رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

خيانة «الإرهابية» أمام سفارات الوطن


28-8-2025 | 13:58

.

طباعة
بقلـم: طارق أبو السعد

يومًا بعد يوم، يزداد يقيننا -نحن الشعوب العربية- أن جماعة الإخوان الإرهابية خطر على الدين والدولة والمجتمع، والحذر والتحذير منها واجب وطنى ودينى، فقط بالدليل القاطع أن الجماعة هى الوجه الخفى للعدو، فإذا كانت إسرائيل هى العدو الظاهر، فالإخوان هى العدو الخفى، وإذا كانت إسرائيل تحتل أرضنا العربية، وخُضنا ضدها حروبًا عدة، سقط منا فيها شهداء، فإن الجماعة الإرهابية تحاول أن تحتل عقول وقلوب شبابنا، وقادت بالفعل حربًا إرهابية ضد الدولة والشرطة والجيش، وسقط منا شهداء. وإذا كان العداء بيننا وبين إسرائيل سيظل قائما ما لم تُحل القضية الفلسطينية، فإن عداء «الإرهابية» للوطن مستمر، حتى آخر عضو فيها، ما لم يتوبوا ويعودوا إلى الوطن، ورغم ذلك الحق أقول لكم إن خيانة الإخوان أشد ضراوة من عداء إسرائيل، فالإخوان من بنى جلدتنا، ويتحدثون بلساننا، ويزعمون أنهم يناصرون القضية، يدسّون السم فى العسل، وهم فى الحقيقية يناصرون الأعداء، وينخرون فى المجتمع من الداخل، وينفثون سمومهم فى عقول الشباب تحت عباءة الدين والوطنية، وهما من الإخوان براء، فما كانت تعاليم الدين الحنيف تأمر بالخيانة، ولا كانت الوطنية تعنى الانحياز لاتهامات الأعداء وتنفيذ خططهم.

 

الخونة أمام السفارات نيابة عن إسرائيل

أعلم أن كثيرا من المصريين كانوا مخدوعين فى الجماعة الإرهابية، لكنها الحقيقة المُرة التى ظهرت جلية وواضحة وضوح الشمس، كشفوا خيانتهم وعمالتهم بأنفسهم، بعد تعرضهم للسفارات المصرية وشنّ حملات ضد الوطن ورموزه بالخارج، فالمعارض الحر الذين يناصر القضية الفلسطينية بصدق يعرف عدوه جيدا، فكانت المعارضة قبل تسلل الإخوان إليها، تندد بإسرائيل وتحرق العلم الإسرائيلي، وفى الخارج كانوا ينظمون وقفاتهم الاحتجاجية ضد سفارة إسرائيل فى أى دولة بها سفارة لإسرائيل، سواء أوروبية أو إفريقية أو أمريكية أو آسيوية.

أما الإخوان العملاء للصهيونية، فتركوا سفارات دولة الاحتلال التى تعتدى على الشعب الفلسطينى الأعزل بالقنابل والصواريخ، وتقتل الأبرياء والمدنيين، وتحارب المقاومة الفلسطينية، وتهدم المستشفيات، وتقتل الصحفيين، وتغتال رموز النضال الفلسطيني، تركوها آمنة مطمئنة، ونظموا حملاتهم ضد سفارة مصر، ولماذا مصر؟

لأن مصر الدولة الوحيدة التى تناصر القضية الفلسطينية علنا، ومنذ اللحظة الأولى للحرب على غزة لم تكتفِ بمجرد بيانات شجب وإدانة، بل وقفت وقفة واضحة ضد إسرائيل ومجازرها، وقفة قوية أدهشت العالم الحر، وأيقظت ضمير الرأى العالمى الذى وقف ضد إسرائيل متأثرا بموقف مصر السياسى، ولأن مصر تقدم المساعدات للفلسطينيين بكل محبة لأشقائها ولا يشغلها ادعاء المدعين، ولأن مصر تعمل وسيطا لصالح الفلسطينيين باعترافهم وباعتراف الشعب الفلسطيني، ولأن مصر تعادى القوى العالمية والإقليمية لمنع تنفيذ ملف التهجير، ولأن مصر اتخذت موقفا واضحا شريفا فى وقت عزّ فيه الشرف والوضوح، ولأن مصر تقود معركة ضد إسرائيل فى المحافل الدولية عبر الدبلوماسية المصرية.

ولأن مصر استطاعت، عبر نشاط الخارجية المصرية الذى كان مذهلا واحترافيا، فى اصطفاف العرب والعالم ضد إسرائيل، التى لم تتمكن من مواجهة مصر، رغم الجهد الكبير الذى بذلته لتجاوز الوقفة المصرية.

لذا لجأت إسرائيل للضرب تحت الحزام ومن دون شرف. فاتفقت مع الجماعة الإرهابية لتقوم بالنيابة عنها فى صرف الأنظار عن جرائمهم ضد الإنسانية وتوجه اتهامات باطلة لمصر ولشعبها ولجيشها العظيم.

وبدأت معركة الإخوان ضد سفارات الوطن نيابة عن إسرائيل والصهيونية العالمية، سواء بإغلاق السفارات وتصويرها على أنها عمل بطولى وتشويه جدرانها وسباب العاملين فيها، أو بحشد التظاهرات أمامها. صحيح هى معركة تافهة وبائسة وساذجة، ومحاولة أخيرة من الصهيونية لإنقاذ نتنياهو وتشتيت الجهود المصرية، يراها البعض معركة لا تستحق الرد، والحقيقة أن معركة كشف الخونة تستحق أن يخوضها كل وطنى شريف، ومعركة الدفاع وحماية الوطن وشبابه من كل زيف وكل سم بثته «الإرهابية» معركة تستحق أن نخوضها.

صناعة بطل من ورق

إن مخطط تشتيت الرأى العام العالمى بمحاولات إغلاق السفارات المصرية هو مخطط إسرائيلى بالدرجة الأولى، ينفذه الإخوان بالوكالة عنهم، بدأ المخطط بمحاولة بسيطة وجس نبض من شاب يحمل الجنسية الهولندية، ومن أصول مصرية سابقة، اسمه (أنس بلال إبراهيم حبيب) من مواليد مدينة دمنهور غرب القاهرة، واختيار «أنس» لم يكن مصادفة، فهو يحمل جنسية البلد الذى ارتكب فيه جريمته، وتم اختياره حتى لا يقع تحت طائلة القانون، وتم تصوير التصرف الساذج على أنه بطولة مطلقة، ثم قدمه التنظيم الدولى على أنه أيقونة الحراك الثورى. فقصة «أنس» الحقيقية ملهمة للإخوان، فالفتى الذى يصنعون منه تميمة للنضال كان ضمن ما يُعرف باللجان النوعية فى مدينة دمنهور، وقام بالاشتراك مع أخيه وآخرين فى حملة لحرق سيارات الشرطة الرسمية والسيارات الخاصة بضباط الشرطة، وإلقاء قنابل حارقة على كماين للشرطة من أعلى الكوبرى الدولى فى دمنهور، كما انضم للجنة نوعية أطلقوا عليها «عفاريت دمنهور»، ولأنه كان طفلا صغيرا لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وقتها وجد مَن يتعاطف معه، ولأسباب قانونية تم إخلاء سبيله، هنا قام التنظيم الدولى بتهريبه إلى هولندا هو وإخوته وأمه أبيه، ثم حصل على الجنسية وتزوج من هولندية، ولا يُعلم له مهنة يتكسب منها، وإن ظل على علاقة بالتنظيم الدولى الإخوان و«حسم» و«ميدان» وبقايا تيار «الكماليون»، صدق المسكين نفسه، وبدأ فى تقديم مقاطع فيديو، يبث فيها سموم الجماعة من جديد، وتبدأ معركة وهمية بديلة يخوضها الإخوان، ويشعرون بنشوة الانتصار فيها لمجرد أنهم لطخوا حوائط السفارة المصرية، بعبارات إدانة بائسة غير حقيقية لا تنطلى على طفل صغير، وتكررت سخافات الإخوان عملاء الصهيونية أمام السفارات فى أكثر من دولة أوروبية، لكن تنجح المؤامرة فى صرف الأنظار عن المجرم الحقيقي.

ولما زاد الضغط على نتنياهو داخل إسرائيل، استدعى عملاءه من الإخوان؛ لينظموا مظاهرة أمام السفارة المصرية المغلقة فى تل أبيب، ولم تنطلِ الخديعة حتى على الشعب الإسرائيلى، وظل نتنياهو متهما، وسيُزج به فى السجن فى اليوم التالى لوقف الحرب.. هكذا تمت صناعة بطل وهمى ورمز شبابى جديد للإخوان وأتباعهم بدلا من الوجوه القديمة المهترئة، قامت الدعاية الإخوانية بمساعدة الإسرائيليين للترويج للبطل الجديد، وتم تضخيمه وتضخيم ما قام به.

لماذا نيويورك الآن؟

ودخل الرأى العام الأمريكى على الخط، وأصبح الموقف أكثر صعوبة، فقد بدأت أصوات مستقلة تطالب بوقف حصار الفلسطينيين فى غزة، وبدأت الأمور تزداد تعقيدًا بالداخل الأمريكي، فلم يجد مخرج المشهد إلا التنظيم الدولى للإخوان بالقيام بنفس المسرحية البائسة والسخيفة، لكنها هذه المرة أمام القنصلية المصرية فى نيويورك.

أرسلوا شابين، أحدهما يبلغ من العمر 22 عاما، اسمه ياسين، والثانى فتى غرير أرعن ليقوم بالمهمة، اسمه على، ولما فشلا، وأُلقى التحفظ على الفتى الصغير تم الاتصال بالشرطة التى أوقفته، وفى تدخل مبهم وغامض تم الإفراج عنه، هنا بدأ التنظيم الدولى يحشد أتباعه فى نيويورك للتظاهر أمام القنصلية المصرية، إرضاء لسادتهم، وعندما حاول نفس الشابين قبل وقت قصير (من كتابة المقال) إغلاق القنصلية، تم إلقاء القبض عليهما وتوقيفهما بمعرفة شرطة نيويورك، وخرج أبوهما فى فيديو يرغى ويزبد ويهدد الدولة المصرية.

أشبال اليوم إرهابيو الغد

لعل أول ما يلفت انتباهنا فى معركة (الإخوان الصهاينة) ضد سفارات وقنصليات الوطن، أنهم يستخدمون الفتيات والأطفال الصغار، ولا يقوم بها رجال الإخوان (إذا كان فيهم رجال)، لذا أقصد ذكورهم البالغين قادتهم الميدانيين، الحقيقة أن الإخوان، ومنذ زمن بعيد، يستخدمون الأطفال والفتيات فى أصعب المهمات وأعقدها، فهم يحملون الرسائل من وإلى السجن، وهم يحملون المنشورات أو المواد المتفجرة وينقلونها، ولعل قضية «فتيات 7 الصبح» دليل على ذلك.

واختيار الفتيات أو الأطفال لم يأتِ هكذا، بل نصيحة من رجال القانون التابعين الجماعة، فالطفل دون الخامسة عشرة له تدابير ولا يصدر بحقه حكم قضائى والبالغين، وأما الفتيات لأنهن لسن محل شك من الأصل، ولو افترضنا أنه قد تم كشفهن يتم استدعاء المظلومية وجلب التعاطف مع المقبوض عليهم، سواء كان طفلا صغيرا أو فتاة بالغة.

قلتها من قبل، وأقولها الآن، إن أشبال الإخوان وأطفال «رابعة» ومَن شاهدوا لحظة فض معسكر «رابعة» المسلح ومَن عايشوا أجواء الهتافات ضد الدولة، لن ينجو منهم أحد، فقد تم حقنهم بدماء الإخوان الفاسدة، فتحولوا إلى زومبى لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، لا يحمل إلا الكراهية والرغبة فى تحطيم الدولة ومؤسساتها، جيل لن يرى مصر إلا عدوا، أن يرى الجيش إلا عدوا يمنعهم من الوصول للحكم، لذا سمعنا من متحدثيهم الجدد مَن يعلنها واضحة، أن تحطيم جيش مصر أهم ألف مرة من تحطيم الجيش الإسرائيلي، وسمعناهم ورأيناهم وهم يقولونها بافتخار إننا يجب أن نسقط القاهرة قبل إسقاط إسرائيل، وها هو الفتى الصغير الشبل (أنس) بعد أن ارتكب جريمته صغيرا وبعد أن خضع المجتمع للابتزاز العاطفى والشفقة عليه، ماذا فعل أول ما استقام له أمره بهولندا وحصل على جنسيتها وتزوج منهم؟ استدار يحطم فى وطنه الأم، وينفذ مخطط إسرائيل، فأشبال اليوم إرهابيو الغد حقيقة مؤكدة.

الإخوان هم الخطر

نعم، ليست معركتنا فى إغلاق السفارات فهى معركة تافهة وساذجة ولا قيمة لها، إنما معركتنا الحقيقية تكمن فى تحصين وعى شبابنا وفضح العملاء والخونة، نعم هى المعركة الحقيقية التى تستحق أن نبذل فيها ولها كل طاقتنا.

فتكوين وعى جديد للشباب فى المدارس والأندية، عبر الصحف والمجلات والسوشيال ميديا والبرامج والأفلام، معركة لا تقل أهمية عن المعركة المسلحة مع التنظيمات الإرهابية، ولا تقل أهمية عن تفكيك التنظيمات وتقديم عناصرها للقضاء، فبالوعى يتم تحصين الشباب ضد أى دعوة تنتقص من الوطن والوطنية، وضد أى –وكل- تنظيم سرى يزعم أنه يعمل لله وبالله، بالوعى نمنع الشباب من الوقوع فى فخ التجنيد سواء بالتنظيم أو بالتوظيف، بالوعى نمنع التنظيمات التى تحتكر الدين وتحتكر الحديث باسم الله، بالوعى نمنع انتشار الاستخفاف بالشعور الوطنى، بالوعى نمنع أى دعوة لصناعة انتماء بديل.

كل هذه أمراض وسموم، بثها فينا تنظيم الإخوان الإرهابى، فعلينا اجتثاث كل ما بثته تلك الجماعة عبر العقود الماضية التى تم السماح لهم بالتواجد والعمل العلنى وشبه العلنى بالمجتمع المصري، أزعم أن هذه هى معركتنا والتى لم نبدأها بعد.