ذكرت مجلة "لوبوان" الفرنسية أن طائرات /إف-35/ التي قامت سويسرا بشرائها مقابل 6 مليارات فرنك سويسري- وعددها 36 طائرة - لم تجنبها رسوم ترامب الجمركية البالغة نسبتها 39% كما تتزايد الفضائح المحيطة بشرائها.
وقالت المجلة إن وزير الأعمال السويسري جي بارميلين أراد أن يكون جادا ففي 7 أغسطس الجاري وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقد لإعلان رد سويسرا على الرسوم الجمركية البالغة 39% التي فرضها دونالد ترامب في اليوم ذاته، تعهد بارميلين بأن وزارته المسؤولة عن الاقتصاد ستسعى لمعرفة "موضع الخلاف" بحثا عن الخطأ الذي حدث في المفاوضات التجارية بين سويسرا المزدهرة ورجل الأعمال ترامب.
واستطردت "لوبوان" قائلة إنه منذ ذلك الحين تعاني سويسرا من خلافات حادة أخرى تخص وزارة الدفاع الفيدرالية التي تتعرض لانتقادات متزايدة بسبب قرارها شراء 36 طائرة مقاتلة أمريكية من طراز /إف-35/ في يونيو 2021 مقابل 6 مليارات فرنك سويسري (6,3 مليار يورو). وأعقب ذلك طلب ضخم لشراء بطاريات صواريخ باتريوت المضادة للطائرات بهدف الحصول علي ضمان أمني "مصمم" من قبل الولايات المتحدة لهذه الدولة المحايدة الصغيرة التي ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلنطي (الناتو). وكان من المفترض أن ترد الولايات المتحدة - من منظور برن - الجميل تجاريا على الأقل بإعفاء المصدرين السويسريين من الرسوم الجمركية.
وكانت النتيجة معروفة اذ لم تحقق طائرات /إف-35/ وصواريخ باتريوت أي شيء حتى الآن. وتشير كل الدلائل إلى أن هذين الطلبين الباهظين من الأسلحة لن ينفذا حتى بالسعر المحدد وفي الموعد المحدد. "وتطالب الحكومة الأمريكية بسعر أعلى.
ولتبرير ذلك تشير إلى ارتفاع تكاليف المواد والأسعار. وقد أخطأت وزيرة الدفاع السابقة فيولا أمهيرد التي أكدت أن سويسرا ستستفيد من سعر ثابت لهذه الطائرات خطأ فادحا" وفقا لما بثه التلفزيون السويسري في يوليو الماضي.
وقد لا يتم تسليم المقاتلات التي تنتجها شركة /لوكهيد مارتن/ - والتي يتم تصنيع جزء منها في موقع شركة الطيران الإيطالية - حتى عام 2029، بدلا من الموعد الأصلي عام 2027، حيث سيتم "إعارة" 8 طائرات أمريكية إلى القوات الجوية السويسرية خلال هذين العامين. والأفضل من ذلك هو أن التكلفة قد ارتفعت بشكل كبير مع تكلفة إضافية متوقعة تتراوح بين 650 مليون و1,3 مليار فرنك سويسري.
والأسوأ هو أن دونالد ترامب ليس مسؤولا عن هذه الكارثة. فقد استفاد الرئيس الأمريكي ببساطة من كارثة تجارية عسكرية تتحمل برن مسؤوليتها الرئيسية وذلك من خلال 3 خطوات تتمثل الأولى في اختيار طائرة أمريكية (مع الإقرار بأنها أحدث وأن دولا أخرى في حلف الناتو قامت بشرائها) بدلا من رافال من جارتها الفرنسية، بينما تعهدت داسو (الشركة المصنعة لطائرات رافال) لسويسرا بمزايا صناعية أفضل بكثير. أما عن الخطوة الثانية فهي غياب استراتيجية واضحة تجاه واشنطن كما تجلى مؤخرا في لجوء وزير الدفاع السابق إلى حملة ضغط بقيمة 2,5 مليون فرنك سويسري وهو أمرلا يتماشي مع الأداء السويسري على الإطلاق. وتتمثل الخطوة الثالثة في فشل سياسي سويسري دفع فيولا أمهيرد الوسطية محدودة الخبرة إلى الاستقالة من منصبها العام الماضي قبل انتهاء ولايتها بوقت طويل.
ولم ينتهِ الأمر بعد فبعد حصول ترامب على نسبة تأييد 39%، أعلن وزير الدفاع السويسري مارتن فيستر استعداده للنظر في المزيد من عمليات شراء معدات تحمل شعار "صنع في الولايات المتحدة" للجيش السويسري.
وتكمن المشكلة في أن كارثة /إف-35/ هذه لا تلقي بظلالها على سويسرا فحسب، بل تشوه أيضا سمعة أوروبا. فبسبب حيادها تجد سويسرا نفسها في موقف حرج فيما يتعلق بصناعة الأسلحة. فمنذ الحرب علي أوكرانيا شعر عملاؤها السابقون بالإحباط لعدم قدرتهم على إعادة تصدير المعدات العسكرية المنتجة على الأراضي السويسرية. وإذا أرادت سويسرا الاستفادة من الميزانيات الإضافية المخصصة للجيوش الأوروبية والاستفادة من الابتكارات في قواتها، فعليها تعزيز ارتباطها بسوق المجتمع والتقارب مع جيرانها.
ولهذا السبب أعلنت الحكومة السويسرية في 25 يونيو الماضي رغبتها في إبرام اتفاق أمني مع الاتحاد الأوروبي وهو شرط أساسي لتنفيذ برامج الأسلحة المشتركة. إلا أن دونالد ترامب يراقب الوضع. فبعد أن "سيطر" على سويسرا لن يخفف رئيس الولايات المتحدة قبضته الأمر الذي ينذر بأن يصير الخلاف أكثر تعقيدا.