رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

يضبط علاقة «الأطراف الثلاثة».. قانون العمل.. «أمان واستثمار»


6-9-2025 | 15:41

.

طباعة
تحقيق: منار عصام

«الأمان الوظيفى.. تشجيع الاستثمار.. والعدالة المتبادلة»، ثلاثة أمور كانت حاضرة فى جلسات الإعداد لمشروع قانون العمل الجديد، رقم 14 لسنة 2025، الذى دخل حيز التنفيذ خلال الساعات القليلة الماضية، منهيًا رحلة طويلة شهدتها السنوات السابقة فى إطار الإعداد والمناقشات والموافقات، لتبدأ بذلك صفحة جديدة فى طبيعة العلاقة بين أطراف العمل الثلاثة، علاقة قائمة على التوازن فى حقوق وواجبات كل طرف، مع عدد من المميزات الجديدة التى وفرها القانون للعمال، وكذلك أصحاب العمل بما يعود بالنفع على الاقتصاد المصرى.

وزير العمل، محمد جبران، أكد أن «قانون العمل الجديد يحقق التوازن بين طرفى الإنتاج ويؤكد على نجاح الحوار الاجتماعى بين كافة الأطراف المعنية، ومنذ ساعات قليلة دخل قانون العمل الجديد حيز التنفيذ، وتحديدًا منذ الاثنين الأول من سبتمبر الجارى، حيث بدأ تطبيق قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025».

«جبران»، أكد أن الوزارة تعكف من خلال «التشاور الاجتماعى» على الانتهاء من كافة القرارات التنفيذية له خلال أيام قليلة أيضًا، موضحًا أن القانون الجديد يُعد نموذجًا حيًا على التعاون مع منظمة العمل الدولية، والتى كانت شريكًا رئيسيًا فى «التشاور الاجتماعى» مع جميع الأطراف المعنية حتى صدر هذا القانون، مشيرًا إلى أنه «عندما وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بسرعة إصدار قانون العمل لما يعلمه من أهميته لكل مواطن مصرى سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، نفذت الحكومة التوجيه الرئاسى، وأنجز مجلس النواب العمل بنقاش موسع أسفر عن قانون عمل متوازن يحقق مصالح جميع الأطراف، ويتوافق مع معايير العمل الدولية، ويُعزز من امتثال مصر لاتفاقيات حقوق الإنسان، وممارسة الحق فى العمل، وفى ضمان شروط وظروف عادلة له، ليصدر قانون نفخر أن يكون «لبنة» فى بناء الجمهورية الجديدة».

«جبران»، أضاف: أجرينا حوارًا وتشاورًا اجتماعيًا ضم كافة التوجهات من أجل قانون يتماشى مع مستجدات عالم العمل، ويراعى التوازن فى سوق العمل بين العرض والطلب، ويؤدى إلى سرعة التقاضى من خلال المحاكم العمالية، ويضبط سوق عمل الأجانب فى مصر، ويحافظ على حقوق العمال، كما حددها وأقرها الدستور المصرى، ويعمل على جذب الاستثمارات أيضًا. فلقد تضمن القانون، فيما تضمن من أحكام، تعريفًا موسعًا للعامل ليشمل كل فئات العمال، وبذلك تمتد الحماية القانونية والاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، ومن بينهم العاملون لحساب أنفسهم والعمالة غير المنتظمة، كما تضمن أنماط العمل الجديدة، ومعالجة آثار التغيرات التكنولوجية وتغير المناخ.

وأشار الوزير إلى أن «القانون الجديد ركز أيضًا على تنمية مهارات الموارد البشرية لتوفير احتياجات سوق العمل فى الداخل والخارج، كما توسع القانون فى وسائل وآليات التشغيل، سواء من خلال مكاتب العمل بالمحافظات أو الوكالات الخاصة المرخص لها بذلك، هذا إلى جانب التركيز على حماية العمال داخل المنشآت، وإنفاذ القانون، وتوفير السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، بما يتماشى مع معايير العمل الدولية. وقد كان كل ذلك فى إطار فلسفة قائمة على التزام الدولة بالحفاظ على جميع حقوق العمال، وتحقيق التوازن بين طرفى علاقة العمل، وكذلك التركيز على توضيح الحقوق والالتزامات لطرفى علاقة العمل، وتعزيز دور حل المنازعات بالطرق الودية».

«جبران»، اختتم حديثه بتأكيد أن «هذا القانون يُحقق المصالح كافة، مصلحة الحكومة فى ضمان سوق عمل منتج وجاذب للاستثمار، يوفر حماية اجتماعية للمواطنين، ومصلحة أصحاب الأعمال فى تنمية مشروعاتهم الاقتصادية والتوسع فيها، ومصلحة العمال فى الحصول على عقود عمل مناسبة ومستقرة، وأجر عادل، وشروط وظروف لائقة، وأمان وظيفى، وحماية اجتماعية».

من جهته، أكد النائب عادل عبد الفضيل، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن «قانون العمل الجديد لم يتعرض لاستمارة 6، وإنما تعرض للاستقالة التى يترتب عليها تحرير استمارة 6 مع وضع ضوابط للاستقالة المقدمة من العامل أو وكيله إلى صاحب العمل أو وكيله من الجهة الإدارية، الأمر الذى ساهم فى القضاء على ظاهرة تحرير العاملين لاستمارة 6 عند استلامهم لمهام أعمالهم».

«عبد الفضيل»، أكد أن «الضوابط التى وضعها القانون الجديد أسهمت فى القضاء على أى انحرافات تخص استمارة 6»، مشيرًا إلى أن «فلسفة قانون العمل الجديد هى إقامة علاقة متوازنة بين أطراف العمل (العامل وصاحب العمل والحكومة) لزيادة الإنتاج وضمان الحد الأدنى لحقوق العمالة، الأمر الذى سيكون بالغ الأثر الإيجابى على الاقتصاد المصرى، وذلك من خلال زيادة الإنتاج عقب الحفاظ على حقوق العمال».

النائب البرلمانى، أضاف: طموحات العامل هى الحصول على أجر مناسب لما يقدمه، فضلًا عن حصوله على تأمين اجتماعى وصحى يليق به وبأسرته، وصاحب العمل أيضًا يرغب من القانون ما يؤمن له استثماراته ويضمن التزام العامل بأداء واجباته للعمل على زيادة إنتاجه وتحقيق أعلى أرباح فى بيئة عمل خالية من المشكلات، وهو حق لصاحب العمل، والطرف الثالث وهو الحكومة، يسعى قانون العمل الجديد إلى فرض نوع من الاستقرار فى العمل، الذى يؤدى فى الأخير إلى زيادة الإنتاج. هذا فضلًا عن أن قانون العمل الجديد شهد ضم أنماط جديدة من الأعمال مثل العمل المرن، وكذلك العمل من خلال المنصات الإلكترونية أو العمل عن بُعد، حيث يعتبر القانون العاملين بهذه النوعية من الأعمال مثلهم كالعاملين فى الأشكال التقليدية من العمل، فالمعاملة لكليهما أمام القانون الجديد واحدة.

«عبد الفضيل»، كشف أن «قانون العمل الجديد استحدث مميزات للعامل، منها أن القانون اعتبر أن العامل الطرف الأضعف ماليًا من صاحب العمل، فعند حدوث نزاع بين العامل وصاحب العمل أعطى القانون العاملين وعمال التلمذة الصناعية والمتدربين الحق فى دعواهم بدون محامٍ من خلال مكاتب المساعدة القضائية الموجودة داخل المحاكم وبدون رسوم قضائية، نظرًا لضعف ملاءاتهم المالية، كما أن القانون حرم العمل سخرة أو جبرًا، بجانب عدم التفريق سواء عند التدريب أو الإعلان عن وظائف ما بين العاملين أو المتدربين على أساس العرق أو اللون أو الانتماء الدينى أو الانتماء السياسى».

كما أكد النائب البرلمانى، أنه «من ضمن المميزات الجديدة فى القانون الجديد، أنه إذا تعثر صاحب العمل فإن حقوق العمال مقدمة على كل هذه الحقوق، بالإضافة إلى أن القانون نص على أنه فى حالة تصفية المنشأة أو دمجها، فإن للعامل ميعادًا محددًا لتحصيل مستحقات العمل، ومنح لوزارة العمل الحقوق فى ملاحقة صاحب العمل فى حال لم يحصل العامل على حقوقه»، مشددًا على أن القانون جاء ببعض التعريفات الجديدة متعلقة بالأجر وعناصره طبقًا للمعايير الدولية، وربط الأجر بالإنتاج لطمأنة المستثمر الوطنى والأجنبى، خاصة أن المستثمرين الأجانب، قبيل ضخهم استثماراتهم فى أى دولة، يتفقدون أوضاع الدولة الاقتصادية بجانب علاقات العمل، لذلك يساهم قانون العمل فى تشجيع الاستثمارات الأجنبية بطمأنة المستثمرين باستقرار العلاقة بين أطراف العمل، من خلال قانون ملزم لكل أطراف العمل ويربط الأجر بالإنتاج لضمان وفاء العامل بالتزاماته تجاه صاحب العمل.

«عادل»، أوضح أن «قانون العمل الجديد ساهم فى توضيح بند التدريب وأشكاله، وكذلك بيان شكل الكيانات القائمة على التدريب، على اعتبار أن مصادر التدريب تُعد من أهم الكيانات فى سوق العمل، لذا نص القانون على بعض التعريفات الواضحة مثل المقاومة الجماعية والسخرة، كما حدد ضوابط لعملية الإضراب. فجميع نصوص القانون جاءت متماشية مع التشريعات الحديثة مثل القانون 148 لسنة 2019 الخاص بالتأمينات الاجتماعية، وكذلك قانون حق التنظيم النقابى 213 لسنة 2017».

رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، انتقل بعد ذلك للحديث عن «العقوبات»، وقال: العقوبات التى كان ينص عليها القانون القديم كانت غير رادعة، نظرًا لانخفاض القوة الشرائية للجنيه المصرى، لذلك تم تعديل قيم العقوبات فى القانون الجديد، وبالمناسبة لا يتضمن قانون العمل على أى عقوبات سالبة للحرية.

وعن الحد الأدنى للأجور، أكد «عادل» أن «المجلس القومى للأجور، هو أحد المجالس الخمسة المنصوص عليها فى القانون، والمسؤول عن تحديد الحد الأدنى للأجور»، مشيرًا إلى أن قرار المجلس القومى للأجور ملزم لكل أطراف العمل، بما فيهم الجهاز الإدارى.

كذلك، لفت «عادل» إلى أنه «من أبرز مميزات قانون العمل توضيح تعريف محدد للتنمر والتحرش فى تعريفات القانون، خاصة أن القانون يضم ما يقارب من 25 تعريفًا حديثًا أُدرجت بشكل كامل حديثًا فى الشكل الجديد لقانون العمل»، مضيفًا أن «القانون الجديد ميّز المرأة باعتبارها من الفئات الأولى بالرعاية، فقد ساوى بين المرأة العاملة فى القطاع الخاص ومثيلتها العاملة فى الجهاز الإدارى للدولة، فلهما نفس الحقوق، فضلًا عن التأكيد على عدم وجود أى تفرقة بين الرجل والمرأة فى الأجور بالقانون الجديد».

أما فيما يتعلق بـ «عدد ساعات العمل»، فأشار رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إلى أن «القانون الجديد أقر أن حالات الطوارئ فقط هى التى من الممكن أن يصل فيها عدد ساعات العمل إلى 10 ساعات، ويتقاضى العامل نظيرها أجرًا مضاعفًا طبقًا للقرارات المنظمة، وتُعتبر المدة اليومية للعمل هى 8 ساعات تتخللها ساعة راحة، وما زاد عن ذلك يستحق عليه العامل أجرًا إضافيًا، ولا يتم إجبار العامل عليه، ولكن يشترط أن تكون بموافقته»، مضيفًا أنه «من مميزات القانون الجديد أيضًا تعظيم التسويات الودية فى حل أى نزاع بين العامل وصاحب العمل، مثل التوافق والوساطة وتحكيم الطرق الودية التى تم النص عليها فى القانون، وهى المرة الأولى التى يستحدث فيها القانون محاكم عمالية متخصصة، وذلك من أجل العدالة الناجزة وسرعة فض النزاع بين العامل وصاحب العمل، خاصة أن هذه المحاكم ستضم قضاة متخصصين وعلى درجة عالية من الإلمام بأمور العمال وأصحاب العمل».