تتواصل الجهود المصرية على قطاع غزة للتخفيف من حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة هناك بسبب التصرفات الإسرائيلية ومنع إدخال المساعدات. وفى ظل التحركات المصرية للتوصل إلى «تهدئة»، تستمر قوافل الإغاثة إلى القطاع لإدخال المساعدات.
ويأتى «مركز المساعدات المصرية» فى دير البلح؛ ليكون الجسر فى قلوب أهل غزة، فهو ليس مجرد مخزن يضم مواد إغاثة فحسب؛ بل هو جسر إنسانى يربط مصر بغزة وأهلها، ويؤكد على الدور المصرى الكبير من أجل إنقاذ «الغزيين» من «حرب التجويع الإسرائيلية».
ففى قلب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة يتواصل عمل «مركز المساعدات المصرية»، المكان الذى تحول إلى ملاذٍ للأهالى الباحثين عن الغذاء والدواء فى ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة.
فالكارثة التى يمر بها القطاع بسبب حصار الاحتلال لغزة، تخفف وطأتها مئات الكراتين التى تحمل «شعار مصر»، وبداخلها بشكل أساسى مواد غذائية، ومستلزمات طبية وإغاثية عاجلة.
وبحسب الدكتور عبد المهدى مطاوع، المحلل السياسى الفلسطيني، فإن «مركز المساعدات الإنسانية» فى دير البلح صمم ليصبح مركزاً دائماً يُسهل عملية توزيع المساعدات فى دير البلح وفى قطاع غزة بالشكل الكامل، وهو أول «مركز دائم» ومهم، لأنه يقوم بتوزيع المواد الغذائية والطبية واللوجستية.. ووجود هذا المركز يُشكل نقطة انطلاق تتخطى العوائق اللوجستية التى يفرضها الاحتلال الإسرائيلى، بمعنى آخر، أنه كلما استطاع أن يتحول لمركز رئيسى تدخل إليه المساعدات عبر تأمينها ووصولها إلى المركز، هذا سيشكل توسيعاً فى المساعدات لوصولها إلى أهل غزة.
«مطاوع» قال إن جهود مصر فى الإغاثة متمثلة بعدة نقاط، أولا فتح معبر رفح لإرسال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، بالإضافة إلى أنه فى بداية الحرب أجبرت إسرائيل على إدخال المساعدات، بعد أن كانت ترفض ذلك باستخدام ورقة مزدوجى الجنسية، وجانب آخر يتعلق بإنشاء مستشفيات ميدانية فى خان يونس ومخيمات «الهلال الأحمر المصرى» والفرق الطبية التى تصل إلى قطاع غزة، إضافة إلى مراكز توزيع المساعدات فى القطاع وتنظيم عملهم، فضلاً عن الجسر البحرى والجوى بين كل دول العالم، والدور الحيوى لمطار وميناء العريش لاستقبال المساعدات وتخزينها تمهيداً لنقلها لقطاع غزة، وكذا التنسيق مع المؤسسات الدولية والمنظمات المصرية عبر «الهلال الأحمر المصري» لإدخال المساعدات، إلى جانب استقبال الجرحى الفلسطينيين وعلاجهم فى مصر، وكذلك تقديم الوقود والغاز لتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية بغزة.
«مطاوع» أشار إلى أن المساعدات المصرية تغطى النقص الحاد فى الغذاء والدواء، كما أنها تساهم فى عودة المنشآت الصحية للعمل نتيجة التدمير وانعدام الأدوية والمستلزمات الطبية.
وعدّ «مركز المساعدات المصرية» رسالة تضامن إنسانى ووطنى وتعبيرا عن الوقوف المصرى مع الشعب الفلسطينى بشكل كامل. ويرى أن حذو الدول العربية لإنشاء مراكز إنسانية فى القطاع مثل مصر، سوف يُشكل نقلة نوعية فى تخطى الأزمة الإنسانية وترتيب وصول المساعدات بشكل منتظم للمجمع الفلسطيني، بالإضافة إلى أنه سوف يتغلب على العوائق التى تضعها إسرائيل، وسيقلل من حدة المجاعة فى القطاع، وسيحد من أزمات الاستغلال الإسرائيلى للمعابر وإغلاقها.
إلى جانب «مركز المساعدات المصرية» يدفع «الهلال الأحمر المصرى» بقوافل «زاد العزة.. من مصر إلى غزة»، التى أطلقها فى 27 يوليو الماضى، وتجاوزت حتى الآن الـثلاثين قافلة، وتحمل آلاف الأطنان من المساعدات التى تنوعت بين سلاسل الإمداد الغذائية، والدقيق، وألبان الأطفال، والمستلزمات الطبية، والأدوية، وأطنان من الوقود إلى جنوب القطاع عبر معبر كرم أبو سالم.
ويتواجد «الهلال الأحمر المصري» كآلية وطنية لتنسيق وتفويج المساعدات إلى غزة، على الحدود منذ بدء الأزمة، حيث لم يتم غلق معبر رفح من الجانب المصرى نهائيًا.
الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، قال: تبذل مصر جهوداً كبيرة جدا فى إيصال المساعدات الطبية والغذائية لكل مكونات الشعب الفلسطيني؛ وفى ظل تعثر الوصول عبر المعابر إلى كل قطاع غزة، يتم التركيز على مناطق فى جنوب قطاع غزة بخان يونس ودير البلح، وهما أكثر مكانين للنزوح الآن، وهناك محاولات من الجانب المصرى لتنظيم ذلك، فالأمر لم يعد فكرة إيصال المساعدات فقط إلى مراكزها؛ لكن هناك ترتيبات كبيرة مع كل العشائر والعائلات لضمان وصول المساعدات إلى كل مكونات الشعب الفلسطيني.
وبحسب «الرقب» فإن «مركز المساعدات المصري» بدير البلح نموذج لتقديم المساعدات من مصر، وإلى جانب «المركز» هناك ما يطلق عليها «تكيات» فى غزة، يتم من خلالها تسليم مواد غذائية لهذه «التكيات»، التى تقوم بعملية طهى الطعام وتوزيعه على المحتاجين، فضلاً عن تقديم المساعدات للمشافى والمراكز الطبية التى لم يعد يعمل إلا القليل منها فى القطاع.
وأوضح أن المساعدات المصرية تلقى بظلالها الكبير على الدعم والإغاثة للشعب الفلسطينى المحاصر، فوفق تقارير دولية من 60 إلى 70 فى المائة من المساعدات التى دخلت غزة، هى مساعدات مصرية، ورغم الظروف الاقتصادية بمصر؛ إلا أن الشعب المصرى والدولة المصرية قدمت مساعدات كبيرة جداً، وكانت تقوم بتقديم المساعدات فعلاً وليس قولاً كما بعض الدول الأخرى التى لم ترسل «كيسا واحدا من مواد الإغاثة».
«الرقب» أضاف أن مصر تحاول قدر المستطاع التخفيف من معاناة الفلسطينيين رغم أن الاحتلال يمنع دخول المساعدات، فمصر تحاول إدخال أكبر قدر من المساعدات، وهناك كميات كبيرة تصل إلى القطاع، فمصر تكثف جهود إدخال المساعدات ويتم تأمينها للوصول إلى مخازن المؤسسات الدولية أو «الهلال الأحمر الفلسطيني» الذى يتعاون مع «الهلال الأحمر المصري»، والآن يتم تسليم العائلات بشكل مباشر هذه المساعدات، وهذا سيخفف من حالة العوز والتجويع فى قطاع غزة.
