من «بين شطين ومية» إلى «دقوا الشماسي»، لم تكن الإسكندرية يومًا مجرد مصيف، بل ذاكرة جماعية تتوارثها الأجيال، كل شاطئ فيها يحفظ أسرار العائلات، وكل نسمة بحر تحمل دعوة للفرح.
واليوم، ورغم ازدحام الشواطئ، والكثير من التحديات، تظل المدينة تصارع لتبقى عروس البحر الأبيض المتوسط، تستقبل الصيف بمشروعات عملاقة لتوسعة الكورنيش، وتطوير أنفاق ومحاور، وتنظيم شواطئها كى تظل مفتوحة للجميع.
«الإسكندرية» عُرفت كأول مقصد للمصطافين وأشهرها داخل مصر، توافد عليها الكثيرون من المشاهير منذ عقود ماضية لقضاء بعض الوقت فى مصايفها وشواطئها أو لتصوير الكثير من مشاهد السينما التى وثقت بكاميراتها مدى الرقى والهدوء وأجواء الاستجمام فى هذه الفترة من الزمن، ورغم تغيير ملامحها بعض الشيء فإنها مازالت مدينة شامخة مرغوبا بشواطئها من الكثيرين، وهو ما أدى لازدحامها وتكدس زائريها لتصل نسبة الاشغال فى كثير من الأحيان إلى 100 فى المائة.
الأمر الذى دفع الدولة للتخطيط لتنفيذ مشروعات تواكب التغيرات الطبيعية والزيادة السكانية، منها مشروع توسعة الكورنيش الذى هدف إلى توسعة الطريق من منطقة المنتزه وحتى سيدى بشر ليصبح 5 حارات مرورية بكل اتجاه، بدلا من 3 حارات، فضلا عن تركيب أعمدة الإنارة الحديثة وإنشاء رصيف المشاة على طول المسار، كذلك نفق 45 ومحور السادات بمنطقة العصافرة الذى يعد مدخلا أساسيا لمنطقة شرق المدينة ليتناغم مع عدد من المحاور الحيوية، لربط المدينة بالطريق الدولى الساحلى ومحور المحمودية والطريق الزراعى.
أيضا كوبرى محمد نجيب الذى يربط جنوب المدينة بشمالها من خلال ربط طريق الكورنيش بمترو أبو قير، مما يساهم فى سرعة الانتقال من وإلى طريق الكورنيش، ويسهّل التنقل من سيدى بشر ووسط المدينة، كما يوفر ممرا حرا للقادمين من الكورنيش إلى سيدى بشر، وهو ما يساعد فى تجنب الازدحام المروري.
كل هذه المشروعات نُفذت لإنهاء الأزمات المرورية الحادة التى يشهدها شرق الإسكندرية خلال فصل الصيف، خاصة أنها تشمل شواطئ أكثر إقبالا وكثافة.
كثافة المصطافين
المحاسب عادل محسن، رئيس جمعية الإنقاذ البحرى وحماية البيئة، أوضح أن محافظة الإسكندرية من أهم المحافظات الخاصة بسياحة الشواطئ وأكثرها شعبية وإقبالًا، فحينما نذكر الإسكندرية نتذكر جمال شواطئها وكورنيشها الممتد من المنتزة حتى الأنفوشى شرقا، ومن المكس حتى شواطئ العجمى غربا، ورغم أن الإقبال على شواطئها فى فصل الصيف أكثر من الفصول الأخرى للعام، فإن الكثير من زوارها يفضلون أيضا زيارتها بخلاف فترة المصيف، لما لها من طابع خاص كونها مدينة سكنية أكثر منها مصيفية، فأكثر ما يميز شواطئ الإسكندرية أنها متنوعة ومقصد لجميع فئات المجتمع، بداية من المجانى حتى السياحي.
كما أشار إلى أن مسئولى المحافظة فى تحدٍّ صعب، فكل عام تزداد كثافة المصطافين، وفى المقابل لن تستوعب الشواطئ هذا الكم الهائل من الزوار، بل إنها تتقلص شيئًا فشيئًا، إما بسبب مشروعات التوسعة الإنشائية وإما بسبب العوامل الطبيعية التى بسببها جرى وضع حواجز خرسانية.
وطالب «محسن»، بضرورة التزام مستأجرى الشواطئ ببنود كراسة الشروط المبرمة بين المحافظة والشواطئ، والمتمثلة فى ضرورة توافر منظومة إنقاذ مؤهلة ومدربة فى عمليات الإنقاذ لعدم حدوث أى حالات غرق، كذلك إخلاء مياه البحر من الجمهور بعد مواعيد السباحة المحددة والمقررة من طلوع الشمس حتى الغروب، مع تواجد المسعفين وعمال الأبراج بشكل كامل، والتشديد على عدم السماح باستخدام البدالات فى مياه البحر دون ارتداء سترات النجاة، كذلك ضرورة رفع المخلفات من جميع الشواطئ على مدار اليوم، والتأكد من توافر صناديق القمامة بكثافة؛ للحفاظ على المظهر العام.
إضافة لوضع لوحات استرشادية على بوابات الشواطئ وفى الداخل موضح بها تعليمات نزول البحر وسعر الدخول والخدمات المقدمة، سواء مجانية أو برسوم، كاستخدام دورات المياه ووحدات تغيير الملابس، مع المتابعة الدورية لنظافتها وصلاحيتها للاستخدام، ومنع مستأجرى الشواطئ من تشغيل ملاهى الأطفال، خاصة التى تعمل بالكهرباء؛ تجنبًا لحدوث إصابات أو حوادث، كذلك على مستأجرى الشواطئ ضرورة الاستعانة بطاقم عمل على قدر من الخبرة والكفاءة وحسن الأخلاق، ومنع الصبيان من العمل بالشواطئ، والأهم متابعة إدارة المصايف المستمرة، وتكثيف التواجد الميدانى على الشواطئ لإحكام السيطرة وتحقيق أقصى درجات الانضباط.
رقابة مكثفة على الشواطئ
وأوضح العميد أحمد إبراهيم، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف، أن شواطئ الإسكندرية فى صيف 2025 تتنوع ما بين مجانى وعام وخدمة لمَن يطلبها ومميز وسياحي، ولن تطرأ أى زيادات فى رسوم الدخول عن العام الماضي، فيأتى شاطئ أبطال التحدى المخصص بالمجان لذوى القدرات الخاصة وذويهم، ويقع فى نطاق حى الجمرك بمنطقة بحري، وشواطئ عامة برسم دخول 5 جنيهات للفرد، وشواطئ خدمة لمَن يطلبها برسوم دخول 10 جنيهات للفرد، وشواطئ مميزة برسم دخول 15 جنيها، وشواطئ سياحية برسم دخول 25 جنيها للفرد، بخلاف شاطئ النخيل بغرب الإسكندرية، ومنقسم إلى مميز برسوم 20 جنيها، وسياحى برسم دخول 30 جنيها، و«VIP» برسم دخول 50 جنيها.
وأكد أن الإدارة تكثف جهودها الرقابية على مدار اليوم من خلال انتشار مفتشى الإدارة فى مختلف قطاعات الشواطئ لمتابعة مدى الالتزام بتعليمات كراسة الشروط ومدى التزامها بأسعار تذاكر الدخول بالشواطئ وعدم إجبار الرواد على دفع إكرامية، ووضع لوحة على بوابات الشواطئ موضح بها سعر الدخول والخدمات المقدمة، والتأكد من مجانية استخدام دورات المياه ووحدات تغيير الملابس، والتأكد من نظافتها وصلاحيتها للاستخدام، والتأكد من إخلاء مياه البحر بعد الغروب؛ حفاظا على أرواح الرواد.
كما تقوم الإدارة المركزية للمصايف بالعمل على الحفاظ على الهوية البصرية والخاصة بتوحيد أشكال وأحجام الشماسى ومصادرة الشماسى المخالفة بالكامل، وعدم السماح للرواد بالخروج إلى الشارع بملابس البحر، وهو ما يعتبر تعديا على آداب الطريق وحرمته.