رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

3 قضايا فجرتها واقعة سائق التوك توك


24-7-2025 | 18:12

.

طباعة
بقلـم: محمد الحنفى

كم أتمنى أن تُعيد الحكومة فتح ملفات 3 قضايا مهمة فجرتها واقعة «شهاب» سائق التوك توك، التى شغلت الرأى العام المصرى منذ العاشر من شهر يوليو الجارى، فور بث مقطع فيديو للواقعة على السوشيال ميديا، ذلك المقطع الذى حقق قرابة الـ 4 ملايين مشاهدة خلال سويعات قليلة!

 

كم أتمنى ألا يُسدل الستار على تلك الواقعة بعد المحاكمة العاجلة لذلك البلطجى الصغير، التى قضت بحبسه عامين فقط، يقضيها بإحدى دور رعاية الأحداث على اعتبار أنه طفلٌ لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بحسب قانون الطفل المصرى!

هذه الواقعة ليست مجرد محاولة اعتداء صبى عمره 15 عاماً يقود توك توك على طبيب محترم يقود سيارته الخاصة وسبه وإهانته بألفاظ نابية وترويعه وربما الشروع فى قتله، لكنها يا سادة واقعة بالغة الأهمية «من وجهة نظرى المتواضعة»؛ لأنها ببساطة شديدة تستدعى وفوراً فتح ملفات 3 من أهم القضايا التى لم نُحكم التصدى لها بالشكل المرجو حتى الآن، على الرغم من اهتمام القيادة السياسية ببعضها والتوجيهات الدائمة بضرورة وضع حد لها ومعالجتها.

القضية الأولى: «العشوائيات» التى لا تزال تطل برأسها مصدرة لنا الكثير من المجرمين والبلطجية واللصوص.

هذه العشوائيات التى ظننت أنها اختفت من قاموس الوطن، وجدت بعضها لا يزال قائماً، وهى نفسها التى خرّجت لنا مشروع البلطجى والمجرم الصغير «شهاب»، ابن منطقة الدويقة «أخطر منطقة عشوائية» فى حزام العاصمة، القاهرة!

أصدقكم القول إنه بقدر استفزازى وغضبى عند مشاهدتى لمقطع الفيديو الصادم لذلك البلطجى الصغير «أبو لسان زفر»، بقدر استفزازى وغضبى عند مشاهدتى للبيئة التى خرج منها، وذلك البيت الذى هو أقرب لـ«زرائب» الماشية!

الأمر الذى جعلنى أُعيد قراءة ملف «العشوائيات» الذى أخذه الرئيس عبد الفتاح السيسى على عاتقه منذ تولى حكم مصر وتكليفه الحكومات المتعاقبة بمهمة التصدى لها، وإعلان مصر خالية منها عبر برنامج زمنى ينتهى فى 2030 بتكلفة بلغت 350 مليار جنيه!

بالقطع، إن الرئيس الذى وجَّه بضرورة التصدى لتلك الظاهرة شديدة الخطورة، والتى تستحوذ على 40 فى المائة من إجمالى الكتلة العمرانية ويسكنها 22 مليون مصرى، أى ما يقرب من 5 ملايين أسرة فى 351 منطقة عشوائية تنتشر فى 226 مدينة، بالقطع ليس مسئولاً عن متابعة كل صغيرة وكبيرة فى هذا الملف الشائك والخطير، فهناك مسئولون تقع على عاتقهم تلك المهمة.

الحقيقة التى لا أنكرها أنه أُنجزت نسبة كبيرة من هذا الملف بشكل يليق بالجمهورية الجديدة، وعلى رأس تلك الإنجازات مشروع «الأسمرات 1و 2و 3» الذى أنشئ على مساحة 185 فدانا تقريباً بمنطقة المقطم، واستوعب أكثر من 15 ألف أسرة من سكان الدويقة ومنشية ناصر، بإجمالى 18420 وحدة سكنية، هذا المشروع توقعت أن يكون قد استوعب كل سكان الدويقة التى خرج منها «شهاب»، لكننى تفاجأت بوجود مثل تلك البؤرة المفزعة حتى الآن، ولا أعرف حقيقةً لماذا لم تتخلص الدولة منها بنقل سكانها إلى «الأسمرات»؟ وهل هناك مناطق عشوائية أخرى مشابهة فى قلب العاصمة، لم تطلها بعد يد التطوير؟ أتمنى أن يأتينى رد من مسئول لا سيما وأن «الدويقة» كانت على رأس قائمة أولويات العشوائيات التى وجب القضاء عليها نهائياً !

الملف الثانى الذى يجب فتحه مرة أخرى، هو قانون الطفل المصرى الذى يعتبر كل منْ لم يبلغ سن الثامنة عشرة طفلاً بحسب القانون رقم 12 لسنة 1996، المعدل بالقانون 126 لسنة 2008 المنبثق من ميثاق الأمم المتحدة أو ما يسمى باتفاقية الطفل التى وقعت عليها 189 دولة من بينها مصر، وتنص مادتها الأولى على ألا يُعرَّض أى طفل يقل عمره عن 18 سنة للتعذيب أو لغيره من دروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولا تفرض عليه عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم ارتكبها !

بكل أسف هذا هو القانون الذى على أساسه حوكم «الشحط» المسمى «شهاب»، وقضت المحكمة الموقرة بحبسه عامين فقط، يقضيها بإحدى دور رعاية الأحداث،على الرغم من اتهامه بالبلطجة وتعريض حياة مواطن للخطر، وقيادة مركبة بدون ترخيص!

للأسف هذا قانون يحتمى به مجرمون صغار السن ودَّعوا البراءة، واكتمل نموهم العقلى والجسدى وأصبحوا قادرين على التمييز بين الخطأ والصواب، قادرين أيضاً على ارتكاب جرائم السرقة والخطف والقتل والاغتصاب والبلطجة وترويع الآمنين، لا لشيء بل لأنهم لا يزالون أمام القانون أحداثاً أو أطفالاً!! ومن ثم لا تجب محاكمتهم إلا أمام محاكم الطفل ولا تطبق عليهم عقوبات من تجاوزوا ذلك السن العجيب !

والسؤال المهم الذى طرحته فى مقال سابق: ألم يكن بالأحرى أن يتغير قانون الطفل ويخرج من تحت مظلته كل منْ تخطى الخامسة عشرة من عمره إذا ما تحول إلى مجرم؟، لاسيما وأن ارتكاب منْ هم دون الثامنة عشرة للجرائم المروعة قد أصبح ظاهرة خطيرة، فى ظل تزايد أعدادهم وبشاعة جرائمهم فى المجتمع؟، ولا أبالغ إذا قلت إن معظم مرتكبى جرائم النفس وأعمال البلطجة.. دون سن الثامنة عشرة!

الملف الثالث الأخطر والأخير، هو ملف «التوك توك» الذى أفرز لنا آلاف النماذج السيئة من سائقى التكاتك أمثال شهاب، الذين طغوا فى البلاد، وأكثروا فيها الفساد، وحولوا التوك توك الذى دخل مصر منذ 20 عاماً من وسيلة لأكل العيش وتوفير فرص عمل لملايين الشباب إلى أداة للبلطجة والاعتداء على المارة والسيارات، بل تطور الأمر حتى بات وسيلة آمنة لارتكاب جرائم السرقة والخطف والاغتصاب وترويج المخدرات، ناهيك عن تعريض حياة المواطنين للخطر جراء سيرهم على الطرق السريعة، ساهم فى ذلك عدم ترخيص التكاتك التى بلغ عددها التقريبى أكثر من 5 ملايين توك توك تجوب الشوارع طولاً وعرضاً بلا لوحات معدنية تساعد فى الاستدلال عليها إذا ما ارتكب قائدوها جرائم ما، ومن ثم وجد فيها المجرمون أداة جيدة وآمنة تضمن لهم عدم الملاحقة الأمنية إذا ما ارتكبوا أخطر الجرائم وأبشعها لا سيما وأن أغلبهم يحملون أسلحة بيضاء أقلها «مفك» شهاب!.

السؤال الذى يطرح نفسه وبقوة: لماذا لم تقرر الدولة تقنين أوضاع التكاتك حتى الآن وإجبار ملاكها وقائديها على ترخيصها؟

وإذا كانت الحكومة تبحث عن تعظيم مواردها، لماذا تغض الطرف عن ترخيص 5 ملايين توك توك يمكن أن تدخل خزانة الدولة 5 مليارات جنيه سنوياً، إذا ما قُدّرت رسوم الترخيص بألف جنيه للسنة الواحدة، وهو مبلغ متواضع أصبح يحققه التوك توك فى اليوم الواحد !

أعتقد أن ترخيص التوك توك صار مطلباً شعبياً يُعيد الانضباط للشارع المصرى، ويحد من أعمال البلطجة والجرائم، ويقضى تماماً على ظاهرة الأطفال قادة التكاتك، فلماذا لا يزال الأمر يبدو مستعصيا على الحل؟ ولماذا تقف الحكومة عاجزة أمامه، حتى بات الوسيلة الوحيدة التى تتحدى القوانين والأعراف؟!

لماذا لا يُفعّل قانون المرور رقم 121 لسنة 2008، الذى يعترف بضرورة ترخيص التوك توك، وينص فى مادته الخامسة على توفيق أوضاعه خلال 6 شهور باعتباره مركبة سريعة تحتوى على موتور؟

لماذا تساهلت الدولة حين كلفت المحافظين بإدارة هذا الملف، وهم الذين خالفوا القانون حين اعتبروا التوك توك مركبة بطيئة وتركوا أمر ترخيصه للأحياء ومجالس المدن وليس وحدات المرور؟

أخيراً..هل تعلمون أن «التوك توك» المُزعج والمُهان فى بلدنا، مُكرّم فى العديد من الدول التى تعتبره وسيلة ترفيه سياحية؟!، أما الهند صاحبة هذا الاختراع فإنها تعاملت معه كمركبة نقل عامة «تاكسي»، يتم ترخيصه واستخدامه فى مناطق معينة، مع حظر سيره فى الطرق السريعة، وقامت بعض المدن الهندية بتشجيع استخدامه بديلاً لوسائل المواصلات الملوِّثة للبيئة!.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة