بعد مرور نحو شهر على انطلاق مبادرة رئيس الوزراء لتخفيض أسعار السلع، اقتصرت الانخفاضات على قطاعات الملابس والأدوات المدرسية والسيارات والأجهزة الكهربائية، والتى تراوحت ما بين 10 إلى 70 فى المائة وفقا لإمكانات كل قطاع، فى حين ما زالت أسعار المواد الغذائية ثابتة، ولم تعلن شركة واحدة تخفيض أسعارها، بخلاف الشركة القابضة للصناعات الغذائية، التى شاركت بتخفيض أسعار 15 سلعة أساسية، بنسبة تقترب من 18 فى المائة. «هناك فارق بين سلعة وأخرى، وبالتالى التحكم فى تخفيض أسعارها مختلف»، هذا ما بدأ به أحمد صقر، نائب رئيس غرفة الإسكندرية التجارية، ورئيس مجلس إدارة مجموعة كبرى للصناعات الغذائية، مؤكدا أن هناك بعض القطاعات، خاصة السيارات والعقارات والسلع المعمرة، حينما حدث التحريك المرن لسعر صرف العملة خلال مارس 2024، كانت أغلب هذه القطاعات تقوم بتسعير منتجاتها بأسعار تحوطية أعلى من الواقع، وتأثرت حركة المبيعات لديهم، وبالتالى يستطيعون حاليا تخفيض أسعارهم، أما السلع الغذائية فهى منتجات سريعة الدوران وعليها طلب ومصاريف تمويل مرتفعة جدا خاصة تلك المتعلقة بفوائد البنوك، كما أن تكاليف الإنتاج متشعبة، إضافة إلى زيادة الرسوم المفروضة من الجهات الرقابية.
وأوضح «صقر» أن انخفاض الأسعار لا يتم إلا بآليات العرض والطلب، ولنجاح مبادرة رئيس الوزراء ينبغى اجتماع كافة أطراف العملية الإنتاجية، بداية من التوكيلات الملاحية والجهات الرقابية والمنتجين والتجار والسلاسل التجارية والمستوردين، وذلك بعد تحديد ما بين 15 إلى 20 سلعة استراتيجية وأساسية لتخفيض أسعارها بنسب محددة، حتى يشعر المواطن بتخفيضات حقيقية.
من جانبه، قال أحمد غريب، عضو شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية،: لدينا ثلاث فئات رئيسية للسلع الغذائية، أولها المستوردة بشكل كامل من الخارج، وبالفعل تأثرت بانخفاض سعر الدولار أمام الجنيه، كذلك انخفاض أسعار الغذاء عالميًا وفقا لتأكيدات منظمة الفاو، وبالتالى شهدت تحسنا طفيفا فى الأسعار لتحقق انخفاضا ما بين 10 إلى 20 فى المائة، وأغلبها معلبات مثل التونة والدواجن المجمدة، ولكن تلك النوعية لا تشغل بال جزء مهم من موازنة الأسرة المصرية، وتلك السلع سيظهر انخفاض واضح بها بعد اكتمال دورة استيرادية كاملة بأسعار الدولار الحالية. ثانيًا: السلع المنتجة محليا، التى تعتمد على بعض الخامات المستوردة مثل اللبن البودر والزبدة والزيوت رغم انخفاض أسعار تلك المدخلات، فإنها ستتطلب فترة أطول لتعود بالانخفاض على المستهلك.
وأضاف: ثالثا المنتج المحلى بالكامل، ويتم التعامل معه باستحياء، وهناك ثبات فى الأسعار، والمنتجون والتجار كافة ينتظرون ارتفاع أسعار الوقود خلال شهر أكتوبر كما هو متوقع، وبالتالى تكاليف الإنتاج سترتفع، وليس من المنطقى تخفيض الأسعار خلال شهر أغسطس ثم رفعها مرة أخرى فى أكتوبر، وبالتالى الثبات سيد الموقف.
وأشار «غريب» إلى أن عدم شعور المواطنين بتخفيضات قوية فى السلع الغذائية يرجع إلى عدم وجود سوق مجمع بتخفيضات محددة منذ شهر رمضان الفائت وحتى الآن، مضيفًا أن «المبادرات التى يشعر بها المواطن، يتم تنظيمها خلال مواسم محددة أو داخل أسواق مجمعة، وخلال الأيام المقبلة ومع انطلاق معارض أهلا مدارس سنشارك بسلع غذائية مخفضة، خاصة منتجات الألبان، تيسيرا على المواطنين، كما أن الشركة القابضة ستشارك أيضًا بمنتجاتها».
«قطاع المواد الغذائية محمّل بأعباء كبيرة»، حسبما أوضح عضو تجارية القاهرة، مشيرًا إلى أنه يتم دفع رسوم لجهات متعددة تؤثر على سعر المنتج، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فالغذاء المستورد عليه ضريبة وارد غالبا 5 فى المائة ولا تسترد، كما أن أسعار النولون لم تنخفض بل سترتفع مع زيادة المحروقات، أيضًا أرباح المواد الغذائية محدودة وتعتمد على البيع بكميات كبيرة، وبالتالى التخفيض فيها سيقلل من هامش الأرباح، ولكى تنجح المبادرة الحكومية فى تخفيض أسعار السلع الغذائية، عليها منح التجار تمويلات بعائد منخفض، فالصانع يحصل على تمويلات بفائدة 5 فى المائة، أما التاجر والمستورد فهما محرومان من هذه الميزة، وبالتالى تكاليف التمويل مرتفعة على التجار، وكذلك تكلفة الخدمات، مؤكدًا أنه إذا وفرت الدولة تلك المميزات للتجار سيتمكن الأخير من تقديم تخفيضات ملموسة للمستهلكين.
