إنهم أناس لا يخافون فى الله أحداً، ولا يصدُّهم عن العمل بما أمرهم الله به لومةُ لائم، وهم لا يخشون لومة لائم، ولا يهابون انتقاد أى شخص، مهما كان موقعه أو سلطته، فى سبيل طاعة الله وقول الحق.. إنهم رجال القضاء، الذين وقفوا فى وجه طيور الظلام، وقالوا «لا»، لا نبيع وطناً أو نسكت حقاً، لتنفجر شرارة الشعب الأبى فى وجه طاعون العصر، تيار هوى من جنح العنف، يعشق الدم، يأبى أدب الحوار سالكاً طريق الشيطان الرجيم...
نعيش يومنا هنا، الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو المجيدة، التى أعادت أركان مصر إلى سيادتها، بعد اختطافها من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، أداروا البلاد بظلامية وضبابية فى أسوأ فترة حكم مرت على جبين أرض الكنانة، ولكن لم يفلح طيور الظلام فى اختطاف أغلى بقاع الأرض، وخرجت جموع الملايين إلى كافة ميادين وربوع مصر، مطالبين بسقوط حكم الإخوان بعد سنة “سوداء” من حكمهم، وبالفعل استطاع أهل مصرنا الغالية إسقاطهم، فكانت ثورة شعب حماها الجيش - جنود الله فى الأرض، وأنقذنا دولتنا العزيزة من مصير مجهول على يد جماعة الإرهاب الأسود.
وحتى لا ننسى، ما اختلقه محمد مرسى وجماعته، من حالة استقطاب حاد، جعلت البلاد تشهد أعمالاً فوضوية واعتداء على مؤسسات الدولة كافة، وعدم احترام القانون والدستور، وكان على رأس هذه الأعمال الإجرامية مخطط الجماعة الإرهابية الذى أعدته لهدم مصر عن طريق السعى بشتى الطرق لأخونة مؤسسات الدولة، ولعل المخطط الأخطر كان أخونة مؤسسة القضاء، واستقطاب بعض رجال حراس العدالة، والتعدى على استقلاليتهم.
وكشفت إدارة المرشد، عن الخلايا الإخوانية النائمة داخل أروقة العدالة، رغم أن قانون السلطة القضائية يجرم العمل بالسياسة، ولكن كان هذا هو المسمار الأول فى نعش حكم الإرهابية، وخوضهم لأكبر معركة شرسة ضد القضاء المصري، بنزاهته ورجاله الذين لا يخشون فى الحق لومة لائم.
وبدأ الإخوان مخططهم الدنىء بمحاولاتهم فى تعيين نائب عام جديد، هو المستشار طلعت عبدالله - تابع لهم وسمى بالنائب الملاكي، بدلاً من المستشار عبدالمجيد محمود.. لم يكتفوا بهذا وحسب، بل قاموا بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا ولم يتمكن قضاتها من الحضور إلى صرحها، نتيجة حصارها من الخارج، مما دفع المحكمة وقتها إرجاء النظر فى الدعاوى التى تطالب ببطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور - آنذاك.
كما أصدر محمد مرسى إعلاناً دستورياً فى عام 2012 جاءت فيه مواد تقنن الديكتاتورية، ومن أبرز هذه المواد إن الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة فى 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وتنقضى جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية، بالإضافة إلى تعيين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب، ويشترط فيه الشروط العامة لتولى القضاء وألا تقل سنه عن 40 سنة ميلادية، ويسرى هذا النص على من يشغل المنصب الحالى بأثر فوري، ولا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور.
ومن محاولات أخونة السلك القضائي، ظهرت حركة قضاة من أجل مصر، الموالية لمكتب الإرشاد، والتى تولت تأييد محمد مرسى وإجراءاته وقرارات جماعة الإخوان الإرهابية، التى سعت إلى تعديل السلطة القضائية بهدف تخفيض سن القضاة والإطاحة بما يقرب من 3000 من شيوخ المهنة وإحالتهم إلى المعاش المبكر.
وقال المستشار عادل زكى رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، إن « 30 يونيو أنهت التهديدات التى واجهتها السلطة القضائية أيام حكم الجماعة الإرهابية، مضيفاً أن مخطط الإخوان لاستهداف القضاء كان من خلال تخفيض سن التقاعد للقضاة المحدد بعمر 70 عاماً إلى 60 عاماً، ومن ثم تفتقد المنصة إلى نحو 6 آلاف قاض بشكل مفاجئ»، مشيراً إلى أن القضاء كان سيتعرض لهزة كبيرة فى حال تقاعد هذا العدد من القضاة، بالإضافة إلى افتقاد الخبرات التى يمتلكها شيوخ المهنة، موضحاً أن «الإخوان» كانت تسعى لتعويض تقاعد القضاة بالزج بمن لهم ميول إخوانية.
فيما استكمل المستشار حسين الدياسطى نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، قائلاً إن «المكسب الأهم من ثورة يونيو، هو دحر عصابة الإخوان وإقصاؤها عن حكم مصر بثورة شعبية»، مؤكدا أن إبعاد تلك العصابة هو حماية للأمة العربية كلها من الوقوع فى براثن العمليات الإرهابية، التى كانت ستؤدى إلى تقسيم الدول العربية، كما كانت تخطط أجهزة مخابرات عالمية.. وجاء انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى لإدارة البلاد، كهدية من رب السماء، عبر طريق صناديق الاقتراع، ليقوم ببناء دولة عصرية بمعنى الكلمة فى المجالات كافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية وغيرها.
أما المستشار طاهر السيد، نائب رئيس بمحكمة الاستئناف، فأكد أن «رجال القضاء والقانون كانوا فى طليعة من تصدوا لتنظيم الإخوان وساهموا فى إزاحتهم عن الحكم خلال 30 يونيو»، موضحاً أن ثورة 25 يناير كانت تجربة مفيدة للشعب المصري، رغم ما صاحبها من ألم جرّاء صعود الإخوان إلى السلطة، واصفًا إياها بأنها تجربة ديمقراطية استغلتها الجماعة الارهابية للوصول إلى الحكم.
وأشار «طاهر» إلى أن تجربة قيادة الإخوان لمفاصل الدولة المصرية كشفت الجانب السلبى للديمقراطية، مؤكدًا أن للديمقراطية وجهين، أحدهما إيجابى والآخر سلبي، مشيداً بتضحيات الجيش والشرطة، ونجاحهما فى دحر الإرهاب، فهما الدرع الحامية لمصر من التنظيمات المتطرفة.
واختتم الحديث موضحاً أن «تجربة حكم جماعة الإخوان أثبتت للمصريين أنهم تيار يتاجر بالدين، مستغلين طبيعة الشعب المصرى كونه متديناً بطبعه، والدين عنصر محورى فى حياته اليومية، إذ يُبنى عليه كثير من القرارات الشخصية، ولذلك استغلت “الإرهابية” الحديث عن الجنة والنار والثواب والعقاب والخير والشر، لاستمالة شعبنا الأبي».

