رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

الصين وإيران شراكة الضرورة لتشكيل «موازين الردع»


3-8-2025 | 19:38

.

طباعة
تقرير: أمانى عاطف

فى ظل تصاعد التوترات الإقليمية، عززت طهران مواقعها الدفاعية فى مناطق استراتيجية تحسبًا لأى تهديد محتمل. ورغم وقف إطلاق النار المعلن، لا تبدو إسرائيل مستعدة للتراجع، بل تستغل الهدنة لتقييم أدائها وتطوير خبراتها الميدانية. ومع إعادة تسليح كل من إيران وإسرائيل وتبادل الاتهامات، يبقى خطر اندلاع حرب جديدة قائمًا فى المنطقة.

 

عقب خسائرها الفادحة فى “حرب الاثنى عشر يومًا” الأخيرة ضد إسرائيل والولايات المتحدة، حيث تضررت قواتها الجوية وأنظمتها الدفاعية، تتطلع إيران الآن إلى الصين للحصول على أسلحة متطورة. ومع انشغال روسيا، موردها العسكرى التقليدي، فى أوكرانيا، تفكر طهران فى إعادة توجيه سياستها الخارجية لتكون أكثر تقاربًا مع بكين، مقابل الحصول على طائرات ومنظومات دفاع جوى حديثة.

ويشير ترميم الدفاعات الجوية إلى تصاعد احتمال تجدّد الصراع. فبعد الضربات المنسقة التى استهدفت منشآت إيرانية الشهر الماضي، اتهمت طهران إسرائيل بالتحرك بدعم أمريكى وأطلسي، معتبرة المواجهة جزءًا من حملة غربية ضدها. هذا التصعيد لا يقتصر على كونه نزاعًا بين دولتين، بل ينذر بانفجار أوسع قد يشمل أطرافًا إقليمية ودولية، إضافة إلى جماعات مسلحة بالوكالة.

ويرى محللون أن الصين قد تنفتح على تقديم دعم دفاعى لإيران بما ينسجم مع سياستها المعلنة فى عدم التدخل العسكرى المباشر. فالصين، التى لا تشارك فى النزاعات، تدعم بعض الدول فى تعزيز قدراتها الدفاعية لمواجهة تهديدات خارجية. كما تُعد إيران شريكًا مهمًا فى مبادرة الحزام والطريق ومكونًا رئيسيًا فى منظمة شنغهاى للتعاون. مع ذلك، يحذر خبراء من أن بكين ستتجنب أى خطوات قد تُفسر كمشاركة هجومية أو تثير غضب الغرب، مؤكدين أن تحركات الصين فى الشرق الأوسط تُحركها مصالح اقتصادية بحتة.

وفى الداخل، تواجه إيران تحديات مركبة، بدءًا من نقص التنمية ومرورًا بالعقوبات المشددة. وتُصنف ضمن أكثر الدول تعرضًا للعقوبات عالميًا، إلى جانب روسيا وكوريا الشمالية. وتُفرض غالبية هذه العقوبات من قبل الولايات المتحدة وشركائها الأوربيين بشكل أحادي.

أقر مساعد قائد العمليات فى الجيش الإيراني، اللواء البحرى محمود موسوي، بالخسائر التى طالت الدفاعات، مؤكدًا فى الوقت ذاته أن وحداته قامت باستبدال الأنظمة المتضررة وإعادة نشرها فى مواقع محددة. وقال إن بلاده اتخذت خطوات لتعزيز شبكة الدفاع الجوى باستخدام أنظمة جديدة، ما يعزز من قدرتها على التصدى لأى تهديد جوى قادم. وتُظهر هذه التصريحات أن الأنظمة الدفاعية تم تعويضها، لكن دون تحديثات نوعية كبيرة.

وبحسب بيانات الجيش الإيراني، استعادت طهران جزءًا كبيرًا من منظومتها الدفاعية باستخدام تجهيزات محلية، أبرزها منظومات باور-373 ومنصات إس-300 الروسية. من جانبها، تشير تقديرات عسكرية إسرائيلية إلى أن نحو 120 منظومة دفاع جوى تم تدميرها أو تعطيلها خلال الهجمات الأولى، وهو ما يعادل تقريبًا ثلث إجمالى الترسانة الإيرانية قبل الحرب. وفى ظل هذه المعطيات، ومع عودة ملف إيران النووى إلى واجهة المفاوضات، تسعى طهران لموازنة وجودها العسكرى مع تحرك سياسى استباقي، خصوصًا فى ظل تهديدات بإعادة فرض عقوبات أممية مع اقتراب الموعد الحاسم فى 18 أكتوبر.

عقب الهدنة، أفادت تقارير إعلامية بأن الصين زودت إيران ببطاريات صواريخ أرض-جو مقابل شحنات نفطية. ويُقال إن هذه الأنظمة جاءت لتغطية الثغرات التى خلفتها الضربات الإسرائيلية الأخيرة. فى المقابل، نفت السفارة الصينية فى إسرائيل هذه الأنباء، مؤكدة أن بكين ترفض تصدير السلاح إلى دول منخرطة فى نزاعات. كما لم تُصدر الخارجية الصينية بيانًا رسميًا بشأن هذه المزاعم حتى الآن.

رغم سياسة “عدم التدخل” المعلنة، واجهت بكين مؤخرًا اتهامات بتقديم دعم عسكرى غير معلن لحلفاء مثل روسيا فى حربها ضد أوكرانيا، وباكستان خلال توتراتها مع الهند. واليوم، تجد الصين نفسها أمام أسئلة متزايدة حول دورها فى دعم إيران، وسط صراع طويل الأمد مع إسرائيل قد يتفاقم فى أى لحظة.

فى المقابل، تحاول الصين استثمار هذا التوتر لتعزيز صورتها كقوة اقتصادية مسؤولة لا تستخدم أدوات الهيمنة العسكرية. وتستفيد بكين من شراكتها الاستراتيجية مع طهران، حيث توفر الأخيرة نحو مليونى برميل نفط يوميًا، ما يمثل أكثر من 90 فى المائة من صادرات النفط الإيرانية. وتُدر هذه التجارة ما يقارب 40 مليار دولار سنويًا، عبر وسطاء دوليين، حيث تستفيد بكين من الأسعار التفضيلية وسط الحظر الغربى المفروض على النفط الإيراني.

ويُقال إن قطاع التكرير فى الصين يعتمد بشكل كبير على هذا النفط منخفض السعر، وهو ما يجعل إيران حليفًا اقتصاديًا لا يمكن التفريط به. وفى ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية المفروضة على طهران، تلجأ الأخيرة إلى بيع نفطها بشكل غير مباشر وبعيدًا عن الأنظمة الرسمية.

وفى تعليق على هذه التطورات، قال المحلل السياسى الصينى نادر رونج ووهان إن العلاقة بين إيران والصين استراتيجية فى الأساس، وتشمل تعاونًا اقتصاديًا وثيقًا. وأكد أن الصين أدانت الضربات التى استهدفت إيران لأن إسرائيل هى من بادرت بالهجوم. كما أشار إلى أن بكين تساعد طهران فى الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، مع التمسك بعدم تصدير الأسلحة إلى أطراف النزاع. وفيما يتعلق بإعادة بناء الدفاعات الجوية، قال نادر إن الصين تتعامل بحذر شديد فى ما يخص تصدير الأسلحة، لكنها لا تمانع فى دعم جهود الإعمار والبنية الدفاعية غير الهجومية.

الاكثر قراءة