«ضرائب الكربون»، نظام أطلقه الاتحاد الأوروبى كأول نظام فى العالم لفرض ضريبة حدودية على الانبعاثات الكربونية عبر المنتجات المستوردة ذات البصمة الكربونية المرتفعة، أو ما عرف بـ « CBAM» آلية تعديل حدود الكربون Carbon Border Adjustment Mechanism ، وهى أحد النظم الرائدة فى مجال مكافحة التغيرات المناخية، والتى تهدف لمواجهة ظاهرة تسرب الكربون من عمليات تصنيع وإنتاج السلع والمنتجات.
ووفقًا للنظام، هناك 6 صناعات سيتم فرض عليها الضريبة الكربونية، وهى «الحديد والصلب، الأسمنت، الألومنيوم، الأسمدة، الكهرباء، الهيدروجين»، ومن المقترح توسيع النطاق ليشمل المواد الكيميائية والبوليمرات، ليكون العام المقبل 2026، بداية المرحلة الأولى للتطبيق، والتى سبقتها مرحلة انتقالية لآلية تعديل الحدود الكربونية بدأت فى أكتوبر 2023 حتى 2025، بهدف التدرج فى تطبيق آلية CBAM، من خلال التحول للطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات الكربونية إلى 55 فى المائة من أجل تحقيق الحياد المناخى للقارة الأوروبية فى 2050.
مصر من الدول التى ستتأثر بتطبيق آلية تعديل حدود الكربون، فالصادرات المصرية التى تدخل فى نطاق الآلية تبلغ 10 فى المائة من إجمالى الصادرات المصرية، وهى ما تمثل 0.3 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى المصرى، وتمثل 20 فى المائة من إجمالى الصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوروبى، والتى بلغت 12.313 مليار دولار فى العام المالى 2022/2023.
تأثر الصادرات المصرية بتطبيق آلية الـ CBAM أمر لا يمكن إنكاره، حيث يشير تقرير البنك الدولى إلى أن الآلية الأوروبية قد تؤثر على الصادرات المصرية بسبب رفع تكلفتها عبر الضريبة المفروضة «ضريبة الكربون»، لكنها فى الوقت ذاته تعد فرصة للدولة المصرية لتعزيز اقتصادها الأخضر للاستفادة من انبعاثاتها الكربونية المنخفضة مقارنة بالصين والهند، وقربها الجغرافى من الموانئ الأوروبية وتوسعها فى محطات الطاقة المتجددة شمسية ورياح وطاقة نووية، وهو ما يمنح المنتجات والسلع المصرية ميزة تنافسية ويعطى دافعاً للتحول السريع نحو الاقتصاد الأخضر.
وفى هذا السياق، قال الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، رئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن «تطبيق آلية تعديل حدود الكربون سيشكل تحدياً كبيراً على الصادرات المصرية، وذلك نظراً للاعتماد المصرى على الغاز الطبيعى كمصدر أساسى للطاقة، عبر استخدامه فى العمليات الصناعية المختلفة، وبالتالى يصدر عنه انبعاثات كربونية.
وتابع: صحيح أن تطبيق آلية CBAM سيؤثر على القدرة التنافسية للشركات والمنتجات المصرية فى السوق الأوروبية بسبب كثافة الكربون المنبعث من المنتجات التى يتم تصديرها، ولهذا سيشكل تحدياً كبيراً للقطاعات الصناعية وتحديداً الأسمدة والأسمنت والألومنيوم.
الشافعى، أضاف: لكن التحديات السابقة لا تنفى إمكانية تطويع مميزات تطبيق آلية CBAM للدولة المصرية، حيث لا يمكننا أن نقيم الآلية فى معزل عن عدة عوامل، منها أن الدولة المصرية لديها حجم أقل من الانبعاثات الكربونية أقل من الدول الأخرى، ليبلغ حجم الانبعاثات الكربونية المصرية 0.6 فى المائة، مقارنة بالصين تصل إلى 18.8 فى المائة والهند 4.9 فى المائة، حتى إن الدولة المصرية نجحت فى تحقيق تراجع فى مؤشر سياسات وأنظمة الطاقة المستدامة بلغ 79، التوسع فى الطاقات المتجددة والتى تسعى الدولة لتحقيقه عبر مشروعات المحطات الشمسية ومزارع الرياح وبطاريات التخزين بجانب محطة الضبعة النووية.
ولهذا يمكن القول إن تطبيق آلية CBAM لن يؤثر على حجم الصادرات المصرية بل سيكون دافعاً نحو التسريع من عملية التحول للاقتصاد الأخضر.
