطفى عمار الششتاوي، وتناول خلالها د. وائل الصعيدي، مفهوم الرمزية في القصة الشاعرة، والوحدة الإيقاعية والجديد الذي تفرضه التحولات الثقافية الجديدة، ثم قدم عرضا حول كتاب "تيسمنت رضوى" للأديب والناقد محمد الشحات محمد، مؤدًا أهمية تعاون جميع المؤسسات في دعم هذا الفن لمواكبة متطلبات العصر.
من ناحيته، قدم د. بابكر أنغوم (السنغال)، دراسة بحثية بعنوان "النسق القيمي في القصة الشاعرة وعلاقتها بمنظومة القيم في الأدب السنغالي"، أوضح خلالها تعريف مفاهيم كل من النسق والقيم في مدلولتيهما اللغوية والاصطلاحية، مع تسليط الضوء على الأدب السنغالي ومنظومة القيم فيه، قبل أن ينتهي ببيان الرابطة بين منظومة القيم الإنسانية والإسلامية والفنية بالنسق القيمي في فن القصة الشاعرة.
وفي مداخلتها، تناولت الأديبة والناقدة الأردنية د. ربيحة الرفاعي الميزات الفنية والبنائية للقصة الشاعرة، وما يجعلها تختلف عن الأجناس الأدبية الأخرى، لتواكب الركب الإبداعي العالمي بما يواكب الرقمنة ويحافظ على الهوية والنسق القيمي.
كما شاركت د. رضا قنديل برسالة بحثية عن مميزات القصة الشاعرة وإمكاناتها الرقمية، موضحة ما قدمته لمسيرة الإبداع العربي.
واختتمت الجلسة بفتح باب المداخلات بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين منهم د. وضحى أحمد مسعد آل ورقش، د. أمل حسين عبده خبراني، د. رشا عبد الرؤوف عبد الفتاح، د. علي أحمد طالب الهمامي، د. بندر مقلح المهيني، د. ريم بنت محمد بن عبد الله الجليل، د. صالح بن سالم بن أحمد الحارث، د. دينا العشري، وغيرهم.
كما شهدت الفعاليات جلسة بحثية بعنوان "القيم والرمزية والهوية في القصة الشاعرة"، تناول خلالها الشاعر محمد الشحات مفهوم فن القصة الشاعرة، وسماتها الخاصة ومستوياتها الدلالية، ما جعل لها حضورا فاعلا في المشهد الأدبي والدراسة الأكاديمية، وعلى مستوى بحوث الامتحانات النهائية، وحركة الرقمنة والنشر بأنواعه المختلفة، مشيرا إلى أن الأجناس البينية الجديدة تعمل على اتساع نظرية الأدب عموما ونظرية الأجناس بشكل خاص.
واختتمت الجلسة بنقاشات حول التشكيل الجمالي والتقنيات في القصة الشاعرة من تفعيلة الفراهيدي وحتى ظهور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.