رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. محمد عفيفى: «يوليو» نقطة تحول فى تاريخ مصر الحديثة


24-7-2025 | 00:29

الدكتور محمد عفيفى.. أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر

طباعة
حوار: أميرة صلاح

73 عامًا على ميلاد واحدة من اللحظات الفارقة فى تاريخ مصر والمنطقة، اللحظة التى شهدت اندلاع ثورة 23 يوليو 1952، تلك الثورة التى كانت صيحة شعب أراد العدالة، وصرخة وطن نادى بالحرية، والتى قادها الضباط الأحرار نيابة عن شعب أنهكه الاستعمار، والفوارق الطبقية ومرارات الحرمان، ليبدأ بعدها حلم جديد لوطن مستقل، ينهض بأبنائه ويعيد إليهم كرامتهم.

وما بين أحلام الاستقلال، ومعارك العدالة الاجتماعية، سطرت ثورة يوليو فصلاً جديدًا فى كتاب مصر، لا تزال صفحاته تنبض بالإرادة والتغيير، وهو فصل يقدم الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، قراءة محايدة وواضحة لصفحاته، لا سيما وأنه لطالما دعا إلى قراءة موضوعية ومحايدة لما جرى فى مصر منذ منتصف القرن العشرين.. فإلى نص الحوار:

بداية.. بعد مرور 73 عامًا على ميلاد ثورة يوليو 1952، ما الذى يمكن القول إنه لا يزال باقيًا من أثرها؟

ثورة 23 يوليو ما زالت عيداً وطنياً لجمهورية مصر العربية، والتى تحتفل به مصر ليس داخليًا، وإنما فى السفارات المصرية بالخارج، تحتفل به على أنه عيد وطنى لأنها مثلت نقطة تحول حاسمة فى تاريخ الدولة، حيث أنهت حكم الملكية وأرست دعائم الجمهورية لأول مرة، وبهذه الثورة، بدأ عهد جديد من السيادة الوطنية بعد سنوات طويلة من الاحتلال البريطانى، كما حملت الثورة بشائر الأمل للمصريين من خلال سياسات الإصلاح الزراعى، والتعليم المجانى، والتصنيع الوطنى.

هل ما زلنا نعيش فى مبادئ وأهداف ثورة 23 يوليو؟

ثورة يوليو أهدافها ومبادئها تدرجت عبر تجربة الثورة؛ أى لم تخرج كلها مرة واحدة، وبالطبع لم نعد نعيش على مبادئها، فقد حدث العديد والعديد من المتغيرات سواء فى عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر نفسه أو فى عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات وكذلك فى عهد الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، حدثت متغيرات كثيرة وفقا للتطورات الداخلية والعالمية، فقد كنا فى عهد الرئيس عبد الناصر نؤكد أن مبدأ حتمية الحل الاشتراكى مبدأ أساسى، فكان شرطا لممارسة العمل السياسى فى ذلك الوقت، ولكن حاليا حتمية الحل الاشتراكى لم يعد مبدأ سياسيا وذلك نظرا لمتغيرات سواء محلية أو حتى عالمية، بعد أن كانت هذه الحتمية شبه المبدأ المقدس لأى شخص يريد ممارسة الحياة السياسية، أما الآن فأعتقد أن الأجيال الحالية لا تدرك هذه الحتمية، لذلك هناك العديد من المتغيرات التى وقعت.

هل هناك قراءات جديدة لهذه الثورة؟

بالطبع.. هناك إعادة نظر بشكل كبير جدا فى تاريخ ثورة 23 يوليو، البعض ما زال ينظر لها على أنها حركة تحرر وطنى ضمن حركات التحرر الوطنى العالمية، والبعض ينظر لها على أنها قطعت الحركة الليبرالية والتطور الليبرالى الذى كان موجودا قبل ثورة 23 يوليو، وهناك آخرون ينظرون لها على أنها حققت العدالة الاجتماعية، فيما البعض تساءل: هل عصر الرئيس السادات كان جزءا من ثورة يوليو وأين العدالة الاجتماعية فى هذا العصر؟.. وبعد سنوات قليلة من قيام الثورة بدأ البعض ينظر لها على أنها أصبحت مركز الدعاية للقومية العربية، والآن وبعد 73 عاما يتساءل البعض عن النتيجة وأين هى القومية العربية الآن؟.

هناك العديد من المراجعات لثورة 23 يوليو، وهذا شيء جيد ومهم أن الأمم تراجع تاريخها، وأن نعرف ونتناقش حول تاريخنا دون مبدأ التخوين، بمعنى أن يكون هناك أكثر من وجهة نظر وعلى كل منهم احترام وجهة النظر الأخرى، فثورة 23 يوليو جزء أصيل فى التاريخ المصرى لها إيجابيات ولها سلبيات، وعلينا أن نتعلم كيف ننظر للتاريخ بموضوعية ليس على أنه تاريخ مُقدس مصنوع من قبل قديسين، بل ننظر إليه على أنه صُنع من قبل بشر وسياسيين يتغيرون ومبادئهم أيضا تتغير وفقا للممكن، وبالتالى علينا أن ننظر لتاريخنا على أنه تاريخ بشرى دون أن نضفى قداسة عليه أو نهيل عليه التراب.

فى حديثك ذكرت أن ثورة يوليو لها إيجابيات وسلبيات.. هل توضح لنا أبرزها؟

إيجابيات ثورة يوليو أنها حققت بعض أحلام الشعب المصرى والتى كانت تتردد قبل يوليو ولكن لم تتحقق إلا بعد قيام الثورة، منها الإصلاح الزراعى كان مطروحا قبل الثورة، لدرجة أنه تم طرحه فى البرلمان المصرى، لكن إرادة التنفيذ جاءت على يد ثورة يوليو، كذلك تأميم قناة السويس كان حلم المصريين من عشرات السنين، ولكن الثورة هى من نفذت ذلك، فهناك العديد من الأحلام والآمال التى كانت مطروحة من جانب الرأى العام المصرى، لكن لم تكن هناك إرادة تنفيذ.

أما السلبيات فكان أبرزها علاقة ثورة يوليو بالديمقراطية؛ لأن من مبادئ ثورة يوليو إقامة حياة ديمقراطية سليمة، لكن هذا المبدأ تم تأجيله لفترات طويلة إما نتيجة تورط فى صراعات عسكرية كحرب اليمن وحرب 1967 أو صراعات داخلية داخل أجنحة فى ثورة يوليو بعضها مع إقامة حياة ديمقراطية سليمة والبعض الآخر كان ضدها.

إلى أى مدى ساهمت ثورة يوليو فى بناء الهوية الثقافية المصرية؟

ثورة يوليو ساهمت بشكل كبير فى إنعاش الهوية الثقافية المصرية من خلال وزارة الثقافة، ودعم المسارح والأدب خاصة فترة الستينات كانت الثقافة مهمة جدا فى هذا الوقت، ولكن سنجد فى فترة السبعينات انحسار دور الدولة فى دعم الثقافة والتراجع، وهذا أثر على مكانة مصر الثقافية فى العالم العربى فى الحقيقة.

ما ردك حول ما يشير إليه البعض حول مساهمة الرئيس جمال عبد الناصر فى ظهور الطبقة الوسطى؟

الطبقة الوسطى كانت موجودة فى تاريخ مصر بالفعل قبل عهد الثورة بعشرات السنوات، حتى إن الرئيس عبد الناصر والضباط الأحرار هم من كانوا يمثلون الشريحة الصغرى منها، ولكن هناك مشكلة فيما يخص ذلك الأمر، فالبعض يعتقد أن تأميم الشركات الذى فرضه جمال عبد الناصر فى ثورة يوليو كان فى صالح الطبقة الوسطى والآخر يعتقد أنه أثر عليها، ولكن فى الحقيقة الطبقة الوسطى ليست عبارة عن شريحة واحدة وإنما هناك شريحة صغيرة وهى من استفادت من التأميم، أما الشريحة الكبرى والتى كانت تعمل قبل الثورة فى البنوك والشركات الأجنبية فقد تأثرت من التأميم.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة