بدايةً.. حدثنا عن كواليس علاقة جماعة الإخوان وحزب النور والسلفيين قبل 30 يونيو و3 يوليو؟
قبل الجلسة الأولى لمجلس الشعب فى يناير 2012 ذهبت أنا والدكتور عماد عبدالغفور وكان رئيس حزب النور وقتها لمحمد مرسى، وكان هو رئيس حزب الحرية والعدالة، لدعوته لاجتماع تشارك فيه كافة الأحزاب السياسية الموجودة فى البرلمان للاتفاق على توزيع اللجان على الأحزاب السياسية الموجودة فى المجلس «توزيعاً عادلاً»، يضمن تمثيل كافة الأطياف السياسية فى تشكيل اللجان، ولكنه رفض الفكرة ورفض حضور الاجتماع، وقال: «اتكلموا عن حزب النور فقط ولا تتحدثوا بلسان حزب الحرية والعدالة»، وخرجت غاضبًا جدًا وذهبت إلى خيرت الشاطر فى مكتبه بمكرم عبيد، وأبلغته اعتراضى، لأن نجاح المجلس يتطلب تمثيلاً لكل الأحزاب فى تشكيل اللجان، وكان رد خيرت الشاطر «مفاجأة»، وقال: «اذهب للدكتور محمد مرسى فى مكتبه بالمنيل»، وكان ردى على حديثه أنى التقيت به أمس، وقلت له ورفض حضور الاجتماع، وعاد الشاطر وقال: «اسمع كلامى وروح له»، وعندما ذهبت لمحمد مرسى قابلنى بوجه مختلف تمامًا عن الأمس سواء من ناحية الترحيب أو الاقتناع بالفكرة وأبدى ترحيبًا كبيرًا بالفكرة، وكان هذا بمثابة «جرس إنذار» كشف لى أن خيرت الشاطر مَن يُدير الأمور داخل حزب الحرية والعدالة.
ومنذ بدء الدورة البرلمانية فى يناير 2012 وحتى مشهد 3 يوليو 2013 ارتكبت جماعة الإخوان المسلمين أخطاء سياسية «فادحة»، كانت بدايتها ما حدث أثناء تشكيل لجان مجلس الشعب.
بصفتك شاهدًا على الأحداث ما أخطر الأخطاء السياسية للإخوان داخل برلمان 2012؟
تشكيل لجنة للرد على بيان الحكومة التى كان يترأسها حينها الدكتور كمال الجنزورى، وكان البيان الصادر عن الحكومة ضعيفًا جدًا، ووجدت توجهًا داخل اللجنة والتى يشكل أغلبيتها حزب الحرية والعدالة لرفض البيان والمطالبة بإقالة الدكتور كمال الجنزورى وحكومته وتشكيل حكومة جديدة.
وطلبت مقابلة الدكتور كمال الجنزوري-رحمة الله عليه- وقلت له البيان ضعيف جدًا وأنا مستغرب أن الدكتور كمال الجنزوى يكتب هذا البيان، ورد: «أنا كتبته بناء على ضغط من سعد الكتاتنى رئيس المجلس»، والذى قال لى حرفيا: «اكتب لنا أى كلمتين نتناقش فيهم عشان نملا جدول الأعمال».
وذهبت لسعد الكتاتنى وكان رئيس المجلس، وقلت له أنا ذهبت للدكتور كمال الجنزورى وطلبت منه سحب البيان وكتابة آخر، رفض بشدة ثم أخبرنى، أن محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة يجلس الآن مع الدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب النور، لتقسيم الوزارات فيما بينهما، وكان الاتفاق بينهما وبين حزب النور على رفض البيان والمطالبة بتشكيل حكومة جديدة.
ودار النقاش بينى وبين أسامة ياسين، حول موضوع رفض بيان الحكومة المقدم من الدكتور كمال الجنزورى، وقلت له ما تفعلونه خطأ، وكل ما تفعلونه خيانة للمواطن الذى انتخبكم، و«هييجى يوم وهفضحكم فيه أمام الشعب المصرى».
معنى كلامك أنك تنبأت بنهاية الإخوان مبكرًا لماذا؟ وما أهم الأسباب فى رأيك؟
الدكتور كمال الجنزورى رحمة الله عليه كان يجتمع بنواب كل محافظة منفصلة، فمثلاً يقابل نواب محافظتى الإسكندرية والبحيرة مع بعض، ونواب محافظتى القاهرة والجيزة مع بعض، حتى يستعرض مشكلات كل محافظة، ويرافقه وزير المالية وبعض الوزراء المختصين بأهم القضايا فى المحافظة لحلها، لكن المفاجأة أن حزب الحرية والعدالة قاطع هذه الاجتماعات نهائيًا ولم يحضر أى نائب عن الحزب أى اجتماع من هذه الاجتماعات عن محافظته التى هو نائب عنها، لأنهم كانوا يرغبون فى الإطاحة بكمال الجنزورى ويريدون إفشاله أمام الشعب المصرى.
وأيضًا عندما وقعت أحداث استاد بورسعيد فى شهر فبراير، تم تشكيل لجنة لتقصى الحقائق مكونة من 35 عضوًا من نواب مجلس الشعب، وكنت أنا «رئيس اللجنة»، وكان من ضمن الأسماء التى تم ترشيحها النائبة «سوزى عدلى ناشد»، ولكن الإخوان المسلمين رفضوا وجودها فى اللجنة، ولكنى تمسكت أن تكون ضمن اللجنة وطلبت إعادة التصويت واضطروا إلى قبولها لإصرارى على ذلك، لأنها قامة قانونية معتبرة، وللأسف لم يكمل العمل معى فى اللجنة حتى صياغة التقرير المبدئى للجنة، غير سعد عبود رحمه الله، والدكتورة سوزى عدلى ناشد فى لجنة الأغلبية فيها أعضاء عن حزب الحرية والعدالة.
هل كنتم تنصحونهم، وماذا كان ردهم؟
كانت لى مبادرة خاصة بعودة المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة الأسبق، وكنت متحمسًا جدًا لعودة هذا الرجل إلى مصر حتى نستفيد من خبراته، كونه أحد مؤسسى النهضة الاقتصادية فى تركيا وقطر والمؤثرين فيها، ومصر بلده «أولى به»، وهو مقيم فى قطر وعليه قضايا، وكان خايف يرجع البلد من الإخوان المسلمين، وسافرت قطر وقابلته واستمعت إليه وقال إنه «عايز يرجع البلد ولو كان مدانًا بالفعل يتم محاكمته محاكمة عادلة»، ورجعت والتقيت الدكتور محمد مرسى وعرضت عليه ما تم بينى وبين رشيد محمد رشيد فى قطر، ولم يعطنى إجابة فذهبت لخيرت الشاطر، لأنى أيقنت أنه مَن كان يدير الجماعة والدولة المصرية أثناء حكم مرسى لمصر، وأبلغته أن المهندس رشيد محمد رشيد «عايز يرجع البلد ولكنه خايف بصراحة منكم»، ولم أتوقع رد خيرت الشاطر، وقال :«هو ناوى يدفع كام»، واندهشت من رده، فهو إما متهم فعلا أو بريء، ولو كان متورطًا بالفعل فى فساد يُحاكم محاكمة عادلة، ولو مظلوم يتم تبرئته، «إنما يدفع فلوس ليه؟!!»، واعتذرت للمهندس رشيد محمد رشيد.
بصراحة هل نهاية شهر العسل بين الإخوان والسلفيين، بعد أن أخلفوا وعودهم لكم بمناصب أكثر فى الحكومة؟
غير صحيح، وما حدث هو العكس تمامًا، ومحمود غزلان اتصل بالدكتور ياسر برهامى، وقال له عقب امتناع الدكتور خالد علم الدين عن حلف اليمين «رشحوا لنا 4 أسماء أخرى غير خالد علم الدين لتولى ثلاث أو أربع حقائب وزارية أخرى فى حكومة هشام قنديل»، ولكننا رفضنا هذا العرض، لأن رأى حزب النور وقتها، أن الحكومة التى يشكلها الدكتور هشام قنديل، لا بد أن تكون حكومة ائتلاف وطنى يمثل فيها كافة الأحزاب السياسية، والأمر الأخطر أنى توقعت سقوط حكومة هشام قنديل ونجاح حركة تمرد، وأنها ستكون أقوى صدى فى الشارع المصرى من 25 يناير 2011، لأنى كنت أرى حاله السخط والغليان الشعبى لدى الشارع المصرى من جماعة الإخوان المسلمين وقتها بسبب حالة الفشل فى إدارة الدولة.
ما الشرارة الأولى التى مهدت الطريق لثورة 30 يونيو؟
الإعلان الدستورى الصادر فى 22 نوفمبر 2012، لأنه إعلان كارثى، وهو الذى قسّم البلد قسمين، ولم تكن لجنة المائة انتهت بعد من إعداد دستور 2012 والمستشار القانونى لمحمد مرسى هو المستشار محمد جادالله وهو ما زال موجودًا عندما سألته عن الإعلان الدستورى، قال: «أنا لا أعلم شيئًا عن هذا الإعلان»، وكان عندما يسألنى أحد فى حزب النور عن مستقبل جماعة الإخوان المسلمين بعد هذا الإعلان الدستورى الذى حصّن فيه مرسى قراراته وحصّن اللجنة التأسيسية للدستور ومجلس الشورى من الحل، كنت أنصحهم بالابتعاد عن الإخوان المسلمين تمامًا.
وماذا عن شكل التنسيق بين حزب النور والإخوان؟
كنت دائم الحضور فى الاجتماعات التى تتم فى مكتب الإرشاد، لأنى أعلم أن «المصلحة» مع خيرت الشاطر، كونه هو مَن يُدير البلد وليس محمد مرسى، وكان يتم عقد لقاء كل أسبوعين تقريبًا بين قيادات الدعوة السلفية وحزب النور وقيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة لمناقشة الأوضاع العامة وشؤون البلاد، وكنت أحضر هذه الاجتماعات وكان يتم فيها التنسيق فى بعض المواقف السياسية أو المواقف الميدانية، وكان أبرزها الاتفاق على الخروج فى مليونية جامعة القاهرة، والتى أعتبرها أسوأ قرار تم اتخاذه من قِبل قيادات حزب النور والدعوة السلفية، وكان المكان المقرر لهذه المليونية فى البداية ميدان التحرير، وكان هناك معتصمون فى ميدان التحرير، واتصلت بخيرت الشاطر، وقلت له: «الحشد لمليونية فى ميدان التحرير قرار فى منتهى الخطورة فهناك معتصمون وطبيعى أنه يحدث احتكاك بهم من الإخوان المسلمين والسلفيين»، واقترحت عليه اختيار مكان آخر لهذه المليونية فى التحرير، وقلت له: «لو سالت دماء سيتحملها منظمو المليونية والتيار الإسلامى»، ورفضت أن أشارك فى هذه المليونية وصدر قرار بعد ذلك بتحويل مكانها إلى جامعة القاهرة، وهذه المليونية هى التى قسّمت الشارع المصرى إلى قسمين إسلاميين وغير إسلاميين أو إسلاميين وتيار مدنى.
وقبل 30 يونيو جاء وفد من جماعة الإخوان المسلمين إلى حزب النور والدعوة السلفية، يوم 24 يونيو فى العامرية، وكان قرار الحزب والدعوة السلفية، لن نشارك فى أى مظاهرة أو فعالية، وكان هناك اجتماع فى الحزب والدعوة السلفية، وانتهى الساعة 2:00 فجرًا، وأنا كنت سعيدًا جدًا بـ30 يونيو، وما حدث فيها والإطاحة بحكم الإخوان.
ماذا عن مشهد يوم 3 يوليو وكيف تمت دعوتكم، ولماذا تم اختيار جلال مرة؟
تم توجيه الدعوة إلى كافة الأحزاب بما فيها جماعة الإخوان المسلمين، وتم توجيه الدعوة إلى سعد الكتاتنى، ولكنه رفض وأغلق هاتفه، وكان فى البداية الدكتور يونس مخيون هو ممثل حزب النور فى الاجتماع، إلا أن «الطريق كان مقفولاً أمامه وصعباً جدًا الوصول للاجتماع فى الموعد المحدد سلفًا»، ما اضطر الدكتور يونس مخيون أن يتحدث للمهندس جلال مرة ويطالبه حضور الاجتماع بدلًا عنه، ومن المفارقة أن المهندس جلال مرة كان فى القاهرة، ولم يكن الأمر مرتبًا على الإطلاق، ولم يكن فى الترتيب أن المهندس جلال مرة، هو من يكون المشهد ممثلًا عن حزب النور فى المشهد أو الاجتماع، حيث كانت الدعوة موجهة للدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور وقتها.
ولكن عندما طرح خلال الاجتماع خارطة الطريق، هل أخذ المهندس جلال مرة رأى رئيس الحزب فيها، وهل كانت لكم ملاحظات على بعض المواد؟
بالفعل رجع لمجلس إدارة الدعوة السلفية، وكان مجلس إدارة الدعوة السلفية والحزب فى حالة انعقاد إلى أن تم الانتهاء من اجتماع، وتمسكت الدعوة والحزب بالمواد الخاصة بالشريعة الإسلامية، على أن تكون المواد الموجودة فى دستور الإخوان موجودة فى الإعلان الدستورى.
فى رأيك.. لو لم يكن 3 يوليو واستمرت جماعة الإخوان فى الحكم .. ماذا كان سينتظر مصر؟
لكانت «ضاعت مصر لا قدر الله»، والمؤكد أنه لو استمرت جماعة الإخوان فى حكم مصر لن يكون هناك استقرار أبدًا فى البلاد، وكنت متأكدًا أن مشهد 30 يونيو سيكون أقوى بمراحل من مشهد يوم 25 يناير، وهو دليل على أن جماعة الإخوان حصدت غضب وسخط الشارع المصرى فى عام لم يحصده الرئيس مبارك خلال 30 عامًا».