رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

لمواجهة «ورطة الخزائن الخاوية».. الشركات الاستثمارية.. بوابة لقوة الأندية الشعبية


8-9-2025 | 14:52

.

طباعة
تقرير: محمد عادل

باتت عملية دمج رؤوس الأموال فى عالم الساحرة المستديرة، أمرًا منطقيًا فى العصر الحديث، و صناعة عالمية تُدر أرباحًا كبيرة، ناهيك عن أن الاستثمار فى كرة القدم أصبح قوةً ناعمةً للدول، كونها عمليةً ماليةً اقتصاديةً ضخمةً ومتعددة الأوجه، تستقطب الأموال ورجال الأعمال إلى الأندية والفرق الرياضية، بما فى ذلك بيع التذاكر، عقود الرعاية، حقوق البث، بيع البضائع، انتقالات اللاعبين، والاستثمارات المباشرة فى الشركات الرياضية وأكاديميات الناشئين.

ولنا عظة فى الدوريات الخليجية والأوروبية والصينية حتى إن كانت لفترة ما خلال العقد الأخير، ولكن فى دورى نايل، مازالت الأندية تترنح فى المناقشات بشأن مقترح تدشين شركة كرة قدم استثمارية، على غرار ما حدث لأندية بيراميدز – المستثمر الأجنبى الوحيد فى المسابقات المصرية، واستثمارات من نوع آخر ممثلة فى أندية الشركات والمؤسسات مثل فاركو ومودرن والبنك الأهلى.

وبين هذا وذاك، نجد مشهدًا يهين تاريخًا عريقًا لأعتى الأندية الشعبية الجماهيرية لدينا، يكفى أن نذكر برازيل مصر الدراويش، وزعيم الثغر الاتحاد السكندرى، والمصرى كبير بورسعيد، وأحدثهم الزمالك، فهؤلاء الرباعى العتيق يعانى ماديًا وكرويًا، محليًا وقاريًا، مقارنة بأندية وليدة لا يتعدى عمرها بضع سنوات، ومن هنا جاء نقاش واسع حول مستقبل الأندية الجماهيرية وضرورة دخولها إلى عالم الاستثمار المؤسسى عبر تأسيس شركات رياضية مستقلة تكون مملوكة للنادى.

«المصور» استطلعت آراء خبراء، وتعمقت فى الظروف المحيطة بأبرز الأندية الجماهيرية المرهقة ماديًا، ولعل أشهرها فى وقتنا الراهن، الزمالك، الاتحاد السكندري، المصرى البورسعيدى، والإسماعيلى.

ففى نادى الزمالك، أبدى هشام يكن، أحد نجوم كرة القدم السابقين والإعلامى الحالى، رفضه لفكرة تأسيس شركة كرة قدم تابعة للقلعة البيضاء، مؤكدًا أن ارتباط نادٍ بحجم الزمالك بشركة ما، قد يحوّل المسار التاريخى للمارد القاهرى إلى استثمارى بحت، وهو ما يهدد روح القميص والانتماء الجماهيرى الذى عُرف به النادى لعقود طويلة منذ تأسيسه، وقال: «إذا خسرت الشركة، سيخسر النادى معها»، معتبرًا أن الحل الأفضل هو إنشاء لجنة كرة متخصصة تكون مهمتها إدارة مشاريع استثمارية رياضية مثل الملاعب والأكاديميات ومراكز الشباب، لأن هذه المشروعات ذات عوائد واضحة وأكثر استدامة.

وأشار «يكن» إلى أن الزمالك يمتلك قاعدةً جماهيريةً ضخمةً ومكانةً تاريخيةً يمكن استثمارها بطرق مبتكرة، لكن المشكلة تكمن فى غياب لجنة الكرة داخل مجلس الإدارة الحالى، وهو ما يجعل أى مشروع استثمارى كبير أمرًا صعب التنفيذ.

هذا فى الوقت الذى يرى متابعون وخبراء أن الأزمة المالية المستمرة داخل كيان ميت عقبة، قد تدفع فى النهاية إلى التفكير بجدية فى حلول مؤسسية، لكن الطريق ما زال مليئًا بالشكوك والجدل.

ومن القاهرة إلى الإسكندرية، نجد أن الوضع قد يبدو أكثر تفاؤلًا، إذ أكد أشرف عبدالحليم منجا، نجم الاتحاد السكندرى السابق والمحلل الفنى الحالى، أن تأسيس شركة كرة قدم سيكون خطوةً ممتازةً تضع الفريق فى مكانة متميزة بين الأندية المصرية.

وأوضح أن الفكرة ستزيد من الموارد المالية للنادى بشكل ملحوظ، ما يُتيح إبرام صفقات أقوى للفريق الأول، ويعزز فرصه فى المنافسة على البطولات والألقاب، مشددًا على أن تنفيذ هذا المقترح يحتاج إلى وقت وثقة أكبر فى مجلس الإدارة الجديد برئاسة محمد سلامة، الذى تسلم مسؤولياته مؤخرًا.

وأشار «منجا» إلى أن المجلس الحالى للاتحاد السكندري، لم يعلن حتى الآن عن أى خطط أو نوايا واضحة بشأن تأسيس مثل هذه الشركة، وهو ما يجعلها أقرب إلى فكرة قابلة للنقاش أكثر من كونها مشروعًا قيد التنفيذ.

ورغم ذلك، يرى الكثير من مشجعى العملاق الأخضر أن دخول النادى إلى عالم الاستثمار المؤسسى قد يكون الطريق الأمثل لضمان استقراره المالى، بعيدًا عن الأزمات المتكررة.

ويعتقد الغالبية من المهتمين بالشأن الرياضى، أن النادى المصرى البورسعيدى هو الأكثر تقدمًا حتى الآن فى هذا الملف، ففى اجتماع رسمى عُقد بالقاهرة، جمع رئيس النادى كامل أبوعلى واللواء محب حبشى محافظ بورسعيد، تم الاتفاق على تأسيس شركة النادى المصرى للاستثمار، لتكون مسؤولة عن إدارة مشروع نقدى ربحى ضخم، يُقام على الأرض المجاورة لاستاد النادى الجديد.

ووفقًا للخطة، فإن المشروع سيوفر عوائد مالية كبيرة تغطى احتياجات الفريق الأول، فضلًا عن آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة لأبناء المدينة الباسلة، كما سيعود جزء من عوائد المشروع إلى المحافظة نفسها، بما يعزز التكامل بين النادى والمجتمع المحلى فى البلد الساحلية.

وعلى النقيض مما سبق، يعيش النادى الإسماعيلى الحالة الأسوأ من حيث توفير الموارد، يكفى أن الدراويش كان مهددًا بالهبوط الموسم الماضى، لولا قرار الأندية المصرية بإلغاء الهبوط رسميًا، ليطل علينا «الأصفر» هذا الموسم من دورى نايل.

ويرفض المسؤولون التعليق أو الإدلاء بأى تصريحات حول إمكانية تأسيس شركة للنادى، فيما يواصل الفريق الأول تراجعه فى النتائج والأداء وسط أزمات مالية وإدارية لا تنتهى.

فكثير من المتابعين يرون أن غياب الرؤية الاستثمارية يعكس سوء إدارة مزمن يعرقل مسيرة النادى العريق، الذى كان يومًا ما أحد أبرز أقطاب الكرة المصرية وصاحب قاعدة جماهيرية كبيرة، لكن الأزمات المتراكمة جعلته بعيدًا تمامًا عن أى خطط مستقبلية واضحة، ليظل الإسماعيلى عالقًا بين قوة تاريخه وحاضره المليء بالصعوبات.

المواقف المختلفة لهذه الأندية الأربعة تكشف حجم التحدى الذى تواجهه منظومة الرياضة المصرية فى مسألة التحول المؤسسى، فالزمالك يخشى ضياع الهوية والانتماء، والاتحاد متحمس لكنه ينتظر الوقت المناسب، بينما المصرى بدأ بالفعل خطوات عملية واضحة نحو تأسيس شركته الاستثمارية، فيما يقف الإسماعيلى بعيدًا عن المشهد بسبب أزماته الإدارية.

وبين الحذر والتجربة والغياب، تظل شركات كرة القدم واحدة من أهم الملفات التى ستحدد مستقبل الأندية الجماهيرية فى مصر، فالمسألة لا تتعلق فقط بتأمين موارد مالية مستقرة، بل أيضًا تسعى للحفاظ على روح الانتماء للمشجعين وضمان الاستقرار الإدارى والفني، وبالتالى نجاح هذه التجربة سيتوقف على قدرة كل نادٍ فى تحقيق التوازن الدقيق بين الاستثمار والهوية، وهو التحدى الأكبر أمام الكرة المصرية فى المرحلة المقبلة.

وتستهدف مصر جذب استثمارات فى قطاع الرياضة بقيمة تصل إلى 6 مليارات جنيه خلال العام الجارى، بحسب وزير الشباب والرياضة أشرف صبحى، الذى أشار إلى أن الوزارة تتعاون مع البورصة المصرية لجذب الشركات الرياضية للطرح خلال الفترة المقبلة.

وبالفعل تدفقت استثمارات إلى قطاع الرياضة المصرى بقيمة 54 مليار جنيه فى الفترة من 2019 إلى 2024، بواقع 30 مليارًا استثمارات حكومية، و 24 مليار جنيه قيمة استثمارات القطاع الخاص.

وتسعى مصر إلى زيادة استقطاب الفعاليات الرياضية إلى المسابقات المحلية، لمواكبة هذه السوق، ومتوقعًا أن يصل حجمه إلى 510 ملايين دولار فى عام 2032.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة