رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أسر المشروع الرئاسى تفتح قلوبها لـ«المصوّر»: وحدات «الإسكان».. «بيت وعنوان وأمان»


28-6-2025 | 13:41

.

طباعة
أعد الملف: رانـدا طارق عدسة: إبراهيم بشير - نسمة السهيتى

فى أحد أركان الحى الجديد على أطراف الحديقة، تعلو ضحكات أطفال لم يعرفوا يومًا طعم اللعب بأمان، تتنفس الأمهات الصعداء بعد سنين من العيش فى غرف فوق السطوح أو نص دستة فى أوضة.. هنا تبدأ الحكايات، حكاية ناس أخيرا «بقى عندها بيت» وبتسمع «رنة جرس» و«تكة مفتاح».

«عمرى ما كنت أتخيل أن هييجى يوم وأقول الجملة دى إحنا عنوان بيتنا فى حدائق أكتوبر»، بهذه الجملة بدأت «أم زياد» تتذكر حكاياتها، بينما تقف فى بلكون شقتها الجديدة فى أحد مشاريع الإسكان الاجتماعي، تتابع أولادها يلعبون فى ساحة واسعة خضراء تحت البيت، بينما زياد يتجول بالدراجة وسط المساحات الخضراء.

 

«زينب» أو «أم زياد» كانت تعيش فى غرفة صغيرة فوق سطح بيت قديم، «حمام مشترك، خصوصية معدومة، ومطر الشتاء بيجرى بين العفش والحيطان»، على حد وصفها، وأكملت بصوت خنقته الذكريات «كنت بحوش من لقمة عيشى عشان أدفع إيجار الأوضة، وقلبى بيرتعش كل ما صاحب البيت يطلب زيادة».

«زينب»، لطالما كان يداعبها حلم «الباب اللى بيتقفل عليها»، وعندما فوجئت بأن دورها جاء فى مشروع «شقق الإسكان» لم تصدق الخبر، «وأنا بمضى حسيت إنى بقيت بنى آدم ليّ مكان فى الدنيا»، على حد قولها.

«أم زياد» لم تكن الوحيدة التى تحقق حلمها بـ«البيت والسقف والأمان»، فـ«عم سعيد»، السائق الأربعيني، الذى يعمل على «تاكسى»، هو الآخر يمتلك قصته الخاصة، حيث روى: «اتجوزت وأنا ساكن مع أمى وإخواتى فى شقة 60 متر، مراتى كانت بتعيط كل يوم، ومش بنعرف نعيش، دلوقتى عندنا شقة لوحدنا، بنختلف، نزعل، نتصالح بس فى بيتنا، مش قدام الناس»، مضيفًا أنى «لما أرجع تعبان من ورديات العمل وألاقى البيت مقفول على مراتى وولادى.. أحس إنى ملكت الدنيا».

مشروع الإسكان الاجتماعى بالنسبة لـ«زينب» و«عم سعيد» لا يجب اختصاره فى «طوب وأسمنت»، لكنه بداية جديدة، فرصة لحياة كريمة، وبالطبع فإن البسمة التى تعلو وجه طفل صغير يلهو ويلعب فى الحديقة المواجهة لعمارتهم، أو السيدة التى تتحدث بخجل عن «أول مرة تحط ستارة على شباكها بإيدها» أبلغ من أى أرقام أو إحصائيات.

«ليلى» هى الأخرى تحتفظ بحكايتها الخاصة، وهى حكاية موجعة بعض الشيء، وإن كان الوجع انتهى بعدما انقضت الأيام الطويلة التى كانت تشعر طوال ساعتها بـ«الضيق» عندما كانت تعيش فى غرفة ضيقة، والصدأ كان حاضرًا على بابها المفتوح طوال اليوم على مصراعيه طوال الوقت، مضيفة: «هذا إلى جانب حمام واحد مشترك مع جيران لا يعرفون الرحمة، وخصوصية معدومة بيت عمومي، وثقافات صعبة وأنا متعلمة ولكن ظروفى متعثرة، ويوم جاءنى الخبر تغير كل شيء حتى الهم تبدل لفرح».

وقالت «ليلى»: أول مرة دخلت الشقة، تنفست الصعداء حسيت إنى طير اتحرر، بيتى فيه باب بيتقفل عليّ فيه خصوصيتى، أطفالى لهم سرير لهم حياة لما هيكبروا مش هيحسبونى جيبتهم الدنيا أبهدلهم ليه».

حكاية أخرى بطلتها «شيماء»، صاحبة الـ 26 ربيعًا، وأم لطفلة صغيرة، وقالت عنها: «كنت بحلم إنى أربى بنتى فى بيت نضيف، فيه شباك بيدخل منه نور وشمس.. مش عايزة بنتى تعيش اللى أنا عشته دلوقتى لما أشوفها نايمة فى أوضتها، بحس إنى أخدت بتارى من الدنيا».

أما «أم هاجر»، أرملة وأم لثلاثة أطفال، فهى الأخرى روت حكايتها، وقالت: «كنت ببات كل ليلة خايفة على عيالي، ما عنديش باب حقيقى بيتقفل، كل حاجة مكشوفة... أول ليلة فى شقتنا الجديدة، نمت وأنا بعيط.. مش من الخوف، لا من الراحة، ليّ عنوان بمفتاح.. وباب ابنى بيرن عليه الجرس، عمرى ما أنسى أول يوم لينا فى البيت، اليوم اللى نمت فيه 8 ساعات من سنين، كنت بشتغل فى البيوت، رغم إنى خريجة جامعة عشان أعلم ولادى كنت أنضف وأطبخ، وأرجع آخر النهار أشيل العيال من الشارع، وآخدهم ننام جنب بعض زى السردين، مفيش خصوصية، محدش بيعرف يذاكر، ما حدش يعرف يبكى حتى لو متضايق».

وغالبت «أم هاجر»، دموعها، وقالت: «وفى يوم ما، جالى الرسالة تعالى استلمى الشقة، وقفت مكانى، أنا بحلم، قلبى بيدق، وأول ما دخلت الشقة، شميت ريحة جديدة، ريحة طوبة لسه طالعة من حضن الدولة، وجدران مستنية تتزين بصور ولادى كانت شقة بسيطة، بس بالنسبالى كانت قصر».

وتابعت: «أول ليلة قفلت الباب بالمفتاح، وولادى ناموا فى أوضتهم، وأنا لأول مرة نمت على سرير لوحدى لأول مرة من سنين نمت من غير خوف، صحيت الصبح على صوت عصافير، مش صراخ الجيران ولا صوت الخناقات اليومية بتاعة السطوح، كنت دايما بقول أنا عايزة أربع حاجات بس من الدنيا باب، شباك، سقف، وأمان.. ودلوقتى عندى الأربعة وزيادة عليهم مفتاح بيفتح باب كرامتي».

فى حين قالت «أمل»، مطلقة: «بعد الانفصال كنت عايشة مع مرات أبويا فى أوضة ضيقة بابها مكسور مش بيتقفل، والخصوصية حاجة منعرفهاش، كنت بنام وأنا قلبى متعلق بباب كل صوت فى الشارع بيخلينى أصحى، يوم ما استلمت شقتى فى مشروع الإسكان الاجتماعي، دموع الفرحة مقدرتش أمنعها، أخيرا أول ليلة نام فيها ولادى فى أوضتهم، حسيت إنى أخدت حقهم، حسيت إنى رجعت إنسانة تاني».

أخبار الساعة

الاكثر قراءة